المقالاترئيسيةغازمقالات الغازمقالات النفطنفط

قطاع النفط والغاز في فنزويلا.. هل ينتعش بعد تخفيف العقوبات الأميركية؟ (مقال)

أومود شوكري* - ترجمة: نوار صبح

اقرأ في هذا المقال

  • وزارة الخزانة الأميركية تسمح بنقل النفط والغاز الفنزويلي إلى الدائنين الحكوميين لتسوية الديون.
  • أسعار النفط قد تنخفض مؤقتًا إذا زاد الإنتاج الفنزويلي.
  • الترخيص المؤقت لمعاملات النفط والغاز يتيح لفنزويلا الانطلاق نحو التعافي الاقتصادي.
  • رفع العقوبات عن قطاع النفط والغاز في فنزويلا يمثل فرصًا وتحديات كبيرة.
  • ديناميكيات السوق المتغيرة قد تؤدي إلى مناقشات بين الدول النفطية لتعديل حصص الإنتاج.

جاء قرار الولايات المتحدة تخفيف العقوبات المفروضة على قطاع النفط والغاز في فنزويلا، بعد التوصل إلى اتفاق للمراقبة الدولية للانتخابات الرئاسية الفنزويلية الوشيكة؛ ما يمثّل تحولًا كبيرًا في سياسة أميركا تجاه الدولة الواقعة في أميركا الجنوبية.

ويندرج هذا الإجراء في سياق إستراتيجية دبلوماسية أكثر شمولًا تهدف إلى حل المشكلات المعقّدة المتعلقة بالوضع السياسي والاقتصادي والإنساني في فنزويلا.

وتُعَد إجراءات وزارة الخزانة الأميركية، ولا سيما رفع القيود عن التداولات الثانوية للسندات السيادية الفنزويلية، ومنح التراخيص العامة لقطاع النفط والغاز لمدة 6 أشهر، والتعامل مع شركة تعدين الذهب "مينيرفين" المملوكة للدولة في البلاد، حاسمة في إنقاذ اقتصاد فنزويلا المتعثر.

ويتمتع منح التراخيص العامة هذا بنطاق واسع؛ حيث يجيز مجموعة متنوعة من التعاملات داخل قطاع النفط والغاز في فنزويلا؛ ويُعَد ساري المفعول حتى 18 أبريل/نيسان 2024، ويشمل جميع جوانب الابتكار والاستغلال والبيع والتصدير.

بالإضافة إلى ذلك؛ فإنه يغطي المنتجات والخدمات الأخرى؛ ما يسهل دفع الفواتير ذات الصلة، ويسمح بمزيد من الاستثمار في قطاع النفط والغاز في فنزويلا، حتى السماح بنقل النفط والغاز الفنزويلي إلى الدائنين الحكوميين لتسوية الديون.

ويتيح هذا التغيير في السياسة الأميركية فرصة غير مسبوقة لإنعاش قطاع النفط والغاز في فنزويلا، الذي تضرر بسبب سنوات من العقوبات القاسية.

ويمهّد منح التراخيص العامة لمدة 6 أشهر الطريق لتحقيق دخل مهم، ويمنح دولة فنزويلا الأدوات اللازمة لحل القضايا الاقتصادية الملحّة وتلبية الاحتياجات الأساسية.

في سياق ذي صلة، يمكن للموافقة على التعامل مع شركة مينيرفين أن تضفي صبغة قانونية على سوق الذهب وتنظيمها؛ ما يقلل من الآثار الاجتماعية والبيئية السلبية لأنشطة التعدين غير المرخصة.

تجدر الإشارة إلى أن فاعلية هذه الإجراءات ما زالت محل نقاش وتخضع للمراقبة المستمرة داخليًا وخارجيًا. وفيما يتعلق بتأثير تغيير السياسة في المصالح الأميركية وقدرتها على تحميل السلطات الفنزويلية المسؤولية؛ فقد تبرز درجات متباينة من الدعم والشكوك داخل الولايات المتحدة.

ولمعالجة القضية الفنزويلية على المستوى الدولي وضمان إستراتيجية متماسكة وتجنب الرسائل المربكة؛ فمن الأهمية بمكان بناء الثقة والتعاون مع الشركاء الأجانب.

وتُعَد هذه الخطوة الدبلوماسية مهمة من أجل التغلب على العقبات الصعبة التي يواجهها الوضع المتداخل في فنزويلا. وتوفر هذه الإجراءات توازنًا دقيقًا بين الدبلوماسية، واليقظة، والتعاون الدولي، وتتيح مجموعة متنوعة من الآفاق للتعافي الاقتصادي في فنزويلا والاستقرار المحتمل.

ولا تزال التأثيرات طويلة المدى لهذا التغيير في السياسة بمستقبل فنزويلا ومكانتها في العالم غير معروفة حتى الآن، ومن المرجّح أن تؤثّر في الديناميكيات الإقليمية والعلاقات بين الولايات المتحدة وفنزويلا.

الانتخابات الرئاسية الأميركية 2024

قد تكون للتخفيف الكبير من العقوبات النفطية المفروضة على فنزويلا من جانب الولايات المتحدة بعد الانتخابات الرئاسية في نوفمبر/تشرين الثاني 2024 عواقب متنوعة.

وقد يناقش المرشحون هذا التغيير في السياسة على نطاق واسع في أثناء الحملة الانتخابية، إما للإشادة به بصفته انتصارًا دبلوماسيًا للاستقرار الإقليمي وإما لانتقاده لكونه أحد أعراض فشل السياسة الخارجية. وربما تتغير مواقف الناخبين بسبب تأثير ذلك في الاقتصاد الأميركي.

من ناحية ثانية، قد تنخفض أسعار النفط مؤقتًا نتيجة لازدياد الإنتاج الفنزويلي؛ الأمر الذي سينعكس على أسواق الطاقة وعملائها في البلاد.

بالإضافة إلى ذلك، قد يفتح هذا التغيير في السياسة فرصًا تجارية جديدة للشركات الأميركية، ومن ثم تعزيز النشاط الاقتصادي، وتوفير فرص العمل، وجَنْي إيرادات الضرائب. وستعتمد هذه التأثيرات على طريقة تنفيذ البرنامج، ومدى استجابة فنزويلا، والوضع الاقتصادي العام.

ومن المؤكد أن الآثار الاقتصادية والسياسية النهائية للانتخابات الرئاسية ستكون خاضعة لتفسير العديد من اللاعبين السياسيين والاقتصاديين.

وقد لا يكون التأثير الكامل لهذه الخطوة السياسية ملموسًا إلا بعد انتخابات عام 2024؛ لذلك سيكون من الأسهل فهم أهميتها مع اقتراب الانتخابات.

ويؤكد تفاعل هذه المتغيرات العلاقةَ المعقّدة بين خيارات السياسة الدولية، والتداعيات الاقتصادية، وتأثيرها في الديناميكيات السياسية الأميركية.

مشاعل الغاز في حقل جوسيبين التابع لشركة النفط الوطنية الفنزويلية
مشاعل الغاز في حقل جوسيبين التابع لشركة النفط الوطنية الفنزويلية - الصورة من رويترز

التحديات

جاء قرار الولايات المتحدة تخفيف العقوبات على نطاق واسع على قطاع النفط والغاز في فنزويلا، بمثابة رد فعل على الاتفاق الانتخابي بشأن فنزويلا؛ الأمر الذي يُشكِّل عقبات خطيرة وآفاقًا لافتة للانتباه.

توزيع الفوائد بشكل عادل: تتمثل العقبة الرئيسة في ضمان أن يؤدي رفع العقوبات إلى تحقيق فوائد حقيقية وعادلة للشعب الفنزويلي. ومن الأهمية بمكان وقف إساءة استعمال الأموال والتأكد من استعمالها لمعالجة الأزمة الإنسانية الكارثية بشكل صحيح وتعزيز التغييرات الديمقراطية.

الوضع الإنساني في فنزويلا يُعَد معقّدًا وخطيرًا. وتكمن الصعوبة في تنسيق الجهود المثمرة لتمكين الفنزويليين من الوصول إلى الغذاء والإمدادات الطبية والخدمات الأساسية. ويتطلب حجم المشكلة إعدادًا وتنفيذًا دقيقًا.

تعزيز الإصلاحات الديمقراطية: من الضروري دعم التحسينات الديمقراطية في فنزويلا، لكن القيام بذلك يستوجب إجراء توازن دبلوماسي دقيق. ويُعَد إقناع الحكومة بإجراء إصلاحات ديمقراطية حقيقية مع احترام حقوق الإنسان أمرًا صعبًا.

انتعاش قطاع النفط والغاز في فنزويلا

يتيح تخفيف العقوبات الأميركية فرصًا مهمة لفنزويلا. وفي ظل منح التراخيص العامة المؤقتة لتعاملات النفط والغاز، يُمكن لفنزويلا الانطلاق في طريق التعافي الاقتصادي، وتخفيف الأزمة الإنسانية، واستعادة الخدمات الأساسية، وتحقيق استقرار الاقتصاد.

من جهة ثانية، قد يؤدي السماح بالتعامل مع شركة مينرفين، شركة تعدين الذهب المملوكة للدولة، إلى تنظيم تجارة الذهب؛ ما يقلل من الآثار الاجتماعية والبيئية السلبية للتعدين غير القانوني.

لدى تقييم الأمر محليًا؛ فإن رفع العقوبات عن قطاع النفط والغاز في فنزويلا سوف يخضع للتدقيق في الولايات المتحدة. وتُعَد إدارة التوقعات المحلية وتوفير الأساس المنطقي لتغيير السياسة أمرًا ضروريًا، وخصوصًا في الرد على المنتقدين المطالبين باتخاذ تدابير أقوى لمحاسبة الحكومة الفنزويلية.

لذلك، فإن التعاون مع شركاء أجانب لتطوير إستراتيجية موحدة وتعزيز الثقة العالمية أمر بالغ الأهمية. ويُعَد التعاون الدولي أمرًا حتميًا لمواجهة التحديات المعقّدة التي تمثلها فنزويلا.

وسوف يعتمد النجاح في إدارة هذه التعقيدات على التنفيذ الفاعل، والبراعة الدبلوماسية، والتعاون الدولي. وسيكون لنتائج هذه المساعي تأثير عميق في الديناميكيات الإقليمية والعلاقات بين الولايات المتحدة وفنزويلا.

سوق النفط

سيكون لتخفيف العقوبات الأميركية المفروضة على قطاع النفط والغاز في فنزويلا تأثير كبير في سوق النفط العالمية. وبالنظر إلى استعداد فنزويلا لاستئناف إنتاج النفط وصادراته بفضل احتياطياتها النفطية الكبيرة؛ فمن المتوقع أن تؤدي هذه الخطوة السياسية إلى زيادة إمدادات النفط العالمية.

قد يتأثر التوازن الدقيق بين العرض والطلب داخل تحالف أوبك+ نتيجة لهذه الزيادة في النفط الفنزويلي على أسعار النفط. وقد تؤدي ديناميكيات السوق المتغيرة إلى مناقشات بين الدول المنتجة للنفط لتعديل حصص الإنتاج.

وتتأتى عن التغيير في سياسة الولايات المتحدة عناصر جيوسياسية يمكن أن يكون لها تأثير في ثقة السوق وزيادة التقلبات. وستعتمد شدة هذه التداعيات على استجابة الدول الرئيسة المنتجة للنفط ورؤية المشاركين في السوق للتطور.

مجمع مصفاة أمواي التابع لشركة النفط الحكومية الفنزويلية
مجمع مصفاة أمواي التابع لشركة النفط الحكومية الفنزويلية - الصورة من رويترز

في الختام؛ فإن قرار الولايات المتحدة تخفيف العقوبات المفروضة على قطاع النفط والغاز في فنزويلا، ردًا على اتفاق المراقبة العالمية للانتخابات المقبلة، يمثل تغييرًا كبيرًا في سياستها تجاه الدولة الواقعة في أميركا الجنوبية.

ويتيح منح ترخيص عام لمدة 6 أشهر، صالح حتى 18 أبريل 2024، لفنزويلا تجربة الاستقرار الاقتصادي والإغاثة الإنسانية والانتعاش الاقتصادي.

بالمثل، فإن الموافقة على التعامل مع شركة مينيرفين، شركة تعدين الذهب المملوكة للحكومة، توفر فرصة لإضفاء الشرعية على تجارة الذهب والسيطرة عليها مع معالجة الآثار الاجتماعية والبيئية غير المواتية الناجمة عن التعدين غير القانوني.

وما زالت التأثيرات الدقيقة لهذه التغييرات في السياسة غير معروفة وقيد التحقيق. وسوف يراقب العالم باهتمام كبير تطور هذا الحدث وتأثيره في مسار فنزويلا ومكانتها بالمجتمع الدولي.

ومن أجل اجتياز العقبات والإمكانات المعقّدة، التي يفرضها هذا التحول في الإستراتيجية، بنجاح؛ فإن هذه السياسة ستعتمد على التنفيذ الفعال والدبلوماسية.

* الدكتور أومود شوكري، الخبير الإستراتيجي في مجال الطاقة، الزميل الزائر الأول في جامعة جورج ميسون الأميركية، مؤلف كتاب "دبلوماسية الطاقة الأميركية في حوض بحر قزوين: الاتجاهات المتغيرة منذ عام 2001".

* هذا المقال يمثّل رأي الكاتب، ولا يعبّر بالضرورة عن رأي منصة الطاقة.

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق