خلل يضرب ميزان الطاقة في الهند ويهدد أهداف الحياد الكربوني (دراسة)
أسماء السعداوي
حذرت مؤسسة بحثية من أن منظومة الطاقة في الهند يشوبها خلل كبير، يهدد بعدم بلوغ أهداف رفع حصة الطاقة المتجددة في مزيج الكهرباء، وتحقيق الحياد الكربوني بحلول عام 2070.
وتسعى الهند -ثالث أكبر مطلق للانبعاثات في العالم- إلى زيادة قدرات الطاقة النظيفة وخفض استعمال الفحم، إلا أن هناك تفاوتًا بين المناطق في قدرات توليد الكهرباء باستعمال هذين المصدرين، وفق ما طالعته منصة الطاقة.
وتقول ورقة بحثية أعدها المعهد الوطني للتمويل والسياسات العامة، إن الولايات في غرب وجنوب الهند تتمتع بموارد طاقة متجددة وفيرة، وعلى عكس ذلك تكون ولايات شمال وشرق البلاد التي تحظى بوفرة أقل من موارد الطاقة المتجددة، ولكنها تمتلك احتياطيات فحم ضخمة مُدرة للإيرادات.
وبحسب ورقة العمل، فمن شأن ذلك أن يعرقل أهداف تحول الطاقة، وزيادة قدرات الطاقة المتجددة إلى 500 غيغاواط بحلول عام 2030.
كما يؤثر بصورة كبيرة في اقتصادات الولايات، إذ إن الولايات الغنية بالموارد المتجددة صاحبة نمو اقتصادي أكبر وبوتيرة عالية، كما تتجه أنظار المستثمرين إليها لإقامة مشروعات الطاقة النظيفة.
وفي المقابل، ستضطر الولايات الفقيرة في الموارد النظيفة -في ضوء تحول الطاقة وخفض استهلاك الفحم- إلى استيراد الكهرباء من الولايات الأغنى، وهو ما قد يحمّل خزانتها ما لا تطيق.
تباين مزيج الطاقة في الهند
يتوقع المعهد الوطني للتمويل والسياسات العامة أن يرتفع إجمالي قدرات الطاقة المتجددة في الهند إلى 275 غيغاواط بحلول عام 2027، وإلى 420 غيغاواط بحلول 2030.
إلا أن معظم تلك القدرات ستكون في يد الولايات صاحبة الموارد الوفيرة في غرب وجنوب الهند، مع توقعات بوصولها إلى 248 غيغاواط و376 غيغاواط على التوالي، في مقابل ولايات الشمال والشرق التي ستسهم بقدرات أقل تصل إلى 17.5 غيغاواط و28 غيغاواط على الترتيب.
وتُعد الولايات صاحبة الموارد المتجددة الوفيرة في الغرب والجنوب صاحبة اقتصادات أكثر رخاءً، وتتمتع بنمو أفضل لإجمالي الناتج المحلي مقارنة بالولايات الفقيرة في مصادر الطاقة المتجددة.
ويؤكد ذلك البيانات بين عامي 2012 و2019 التي أشارت إلى أن اقتصادات الولايات الثماني الغنية بالموارد المتجددة سجلت معدل نمو قدره 7.75% في المتوسط، في مقابل 6.5% في الولايات الفقيرة في الطاقة المتجددة.
وبحسب الدراسة، لم تنمُ اقتصادات الولايات الغنية بالطاقة المتجددة بصورة أسرع من تلك الفقيرة فحسب، وإنما كانت اقتصادات الأولى أكبر -أيضًا- بنسبة أكثر من 15% من حيث القيمة المطلقة.
آثار اقتصادية
يتجاوز التفاوت في قطاع الطاقة في الهند حدود مسألة التوزيع الجغرافي لموارد الطاقة المتجددة والفحم، لتؤثر في الناتج المحلي للولايات، ومعدل الإنفاق على تحول الطاقة.
كما يحمل ذلك الخلل آثارًا اقتصادية ضخمة في الولايات الأقل في مصادر الطاقة المتجددة، إذ قد ينتهي الأمر بها إلى زيادة الإنفاق على أنظمة الطاقة المتجددة وكسب أموال أقل منها.
وإذا استمر الاتجاه الصعودي للطاقة المتجددة في الولايات صاحبة الوفرة في الموارد كما هو الحال في الوقت الحاضر، فإنه سيتعيّن القيام بعمليات تبديل بين الولايات لإدارة استدامة الشبكة.
وفي هذه الحالة، ستضطر الولايات الفقيرة في موارد الطاقة المتجددة للحد من توليد الكهرباء بالفحم حتى لو كانت أسعاره تنافسية، وكذا استيراد الكهرباء من الولايات الأغنى.
وتقول الورقة البحثية، إن الولايات الفقيرة بموارد الطاقة المتجددة الوفيرة ستخصص موارد ضخمة من ميزانيتها لشراء الكهرباء من الولايات الأخرى الغنية، متوقعة أن تبلغ قيمة واردات الولايات الفقيرة من الكهرباء النظيفة نحو 460 مليار روبية بحلول 2030.
(الروبية= 0.0012 دولارًا أميركيًا)
وستؤدي تلك الواردات إلى عجز بميزانيات ولايات بعينها مثل غرب البنغال وأوتار براديش وجهارخاند وأوديشا وشاتيغاره والبنغاب وهاريانا، بنسبة تفوق 5%، وفي ولايات أخرى -مثل كيرالا وآسام- سيكون التأثير في عجز الميزانية في حدود 5%.
وستكون ولايات جهارخاند وأوديشا وشاتيغاره الأكثر تضررًا، إذ تمتلك 71% من احتياطيات الفحم المؤكدة، وتسهم حاليًا بنحو 60% من إجمالي إنتاج الفحم في الهند.
ويتربع الفحم على عرش الطاقة في الهند، ويُسهم بمقدار 3 أرباع مزيج الكهرباء، ومن المحتمل أن يشكل 54% في عام 2030.
إزالة الكربون من قطاع الكهرباء
تصل قدرات الطاقة المتجددة في الهند إلى أكثر من 1050 غيغاواط، تُسهم الطاقة الشمسية منها بـ302 غيغاواط وطاقة الرياح بـ302 غيغاواط.
وتتركز تلك الإمكانات الفورية والمتاحة للاستعمال بصورة رئيسة في 8 ولايات بغرب وجنوب الهند، وكل منها تمتلك إمكانات تفوق نسبة 5% من إجمالي قدرات البلاد.
وعلى الجانب الآخر، ثمة 10 ولايات في شرق وشمال الهند تمتلك أقل من 5% من إمكانات الطاقة المتجددة.
وتفصيليًا، تمتلك الولايات الغنية بالطاقة المتجددة 54% من إمكانات البلاد، في حين تمتلك الولايات الفقيرة 17% فقط.
وحول طاقة الرياح، فالفجوة آخذة في الاتساع أكثر، إذ تمتلك الولايات الغنية 98% من إمكانات طاقة الرياح في الهند، والولايات الفقيرة 1.6%.
ومن المتوقع أن تعزز الطاقة المتجددة بالولايات الغنية بالموارد، مكانتها أكثر، إذ تتجه أنظار شركات القطاع الخاص إليها لإقامة المشروعات المقبلة.
وبلغ حجم الانبعاثات السنوية لغاز ثاني أكسيد الكربون في عام 2021 بالهند نحو 2.71 مليار طن، وأسهم قطاع الكهرباء فيها بصورة كبيرة تصل إلى أكثر من مليار طن في عام 2020-2021، أي نحو 40% من إجمالي الانبعاثات في ذلك العام.
وتستهدف الهند خفض كثافة انبعاثات الكربون من الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 45% بحلول 2030 مقارنة بمستويات عام 2005، كما تخطط البلاد إلى توليد نحو 50% من الكهرباء من مصادر غير الوقود الأحفوري بحلول 2030.
موضوعات متعلقة..
- تحول الطاقة في الهند يتطلب 400 مليون دولار سنويًا.. والنتائج واعدة
- توليد الطاقة الشمسية في الهند يتجاوز متوسط النمو العالمي (تقرير)
- الطاقة المتجددة في الهند تستهدف توفير 500 غيغاواط بحلول 2030
اقرأ أيضًا..
- مدير وحدة أبحاث الطاقة: تخزين الكهرباء قد ينقذ مصر في المستقبل
- مصادر: إسرائيل تستأنف ضخ الغاز إلى مصر
- خبير: مصر تعاني بعد وقف الغاز الإسرائيلي.. وهذه تقديرات "شرق المتوسط"
- نتائج أعمال شل في الربع الثالث 2023 تهبط بالأرباح 34%