أنسيات الطاقةالتقاريرتقارير النفطسلايدر الرئيسيةنفط

أنس الحجي: استحواذ شيفرون على "هيس" هدفه غايانا.. ولهذه الأسباب قد يتدخل الجيش الأميركي (صوت)

أحمد بدر

قال مستشار تحرير منصة الطاقة، خبير اقتصادات الطاقة الدكتور أنس الحجي، إن شركة شيفرون تعدّ واحدة من الشركات الأم لشركة أرامكو السعودية، واستحواذها مؤخرًا على شركة هيس الأميركية له أهداف أبعد من كونه مجرد صفقة.

وأوضح الحجي، في حلقة من برنامجه "أنسيات الطاقة"، قدّمها في مساحات منصة "إكس" بعنوان "عمليات استحواذ شركات النفط الأخيرة وأثرها في دول الخليج"، أن صفقة الاستحواذ على هيس تختلف تمامًا عن صفقة استحواذ إكسون موبيل على بايونير.

ولفت إلى أن قيمة صفقة استحواذ شيفرون الأميركية على هيس تبلغ نحو 53 مليار دولار، بينما حصة عائلة هيس من هذه الصفقة تتجاوز 5 مليارات دولار، لجون هيس وعائلته المباشرة، موضحًا أن المالك السابق للشركة له علاقات طيبة مع السعودية، ويذهب إليها باستمرار.

أهمية صفقة الاستحواذ على هيس

قال مستشار تحرير منصة الطاقة المتخصصة الدكتور أنس الحجي، إن اختلاف صفقة شيفرون وهيس عن صفقة استحواذ إكسون موبيل على بايونير، يكمن في تنوع استثمارات هيس، إذ إن لديها استثمارات في الصخري مثل بايونير، ولكن القيمة الكبيرة باستثماراتها في غايانا.

وأضاف: "غايانا تقع في شمال شرق أميركا اللاتينية، وهي بلد عجيب، مليء بالأنهار والغابات، وعدد سكانها قليل، وهي فقيرة جدًا، وفيها جالية مسلمة أغلبها هندية، ورئيس الدولة مسلم، وهو البلد الوحيد في أمريكا اللاتينية الذي يتكلم الإنجليزية لغةً رسمية".

النفط في غايانا

ولفت الدكتور أنس الحجي إلى أن غايانا شهدت أول إنتاج للنفط في عام 2019، والآن تنتج 400 ألف برميل يوميًا، ومن المتوقع أن يصل الإنتاج إلى مليون برميل يوميًا بحلول عام 2030، ومن ثم من المتوقع أن تكون هناك تدفقات مالية ضخمة على بلد فقير وعدد سكانه قليل.

وتابع: "أحواض النفط في غايانا موجودة في البحر، وشركة هيس كانت متشاركة مع شركة إكسون موبيل في هذه الأحواض، وحقّقتا نجاحات كبيرة، بعدما اتضح أنها منطقة غنية جدًا بالنفط والاكتشافات المستمرة، وهناك تقارير عن هذه الاكتشافات في منصة الطاقة وملخصات لها، لمن يريد القراءة عنها".

الآن، باستحواذ شركة شيفرون الأميركية على هيس، أصبحت شركة قوية لإكسون موبيل في تلك المنطقة، بعد أن كانت لا علاقة لها بالنفط في غايانا، ما يعني أن هيس مهمة للشركة الأميركية في غايانا، وليس فيما يتعلق بالنفط الصخري.

وأوضح أن الاحتياطيات النفطية في المياه العميقة طويلة المدة، وهذه المشروعات طويلة المدة، تستغرق بين 15 و25 عامًا، مقابل نحو عامين فقط للمشروعات في حقول النفط الصخري، أي إن شيفرون فعلت عكس ما فعلته إكسون موبيل، رغم أن هذه الاستثمارات ليست جديدة، ولا تجلب إنتاجًا جديدًا.

وأردف: "نحن الآن أنفقنا نحو 120 مليار دولار إذا حسبنا الديون، وهذا المبلغ أُنفِق على شيء موجود، فماذا إذا أُنفق هذا المبلغ في مناطق جديدة، وجلب احتياطيات جديدة وإنتاجًا جديدًا؟ خاصة أن نوعية النفط هناك مرغوبة جدًا، على خلاف النفط الصخري".

آثار سياسية واقتصادية للصفقة

قال خبير اقتصادات الطاقة الدكتور أنس الحجي، إن هناك آثارًا سياسية واقتصادية لصفقة استحواذ شيفرون على هيس، مضيفًا: "كلمة سياسية هنا مهمة جدًا، بالنسبة لإكسون موبيل ولشيفرون وللبيت الأبيض، بغضّ النظر عمّن في البيت الأبيض".

ولكن، وفق الحجي، هناك مشكلة أخرى الآن ستعاني منها الشركتان، فالحديث الآن عن سيطرة أميركية، سواء كانت هيس أو غيرها، على المياه والاحتياطيات في المياه الغنية، وهناك ردة فعل من حكومة غايانا على هذه الاستثمارات.

شعار شركة شيفرون الأميركية
شعار شركة شيفرون الأميركية - الصورة من صفحتها في "إكس"

وعن أسباب ردة الفعل قال الدكتور أنس الحجي: "لأنها في الأصل فقيرة جدًا، ولا تستطيع التنقيب عن النفط، وهو ما حدث في دول عديدة حول العالم، إذ إن العقود بين الدول الفقيرة التي لا تملك إمكانات الشركات النفطية الكبرى للتنقيب على النفط، غالبًا ما تكون مجحفة في حق البلد، ولصالح الشركات".

وأضاف: "إذا عثرت الشركات على النفط، وكانت هناك كميات كبيرة، تحصل الدولة على عائدات، ولكن الآن، بعد مدة، هناك وعي وهناك طبقة جديدة متعلمة، والوضع الاقتصادي في البلد انتعش، واكتشفوا أن حصتهم من الكعكة صغيرة، والأجانب -الأميركيون في هذه الحالة- هم من يأخذون أغلب الكعكة".

وتابع: "هذا حدث في أغلب بلاد العالم التي سمحت بهذه الاستثمارات، يأتي وقت تطالب هذه الحكومات الشركات بحصّة أكبر، ويصبح هناك صدام بينهما، وتتوقف الشركات عن الاستثمار، ويتوقف النمو، وبعدها قد تتخذ الحكومة خطوات قاسية تتمثل في تأميم الشركات، لا سيما أن غايانا في أميركا اللاتينية، التي تميل أغلب دولها إلى اليسار".

وأوضح أنه بالنظر إلى كل الحكومات الموجودة ونتائج الانتخابات الأخيرة في أميركا اللاتينية، هناك ميول لليسار بشكل كبير جدًا، وآخرها كان في كولومبيا، التي كانت تعدّ في أقصى اليمين، والآن انتقلت إلى أقصى اليسار، وكذلك البرازيل، والجميع يعرفون ما يحدث في فنزويلا، وهناك ضغوط على غايانا لعمل المزيد، والحصول على إمكانات أكبر وحصة أكبر من الكعكة.

ولفت إلى أن إكسون موبيل حاولت التخفيف من المخاطر السياسية خارج أميركا، بالاستحواذ على شركة "بايونير" العاملة في غرب ولاية تكساس، ولكنها الآن لديها مخاطر عالية من جهة القانون والسياسات، بينما العكس تمامًا بالنسبة لشركة شيفرون، التي تتعرض الآن للمخاطر السياسية، إذ إن أيّ أزمات سياسية أو تغيُّر في موقف الحكومة في غايانا سيؤدي لزيادة المخاطرة في هذه الاكتشافات.

هل يدخل الجيش الأميركي غايانا؟

قال مستشار تحرير منصة الطاقة المتخصصة الدكتور أنس الحجي، إن ما يحصل الآن في غايانا من نمو، يماثل نمو دول الخليج في الستينيات والسبعينيات، والأمر المهم في هذا الموضوع أن هناك انعكاسًا سياسيًا ضخمًا لاستثمارات الشركات الأميركية -مثل إكسون موبيل وشيفرون- في غايانا، وهذا أمر خطير.

شعار شركة إكسون موبيل على أحد مشروعاتها
شعار شركة إكسون موبيل على أحد مشروعاتها

وتوقّع الدكتور أنس الحجي بحالة زيادة المخاطر السياسية في غايانا، وإذا أصبحت الحكومة تطالب بحصّة أكبر أو هددت بالتأميم، أن يدخل الجيش الأميركي هناك، مبررًا توقعاته بأنه "بالنظر لصادرات الدولة الصغيرة، نجد أغلبها يذهب إلى أوروبا محل النفط الروسي، ومن ثم يصبح له قيمة سياسية إستراتيجية".

وأضاف: "نحو 300 ألف برميل من غايانا تذهب يوميًا إلى أوروبا لتعويض 300 ألف برميل من النفط الروسي، وكلما توسعت غايانا ستتوسع أوروبا في هذا الاستيراد، لذلك هناك قيمة سياسية، ودخول شيفرون على الخط، يعني أنه جاء بمباركة من البيت الأبيض".

وأوضح أن شركة هيس محدودة، فرغم كونها شركة عامة، فإنها شركة عائلية في الأساس، بينما الحديث الآن عن شركة عملاقة معروفة عالميًا، والتعامل معها بصفتها حكومة سيكون صعبًا، لذلك هناك نتائج سياسية لاستحواذ شيفرون، ونتائج سياسية لأيّ خلاف بين الشركات وحكومة غايانا.

ولفت الحجي إلى أن الأمر الأخير المرتبط بعمليات الاستحواذ، هو أن الجميع يتحدثون عن موجة كبيرة للاندماج والاستحواذ، ويتطلعون للشركات القادمة، وهناك إقبال كبير على شراء أسهم بعض الشركات، متوقعين شراءها من شركات أخرى.

ورأى أن أكبر موجة استحواذ حصلت في عالم النفط كان في أواخر التسعينيات، ومن غير المتوقع أن تماثلها الموجة الحالية، رغم أنها ستكون ملحوظة على الأقل في أميركا الشمالية.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق