تقارير الطاقة المتجددةرئيسيةطاقة متجددة

التنقيب عن الليثيوم في الهند يضعها بين مطرقة الصين وسندان تحول الطاقة

أسماء السعداوي

تتسارع جهود التنقيب عن الليثيوم في الهند، إذ تسعى الدولة الآسيوية إلى تحقيق تحول الطاقة بعيدًا عن الوقود الأحفوري، تحقيقًا لهدف الحياد الكربوني بحلول عام 2070.

والليثيوم هو أحد المعادن الأرضية النادرة، ويُطلق عليه الذهب الأبيض، ويُستعمل في إنتاج بطاريات السيارات الكهربائية وتقنيات الطاقة المتجددة الآخذة في الانتشار ومنها توربينات الرياح.

وحاليًا، تستورد الهند كل احتياجاتها من الليثيوم التي تأتي أكثر من 95% منها من الصين وهونغ كونغ، حسب بيانات منصة الطاقة المتخصصة.

وأُعلن اكتشافا ليثيوم بمنطقتي "جامو وكشمير" و"تشهاتيسجاره" في الهند، كما قررت نيودلهي التوجه نحو الاستثمار بمشروعات في أستراليا والأرجنتين.

ونتيجة لخبرة الهند الضئيلة وارتفاع التكاليف، ما زال هدف إرساء سلسلة توريد موثوقة عند نقطة الصفر، ولذلك سيتطلب تحقيق الاكتفاء الذاتي من الليثيوم عقودًا طويلة من الجهود المستمرة.

ومن المتوقع استمرار الاعتماد المفرط على واردات الليثيوم باهظة الثمن على المدى القصير إلى المتوسط على الأقل.

حاجة ماسة إلى الليثيوم

يبرز تحدي التنقيب عن الليثيوم في الهند وسط صعوبات أكبر تواجهها الدولة (صاحبة أكبر تعداد سكاني في العالم) على صعيد تحول الطاقة، إذ ما زالت تعتمد على الوقود الأحفوري بصورة رئيسة لتوليد الكهرباء، رغم أنها تعهدت أمام العالم بخفض انبعاثات الكربون وتحقيق الحياد الكربوني.

وعلى صعيد قطاع النقل، تستهدف الحكومة رفع حصة السيارات الكهربائية إلى 30% من مبيعات السيارات الجديدة بحلول نهاية العقد الحالي في 2030.

ولذلك، أعلنت وزارة المناجم في 16 يناير/كانون الثاني من العام الجاري (2024) استثمار 24 مليون دولار، من أجل التنقيب عن الليثيوم في الأرجنتين التي تحتضن أراضيها -إلى جانب تشيلي وبوليفيا- أكثر من نصف احتياطيات الليثيوم في العالم.

يوضح الرسم أدناه -الذي أعدته منصة الطاقة المتخصصة- أكبر الدول من حيث احتياطيات الليثيوم عالميًا:

قائمة أكثر الدول من حيث حجم احتياطيات الليثيوم في العالم

وتلك هي أول مشاركة هندية في مشروعات التنقيب عن الليثيوم والتعدين في الأرجنتين، وستنقب شركة خانيج بيدش إنديا ليمتد (KABIL) في 5 مربعات ليثيوم على مساحة 15 ألفًا و703 هكتارات في مقاطعة كاتاماركا الأرجنتينية.

كما انطلقت الهند في عمليات البحث عن المعادن النادرة في منجمي ليثيوم، و3 مناجم كوبالت في أستراليا، وفق ما جاء في تقرير نشرته صحيفة "ذي إيكونوميك تايمز" (The economic times).

في المقابل، تشير وكالة الطاقة الدولية إلى مواجهة صناعة الليثيوم تحديًا فيما يتعلق بمدة تطوير المشروعات حتى تحقيق نتائج مثمرة، إذ إنها تتراوح في المتوسط بين 6 و7 سنوات في أميركا الجنوبية.

ويقول نائب الرئيس في شركة إيكرا للأبحاث (ICRA)، ريتابارتا غوش، إن الصين تهيمن حاليًا على 65% من صناعة معالجة الليثيوم وتكريره عالميًا، وهو قطاع لم تطأه قدما الهند بعد.

وأضاف أن عملية استخراج الليثيوم تنقسم إلى مرحلتي التعدين والمعالجة، وهما نشاطان منفصلان بحاجة إلى أن تركز الهند عليهما وتطورهما، كل على حدة.

وما زال الطريق طويلًا أمام الهند للاستغلال التجاري لاستثماراتها في مواقع التنقيب عن الليثيوم في الأرجنتين، بسبب خبرة الهند المحدودة في تعدين الليثيوم وسجلها الضعيف في أعمال التطوير الناجحة نتيجة لتزايد مخاطر التنفيذ.

تحديات الليثيوم في الهند

يوجد الليثيوم داخل محاليل ملحية أو رواسب الصخور الصلبة أو الرواسب الطينية، وأعلنت الهند اكتشاف 5.9 مليون طن من المعادن الحاملة لليثيوم في منطقة جامو وكشمير.

لكن غوش لا يحمل توقعات متفائلة كثيرًا، إذ يقول إن الليثيوم المكتشف هناك يوجد داخل رواسب طينية، وهو من أحد أنواع الليثيوم التي لم يثبُت بعد إمكان التسويق لها تجاريًا على المستوى العالمي.

اكتشاف الليثيوم في الهند
اكتشاف الليثيوم في الهند- الصورة من صحيفة "thehindubusinessline"

 

ولذلك، فالطريق طويل جدًا أمام التسويق التجاري لاكتشافات الليثيوم في الهند، وفق ما ذكره غوش.

كما يوجد اكتشاف آخر لليثيوم في الهند في ولاية تشهاتيسجاره، الذي طُرح للتطوير في مناقصة، لكن غوش يقول إن مستوى التنقيب فيه ما زال ناشئًا ويُصنف عند مستوى "جي 4".

ووفق تصنيف الأمم المتحدة الإطاري للموارد، ثمة 4 مراحل رئيسة للتنقيب عن الليثيوم أو أي رواسب معدنية أخرى، وهي الاستطلاع "جي 4"، والتنقيب الأولي "جي 3"، والتنقيب العام "جي 2"، والتنقيب التفصيلي "جي 1".

وتوجد المعادن الحاملة لليثيوم في تشهاتيسجاره داخل صخور براغماتيت أو الصخور الصلبة، وهو ما يؤكد الجدوى التجارية لتقنيات الاستخلاص والمعالجة، لأن التحديات الفنية ستكون أقل من استخلاص الليثيوم من الرواسب الطينية.

لكن أيضًا يبرز تحدي ضرورة القيام بأعمال تنقيب مفصلّة لتحديد سمات المادة الخام، ولذلك فمن غير المتوقع بدء الإنتاج على المدى المتوسط.

نائب الرئيس في شركة إيكرا للأبحاث ICRA ريتابارتا غوش
نائب الرئيس في شركة إيكرا للأبحاث (ICRA)، ريتابارتا غوش- الصورة من صفحته على منصة "linkedin"

هل ثمة حلول؟

يعتقد نائب رئيس شركة إيكرا للأبحاث في الهند، أن جذب الشركات الأجنبية ذات الخبرة في عمليات التنقيب عن الليثيوم ومعالجته للاستثمار في الهند سيكون حاسمًا في تسريع وتيرة أنشطة الاستكشاف والتعدين.

وبينما تستهدف الحوافز الحكومية والتعديلات على لوائح التعدين تيسير إقامة المشروعات وتحسين بيئة العمل، ما زالت التحديات قائمة بسبب طول مدة المشروعات وتركز التكنولوجيا في الصين.

وبناءً على ذلك، من المتوقع أن تواصل الهند الاعتماد على واردات الليثيوم على المدى القصير إلى المتوسط، كما أن تحقيق الاكتفاء الذاتي من المعدن الأرضي النادر سيتطلب سنوات وعقودًا طويلة من العمل المتواصل.

وعلى الحكومة التعاون مع الخبراء الأجانب وإقامة شراكات مع الشركات ذات الخبرات في تقنيات معالجة الليثيوم، بالإضافة إلى تقديم الحوافز المرتبطة بالإنتاج، كما حدث في صناعة الطاقة الشمسية، من أجل تحفيز الاستثمارات وتعزيز النمو بقطاع المعادن النادرة.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق