رئيسيةأخبار الطاقة المتجددةطاقة متجددة

رئيس سيمنس: التحول الأخضر مكلّف ومؤلم.. ورفع فواتير الطاقة ضروري

أسماء السعداوي

حذّر رئيس المجلس الإشرافي لشركة سيمنس إنرجي (Siemens Energy)، جو كايسر، من زيادة تكاليف التحول الأخضر في ضوء ارتفاع معدلات التضخم، وهو أمر تغضّ الطرف عنه الحكومات والشركات المطورة للمشروعات.

وقال، إن فرض فواتير طاقة أعلى "أمر لا مفر منه" لدفع ثمن الحياد الكربوني، مؤكدًا أن شركات تصنيع توربينات الرياح تتكبد خسائر فادحة، ما يجبرها على تمرير التكاليف الإنتاجية إلى المستهلكين، وفق ما طالعته منصة الطاقة المتخصصة.

ووصف المسؤول في عملاقة الطاقة الألمانية أهداف الحياد الكربوني بأنها واقعية، مطالبًا الدول ومطوري المشروعات بإعادة التفكير، لأنه لا يمكن الجمع بين عاملي الاستدامة والقدرة على تحمّل التكاليف، مؤكدًا أن الطاقة المتجددة باهظة الثمن.

وتحمل أهداف التحول الأخضر أهمية حاسمة لأوروبا؛ إذ تستهدف دول القارة العجوز تحقيق الحياد الكربوني بحلول 2050، عبر زيادة إنتاج الكهرباء من مصادر الطاقة المتجددة إلى ما يصل إلى 45% بحلول عام 2030.

وعلى نحو خاص، تستهدف المملكة المتحدة توليد 50 غيغاواط من الكهرباء النظيفة من طاقة الرياح البحرية بحلول عام 2030.

تكاليف التحول الأخضر

تولّى جو كايسر البالغ من العمر 66 عامًا رئاسة المجلس الإشرافي لشركة سيمنس إنرجي في عام 2021، بعد مسيرة عمل طويلة بدأها بعد التخرج عام 1980.

وتمتلك عملاقة الطاقة الألمانية أكبر مواقع تصنيع توربينات الرياح في المملكة المتحدة، وتوظف الآلاف من البريطانيين.

وأوضح كايسر في حوار مع صحيفة "ذا تيليغراف" (telegraph) أن التضخم يضرب أركان ميزانيات الصناعة، إضافة إلى مشكلات متنامية أخرى.

وتسبَّب التضخم في إلغاء الكثير من مشروعات الرياح البحرية، وفي المملكة المتحدة والولايات المتحدة تأجلت، أو أُلغيت، مشروعات بقدرة 15 غيغاواط كان ستمدّ 12 مليون منزل بالكهرباء النظيفة.

وأشار جو كايسر إلى أن مطوري المشروعات والحكومة في حالة إنكار للتكاليف التي تنطوي عليها عملية التصنيع، مضيفًا: "كل تحول له ثمن، وكل تحول مؤلم.. وهذا شيء لا ترغب صناعة الطاقة والقطاع العام (الحكومات) في سماعه حقًا.. أعتقد أن المستهلكين بحاجة إلى قبول زيادة الأسعار لبعض الوقت".

يشار إلى أن الابتكارات تؤدي دولارًا حاسمًا في خفض التكلفة، ومنها المرتبطة بوزن شفرات توربينات الرياح وسبل تحقيق الكفاءة والتقنيات الأخرى.

مزرعة رياح بالمملكة المتحدة
مزرعة رياح بالمملكة المتحدة- الصورة من صحيفة الغارديان

 

سباق جرذان

يقول كايسر، إن شركات تصنيع مكونات طاقة الرياح أصبحت مُحاصرة داخل سباق جرذان مؤذٍ، لبناء أكبر توربينات رياح على الإطلاق.

وانتقد عقلية "الأكبر هو الأفضل" داخل صناعة الرياح، ما جعل ارتفاع التوربينات يتضاعف خلال الـ20 عامًا الماضية.

وطرحت شركة جنرال إلكتريك الأميركية (General Electric) في 2021 توربين "هالياد إكس إس" بطول 853 قدمًا، وهو أطول مرتين ونصف عن ساعة بيغ بن في لندن.

ولذلك، حذّر المسؤول في شركة سيمنس من أن الاندفاع نحو بناء توربينات أكبر قد ثبتَ كونه ذا نتائج عكسية.

وقال: "الصناعة في سباق جرذان، كانت (القدرة) 3 غيغاواط، ثم خرج شخص ما بتوربين بقدرة 3.5، وآخر بـ4، وهكذا، إنهم حتى لم يختبروا القديم، ليعلنوا الجديد".

أزمة صناعة الرياح

انتقد جو كايسر ما وصفه بحالة "القول دون عمل" المستمرة داخل صناعة الرياح منذ سنوات، فالحكومات والمطورون فشلوا قي تحقيق وعودهم الخاصة بالتحول الأخضر بالسرعة الكافية، في حين رفض كثيرون منهم الاعتراف بالتكلفة الكاملة لخططهم الخاصة بتحقيق الحياد الكربوني بحلول 2050.

وواجهت صناعة توربينات الرياح ارتفاع أسعار المواد، مثل الأسمنت والصلب، وكذلك أجور العمالة والسفن الخاصة المستعملة في نقل المكونات الضخمة، مثل الشفرات والأبراج.

كما لم يأخذ الكثير من اتفاقيات شراء الكهرباء في الحسبان مسألة ارتفاع التكاليف، وهو ما دفع شركات تصنيع توربينات الرياح باتجاه منطقة الخطر، وفق ما قاله كايسر.

ولم تكن شركة سيمنس إنرجي بمنأى عن ذلك الوضع المتوتر، فقد سجلت الشركة خسائر سنوية بقيمة 3.9 مليار يورو (4.2 مليار دولار) في العام الماضي، ما دفع الشركة لطلب الدعم من الحكومة الألمانية.

وكان جزء كبير من تلك الخسائر بسبب شركة سيمنس جاميسا المتخصصة في تطوير مشروعات الرياح البحرية، التي اضطرت في نوفمبر/تشرين الثاني إلى تسريح 6 آلاف موظف.

توربين رياح يحمل شعار شركة سيمنس جاميسا
توربين رياح يحمل شعار شركة سيمنس جاميسا- الصورة من موقعها الرسمي

وبالإضافة للتضخم، عزا كايسر بعض مشكلات القطاع إلى مماطلة المطورين والحكومات، موضحًا أن أحد أوجه القصور بالصناعة خلال الـ5 سنوات الماضية هو وجود الكثير من الإعلانات والكثير من الخطط، ولكنها تستغرق 4 أو 5 أو 6 سنوات أحيانًا للانتقال إلى مرحلة التنفيذ.

ولذلك، تسبَّب التخبط والتأخيرات في المشروعات نتيجة تباطؤ العملية التنظيمية، بترك شركات التصنيع دون يقين تحتاج إليه للاستثمار في بناء محطات أكبر، وكذلك تراجع الإنفاق على الأبحاث والتطوير الذي يمكن أن يخفض تكاليف الإنتاج.

ثمن التحول الأخضر

يؤكد جو كايسر أنه إذا لم تكن الدول والمطورون مستعدين لوضع أحلامهم موضع تنفيذ، فعليهم إعادة التفكير بشأن خطط الحياد الكربوني.

وأضاف: "أعتقد أن أهداف الحياد الكربوني واقعية، لكن لها ثمن.. أنت بحاجة للتمسك بالحقائق عند نقطة ما حتى لو كانت تلك الحقائق غير مرغوبة".

واستطرد: "أعتقد أن الناس بحاجة ليكونوا عاقلين بشأن تحول الطاقة"، مشيرًا إلى أن مثلث الموثوقية والاستدامة والقدرة على تحمّل التكاليف يحكم إمدادات الطاقة.

وأكد أنه ربما يكون هناك تعارض بين الاستدامة والقدرة على تحمّل التكاليف، موضحًا: "إذا أردت طاقة رخيصة فأنت لحاجة لحرق الغاز، إنه أرخص طريقة، لكن الطريقة الأكثر أمانًا هي حساب كل شيء من أوله لآخره".

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق