التقاريرتقارير الطاقة المتجددةرئيسيةطاقة متجددة

تحول الطاقة في الهند يتطلب 400 مليون دولار سنويًا.. والنتائج واعدة

أسماء السعداوي

يبرز دور تحول الطاقة في الهند في ظل النمو المتزايد للطلب بأكثر بلدان العالم اكتظاظًا بالسكان، ولتحقيق أهداف الحياد الكربوني بحلول عام 2070.

في المقابل، تظهر عقبات في طريق زيادة حصة الطاقة المتجددة وتقليل الوقود الأحفوري بثالث أكبر مطلق للانبعاثات المسببة للاحتباس الحراري في العالم، وفق ما طالعته منصة الطاقة المتخصصة.

أبرز تلك التحديات كان سيطرة الصين على سلاسل توريد صناعة الطاقة النظيفة مثل الألواح الشمسية، وتربّعها على عرش صناعة المعادن الأرضية النادرة، بالإضافة للاعتماد على واردات الطاقة الباهظة، وهو ما يضع سلسلة التوريد في خطر دائم.

وحلّل تقرير حديث أعدّته شركة كيه بي إم جي (KPMG) للاستشارات وضع تحول الطاقة في الهند في ضوء تزايد المخاطر الجيوسياسية عالميًا المؤثرة في صناعة الطاقة، والحاجة الملحّة لخفض الانبعاثات.

ويتطلب تحقيق أهداف الطاقة النظيفة في الهند استثمارات تتراوح قيمتها بين 350 و400 مليون دولار سنويًا بحلول عام 2047، حسب التقرير الذي نشرته صحيفة "إنرجي وورلد" (Enegy World) المحلية.

وقدّمت الشركة عدّة توصيات مهمة لزيادة قدرات تصنيع الطاقة المتجددة، بما يتضمنه ذلك من تقليل الاعتماد على الصين ووضع السياسات والخطط الملائمة، وصولًا لتثبيت أقدام نيودلهي على طريق التحول الأخضر، وما يتبعه ذلك من فوائد مثل خفض التلوث، وزيادة فرص العمل، وتقليل فاتورة تكلفة واردات الطاقة.

تفاصيل التقرير

حضر وزير النفط الهندي هارديب سينغ حفل إطلاق تقرير شركة "كيه بي إم جي" بعنوان: "التمحور نحو القيادة - إعادة تصور سلاسل القيمة من أجل ظهور الهند بديلًا موثوقًا لتصنيع الطاقة النظيفة"، في العاصمة نيودلهي.

يُلقي التقرير الضوء على الحاجة الملحّة لتسريع وتيرة وتوسيع نطاق تحول الطاقة في الهند؛ بسبب عوامل تزايد عدد السكان، ومبادرات تطوير البنى الأساسية.

وتعكس تلك الحاجة -بحسب الشركة- اتجاهًا عالميًا -وليس في الهند وحدها-، وقدّرت الشركة حجم الاستثمارات السنوية المطلوبة في قطاع الطاقة العالمي بـ4.5 تريليون دولار سنويًا حتى عام 2050.

وزير النفط الهندي هارديب سينغ خلال الحفل
وزير النفط الهندي هارديب سينغ خلال الحفل - الصورة من منصة "إكس"

يُشار هنا إلى أن رئيس الوزراء ناريندرا مودي كشف، خلال مؤتمر المناخ "كوب 26" في غلاسكو بإسكتلندا، النقاب عن خطة للوصول بقدرات الطاقة المتجددة في الهند إلى 500 غيغاواط بحلول عام 2030.

يمثّل ذلك 3 أضعاف المستويات الحالية، و64% من قدرة توليد الكهرباء في الهند، ثاني أكبر اقتصاد في آسيا.

يأتي ذلك رغم ارتفاع حصة الوقود الأحفوري -بقيادة الفحم- في مزيج الكهرباء والصناعة والوقود، وكذلك الاعتماد الزائد على واردات النفط التي شكّلت 87.8% من احتياجات البلاد خلال المدة بين شهري أبريل/نيسان وأغسطس/آب المنصرم 2023.

كما ارتفعت قيمة واردات النفط خلال المدة المذكورة إلى 77.4 مليار دولار أميركي.

ومن المتوقع أن يواصل الفحم دوره في مشهد الطاقة المحلي، فبالرغم من وعود سابقة بالتخلّي عنه لصالح الطاقة النظيفة، كُشف النقاب عن خطط لإقامة محطات كهرباء جديدة تعمل بالفحم بقدرة 46 غيغاواط حتى عام 2030، ليمثّل نحو 54% من مصادر توليد الكهرباء.

وتقول نيودلهي، إن الخطوة تأتي في إطار إيجاد حلول لتلبية الطلب المتزايد على الكهرباء من الأفراد وقطاع الصناعة، بعد انتهاء جائحة كورونا.

ويوضح الرسم البياني التالي -الذي أعدّته منصة الطاقة المتخصصة- واردات الهند من النفط حتى يوليو/تموز 2023:

واردات الهند من النفط قد تتراجع وسط تخفيضات إنتاج أوبك+

سلسلة توريد صناعة الطاقة المتجددة

يقول التقرير، إنّ تحوُّل الطاقة في الهند يحمل فرصًا واعدة، ليس للبلاد فقط، بل للعالم أجمع، ومنها توفير فرص عمل وضخ استثمارات مليارية، إلّا أنه يجب أولًا معالجة عددٍ من التحديات، ومنها تطوير التصنيع وسلسلة التوريد التي تعتمد بصورة شبه كلية على الصين.

يقول المدير العالمي لأبحاث الطاقة والثروات الطبيعية والكيماويات في شركة كيه بي إم جي إنترناشيونال، أنيش دي، إنّ تحول الطاقة يقدّم فرصة اقتصادية ضخمة للهند، فبالإضافة لتطوير مشروعات الطاقة -إذ أظهرت براعتها بالفعل-، هناك حاجة لمعالجة سلسلة القيمة بأكملها.

وسلّط دي الضوء على أهمية تحسين قطاع تصنيع الطاقة المتجددة وسلسلة التوريد، لتتجاوز تلبية الاحتياجات المحلية إلى تدعيم أسس قطاع الطاقة العالمي.

ولذلك، أكد الحاجة لتنويع مصادر سلاسل توريد الطاقة المتجددة؛ فـ"الاعتماد المفرط على دولة واحدة يشكّل خطرًا داهمًا على تطوير الطاقة المتجددة في العالم أجمع".

وتستورد الهند معظم احتياجاتها من الألواح الشمسية تقريبًا، وتأتي أغلبيتها من الصين التي تعدّ لاعبًا كبيرًا في السوق الشمسية العالمية، وتضاعفت صادراتها بنسبة 34% خلال النصف الأول من 2023.

وتستهدف الحكومة الهندية رفع قدرة تصنيع الوحدات الشمسية إلى 48 غيغاواط و337 ميغاواط على مرحلتين، وتخطط -أيضًا- لإضافة 50 غيغاواط سنويًا من الطاقة الشمسية حتى عام 2050.

ويقول خبراء، إن قدرات التصنيع ما زالت دون الأهداف الموضوعة ومستهدفات تحول الطاقة، إذ تراجعت القدرات المركبة للطاقة المتجددة في الهند، خلال شهري أبريل/نيسان ومايو/أيار 2023، بنسبة 52% مقارنة بالمدة نفسها من العام الماضي 2022.

ويقول التقرير، إن أحد البدائل المطروحة لتنويع مصادر واردات الطاقة المتجددة بعيدًا عن الصين، هو تبنّي إستراتيجيات مثل "الصين+1" التي قد لا يُستغنى عنها في سبيل تخفيف حدّة المخاطر.

وتستهدف إستراتيجية الصين+1 تنويع الاستثمارات خارج الصين إلى إحدى الأسواق الآسيوية الناشئة.

سيدة أمام ألواح شمسية في الهند
سيدة أمام ألواح شمسية في الهند - الصورة من "فاينانشيال تايمز"

مميزات فريدة وآفاق واعدة

تحمل الهند إمكانات تؤهلها لتكون محورًا أساسيًا عالميًا في تصنيع الطاقة النظيفة، كما أن أمامها فرصة لاقتناص استثمارات بقيمة تتراوح بين 300 و400 مليار دولار بحلول نهاية هذا العقد 2030، حسب التقرير.

كما تقع الهند في موقع إستراتيجي فريد بين أوروبا والصين، بالإضافة لتوافرها على عوامل مثل الصناعات القوية والسياسات الحكومية الداعمة والمهارات الفريدة، وهو ما يرسم صورة مشرقة لدور الهند في تحول الطاقة العالمي.

فالصين تشكّل 28.4% من حصة التصنيع العالمية، وتتربع على عرش صادرات المنتجات الرخيصة بسبب السياسات الحكومية والعوامل الديموغرافية.

وعلى الناحية الأخرى، أوروبا معروفة بالابتكار وأفضل المنتجات رغم ارتفاع تكلفة العمال والتشريعات الصارمة.

ويضيف تقرير شركة "كيه بي إم جي": "الاقتصاد العالمي يبحث عن مصدر موثوق بإمكانه توفير منتجات عالية الجودة بسعر تنافسي".

ويؤكد تلك المكانة مسؤولة أبحاث الطاقة النظيفة في شركة "كي بي إم جي" أنفيشا ثاكر.

وتقول: "لدى الهند مكونات لتبرز بوصفها بديلًا مهمًا في تصنيع الطاقة النظيفة، ولكن لتحقيق ذلك، يجب تأكيد تعزيز إستراتيجيات التصنيع، والاستفادة من التقنيات الرقمية والتركيز على هندسة القيمة".

وتوقعت أن يؤدي تحول الطاقة في الهند لتوفير 5 إلى 6 ملايين فرصة عمل بحلول 2030، ليرتفع العدد إلى ما بين 9 و10 ملايين بحلول عام 2047، على أن يستحوذ التصنيع وحده على نحو 30% من تلك الوظائف.

واختتمت بقولها، إن نجاح الاستفادة من تلك الفرصة يتوقف على صياغة الإستراتيجية الصائبة، وضمان التركيز على الابتكار، وتوفير سلسلة توريد قوية وأطر عمل تجارية جديدة.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق