التغير المناخيالتقاريرتقارير التغير المناخيرئيسية

التعهدات المناخية بدعم "اخضرار" اقتصادات آسيا الناشئة.. هل تذهب أدراج الرياح؟

نوار صبح

اقرأ في هذا المقال

  • البلدان المتقدمة التزمت بدعم التحول الأخضر لكنها كانت دائمًا أقل من التوقعات.
  • يصعب تقديم تمويل المناخ العام والخاص على الصعيد الدولي.
  • دعم التمويل المحلي لانتقال الطاقة واجه نكسات بسبب مخاوف تتعلق بأمن الطاقة.
  • يمكن للاقتصادات النامية تعزيز الالتزامات السياسية والتنظيمية لتسريع تحول الطاقة.

لم تصل التعهدات المناخية التي كررتها الدول المتقدمة بدعم التحول الأخضر في العديد من الاقتصادات الآسيوية الناشئة إلى مستوى التوقعات؛ حيث يتطلب تحقيق الأهداف المناخية وتعزيز التنمية الاقتصادية مليارات الدولارات. وقد تعهّدت الدول المتقدمة بـ100 مليار دولار أميركي سنويًا بحلول عام 2020 لدعم العمل المناخي في البلدان النامية.

وأشار مقال جديد نشره منتدى شرق آسيا (إي إيه إف) للأستاذ المشارك مدير مركز التمويل والتنمية الأخضر بجامعة فودان الصينية كريستوف نيدوبيل، والباحثة الزائرة في المركز منغدي يو، إلى أن إندونيسيا تتطلب نحو 281 مليار دولار أميركي من التمويل من عام 2018 إلى عام 2030 -أو نحو 22 مليار دولار أميركي سنويًا- لتحقيق مساهماتها المحددة وطنيًا وتقليل انبعاثات غازات الاحتباس الحراري بنسبة 43.20% بدعم دولي.

وذكر الكاتبان أن العديد من الاقتصادات الآسيوية؛ بما في ذلك إندونيسيا وفيتنام، تتفاوض بشأن شراكة انتقال الطاقة العادلة (جيه إي تي بي)، وفق المعلومات التي رصدتها منصة الطاقة المتخصصة.

وتشمل شراكة انتقال الطاقة العادلة في إندونيسيا مبلغ 10 مليارات دولار أميركي ضمن تعهدات القطاع العام من أعضاء مجموعة الشركاء الدوليين والجهات الفاعلة الأخرى مثل الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة واليابان وكندا والدنمارك وفرنسا وألمانيا وإيطاليا والنرويج والمملكة المتحدة.

وتتضمّن تلك الشراكة التزامًا بتقديم 10 مليارات دولار إضافية من التمويل الخاص. ويرى الكاتبان أن الاعتماد فقط على مثل هذه التعهدات المناخية يُشكِّل مخاطر على المناخ الوطني والتقدم التنموي بسبب الضبابية وإشارات التراجع من جانب البلدان المتقدمة.

إدراك التحديات

تحتاج إندونيسيا والاقتصادات الآسيوية الناشئة الأخرى إلى إدراك التحديات المرتبطة بتسريع تنفيذ التزامات تمويل المناخ.

وقال الأستاذ المشارك مدير مركز التمويل والتنمية الأخضر بجامعة فودان الصينية كريستوف نيدوبيل، والباحثة الزائرة في المركز منغدي يو، إنه يصعب تقديم تمويل المناخ العام والخاص على الصعيد الدولي.

وأوضحا أن تمويل المناخ هذا غالبًا ما يفتقر إلى التزامات سيادية محددة ويعتمد على تحليل المخاطر والعائد لاستثمارات القطاع الخاص.

وأضافا أن هذا يتناقض مع نهج الصين في الجمع بين التمويل العام و"التجاري" من خلال بنوك السياسات والشركات المملوكة للدولة، بحسب ما نشره منتدى شرق آسيا (إي إيه إف) في 14 أغسطس/آب الجاري.

وتابعا قولهما إنه حتى مع التمويل الدولي للمناخ من خلال شراكة انتقال الطاقة العادلة، يصبح تمويل مشروعات الطاقة الخضراء واسعة النطاق تحديًا بسبب زيادة مخاطر الصرف الأجنبي. وهذا يحد من قدرة المؤسسات المالية المحلية على تقديم قروض طويلة الأجل.

صعوبة الحصول على الضمانات السيادية

أشار الأستاذ المشارك مدير مركز التمويل والتنمية الأخضر بجامعة فودان الصينية كريستوف نيدوبيل، والباحثة الزائرة في المركز منغدي يو، إلى أنه من الصعب الحصول على الضمانات السيادية، التي تُعَد ضرورية للتخفيف من مخاطر المشروعات الكبيرة، بسبب مخاطر الديون السيادية.

وقالا إن هيمنة الشركات المملوكة للدولة في أسواق الطاقة بمعظم البلدان النامية الآسيوية تقيّد مشاركة المستثمرين من القطاع الخاص في مشروعات الكهرباء وشبكاتها.

في المقابل، واجه دعم التمويل المحلي لانتقال الطاقة نكسات بسبب مخاوف تتعلق بأمن الطاقة وسط ارتفاع أسعار الطاقة.

وقد أدّى ذلك إلى زيادة إنتاج الفحم في إندونيسيا والتراجع عن الالتزامات بعدم إنتاج فحم جديد في دول مثل باكستان.

لذلك؛ يمكن للاقتصادات الآسيوية النامية النظر في إستراتيجيات لمواجهة هذه التحديات مثل تعزيز الالتزامات وتخفيف مخاطر الاستثمار وتحسين آليات السوق والتعاون مع الشركاء الإقليميين، بحسب ما رصدته منصة الطاقة المتخصصة.

الفيضانات في العاصمة الإندونيسية جاكرتا بعد هطول أمطار غزيرة
الفيضانات في العاصمة الإندونيسية جاكرتا بعد هطول أمطار غزيرة - الصورة من أسوشيتد برس

تسريع التحول إلى الطاقة الخضراء

يمكن للاقتصادات النامية تعزيز الالتزامات السياسية والتنظيمية لتسريع التحول إلى الطاقة الخضراء.

وفي الوقت نفسه لا يستطيع المستثمرون ذوو التوجهات الخضراء -بما في ذلك مؤسسات تمويل التنمية- تقديم تمويل لتحويل الفحم بشكل موثوق بينما لا يتم تقليل الدعم السياسي للفحم.

وجرى تسليط الضوء على هذا الجانب في مسودة يونيو/حزيران 2023 لتحالف غلاسكو المالي من أجل دليل الحياد الكربوني للإزالة المُمنهجة للفحم في منطقة آسيا والمحيط الهادئ.

وينص الدليل على أن الأساس لجذب التمويل الأخضر وتحول الفحم هو ضمان "مصداقية انتقال الطاقة ذات الصلة والتزامات وخطط التخلص التدريجي من الفحم".

ويمكن أن تساعد شراكات تغير المناخ الحالية مع المنظمات متعددة الأطراف أو البلدان الثنائية -مثل شراكة إندونيسيا مع النرويج- في تعزيز المؤسسات المحلية وبناء القدرات.

وتتمثل الإستراتيجية الأخرى للاقتصادات النامية في تعزيز التعاون بين الشركاء الماليين المحليين والدول المانحة الرئيسة للتخفيف من مخاطر الاستثمار. ويمكن تحقيق ذلك من خلال أدوات دعم التحوط من العملات وأدوات الضمان لجذب المستثمرين من القطاع الخاص.

على صعيد آخر، أكّدت المناقشات الأخيرة في قمة ميثاق التمويل العالمي الجديد في باريس أهمية آليات التمويل المبتكرة.

ويمكن لتطوير آليات التمويل المبتكرة أن يأخذ في الحسبان تصنيف التمويل المستدام لرابطة أمم جنوب شرق آسيا مع نظام إشارات المرور الذي يدعم الاستغناء عن الفحم وإطار العمل المالي المستدام الجديد في إندونيسيا. وهذا من شأنه أن يساعد في البناء على الخبرة السابقة لبنك إندونيسيا في إصدار السندات الخضراء.

لذلك يجب تحسين آليات السوق لجذب مستثمرين من القطاع الخاص عبر سلسلة إمداد الطاقة الخضراء. ويمكن أن يؤدي تقديم الحوافز الضريبية لمشروعات الطاقة الخضراء، وتسريع المفاوضات بشأن اتفاقيات شراء الطاقة الخضراء وضمان أولوية المدفوعات لتوفير الكهرباء الخضراء، إلى جذب هذه الاستثمارات الخاصة.

كما يمكن أن يؤدي تشجيع استثمارات التحول الأخضر في الشركات المملوكة للدولة من خلال الشراكات الدولية إلى تعزيز أدوات التمويل الأخضر.

ويتعين على الاقتصادات النامية أن تسعى إلى التعاون مع شركاء إقليميين -مثل الصين وكوريا الجنوبية- للحصول على تمويل إضافي لمشروعات الطاقة المتجددة.

إن استثمارات الصين المتزايدة في مشروعات الطاقة الخضراء والطاقة الكهرومائية الخارجية -فضلًا عن جهودها "لتخضير" مبادرة الحزام والطريق- تجعلها شريكًا إقليميًا مهمًا.

إضافة إلى ذلك، يمكن للشراكات بين الصين وإندونيسيا، بدعم من التحالف الدولي للتنمية الخضراء لمبادرة الحزام والطريق والمعهد الإندونيسي لإصلاح الخدمات الأساسية، تسريع الاستثمارات الصينية الخضراء في إندونيسيا.

من ناحيتها، تُعَد كوريا الجنوبية شريكًا إقليميًا واعدًا في التعاون المناخي بفضل التزامها بدعم صندوق المناخ الأخضر في تقديم ما مجموعه 30.3 مليار دولار أميركي لمشروعات المناخ في البلدان الشريكة.

ويتطلب التعجيل الناجح بتخضير نظام الطاقة في الاقتصادات الآسيوية الناشئة قدرًا كبيرًا من الإرادة والمخاطرة لمعالجة القيود المالية والسياسية بالإضافة إلى اعتبارات الانتقال المهمة.

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق