طاقة متجددةتقارير الطاقة المتجددةرئيسية

الطاقة المتجددة في أوروبا تواجه رياحًا معاكسة تهدد أهداف 2030

محمد عبد السند

اقرأ في هذا المقال

  • تتسارع معدلات استعمال مصادر الطاقة المتجددة في أوروبا
  • هناك تحديات تعرقل ازدهار الطاقة المتجددة في أوروبا
  • أوروبا تقود العالم في استعمال تقنيات الطاقة المتجددة
  • تُعدّ معدلات التضخم القياسية وأسعار الفائدة المرتفعة أبرز العوامل التي تقوّض ازدهار الطاقة المتجددة في أوروبا
  • نجحت أوروبا في توليد كميات كبيرة من الطاقة المتجددة خلال السنوات الأخيرة

تتزايد الرهانات على مصادر الطاقة المتجددة في أوروبا في إنجاح جهود التحول الأخضر الذي يرتكز على توليد الكهرباء النظيفة المستدامة واستبدالها بالوقود الأحفوري، بما يُحقق أهداف الحياد الكربوني، وتعزيز أمن الطاقة في ظل عالم تتسارع فيه التعقيدات الجيوسياسية تسارعًا غير معهود.

وخلال الأعوام الأخيرة، نجحت أوروبا في توليد كميات كبيرة من الطاقة المتجددة؛ ما أسهم في تلبية حصة متزايدة من الطلب المحلي المتنامي على الكهرباء النظيفة، وتعزيز حصتها في مزيج الطاقة الوطني.

لكن -ووسط كل تلك الصورة المشرقة التي تحيط الطاقة المتجددة في أوروبا- تطفو على السطح مجموعة من التحديات التي قد تعترض –حال تُركت دون حلّ- طريق النمو والتنمية في صناعة الطاقة الخضراء، بما في ذلك ارتفاع التكاليف نتيجة الزيادة في أسعار الفائدة، وما نتج عنها من مستويات تضخم قياسية.

رياح معاكسة

تقود أوروبا العالم في استعمال تقنيات الطاقة المتجددة، لكن الرياح المعاكسة قد تعرقل إحراز مزيد من التقدم في هذا المجال، وفقًا لدراسة بحثية حديثة أجرتها مؤسسة مورننغستار، ونشر نتائجها موقع ري نيوز. آي بي زاد (reNEWS.IBZ).

وتغطي الطاقة المتجددة في أوروبا قرابة 20% من إجمالي الطلب على الكهرباء المولدة في بلدان القارة العجوز، وتستهدف الأخيرة توليد ما نسبته 42.5% من إجمالي الطلب على الكهرباء، باستعمال المصادر المتجددة بحلول نهاية العقد الجاري (2030).

ومع ذلك، تبرز رياح خلفية دفعت الطاقة المتجددة في أوروبا في العقد الماضي، لتصل إلى مستواها الحالي، وتتحول -الآن- لتصبح رياحًا معاكسة، بحسب نتائج الدراسة.

ويُقصد بالرياح الخلفية Tailwind تلك الرياح التي تهب في اتجاه حركة الجسم، لذلك فإنها تزيد من سرعته؛ ومن ثم تقلل من الوقت اللازم للوصول إلى الوجهة المطلوبة.

محطة شمسية عائمة
محطة شمسية عائمة - الصورة من electrek

الطاقة المتجددة ليست رخيصة

وجدت الدراسة أن مصادر الطاقة المتجددة ليست رخيصة التكلفة، كما يُشاع غالبًا، وفق ما طالعته منصة الطاقة المتخصصة.

ورغم أن تكاليف تقنيات الطاقة المتجددة قد سجلت هبوطًا حادًا، فإن الكُلفة الحقيقية لأيّ مشروعات ذات صلة تتوقف على عوامل عدّة، من بينها الجغرافيا، وكثافة رأس المال، والكلفة الرأسمالية؛ ما يؤدي إلى تداخل كبير في التكاليف لكل مصدر من مصادر الطاقة المتجددة.

وسجلت تكاليف طاقة الرياح البحرية ارتفاعًا نسبته 50% بفضل زيادة معدلات بناء مزارع الرياح، والتكاليف الرأسمالية؛ ما قاد في النهاية إلى تقويض المشروعات، وإعادة التفاوض بشأن تلك المشروعات، إلى جانب فشل المزادات.

ويجب أن تشهد أسعار الطاقة المتجددة في أوروبا ارتفاعًا كبيرًا لضمان تحقيق الأهداف المتجددة؛ نظرًا لأنه من غير المرجح أن تعود إلى مستوياتها السابقة.

وصعدت تكاليف طاقة الرياح البحرية، نتيجة أسعار التوربينات التي ارتفعت في العام الماضي (2022) في أعقاب سنوات من التراجعات.

ولا تتوقع الدراسة عودة إلى المستويات السابقة؛ ما سيواصل الضغط على تكاليف الرياح البحرية، ويهدد بتعريض مستهدفات الطاقة المتجددة للخطر.

تأخير التراخيص

يقف تأخير منح التراخيص الخاصة بإقامة المشروعات حجر عثرة في طريق تحقيق مستهدفات الطاقة المتجددة بأوروبا؛ إذ تعاني القارة العجوز من بعض أطول مُدد التراخيص في العالم، وهي تزيد كثيرًا عن مُددها الطبيعية.

وسيكون من الصعب بالنسبة للطاقة الشمسية أن تسدّ الفجوة التي خلّفتها التكاليف المرتفعة، والتأخيرات في تنفيذ مشروعات الرياح البحرية، نظرًا للمخاطر المقترنة بها.

وتبرز الطاقة الشمسية أكثر كلفةً في شمال أوروبا مقارنةً بجنوب القارة، حيث تزداد أهمية طاقة الرياح البحرية لكونها تتيح توليد كميات أعلى من الكهرباء بمعدل أقلّ من التقلبات.

مزرعة رياح بحرية
مزرعة رياح بحرية - الصورة من vox

التضخم وسعر الفائدة

تُعدّ معدلات التضخم القياسية وأسعار الفائدة المرتفعة أبرز العوامل التي تقوّض ازدهار الطاقة المتجددة في أوروبا؛ إذ إن كلا العاملين يرفعان التكاليف بدرجة كبيرة؛ ما يهدد تطوير المشروعات الحالية والمستقبلية، لا سيما طاقة الرياح البحرية.

ويأتي هذان العاملان مقترنين بالتأخيرات المستمرة في تراخيص المشروعات بأنحاء أوروبا، مع إدخال برامج دعم أكبر تجعل الولايات المتحدة الأميركية مقصدًا جاذبًا أكثر للمستثمرين والمطورين.

وقال كبير محللي الأسهم في مورننغستار تانكريد فولوب: "إن تسريع وتيرة استعمال المصادر المتجددة في أوروبا خلال العقد الماضي، الذي يمنح أوروبا دورها الريادي في هذا القطاع الحيوي، جاء مدفوعًا بنوعين من الرياح الخلفية: أسعار الفائدة المنخفضة وتكاليف البناء".

وأوضح فولوب: "منذ نهاية عام 2021، تغيَّر هذان النوعان من الرياح الخلفية، وأصبحا عقبتين".

وأضاف: "علاوة على ذلك، جعل قانون خفض التضخم الولايات المتحدة الأميركية أكثر تنافسًا مقارنةً بأوروبا، من حيث تصنيع مصادر الطاقة المتجددة وتطويرها".

وتابع: "أخيرًا، ربما تخسر الأحزاب صديقة البيئة والمناخ أغلبية مؤيديها في الانتخابات البرلمانية بالاتحاد الأوروبي المقرر عقدها في يونيو/حزيران (2024)، وهو ما قد يكون نذير شر بالنسبة لأسعار غاز ثاني أكسيد الكربون".

نمو الطاقة النظيفة

تُظهر مصادر الطاقة المتجددة في أوروبا، وتحديدًا دول الاتحاد الأوروبي، نموًا ملحوظًا؛ إذ صعد إسهامها في توليد الكهرباء بنسبة 13% في النصف الأول من العام الحالي (2023)، مقارنة بالمدة ذاتها من عام 2022.

ومن بين مصادر الطاقة المتجددة في أوروبا، استحوذت طاقة الشمس والرياح على ما نسبته 30% من توليد الكهرباء، للمرة الأولى في شهري مايو/أيار ويوليو/تموز (2023).

ولامست البلدان مستويات قياسية في إنتاج الكهرباء المولدة بالطاقة المتجددة -أيضًا-، إذ بلغت تلك النسبة 50% في اليونان ورومانيا، في حين تخطّت 75% في الدنمارك والبرتغال.

وأوصى التقرير حكومات الاتحاد الأوروبي بضرورة تسريع وتيرة بناء وتركيب الألواح الشمسية وتوربينات الرياح، إلى جانب إدخال تحسينات في شبكات الكهرباء وتعزيز إنتاج البطاريات.

توربين رياح
توربين رياح - الصورة من electrek

معضلة التريليوني دولار

أثبتت دراسة بحثية حديثة أن أوروبا تستطيع فطم نفسها عن الوقود الأحفوري، وتبنّي قطاع طاقة مستدامًا ذاتيًا عبر ضخ نحو تريليوني يورو (2.1 تريليون دولار أميركي) على مشروعات الطاقة الشمسية، والرياح والموارد المتجددة الأخرى، بحلول نهاية العقد الرابع من الألفية الحالية (2040)، وفق ما أوردته وكالة رويترز.

(اليورو = 1.05 دولارًا أميركيًا).

وأظهر التقرير، الذي قاده معهد بوتسدام لبحوث التأثيرات المناخية، أن أوروبا ستحتاج إلى ضخ استثمارات سنوية قدرها 140 مليار يورو (نحو 147 مليار دولار) بحلول نهاية العقد الحالي (2030)، إلى جانب 100 مليار يورو (قرابة 105 مليارات دولار) سنويًا في العقد التالي، للتخلص عن الوقود الأحفوري.

وفي حين تحتاج أوروبا إلى معظم هذا المبلغ للتوسع في مشروعات الرياح البرية، تبرز موارد الطاقة الشمسية والهيدروجين والطاقة الحرارية ركائز إضافية لإستراتيجية من شأنها أن تساعد دول القارة على توليد جميع احتياجاتها من الكهرباء من مصادر الطاقة المتجددة بحلول عام 2030.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق