أنسيات الطاقةالتقاريرتقارير النفطسلايدر الرئيسيةنفط

هل حققت المقاطعة النفطية في 1973 أهدافها؟ أنس الحجي يجيب (صوت)

أحمد بدر

قال مستشار تحرير منصة الطاقة، خبير اقتصادات الطاقة الدكتور أنس الحجي، إن المقاطعة النفطية كانت تعمل على تحقيق هدفين "معلنين"، الأول هو عودة إسرائيل إلى حدود 1967، والثاني وقف الدعم الغربي العسكري لها.

وأوضح الحجي -في حلقة من برنامج "أنسيّات الطاقة"، قدّمها على منصة "إكس" (تويتر سابقًا)، تحت عنوان "غزة وسلاح النفط والغاز في الذكرى الـ50 للمقاطعة النفطية في أكتوبر 1973"- أن الهدفين لم يتحققا، وانتهت المقاطعة دون أن تنجز ما أُعلنت من أجله.

وأضاف: "إذا كنا، من ناحية أكاديمية بحتة، نريد تقييم المقاطعة النفطية، فإنها من ناحية أهدافها المعلنة قد فشلت فشلًا ذريعًا، لأنها لم تحقق الهدفيْن الرئيسيْن، ولكن هل تسببت في ألم؟ نعم، ولكن هذا الألم للطرفين، وهو تقييم يتناسب مع كل نتائج الدراسات التي نُشرت عن المقاطعة في كل مكان".

وأشار إلى أنه على مدار الـ120 عامًا الماضية، لم تنجح أي مقاطعة في العالم بأي مكان ومن قبل أي دولة في تحقيق أهدافها، ولكن المقاطعات والحظر الاقتصادي دائمًا ما تُسبب ألمًا للطرفين، لذلك يجب التفريق بين الأمريْن، بين الهدف والنتائج والألم، فهما أمران مختلفان.

فشل أهداف المقاطعة النفطية

قال مستشار تحرير منصة الطاقة المتخصصة الدكتور أنس الحجي، إن إحدى مشكلات الحظر، أنه عند اتخاذ قرار المقاطعة النفطية، وتراجع الإمدادات وارتفاع الأسعار، يُظلم الصديق قبل العدو، فيتأثر الصديق، في حين الهدف هو معاقبة العدو.

وأضاف: "تاريخ المقاطعات يقول إن من يحصل على السلعة في النهاية هو الغني الذي يستطيع أن يدفع الثمن، ونحن نعرف أن أغلب الأصدقاء فقراء، ولا يستطيعون أن يدفعوا الثمن، ومن ثم فإن الفقراء سيتألمون، والأصدقاء سيتألمون أكثر من الأعداء".

وأوضح أن النفط وصل إلى أميركا والدنمارك على كل الحالات، والأدلة كثيرة، مثلما يتدفق النفط الروسي الآن كما هو دون أي إشكالية على الإطلاق، وكذلك النفط الإيراني يتدفق في كل مكان رغم العقوبات.

النفط الروسي

لذلك -وفق الدكتور أنس الحجي- فإن فكرة المقاطعة النفطية فاشلة، واستغلال النفط سلاحًا يرتد على حامله، لأنه بالنظر إلى الثورة الإيرانية، كان من المفروض أن تهبط الأسعار في عام 1978، ولكن إضراب عمال النفط في إيران، ثم الثورة الإيرانية وخسارة النفط الإيراني وقتها أخر هذا الانخفاض في الأسعار إلى الثمانينيات، حيث عانت دول الخليج من أزمات اقتصادية خانقة وقتها.

ولفت إلى أن دول الخليج في ثمانينيات القرن الماضي شهدت توقف أشياء كثيرة بالكامل، إذ كان بعض الناس يبنون بيوتهم، ووصلوا لإنجاز نصف البيت وتوقفوا، لأن الصندوق العقاري لم يعد يدفع أي شيء، لعدم وجود أموال بصفة نهائية، كما توقف بيع السيارات، وتوقفت مشاريع الينية التحتية.

وأرجع الحجي انخفاض أسعار النفط في الثمانينات إلى بناء الولايات المتحدة خط أنابيب ألاسكا، الذي جلب 2.5 مليون برميل يوميًا، وزيادة إنتاج النفط في بريطانيا والنرويج من بحر الشمال ليصل إلى 3 ملايين برميل يومياً، وهو ما كان ليحدث لولا ارتفاع الأسعار في السبيعينات. كما تم اكتشاف النفط في أكثر من 15 دولة حول العالم بسبب ارتفاع الأسعار، إذ زاد عدد الدول النفطية، وزاد المعروض، في وقت انخفض فيه الطلب على النفط.

انخفاض الطلب على النفط

قال خبير اقتصادات الطاقة الدكتور أنس الحجي، إن إحدى أبرز نتائج المقاطعة النفطية هي انخفاض الطلب على النفط بصورة كبيرة، إذ تم التخلص من أغلب محطات الكهرباء العاملة بالنفط، وبناء محطات نووية وأخرى عاملة بالفحم والغاز.

وتابع: "لو نظرنا الآن إلى الدول المتقدمة، نجد أن استخدام النفط في توليد الكهرباء لا يذكر. كما قامت البرازيل بتطوير وقود الإيثانول من قصب السكر بديلاً للبنزين. وتم فرض سرعات محددة على الطرق لترشيد استهلاك وقود السيارات، وفرض قوانين تجبر شركات السيارات على تصنيع محركات أكثر كفاءة في استخدام الوقود".

ووصل الأمر، حسب الحجي، إلى أن بعض الدول الأوروبية أوقفت سير السيارات نهائيًا أيام الأحد، فكان الناس يمشون في منتصف الطريق السريع والأوتوستراد، لأنه لا توجد سيارات، وكانت هناك إجراءات كثيرة للسيارات التي تسير على الطرق العامة، فكانت الأرقام المفردة تتحرك في يوم، والأرقام الزوجية في يوم آخر.

مع هذا الانخفاض في الطلب، زاد المعروض، فانهارت أسعار النفط، ووصل الأمر إلى أن إنتاج السعودية في أثناء الثورة الإيرانية وبداية الحرب العراقية-الإيرانية، كان 10 ملايين برميل يوميًا، فانخفض بعدها إلى مليوني برميل يوميًا.

ومع هذا -وفق الحجي- لم ترتفع الأسعار، إذ إنه في الوقت الذي انخفض فيه إنتاج النفط في السعودية بمقدار 8 ملايين برميل يوميًا، وزيادة المعروض بصورة هائلة، فُقد إنتاج العراق وإنتاج إيران بسبب الحرب، ومع ذلك لم ترتفع أسعار النفط.

النفط السعودي

وتابع الدكتور أنس الحجي متحدثاً عن الآثار السلبية للمقاطعة: "الطرف الآخر طبعًا سياسي، إذ أصبحت هناك مشكلات سياسية كثيرة، منها تشوّه سمعة العرب، لدرجة أننا نتحدث الآن بعد 50 عامًا، ويناقش معهد بيكر في جامعة رايس الأميركية ما إذا كان العرب سيفرضون مقاطعة أخرى أم لا، والإعلام الغربي يقول ذلك منذ أسبوع، والسبب هو الآثار السابقة لتلك المقاطعة النفطية".

وأوضح أن المقاطعة النفطية الآن ليست خياراً بسبب الهجوم على غزة، لأنه لا يؤدي إلى أي نتيجة، خاصة أن النفط الروسي يصل إلى أي مكان، حتى إلى أميركا وأوروبا رغم كل العقوبات، كما أن كوبا التي تشهد مقاطعة منذ 70 عامًا وينطبق عليها الأمر نفسه، لأن النفط سلعة إستراتيجية سياسية وليس سلاحًا.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق