التقاريرتقارير النفطرئيسيةنفط

رغم العقوبات.. نفط فنزويلا يتدفق إلى الأسواق العالمية بـ"حيل ماكرة"

منها تزييف وثائق الشحن وطمس هوية السفن

أمل نبيل

لم تنجح العقوبات الأميركية على نفطيْ فنزويلا وإيران في منع تدفقهما إلى أسواق الوقود العالمية، إذ نجحت ناقلات الشحن في شق طريقها إلى الدول المستوردة لخام الدولتين عبر حيل ماكرة.

ويواجه قطاع الطاقة في طهران وكاراكاس عقوبات أميركية منذ سنوات طويلة، بحُجة الدعم الإيراني للإرهاب، وغياب الديمقراطية عن النظام الحاكم في فنزويلا، وفق ما رصدته منصّة الطاقة المتخصصة.

وعندما أبحرت الناقلة العملاقة "يوانغ يانغ" إلى ميناء تشينغداو الصيني في سبتمبر/أيلول من العام الماضي (2021)، كانت لديها شهادات جودة تؤكد أنها كانت تنقل شحنات من النفط الخام الماليزي.

بينما تُظهر صور الأقمار الصناعية أن السفينة المملوكة للصينيين حمّلت النفط قبل 4 أشهر من فنزويلا، إحدى الدول الأعضاء في منظمة البلدان المصدرة للنفط (أوبك).

القائمة الأميركية السوداء

يونغ يانغ هي واحدة من 3 سفن استأجرتها شركات غير معروفة لتصدير النفط الفنزويلي واستخدمت وثائق مزورة لإخفاء مصدرها، وفقًا لرويترز.

نفط فنزويلا
الشريكة في مكتب المحاماة وينستون آند ستروون، كاري ستينباور - الصورة من الموقع الإلكتروني لمكتب المحاماة

واتهمت السلطات الأميركية اثنتين من تلك الناقلات، بما في ذلك يوانغ يونغ، بانتهاك العقوبات المفروضة على إيران، أحد أقرب حلفاء فنزويلا.

ويزيد استخدام وثائق مزورة لإخفاء شحنات مصدرها دول خاضعة للعقوبات، بما في ذلك فنزويلا وإيران، من مخاطر الامتثال لشركات النفط والتجارة وسط انتشار العقوبات الدولية.

وقالت الشريكة في شركة المحاماة وينستون آند ستروون، كاري ستينباور، التي تقدّم المشورة إلى شركات النفط والتجارة حول كيفية الامتثال للعقوبات: "أصبح من الواضح الآن أنه لا يمكن الوثوق بشهادات المنشأ حتى إذا رافقت وثائق حكومية رسمية".

وكانت يوانغ يونغ واحدة من عدة ناقلات أدرجتها وزارة الخزانة الأميركية في القائمة السوداء في 3 نوفمبر/تشرين الثاني 2022، بصفتها جزءًا من "شبكة تهريب" استخدمت وثائق مزورة لشحن النفط الإيراني لتمويل الحرس الثوري وحزب الله.

وصنّفت وزارة الخزانة الأميركية الناقلة على أنها أصول مجمدة، واضعة مالكها شركة تكنولوجي برايت المسجلة في جزر مارشال تحت العقوبات.

وقالت ستينباور -التي عملت سابقًا مستشارًا قانونيًا في مكتب مراقبة الأصول الأجنبية التابع لوزارة الخزانة الأميركية-، إن استخدام الوثائق المزورة لإخفاء مصدر الشحنات كان نهج إيران لتجنّب العقوبات الأميركية، مستشهدة بقضايا عملت فيها بصفتها محامية تجارية.

وأضافت أن المسار نفسه يُتبع الآن لشحن النفط الفنزويلي، لكنها رفضت الإدلاء بمزيد من التفاصيل.

كيف يتدفق نفط فنزويلا إلى الأسواق العالمية؟

أظهرت وثائق شركة النفط الفنرويلية المملوكة للدولة بدفسا أن سفينة تُدعى "كومونا" حملت 1.98 مليون برميل من النفط من ميناء خوسيه الفنزويلي في المدة من 11 إلى 21 مايو/أيار من العام الماضي 2021.

ومع ذلك، عرّف موقع المراقبة المستقلة (تانكر تراكيرز.كوم)، المتخصص في تحليل تحركات السفن للتأمين وأبحاث مالكي السفن، باستخدام صور الأقمار الصناعية، السفينة باسم يونغ يانغ.

وقال مالك الشركة سمير مدني، إن الصور تُظهر أن اسم السفينة قد تم طلاؤه، لكن يمكن التعرُّف على الناقلة بسبب الأقواس البيضاء المميزة التي تحيط بجسرها، وموقع الرافعات على سطحها وشكل قمعها.

نفط فنزويلا
حقل نفطي تابع لشركة النفط الفنزويلية بدفسا - الصورة من موقع الشركة

وعندما أبحرت يوانغ يونغ من فنزويلا بعد تحميل النفط، أظهر جهاز إرسال الموقع أنها تغادر من ميناء لومي في غرب أفريقيا.

ثم توقفت يوانغ يونغ بالقرب من ماليزيا بين أوائل يوليو/تموز وأغسطس/آب 2021؛ وفي أثناء وجودها هناك في 8 يوليو/تموز، حصلت على شهادة جودة من مختبر سايبولت ومقره سنغافورة، الذي حدّد شحنتها على أنها خام ماليزي ثقيل -له خصائص مماثلة لخام ميري 16 الفنزويلي-.

وتقيس شهادة الجودة بعض خصائص النفط -مثل كثافته ومستويات الكبريت والمعادن فيه- التي تسمح للمشتري بالتأكد من أن الشحنة ضمن مواصفات العقد.

وقالت الشركة الأميركية المالكة لمختبر سايبولت "كور لابوراتورييس"، إنها صادقت على الخام بصفته مزيجًا ماليزيًا من النفط الثقيل، بناءً على الوثائق التي تلقتها من العميل وتحليلها لجودة النفط، وقالت الشركة إنه لم يكن لديها سبب للتشكك في مصداقية هذه البيانات.

العقوبات الأميركية على فنزويلا

قالت السلطات الإندونيسية في أوائل نوفمبر/تشرين الثاني الجاري 2022، إن السفينة يوانغ يونغ جنحت قبالة جزر رياو في 26 أكتوبر/تشرين الأول، وكانت تحمل زيت الوقود الفنزويلي، ومن المُرجّح أنها كانت تحاول الوصول إلى "نيباه"، وهي محطة نقل شهيرة من سفينة إلى أخرى بالقرب من المياه الإندونيسية.

وقال الرئيس التنفيذي لشركة ميرسك تانكرز، كريستيان إم إنغرسليف، إن بعض السفن كانت تعمل خارج نطاق الرادار لخدمة البلدان الخاضعة للعقوبات، وأحيانًا دون تأمين مناسب.

وقدّر سمسار السفن، "برايمار" -الذي يتخذ من لندن مقرًا له- إجمالي الأسطول الذي يخدم إيران وفنزويلا، على الرغم من العقوبات الأميركية، بأكثر من 200 ناقلة، بما في ذلك نحو 82 ناقلة عملاقة، مثل يونغ يانغ التي يمكنها حمل ما يصل إلى مليوني برميل من النفط.

وفرضت الولايات المتحدة عقوبات على تجارة النفط في فنزويلا في عام 2019، بسبب استيلاء الحزب الاشتراكي الموحّد على الحكومة، ومنع السياسيين المعارضين -في كثير من الحالات- من تولي مناصبهم، وواصلت واشنطن الضغط على الزعيم الاشتراكي نيكولاس مادورو لإجراء انتخابات نزيهة والإفراج عن السجناء السياسيين.

وقالت الولايات المتحدة الأميركية الأسبوع الماضي، إنها قد تخفّف العقوبات على فنزويلا إذا كان هناك تقدم في المحادثات بين حكومة مادورو والمعارضة.

صادرات نفط فنزويلا

جعل استخدام مجموعة واسعة من التكتيكات -بما في ذلك الوثائق وأسماء السفن المزيفة وعمليات نقل الشحنات من سفينة إلى سفينة في البحر- فنزويلا قادرة على تصدير أكثر من 360 مليون برميل من النفط الخام والوقود منذ فرض العقوبات الأميركية على الدولة الواقعة في أميركا الجنوبية.

نفط فنزويلا
ناقلة نفطية - الصورة من موقع splash247

ويمثّل ذلك أكثر من ثلثي إجمالي صادرات نفط فنزويلا في عام 2019 حتى أكتوبر/تشرين الأول 2022، وذهب الباقي إما مباشرة إلى حليفتها كوبا وإما إلى وجهات أخرى في منطقة البحر الكاريبي وأوروبا بموجب إعفاءات من العقوبات الأميركية.

وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية -تعليقًا على تدفق نفط فنزويلا للأسواق العالمية عبر وثائق مزيفة-: "عقوباتنا على فنزويلا ما تزال سارية".

وأدرجت وثائق بدفسا في مايو/أيار 2021، يونشو ماريتيم ليمتيد، على أنها مستأجر الناقلة كومونا، الاسم الذي استخدمته يوانغ يونغ، لتحميل خام فنزويلا في ذلك الشهر.

ولم تقدّم مستندات الشحن وفواتيره الخاصة بشركة بدفسا أي وسيلة للاتصال بشركة بونشو ماريتيم ليمتيد.

واستأجرت يونشو ماريتيم ليمتيد -أيضًا- ناقلة عملاقة أخرى حملت نفط فنزويلا في مايو/أيار 2021 تحت اسم "جوي".

تغيير هوية السفن

حدّد موقع "تانكر تراكرز" تلك السفينة على أنها الناقلة "أديسا" التي ترفع العلم البنمي، والتي أُدرجت -أيضًا- على القائمة السوداء هذا الشهر من قبل وزارة الخزانة الأميركية، لتورطها في نقل النفط الإيراني.

وقالت وزارة الخزانة الأميركية، إن السفينة تابعة لشركة مملوكة من قبل فيكتور أرتيموف، وهو مواطن أوكراني يشرف على شبكة من شركات التغطية المستخدمة في بيع النفط الإيراني الخاضع للعقوبات وتوجيه العائدات إلى الحرس الثوري وحزب الله.

وأبحرت أديسا من غرب أفريقيا، في أوائل يونيو/حزيران 2021 باتجاه ماليزيا، ثم توقفت السفينة في كوالالمبور بين يوليو/تموز وأوائل سبتمبر/أيلول، ثم أوقفت جهاز الإرسال والاستقبال لمدة أسبوع تقريبًا قبل أن تعود للظهور بالقرب من ميناء تشينغداو الصيني في منتصف سبتمبر/أيلول، إذ أفرغت حمولتها.

وتظهر وثيقة شحن السفينة التي أصدرتها شركة ويست أتلانتيك بورت سيرفيسز في توغو، أن الناقلة أديسا حملت 1.89 مليون برميل من نفط غرب أفريقيا الخام الثقيل.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق