أنسيات الطاقةالتقاريرتقارير النفطسلايدر الرئيسيةنفط

أنس الحجي: الصين تستغل مخزون النفط لكبح الأسعار.. وهذا حجمه فوق الأرض وتحتها (صوت)

أحمد بدر

قال مستشار تحرير منصة الطاقة المتخصصة، خبير اقتصادات الطاقة الدكتور أنس الحجي، إن الصين -صاحبة مخزون النفط العملاق- استوردت كميات ضخمة من النفط الروسي الرخيص وكررته ثم باعت المواد المكررة إلى أوروبا، وهي خطوة جاءت في وقت تحظر فيه أوروبا النفط القادم من موسكو.

وأضاف -في حلقة من برنامج "أنسيّات الطاقة"، قدّمها بعنوان "هل تنافس روسيا السعودية ودول الخليج في الصين؟"- أن الأمر نفسه فعلته بكين مع الولايات المتحدة، إذ صدرت إليها النفط الروسي بعد تكريره، أي أن الخام الروسي يصل إلى أوروبا وأميركا إلى يومنا هذا، رغم الحظر المفروض عليه.

ولفت إلى أنه بما أن الفرق تضاءل بين واردات الصين ومخزون النفط لديها، فهذا يعني أن استهلاكها للخام كان أقل، ومن ثم كان النمو الاقتصادي أقل بكثير مما توقعه المحللون، إذ أشارت كل البيانات إلى أن بكين استوردت كميات أكبر عندما انخفضت الأسعار، واستوردت كميات أقل عند ارتفاعها.

مخزون النفط في الصين

تساءل مستشار تحرير منصة الطاقة الدكتور أنس الحجي: إذا كان الاقتصاد ينمو واستوردت الصين كميات أكبر أو أقل، فمن أين جاء الفارق أو من أين سيُغطى هذا الفارق؟

مخزون النفط في الصين

وأوضح الدكتور أنس الحجي، أن الفكرة بسيطة، إذ إن زيادة الواردات تعني زيادة مخزون النفط في الصين، وبالتالي في المدة المقبلة عندما ترتفع الأسعار تفرج بكين عن المخزون، سواء كان من التجاري أو الإستراتيجي، ويستعملونه.

ونوه بأن هذه الخطوة تخفض الواردات، بما يعني خفض الطلب على النفط ونفط الخليج خاصة، وهو ما يخفض أسعار النفط أو يمنعها على الأقل من الارتفاع، في هذه الحالة يكون مخزون النفط هو الذي يمكّن بكين من توفير إمدادات النفط عندما تكون الأسعار مرتفعة، ولكن هذه الإمدادات لا تأتي من الواردات، وإنما من النفط المخزن في الداخل.

وتابع: "الأمر الآخر أنه لا أحد يعرف كميه مخزون النفط في الصين، سواء الإستراتيجي أو التجاري، فهذه أسرار قومية لا يعرفها أحد، وكل المعلومات المتاحة عن الأمر تكون من الأقمار الصناعية، وهي أرقام شبه دقيقة، لأن التقنيات تقدمت بصورة كبيرة، فيمكن الحساب بالضبط، وهناك تقنيات التصوير، ولكن النوع المتقدم هو الحراري".

وأضاف: "بعبارة أخرى، نستطيع معرفة كميات المخزونات -حتى لو كان سقف المخزون غير متحرك، لأن أسطوانات التخزين الضخمة بعضها يتحرك سقفه وبعضها ثابت- إذ إن هناك تقنية حرارية في الأقمار الصناعية تعرف كمية المخزون الموجودة، لذلك لدينا معلومات كافية من هذا النوع".

ولكن -وفق الحجي- المعلومات التي لا يعرفها أحد بالضبط، وتخضع فقط للتقديرات، هي: ما الذي يُصنف على أنه مخزون النفط التجاري، وما الذي يمكن تصنيفه على أنه المخزون الإستراتيجي في البلد الواقع بجنوب شرق آسيا.

ويوضح الرسم البياني التالي -من إعداد منصة الطاقة المتخصصة- حجم الطلب على النفط في الصين خلال المدة بين 2012 و2023:

الطلب على النفط في الصين

 

بالإضافة إلى ذلك، هناك كميات تحت الأرض، وهي مغاور نفطية، تماثل المخزون الإستراتيجي في الولايات المتحدة، تُقدر كميته بنحو 125 مليون برميل الآن، وذلك بسبب زيادة بكين مخزونها بصورة كبيرة، بعد أن استوردت كميات كبيرة من النفط الروسي، بحسب ما قال الدكتور أنس الحجي.

ولفت إلى أن إجمالي مخزون النفط في الصين، سواء تحت الأرض أو فوقها يُقدر بنحو 1.1 مليار برميل، وهي كميات تكفي العالم بالكامل لعدة أشهر، وفي المقابل، تمتلك الولايات المتحدة، أكبر مستهلك للنفط عالميًا، مخزونًا يُقدر بنحو 850 مليون برميل، أي أن الصين تتصدر في هذا الجانب أيضًا.

هل تستغل الصين مخزونها الآن؟

قال خبير اقتصادات الطاقة الدكتور أنس الحجي، إن كل البيانات توضح أن الصين تشتري النفط عندما تنخفض الأسعار وتخفض الشراء عندما ترتفع، والخلاف هنا حول إمكان استغلالها مخزونها لمنع الأسعار من الارتفاع بعد وصولها إلى 85 دولارًا للبرميل، ومن ثم تنخفض المخزونات هناك.

وأضاف: "هناك إشكاليات عدة في هذا الموضوع، الأولى أن المسؤولين في بكين أخبروا نظراءهم في السعودية أنهم لن يستعملوا المخزون الإستراتيجي إلا إذا ارتفعت أسعار النفط بصفة كبيرة، ربما فوق 100 دولار، وهناك احتمال كبير أن هذه العبارة صحيحة، ولكن تعريف المخزون الإستراتيجي هناك مطاط".

وفسر ذلك بأن المخزون في أميركا نوعان؛ التجاري والإستراتيجي، والفروق واضحة بينهما تمامًا، فالمخزون التجاري تملكه الشركات ولا تتحكم فيه الحكومة على الإطلاق، في حين المخزون الإستراتيجي تملكه الحكومة الفيدرالية، ومنح الكونغرس الرئيس جو بايدن حاليًا صلاحية التحكم به كما يشاء.

ولكن في الصين -وفق الحجي- تملك الحكومة المخزون التجاري بصورة غير مباشرة، لأن كبرى شركات النفط هناك تملكها الحكومة، وبالطبع هناك قطاع خاص ومصافٍ تابعة له، ولكن من يجرؤ هناك على ألا يتبع الخطوط التي ترسمها الحكومة، وبالتالي ليس هناك فاصل كبير بين المخزونات التجارية والإستراتيجية.

مخزون النفط في الصين
مصفاة نفط في الصين - الصورة من رويترز

ولفت أنس الحجي إلى أنه إذ أرادت الحكومة استعمال مخزون النفط يمكنها استعماله بصفة إستراتيجية مع أن مسماها تجاري، لذلك فإنهم عندما أخبروا السعودية أنهم لن يستغلوا المخزون الإستراتيجي فإن كلامهم صحيح، لأن هذا سيبقى للنهاية، لأن هناك نفطًا آخر سيلجؤون إلى استعماله بصورة إستراتيجية.

وتابع: "هذه هي الإشكالية الأولى، واضح تمامًا أنهم بدؤوا السحب من المخزونات، ومن ثم فإن الطلب على النفط سيبدأ بالانخفاض، وهذا سيمنع الأسعار من الارتفاع، وكنا نتوقع في بداية العام أن يكون هناك ارتفاع للأسعار خاصة في الربع الرابع من العام الحالي، وكان هناك احتمال أن تصل إلى 100 دولار".

والآن -وفق الحجي- انتهى موضوع الـ100 دولار، ولن يحدث هذا السعر في 2023، إلا إذا كان هناك حدث سياسي ضخم في إحدى الدول المنتجة، والسبب هو أن بكين ستستغل المخزونات بصفة كبيرة، سواء تجارية أو إستراتيجية.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق