التغير المناخيتقارير التغير المناخيرئيسية

خبراء لـ"الطاقة": كوب 28 تنطلق وسط انقسامات حول حظر تمويل محطات الفحم

داليا الهمشري

تنطلق فعاليات قمة المناخ كوب 28، الخميس (30 نوفمبر/ تشرين الثاني 2023) في الإمارات، وسط توقعات بانقسامات بين الدول الصناعية حول المقترح الفرنسي بحظر تمويل محطات الكهرباء العاملة بالفحم.

وكانت فرنسا قد عبّرت -بدعم أميركي- عن نيتها طلب وقف تمويل محطات الكهرباء التي تعمل بالفحم في أثناء فعاليات المؤتمر، وهو المطلب الذي عارضته الهند والصين في مؤتمر المناخ كوب 26.

ويأتي المطلب الفرنسي في كوب 28 متزامنًا مع توجّه الصين إلى استخراج كميات أكبر من الفحم وحرقها، لتشغيل مكيفات الهواء وتعويض انخفاض إنتاج سدود المياه بسبب الجفاف.

"خطوة جيدة"

أكد استشاري التغيرات المناخية في الأمم المتحدة، عضو الهيئة الدولية لتغير المناخ، مندوب مصر وأفريقيا في المكتب التنفيذي لحصر انبعاثات غازات الاحتباس الحراري التابع للهيئة الحكومية المعنية بتغير المناخ الدكتور سمير طنطاوي، أن المقترح الأميركي-الفرنسي المشترك لوقف تمويل محطات الكهرباء التي تعمل بالفحم يُعد خطوة جيدة تصب في صالح العمل المناخي.

وتوقع -خلال تصريحات خاصة إلى منصة الطاقة المتخصصة- أن يواجه هذا المقترح تحديات كبرى من أجل إقراره في قمة المناخ كوب 28.

وأشار إلى أن الوثيقة النهائية لقمة المناخ كوب 26، التي عُقدت خلال العام قبل الماضي في غلاسكو، كانت قد اشتملت على نص يطالب بالوقف الفوري لاستعمال الفحم، إلا أنه قُوبل بالرفض من قبل الهند بدعم من الصين وبعض الدول المُصدرة والمُستوردة للفحم.

وتوقفت فعاليات ذلك المؤتمر 3 ساعات، لإعادة صياغة الوثيقة النهائية -بعد الرفض الهندي- بتغيير التخارج الفوري للفحم بالتخارج التدريجي.

وأفاد طنطاوي، بأن المقترح سيواجه التحديات نفسها في ظل معاناة دول الاقتصادات البازغة في قارة آسيا -وعلى رأسها الهند والصين- مشكلات في الحصول على الطاقة الرخيصة.

ويُضاف إلى ذلك -بحسب طنطاوي- أن الطلب المتزايد على الطاقة في ظل الزيادة السكانية في هذه الدول يمثّل تحديًا إضافيًا للاستهلاكات المنزلية والصناعية وقطاع النقل.

عضو الهيئة الدولية لتغير المناخ ومدير مشروع البلاغ الوطني الرابع بالأمم المتحدة، الدكتور سمير طنطاوي
عضو الهيئة الدولية لتغير المناخ، مدير مشروع البلاغ الوطني الرابع بالأمم المتحدة الدكتور سمير طنطاوي

انقسامات في كوب 28

قال استشاري التغيرات المناخية في الأمم المتحدة، إنه من المتوقع أن يتسبّب المقترح الفرنسي في حدوث انقسامات بين الدول بقمة المناخ كوب 28، ويزيد من الشقاق بين طرفي التفاوض؛ الدول النامية والصناعية.

وأضاف الدكتور سمير طنطاوي، أن المقترح يصب في صالح العمل المناخي، نتيجة لزيادة تركيزات غازات الاحتباس الحراري، التي بلغت نحو 420 جزءًا في المليون، ما يعني أن العالم يسير في الاتجاه الخاطئ نحو زيادة الانبعاثات الكربونية.

وطالب بضرورة الوقف الفوري للملوثات المُتسببة في انبعاث هذه الغازات إلى الغلاف الجوي، للحد من ارتفاع درجة حرارة الأرض.

وعبّر طنطاوي عن مخاوفه من أن يتسبّب عدم التوافق حول المقترح الفرنسي في حدوث تشدد من قبل الدول الصناعية فيما يتعلق بقضايا مهمة أخرى مثل الحصيلة العالمية أو الجهد العالمي للانبعاثات، وتفعيل صندوق الخسائر والأضرار المتوقع عرضه على قمة المناخ كوب 28، بالإضافة إلى عرقلة قضية الهدف الكمي العالمي للتمويل، الذي من المستهدف أن يبدأ العمل عليه خلال عام 2024.

وتوقع أن تشهد قمة المناخ كوب 28 تحديات كثيرة وصعوبة في التوصل إلى اتفاق، معبرًا عن أمله في أن تتمخض عنها اتفاقات مفيدة من أجل صالح الكوكب والأجيال المقبلة.

أزمة تغير المناخ

من جانبه، رأى مستشار برنامج المناخ العالمي، أمين عام اتحاد خبراء البيئة العرب الدكتور مجدي علام، أن المقترح الفرنسي بحظر تمويل محطات الكهرباء العاملة بالفحم سيؤثر في الشعوب الأقل ثراءً، لأن البديل سيكون الطاقة الجديدة والمتجددة التي ما تزال بحاجة إلى تمويلات ضخمة.

وأشار -خلال تصريحات خاصة إلى منصة الطاقة المتخصصة- إلى أن استعمالات الفحم ستقل بمرور الوقت في ظل التوسع بمصادر الطاقة المتجددة، لافتًا إلى أن هناك حاجة حالية إلى وجود الفحم في بعض الصناعات التي تتطلب طاقة حرارية مرتفعة قد لا تفي الطاقة المتجددة باحتياجاتها.

وأوضح أن الدول الصناعية الكبرى قد نجحت في تحقيق تقدم وعوائد مالية ضخمة من الثورة الصناعية، في حين تضرّرت دول أفريقيا وأميركا الجنوبية من أزمة تغير المناخ، ولم تستفد حتى الآن من مواردها من الوقود الأحفوري.

وطالب بأن يوجَّه المقترح الفرنسي إلى دول أميركا وأوروبا وجنوب شرق آسيا التي استغلت حصة كبيرة من إمكاناتها من الوقود الأحفوري، داعيًا إلى السماح للدول التي ما تزال تخطو أولى خطواتها في الصناعة باستغلال مخزونها من الفحم بمنحها مهلة تتراوح ما بين 25 و50 عامًا للاستفادة من مواردها وتحقيق الرفاهية المطلوبة.

تطور في العمل المناخي

بدورها، قالت خبيرة الطاقة المستدامة في المركز الإقليمي للطاقة المتجددة وكفاءة الطاقة المهندسة إيمان عادل، إن المقترح الفرنسي بوقف التمويل الخاص لمحطات الكهرباء التي تعتمد على الفحم يسلّط الضوء على تطور مهم في العمل المناخي العالمي.

وأضافت -خلال تصريحات خاصة إلى منصة الطاقة المتخصصة- أن المقترح يعكس اعترافًا متزايدًا بالحاجة الملحة إلى التحول بعيدًا عن الفحم، من أجل مواجهة تغير المناخ والحد من انبعاثات غازات الدفيئة.

وتابعت، أن محطات الطاقة التي تعمل بالفحم تُعد مساهمًا رئيسًا في الانبعاثات الكربونية، ومحركًا مهمًا لظاهرة الاحتباس الحراري.

واستطردت قائلة، إن فرنسا والولايات المتحدة تهدفان من خلال السعي إلى وقف التمويل الخاص لمحطات الطاقة التي تعتمد على الفحم، إلى تثبيط الاستثمارات في مشروعات الفحم الجديدة، وتسهيل إعادة توجيه الموارد المالية نحو بدائل الطاقة النظيفة والأكثر استدامة، التي تنتج عنها بصمة كربونية أقل، وتسهم في التحول إلى اقتصاد منخفض الكربون.

خبيرة الطاقة المستدامة بالمركز الإقليمي للطاقة المتجددة وكفاءة الطاقة المهندسة إيمان عادل
خبيرة الطاقة المستدامة في المركز الإقليمي للطاقة المتجددة وكفاءة الطاقة المهندسة إيمان عادل

تسريع تحول الطاقة

أكدت خبيرة الطاقة المستدامة المهندسة إيمان عادل، أن الجهود المشتركة التي تبذلها كل من فرنسا والولايات المتحدة لوقف التمويل الخاص لمحطات الكهرباء المعتمدة على الفحم في قمة المناخ كوب 28 تشير إلى الالتزام بتسريع التحول العالمي إلى مصادر الطاقة النظيفة.

ولفتت إلى أن المقترح يتماشى -كذلك- مع الجهود الأوسع نطاقًا للحد من ظاهرة الاحتباس الحراري إلى أقل بكثير من درجتين مئويتين فوق مستويات ما قبل الصناعة، ومواصلة الجهود للحد من ارتفاع درجة الحرارة إلى 1.5 درجة مئوية، على النحو المبين في اتفاقية باريس.

ورأت أن نجاح هذا الاقتراح يعتمد على حشد الدعم من البلدان الأخرى وأصحاب المصلحة في قمة المناخ كوب 28، وقد يتضمّن مفاوضات ومناقشات وتحالفات محتملة لتأمين الالتزامات بسحب الاستثمارات من الفحم وتوجيهها إلى مشروعات الطاقة المستدامة.

وأوضحت أن تفعيل هذا المقترح قد يكون له آثار بعيدة المدى على مشهد الطاقة العالمي، وتسريع التحول نحو استثمارات أكثر استدامة، مشيرة إلى أن الأمر لن يقتصر على الإسهام في الحد من الانبعاثات الكربونية فحسب، وإنما سيعزز -أيضًا- تطوير تكنولوجيات الطاقة النظيفة ونشرها.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق