استفتاء فنزويلا يضع استثمارات النفط في غايانا بمهب الريح.. هل تتحرك أميركا؟
باتت استثمارات النفط في غايانا مهددة وسط ترقّب لنتائج الاستفتاء الذي تعتزم فنزويلا إجراءه يوم الأحد المقبل 3 ديسمبر/كانون الأول، بشأن نزاع حدودي بين البلدين.
وتُجري الحكومة الفنزويلية الترتيبات النهائية لعملية الاستفتاء حول نزاعها مع غايانا حول إقليم إيسيكويبو الغني بالنفط، بما في ذلك نشر أفراد عسكريين، وفق ما اطّلعت عليه منصة الطاقة المتخصصة.
وقال قائد العمليات الإستراتيجية للقوات المسلحة الفنزويلية الجنرال دومينغو هيرنانديز لاريز، في 29 تشرين الثاني/نوفمبر، إنه سيُنشَر 356.513 ألف جندي لتوفير الأمن خلال الاستفتاء.
كما قال وزير الداخلية والعدل والسلام، ريميجيو سيبايوس، إنه سيُنشَر أكثر من 120 ألف ضابط شرطة، في تصريحات بثّتها القناة الحكومية الفنزويلية، حسبما ذكرت منصة إس آند بي غلوبال بلاتس.
استفتاء فنزويلا
سيمنح الاستفتاء، الذي سيُطرح فيه على الناخبين الفنزويليين 5 أسئلة تتعلق بالنزاع، الحكومة طريقًا لاتخاذ قرارات في ضوء تدخّل محكمة العدل الدولية بحلّ النزاع الإقليمي على أكثر من 159 كيلومترا مربعًا تطالب فنزويلا بضمّها إلى حدودها منذ أكثر من قرن.
وألقى الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو بثقل حكومته في هذه الجهود، مستعملًا الخطاب الوطني لمحاولة استدعاء الناخبين إلى صناديق الاقتراع للإجابة على 5 أسئلة حول ضم إقليم إيسيكويبو، بما في ذلك ما إذا كان ينبغي منح سكان المنطقة الحاليين والمستقبليين الجنسية الفنزويلية.
وتَعُدّ غايانا الاستفتاء بمثابة احتلال، وطلبت من محكمة العدل الدولية الشهر الماضي وقف أجزاء من التصويت، إذ لم تصدر المحكمة قرارًا، لكن حتى لو حكمت ضد فنزويلا، فإن حكومة مادورو تعتزم إجراء الانتخابات يوم الأحد.
وفي الأسابيع الأخيرة، تصاعد الصراع، بعد أن رفع رئيس غايانا محمد عرفان علي علم بلاده في سييرا دي باكارايما، بإقليم إيسيكويبو، القريب من الحدود الفعلية، وهو ما وصفه الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو بالإجراء المستفزّ.
وصرّح مادورو مرارًا وتكرارًا أن فنزويلا لا تقبل تدخّل أطراف ثالثة، مثل محكمة العدل الدولية، في النزاع الإقليمي، وبدلًا من ذلك، التزم مادورو بأحكام اتفاقية جنيف لعام 1966 التي تُلزم الأطراف بالسعي إلى حل تفاوضي ومُرْضٍ بين البلدين.
مناطق النزاع
حُدِّدَت الحدود المتنازع عليها من قبل هيئات تحكيم من بريطانيا وروسيا والولايات المتحدة، إذ مثّلت الولايات المتحدة فنزويلا في اللجنة جزئيًا، لأن الحكومة الفنزويلية قطعت علاقاتها الدبلوماسية مع بريطانيا.
ويزعم المسؤولون الفنزويليون أن الأميركيين والأوروبيين تآمروا لخداع بلادهم وإخراجها من الأرض، ويقولون، إن اتفاقية عام 1966 لحلّ النزاع أبطلت التحكيم الأصلي بشكل فعال.
وتصرّ غايانا، الدولة الوحيدة الناطقة باللغة الإنجليزية في أميركا الجنوبية، على أن الاتفاق الأولي قانوني وملزِم، وطلبت من المحكمة العالمية في عام 2018 أن تحكم عليه بهذا النحو.
وسيتعين على الناخبين الفنزويليين يوم الأحد الإجابة على ما إذا كانوا يوافقون على الرفض بكل الوسائل، وفقًا لقانون حدود عام 1899 وما إذا كانوا يدعمون اتفاقية عام 1966، بصفتها الأداة القانونية الوحيدة الصالحة للتوصل إلى حل.
ومن المتوقع أن تصدر محكمة العدل الدولية قرارًا هذا الأسبوع بشأن طلب غايانا وقف أجزاء من الاستفتاء، لكن المحكمة ما تزال بعيدة عن الحكم على طلب غايانا الأوسع بِعَدِّ قرار الحدود لعام 1899 صحيحًا وملزمًا.
مكامن النفط في غايانا
تجدد الصراع بين كاراكاس جورج تاون منذ أعلنت شركات عالمية مثل إكسون موبيل استغلال مكامن النفط في غايانا خاصة بالمناطق البحرية التي لم تُرسَم حدودها بعد بين البلدين.
ويمكن أن يؤثّر تصعيد الأعمال العدائية، من قبل كل من فنزويلا وغايانا، على العمليات الجارية، مثل تخفيف العقوبات الأميركية على فنزويلا، والعملية الانتخابية الفنزويلية المقرر إجراؤها في عام 2024، وحتى المحادثات بين فنزويلا وترينيداد لإنتاج وتصدير الغاز الطبيعي.
وتمثّل المنطقة التي تبلغ مساحتها 61600 ميل مربع (159500 كيلومتر مربع) ثلثي مساحة غايانا، ومع ذلك، عَدَّتْ فنزويلا إيسيكويبو دائمًا ملكًا لها، لأن المنطقة كانت داخل حدودها خلال المدة الاستعمارية الإسبانية، وقد عارضت لمدة طويلة الحدود التي قررها المحكمون الدوليون في عام 1899، عندما كانت غايانا ما تزال مستعمرة بريطانية.
وتحتلّ فنزويلا المرتبة الأولى من حيث احتياطي النفط المؤكد، على الرغم من عدم تحديد الحدود البحرية، إذ إن معظم هذه الموارد يقع في منطقة تُعرف بحزام الأورينوكو النفطي، وهذه المنطقة تتّسع نشاطاتها النفطية إلى المياه المفتوحة باتجاه الأطلسي، ومن ضمنها المنطقة المتنازع عليها مع غايانا.
وترفض فنزويلا عمليات التنقيب عن النفط في غايانا ومنح تصاريح لكبريات شركات النفط في المنطقة المتنازع عليها، وفقًا لاتفاقية جنيف لعام 1966.
التدخل الأميركي
توقّع مستشار تحرير منصة الطاقة، خبير اقتصادات الطاقة الدكتور أنس الحجي، بحالة زيادة المخاطر السياسية في غايانا، أن يدخل الجيش الأميركي هناك، مبررًا توقعاته بأنه "بالنظر لصادرات الدولة الصغيرة، نجد أغلبها يذهب إلى أوروبا محل النفط الروسي، ومن ثم يصبح له قيمة سياسية إستراتيجية".
وأثارت غايانا أيضًا إمكان إنشاء قواعد عسكرية بدعم أجنبي في إقليم إيسيكويبو، بعد زيارات لمسؤولي وزارة الدفاع الأميركية مخطط لها.
وأشار الحجي في إحدى حلقات أنسيات الطاقة إلى أن عمليات الاستحواذ لشركات النفط الأميركية، التي كانت أهمها استحواذ شيفرون على شركة هيس، الهدف الرئيس منها استثمارات النفط في غايانا.
وأوضح أن غايانا شهدت أول إنتاج للنفط في عام 2019، والآن تنتج 400 ألف برميل يوميًا، ومن المتوقع أن يصل الإنتاج إلى مليون برميل يوميًا بحلول عام 2030.
وقال: "نحو 300 ألف برميل من غايانا تذهب يوميًا إلى أوروبا لتعويض 300 ألف برميل من النفط الروسي، وكلما توسعت غايانا ستتوسع أوروبا في هذا الاستيراد، لذلك هناك قيمة سياسية، ودخول شيفرون على الخط، يعني أنه جاء بمباركة من البيت الأبيض".
وأضاف: "أحواض النفط في غايانا موجودة في البحر، وشركة هيس كانت متشاركة مع شركة إكسون موبيل في هذه الأحواض، وحقّقتا نجاحات كبيرة، بعدما اتضح أنها منطقة غنية جدًا بالنفط والاكتشافات المستمرة".
موضوعات متعلقة..
- إكسون موبيل تسعى لمضاعفة إنتاج النفط في غايانا.. كيف؟
- إنتاج النفط في غايانا يرتفع إلى 1.2 مليون برميل يوميًا بحلول 2027
- إنتاج النفط في غايانا يحقق مكاسب لتحالف إكسون موبيل بـ6 مليارات دولار
اقرأ أيضًا..
- هل عاد ضخ الغاز الإسرائيلي إلى مصر عند 800 مليون قدم؟ (خاص)
- 6 وزراء ومسؤولين يكتبون لـ"الطاقة" بمناسبة قمة المناخ (ملف خاص)
- احتجاز الكربون وتخزينه ركن أساس في تحول الطاقة.. لكنه صعب (تقرير)