طاقة متجددةتقارير الطاقة المتجددةرئيسية

صناعة الرقائق الإلكترونية الآسيوية تائهة في مسار التحول الأخضر

محمد عبد السند

اقرأ في هذا المقال

  • شركات صناعة الرقائق الإلكترونية في آسيا عاجزة عن استعمال مصادر الطاقة المتجددة
  • موارد الطاقة المتجددة محدودة في آسيا
  • تحتاج صناعة الرقائق الإلكترونية إلى كميات كبيرة جدًا من الكهرباء
  • صناعة الطاقة المتجددة في آسيا تواجه تحديات عديدة
  • أوقعت الحرب الروسية الأوكرانية أسواق الطاقة في سلسلة من الاضطرابات

تجد صناعة الرقائق الإلكترونية الآسيوية نفسها غير قادرة على تبني مصادر الطاقة المتجددة في عملياتها التي تحتاج إلى كميات هائلة من الكهرباء، ما يهدد بتقويض قدرة هذا القطاع على الوفاء بأهدافه البيئية.

وتواجه تلك الصناعة بالغة الحساسية في آسيا مجموعة من التحديات التي تعترض مسارها نحو الوصول إلى أهداف الحياد الكربوني، مثل عدم توافر مساحات الأراضي الكافية لتنفيذ المشروعات ذات الصلة، إلى جانب محدودية موارد الطاقة الخضراء.

وفي ضوء هذا السيناريو، تعاني صناعة الرقائق الإلكترونية الآسيوية -ممثلة في عمالقة الصناعة بالقارة- عدم الوصول الكافي إلى مصادر الطاقة المتجددة في أسواقها المحلية، ما جعلها تتخلف عن كل منافساتها في الولايات المتحدة الأميركية وأوروبا في سباق خفض الانبعاثات الكربونية، حسبما ذكر موقع صحيفة نيكي آسيا NIKKEI ASIA.

ويتطلب تصنيع الرقائق الإلكترونية، لا سيما المتطورة منها، استعمال كميات كثيفة من الكهرباء. لكنّ شركتي "تي إس إم سي" التايوانية، أكبر مُصنع للرقائق الإلكترونية في العالم، وسامسونغ إلكترونيكس الكورية الجنوبية، رائدة صناعة رقائق الذاكرة في العالم، تكافحان من أجل خفض بصمتهما الكربونية في السوق المحلية.

وقال رئيس "تي إس إم سي"، مارك ليو، إن تباطؤ تايوان في تطوير الطاقة المتجددة يقوّض قدرة شركته على تحقيق أهدافها البيئية، خلال تصريحات أدلى بها في الاجتماع العام السنوي للشركة.

مقر شركة "تي إس إم سي"
مقر شركة "تي إس إم سي" - الصورة من بلومبرغ

تايوان تفتقر إلى الطاقة الخضراء

ذكر رئيس شركة "تي إس إم سي"، مارك ليو، أن "مصانعنا الخارجية في الولايات المتحدة الأميركية والصين تشهد تحولًا ملموسًا في استعمال الطاقة الخضراء بالكامل".

وأوضح: "ومع ذلك لم نتحول بعد إلى استعمال الطاقة الخضراء في تايوان، الواقع يقول إن بلادنا ليست لديها طاقة خضراء كافية كي نستعملها".

وأضاف ليو، أن الدَّفعة التي تتلقاها صناعة الرقائق الإلكترونية في عموم تايوان لاستعمال الطاقة المتجددة قد زادت مؤخرًا، لا سيما في أعقاب اندلاع الحرب الروسية- الأوكرانية.

وتابع: "إنها منافسة بين الاقتصادات كافّة، بدءًا من الولايات المتحدة الأميركية واليابان إلى أوروبا، لتطوير الطاقة الخضراء".

وأوقعت الحرب الروسية الأوكرانية التي اندلعت شرارتها الأولى في 24 فبراير/شباط (2022)، أسواق الطاقة في سلسلة من الاضطرابات، إذ تُعد روسيا مُصدرًا للنفط والغاز الطبيعي.

كوريا الجنوبية في ورطة

قالت سامسونغ، إن كوريا الجنوبية هي واحدة من بين أكثر دول العالم التي تواجه تحديات في نشر مصادر الطاقة المتجددة، نظرًا إلى خيارات الشراء المحدودة المتاحة أمام الشركات هناك، مستشهدةً برأي جماعي من جانب أعضاء مبادرة الطاقة المتجددة العالمية للشركات "ري إي 100".

وأعلنت شركة إس كيه هاينكس الكورية الجنوبية لصناعة الرقائق الإلكترونية، أنها استعملت 4% من الطاقة المتجددة في عملياتها خلال العام قبل الماضي (2021)، في حين استقرت تلك النسبة عند 0.02% فقط بالنسبة إلى شركة كيوكسيا اليابانية إبان الشهور الاثنى عشر الممتدة إلى مارس/آذار (2022).

مقر شركة سامسونغ
مقر شركة سامسونغ - الصورة من r2.community.samsung

موارد محدودة لصناعة الرقائق الإلكترونية

من الممكن أن تُنتج موارد الطاقة المتجددة المحدودة رقائق إلكترونية آسيوية الصنع أقل صداقة للبيئة قياسًا بنظيرتها المُصنعة في أي من الولايات المتحدة الأميركية وأوروبا، وهو الشيء الذي يثير قلق العملاء بدرجة كبيرة.

وفي هذا السياق قالت الرئيسة التنفيذية لشركة غلوبال ويفرز التايوانية -ثالث أكبر شركة مصنعة للرقائق الإلكترونية في العالم- دوريس هسو، إن هناك طلبًا متناميًا من جانب العملاء، لا سيما شركات تصنيع الرقائق الإلكترونية الأوروبية، على شراء الرقائق التي يجري تصنيعها بالطاقة الخضراء.

ولدى غلوبال ويفرز منشآت تصنيع في 9 دول في آسيا والولايات المتحدة الأميركية وأوروبا.

وأوضحت هسو: "سيكون هذا توجهًا طويل الأجل، وسيؤثر في القدرة التنافسية للشركة. وستكون الطاقة المتجددة عاملاً كافيًا في اجتذاب شركتك الطلبيات في المستقبل".

وتابعت: "سيقارن العملاء الأسعار والجودة وما إذا كنت تستعمل الطاقة الخضراء".

تحديات عديدة

قالت هسو، إن استعمال الطاقة المتجددة أمر ينطوي على تحديات عديدة في تايوان واليابان وكوريا الجنوبية، مردفة: "هذه البلدان كلها مكتظة بالسكان، وليس من السهل أبدًا الحصول فيها على الأراضي الكافية أو المساحات الواسعة على أسطح المنازل والمباني وتخصيصها لإنتاج موارد الطاقة المتجددة مثل المحطات الشمسية".

وبالمثل قال مسؤول تنفيذي في صناعة الرقائق الإلكترونية الكورية الجنوبية: "في معظم البلدان الآسيوية، يكون الوصول إلى طاقتي الشمس والرياح محدودًا"، مشيرًا إلى أنه "ليس من السهل -أيضًا- شراء طاقة متجددة من دول أخرى نتيجة القيود الجغرافية والدبلوماسية".

وتعهدت شركات سامسونغ و"تي إس إم سي" و"إس كيه هاينكس" باستعمال طاقة متجددة بنسبة 100% في عملياتها العالمية بحلول أواسط القرن الحالي (2050).

رقائق دقيقة
رقائق إلكترونية - الصورة من جابان تايمز

وإلى ذلك تستهدف شركة إنتل الأميركية العاملة في تصنيع الرقائق الإلكترونية، وشركتا إنفينيون تكنولوجيز" و"إس تي ميكروإلكترونيكس" الأوروبيتان، الوصول إلى المستهدف نفسه بحلول أواخر العقد الجاري (2030)، بحسب تحليل أجرته "نيكي إيجا".

وأبدت كيوكسيا وسوني اليابانيتان، العاملتان في تصنيع الرقائق الإلكترونية، التزامهما باستعمال الطاقة المتجددة بالكامل بحلول عام 2040، وهو ما يجيء متأخرًا كذلك مقارنة بنظيرتيهما في أوروبا.

ومن الممكن أن يؤثر نقص الطاقة المتجددة في خرائط طريق شركات الرقائق الإلكترونية في الوصول إلى أهداف الحياد الكربوني.

وفي هذا السياق مثّل استعمال الكهرباء ما نسبته 62% من انبعاثات الكربون من قبل شركة "تي إس إم سي"، وفق بيان الشركة.

وفي معرض تعقيبه على ذلك، قال رئيس "تي إس إم سي"، مارك ليو، إن شركته تعكف على تقييم أفضل السُبل لتقديم موعد تحقيق المستهدف الخاص باستعمال الكهرباء النظيفة بنسبة 100% إلى ما بين عامي 2030 و2050.

ومثّل توليد الكهرباء بالغاز الطبيعي والفحم والوقود 82.41% من إجمالي احتياجات الكهرباء في تايوان عام 2022، في حين استحوذت الطاقة المتجددة على ما يزيد قليلًا على 8%، وفق البيانات الصادرة عن مكتب الطاقة في تايوان.

الطاقة النووية

تمضي تايوان في مسار التخلص التدريجي من استعمال الطاقة النووية بحلول أواسط العقد الجاري (2025). وتُعد الطاقة النووية مصدر طاقة منخفض الكربون، وقد شكّلت أكثر قليلًا من 8% من إجمالي مزيج الطاقة في العام الماضي (2022).

وتجد كوريا الجنوبية نفسها في وضع مشابه. إذ مثلت مصادر الطاقة المتجددة بها ما نسبته 8.95% فقط من الإنتاج في عام 2022، وفق بيانات شركة "كوريا إلكتريك باور".

في المقابل استحوذت الطاقة النووية والوقود الأحفوري على نحو 90% من إنتاج الكهرباء في البلاد.

محطة نووية
محطة نووية - الصورة من أفريكا إنرجي بورتال

أميركا والاتحاد الأوروبي

حصلت الولايات المتحدة الأميركية على 22% من إجمالي احتياجاتها من الكهرباء من مصادر الطاقة المتجددة في عام 2022، رغم أن 78% من تلك الكهرباء ما تزال تأتي من مصادر الوقود الأحفوري والطاقة النووية، وفق أرقام صادرة عن إدارة معلومات الطاقة الأميركية، طالعتها منصة الطاقة المتخصصة.

ومثّلت الطاقة المتجددة ما نسبته 41% من الكهرباء المولدة في بلدان الاتحاد الأوروبي عام 2021، وفق بيانات رسمية.

لكن وبأخذ إجمالي مزيج الطاقة في دول التكتل في الحسبان، من بينها الواردات، تكون الطاقة المتجددة قد شكّلت أكثر قليلًا من 17%، بحسب بيانات.

وقد يؤثر هذا في الاستثمارات، كما يهدد طلبيات الموردين الآسيويين من العملاء العالميين أمثال آبل وغوغل ومايكروسوفت التي التزمت جميعها باستعمال كهرباء متجددة بنسبة 100% بحلول عام 2025، وبالفعل تدفع تلك الكيانات سلاسل إمداداتها نحو تيسير سبل تحقيق هذا الهدف.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق