قمة المناخ كوب 28التغير المناخيالمقالاترئيسيةسلايدر الرئيسيةمقالات التغير المناخي

الوزيرة ليلى بنعلي تكتب لـ"الطاقة": المغرب نحو مستقبل مستدام (مقال)

إستراتيجيات التنمية وتحول الطاقة في وجه التحديات العالمية

مقال خاص

اقرأ في هذا المقال

  • نسبة الطاقات المتجددة حاليًا 40% من مزيج الطاقة بالمملكة بعد تنفيذ استثمارات ضخمة
  • نعتزم تعزيز البنية التحتية للغاز بمحطات إعادة تغويز، وأنابيب لنقل الغاز ولاحقًا لنقل الهيدروجين الأخضر
  • نسعى إلى صناعة دون انبعاثات، وتحلية مياه البحر باستخدام الطاقات المتجددة
  • سوف نضاعف استثماراتنا السنوية في الطاقة المتجددة بمعدل ثلاث مرات
  • يعمل المغرب الآن على بلورة إستراتيجية التنمية المستدامة في أفق 2035
  • كما نعمل على تنفيذ برامج تهدف إلى تعزيز قدرة المجتمعات الأكثر تأثرًا على التكيف مع تغير المناخ

تعرّضت الاقتصادات الوطنية لاختبار صعب نتيجة توالي الأزمات الصحية والطاقية والبيئية والجيوسياسية في السنوات الأخيرة، وبالتالي أصبح تحقيق توازن بين التنمية الاقتصادية والاجتماعية مع متطلبات الاستدامة وحماية البيئة "ضرورة أكثر إلحاحًا نظرًا إلى الصعوبة المعادلة".

نحن بحاجة إلى نموذج اجتماعي واقتصادي أكثر مرونة، وفي الوقت نفسه، نحتاج إلى تسريع الانتقال نحو مسار تنمية أكثر استدامة.. وهذا الانتقال أصبح جدًا مهمًا في المجال الطاقي.

يظهر ذلك من خلال سلسلة المشروعات الطموحة في الطاقات الجديدة والمتجددة، وأيضًا المبادرات المهمة على جميع الأصعدة التي تعكس تصميم المغرب على تحقيق التنمية المستدامة وفقًا لرؤية مستقبلية إستراتيجية ومستدامة.. الهدف هو ضمان أمننا الطاقي بكلفة معقولة وعادلة لمجتمعنا، وتقليل اعتمادنا على المنتجات المستوردة من خلال إدارة عقلانية ومستدامة للموارد، والاعتماد على الإمكانات الكبيرة في مجال الطاقة المتجددة التي نمتلكها.

إن إستراتيجية انتقالنا الطاقي تعتمد على رؤية ملكية طموحة تقوم أساسًا على 3 محاور، تشكل حاليًا ركائز مشروعاتنا الهيكلية الرئيسة:

  1. الطاقات المتجددة.
  2. النجاعة الطاقية.
  3. تعزيز الاندماج الجهوي.

أدركنا مبكرًا أنه يجب علينا اتباع نهج صارم وواقعي وبكل "جدية" مع شركائنا، لكي نحقق هدفنا لبلوغ أكثر من 52% من الطاقة المتجددة في مزيج الكهرباء الوطني قبل حلول عام 2030.

وقام المغرب باستثمار ضخم في هذه المجالات خلال العقدين الماضيين، لتتجاوز نسبة الطاقات المتجددة حاليًا 40% من مزيج طاقتنا.. هدفنا إمداد بلادنا بطاقة منخفضة الكربون، متجددة ومتوفرة.

ماذا نعني بالنهج الشامل أو المقاربة الشاملة من أجل الانتقال الطاقي نحو التنمية المستدامة؟

نحن نؤمن بالنهج الثابت والمتسق والمتكامل والمتطور.. على سبيل المثال، فنحن نعتبر الغاز الطبيعي وقودًا انتقاليًا، لديه دور مهم يجب أن يلعبه كجزء من نظامنا المستقبلي والتنافسي للطاقة منخفضة الكربون والتكلفة.

كما نعتزم تعزيز البنية التحتية للغاز، بمحطات إعادة تكثيف وأنابيب لنقل الغاز، ولاحقًا لنقل الهيدروجين الأخضر، هذه المرحلة هي أيضًا المرحلة الأولى من خط الأنابيب الغازي المهم جدًا بين نيجيريا والمغرب، الذي سيعزّز بدوره اندماجنا الجهوي بعد أن تمكنا من وصل المغرب بأوروبا، كهربائيًا وغازيًا، وفي الاتجاهين.

نحن نعلم أيضًا أن لدينا نظامًا من أفضل الأنظمة الضريبية والشروط الضريبية في العالم لاستكشاف وإنتاج الموارد الأحفورية والمنجمية.

والأمر نفسه ينطبق على قطاع التعدين والمعادن الإستراتيجية، المغرب يتوفر الآن بشكل كبير على هذه المعادن التي تعتبر مهمة للانتقال الطاقي، ونسعى أيضًا إلى توفير معادن إستراتيجية محددة وحيوية لتصنيع توربينات الرياح والألواح الشمسية والمركبات الكهربائية وبطاريات التخزين، وأيضًا لنقل وتوزيع الطاقة.. تحسين الحوكمة يُمَكّن الفوز بعملية الانتقال في جميع مراحل القيمة.

كما أطلقنا مبادرات جديدة، يأتي في مقدمتها دخول المغرب سوق الغاز الطبيعي المسال، ونحن بصدد تطوير عرض المغرب للهيدروجين الأخضر، ونسعى إلى صناعة دون انبعاثات، وتحلية مياه البحر باستخدام الطاقات المتجددة، وتطوير البحث والابتكار في هذه المجالات.

جانب من توقيع عقد توريد الغاز المسال بين المغرب وشركة شل
جانب من مراسم توقيع عقد توريد الغاز المسال بين المغرب وشركة شل - الصورة من وزارة الانتقال الطاقي (14 يوليو 2023)

وبالمقابل يعمل المغرب أيضًا على تعزيز النجاعة الطاقية في مختلف القطاعات الاقتصادية، إذ تم تحديد نحو 80 إجراءً لتحسينها ولتحقيق توفير بنسبة 20% في استهلاكنا الطاقي بحلول عام 2030.

كما تم تنفيذ إصلاحات قانونية وتنظيمية لتحسين مناخ الأعمال، وتعزيز الشفافية بشكل أكبر، وتسهيل الوصول إلى المعلومات المتعلقة بفرص الاستثمار، وتحسين إجراءات الترخيص، وتسريع ظهور بيئة وطنية لتكنولوجيا الطاقات المتجددة، خاصةً قانون رقم 19-40 الذي يعدل ويكمل القانون رقم 13-09 المتعلق بالطاقات المتجددة، والقانون رقم 82-21 المتعلق بالإنتاج الذاتي للكهرباء.

في السابع من أكتوبر/تشرين الأول لعام 2021، أدت الدكتورة ليلى بنعلي اليمين الدستورية ضمن حكومة المغرب الجديدة، لتتولى منصب وزيرة الانتقال الطاقي والتنمية المستدامة.
جرت مراسم أداء اليمين بالقصر الملكي في مدينة فاس، بحضور العاهل المغربي الملك محمد السادس، ورئيس الحكومة عزيز أخنوش.

إن إستراتيجيتنا واضحة جدًا.. سوف نضاعف استثماراتنا السنوية في الطاقة المتجددة بمعدل ثلاث مرات، بالإضافة إلى تعزيز الشبكة الكهربائية وزيادة الاستثمار في مصادر التخزين والمرونة، ومضاعفة الاستثمار السنوي بمعدل أربع مرات.

المملكة المغربية، بقيادة جلالة الملك، تلتزم بمواجهة تحديات القرن الواحد والعشرين، من خلال جعل التنمية المستدامة مشروعًا حقيقيًا للمجتمع، ونعمل الآن على بلورة إستراتيجية التنمية المستدامة في أفق 2035.. تكتسب هذه الإستراتيجية أهمية حيوية كإطار مرجعي لهذا الجيل الجديد للسياسات العمومية لمعالجة التحديات الاجتماعية والثقافية والاقتصادية والبيئية، مع تعزيز انتقالنا نحو الاستدامة.

لقد اتبعنا مقاربة تشاركية واستشارية بتوجيه الضوء بشكل كبير على إشراك جميع الأطراف من خلال المناظرات الجهوية في الجهات الاثنتي عشرة للمملكة، و"استشارة مواطنة" شملت كل فئات الشعب المغربي المقيمين بأرض الوطن أو بالمهجر، ونعتزم تنظيم مناظرات وطنية لتقديم التوصيات الخاصة التي قدمها الشعب المغربي بشأن التنمية التي يرغب في تحقيقها على المستوى الوطني والجهوي، وفق إطار شمولي لمعالجة التحديات الاجتماعية والاقتصادية والبيئية في 2024 إن شاء الله.

جهود المغرب في مكافحة تغير المناخ

إذا كانت قضايا التغير المناخي والحفاظ على البيئة من أبرز التحديات التي تواجه العالم، فإن المملكة المغربية تتصدّر قائمة الدول التي تولي اهتمامًا خاصًا لملف مكافحة التغير المناخي.

كنا من أولى الدول التي وضعت مساهمتها المحددة وطنيًا (NDC) لتتناسب بالفعل مع هدف 1.5 درجة مئوية، ولتحقيق هدف تقليل انبعاثات غازات الدفيئة بنسبة تزيد على 45% بحلول عام 2030 مقارنة بالسيناريو المرجعي.

ومن ناحية التكيف، نحن نعمل على تنفيذ برامج تهدف إلى تعزيز قدرة المجتمعات الأكثر تأثرًا على التكيف مع تغير المناخ، ما يتطلب ميزانية تُقدّر بنحو 40 مليار دولار أميركي، كما نعمل على برامجنا القطاعية لإزالة الكربون في إطار إستراتيجيتنا للانبعاثات المنخفضة الكربون.

من خلال هذه الإستراتيجيات، يعيد المغرب تأكيد التزامه، مرة أخرى، بمواجهة تحديات التنمية المستدامة والاستمرار في العمل مع المجتمع الدولي، على الصعيدين العالمي والجهوي، من خلال تبني مشروع اجتماعي حقيقي، يتمثل في النموذج التنموي الجديد، الذي يضع حماية البيئة والتنمية المستدامة ضمن الأولويات الوطنية.

قبل اختيارها وزيرة للانتقال الطاقي، كانت تشغل "بنعلي" منصب كبيرة الاقتصاديين في منتدى الطاقة الدولي، والمستشارة الرئيسة للأمين العام والوزراء والمجلس التنفيذي بشأن التوجه الإستراتيجي وأسواق الطاقة.

مع اقترابنا من قمة مؤتمر الأطراف كوب 28، كان لدينا موعد جديد مع التاريخ في مراكش بعد مؤتمر الأمم المتحدة للتغير المناخي COP22، إذ احتضن المغرب اجتماعات البنك الدولي وصندوق النقد الدولي، لنتدارس قضايا الدعم وأسواق الكربون الطوعية وتحفيز استثمارات الحكومات والقطاع الخاص وميكانيزمات التمويل وشفافية التكاليف من أجل المناخ والانتقال الطاقي، كما تدارسنا الحلول من أجل تمويل عادل وشفاف.

نحن نؤمن بالحوافز التي يجب أن تكون عابرة للحدود، وبتمكين الجنوب من الوصول إلى هذه الأموال، فضلًا عن شراكاتنا مع الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والعديد من دول العالم، ويمكن الاستفادة من تقليل التضخم والصفقة الخضراء.

تأتي إذًا قمة كوب 28 في دبي بالإمارات العربية المتحدة كمحطة رئيسة للتباحث حول تغير المناخ، حيث تلتقي الدول لبحث وتحديد الخطط والالتزامات.. يأتي ذلك في سياق ضرورة التزام الدول المتقدمة بدعم الـ100 مليار دولار الذي تعهدت به في قمة كوب 26 التي استضافتها مدينة غلاسكو الإسكتلندية عام 2021.

مفتاح انتقال الطاقة عالميًا

إن المفتاح لقضية الانتقال السريع سيكون في مدى سرعة تطور تقنيات البطاريات والتخزين، وانخفاض التكاليف بشكل سريع، ولكي نتمكن من تحقيق ذلك يجب علينا في القرن الواحد والعشرين، ضمان أن تلعب أسواق الكربون دورًا حاسمًا في الفوز بعملية التحول والانتقال الطاقي، بفضل التقنيات المبتكرة والحديثة والمستدامة.

والأهم من ذلك، علينا أن نستمر في بناء الثقة، حكومات وفاعلين وخواص، من أجل تحفيز الاستثمار وتمويل المشروعات بطريقة شاملة دون استبعاد أي تقنية أو وقود، قد يكون مهمًا للمستقبل.

تتمتع الدكتورة ليلى بنعلي بخبرات اقتصادية كبيرة، وعلاقات دولية متعددة، أسهمت في نجاحها بتأمين صفقات طاقية ناجحة للمغرب، خاصة على صعيد الطاقة المتجددة والربط الكهربائي، ودخول السوق العالمية للغاز المسال.

بعد مشاركتنا في كوب 28، سيكون لنا لقاء آخر في فبراير/شباط 2024 مع أعضاء الجمعية العامة للأمم المتحدة للبيئة، التي يترأسها المغرب منذ زهاء سنتين، في الدورة السادسة للجمعية العامة للأمم المتحدة للبيئة التي ستُنظم تحت عنوان "إجراءات فعالة وشاملة ومستدامة لمكافحة تغير المناخ وفقدان التنوع البيولوجي والتلوث".

نحن راضون عن العمل الذي تم إنجازه خلال التشاور الذي سمح لنا بتبني هذا الموضوع، ونواصل العمل مع جميع الدول والأطراف الأخرى، لجعل هذه الدورة فرصة أخرى لإعادة الثقة وإصلاح الدور الحيوي لتعدد الأطراف والتعاون الدولي، مع تأكيد أهمية التمويل العابر للحدود لتعزيز التنمية المستدامة على مستوى العالم، وتأكيد أهمية التآزر بين الاتفاقيات البيئية الشاملة، وأهمية التضامن في الدعوة إلى التحرك العملي لمواجهة الأزمة البيئية العالمية الثلاثية نحو الحفاظ على كوكب الأرض وضمان استدامة موارده للأجيال القادمة، خصوصًا في ظل التحديات والأزمات.

بالعمل الجاد أؤمن بأن هناك أملًا في مستقبل أكثر استدامة، لأن "البحر الهادئ لا يصنع بحارة ماهرين".

*الدكتورة ليلى بنعلي وزيرة الانتقال الطاقي والتنمية المستدامة بالمملكة المغربية.

مقال خاص لـ"منصة الطاقة" بمناسبة قمة المناخ كوب 28.

تغطية خاصة تقدمها الطاقة:

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق