ما علاقة أسعار النفط بالمخزونات والاحتياطيات؟ وهل تتأثر بالملء الأميركي؟ (صوت)
أحمد بدر
قال مستشار تحرير منصة الطاقة، خبير اقتصادات الطاقة الدكتور أنس الحجي، إن أسعار النفط تتأثر بمخزونات النفط التجارية، إذ إن انخفاض المخزون يرفع الأسعار، وارتفاعه يخفضها، ولكن هناك عوامل أخرى.
جاء ذلك خلال حلقة من برنامج "أنسيات الطاقة"، قدّمها الحجي في موقع تويتر، تحت عنوان "الاحتياطيات والمخزون وأسعار النفط"، وأشار فيها إلى أن المخزون هو ما أُنتِج من النفط الخام، بينما الاحتياطيات هي الكميات الموجودة تحت الأرض، ولم تُنتَج بعد.
وأضاف: "عند الحديث عن تغير المخزون التجاري عمومًا، فإن القاعدة العامة المعروفة أن انخفاض المخزون يزيد الأسعار، وارتفاع المخزون يخفض الأسعار، ولكن بالنظر للبيانات، نجد أن هذه القاعدة لا تحدث دائمًا، ولكن ما يحدث هو التغير غير المتوقع".
وتابع: "بعبارة أخرى، إذا كانت هناك توقعات بانخفاض المخزون ولكنه يخالف التوقعات ويرتفع، فإن أسعار النفط تنخفض بشكل واضح، والعكس، إذا كانت هناك توقعات بارتفاع المخزون وانخفض فجأة، فإن الأسعار تنخفض أيضًا، أمّا إذا وافقت التوقعات الحقيقة فلا تتغير الأسعار".
ما علاقة أسعار النفط بالاحتياطيات؟
قال مستشار تحرير منصة الطاقة المتخصصة الدكتور أنس الحجي، إن هناك علاقة بين أسعار النفط والاحتياطيات، فالنفط شيء غير منتج، لذلك هناك عدّة أمور يجب النظر لها، أولًا بالنسبة للولايات المتحدة، التي كانت -تاريخيًا- أكبر منتجي النفط في العالم في أوقات معينة، ثم خسرت ذلك المركز لصالح دول أخرى.
وأضاف: "عادت أميركا بعد ثورة الصخري، وأصبحت أكبر منتج للنفط في العالم، وأكبر منتج للغاز في العالم، وطبعًا هناك ملكية النفط والغاز خاصة، والتشريعات الحكومية هي الأكثر تقدمًا في العالم لقطاع النفط والغاز، فمن ضمن الأشياء التي حدثت، بما أن أغلب الشركات عامة، تتداول في أسواق الأسهم، فهناك شروط كبيرة من هيئة تنظيم الأسهم والشركات وقوانين وتشريعات".
ومن بين هذه التشريعات، وفق الحجي، أن الشركة لا يمكن أن تعلن أن لديها مثلًا 500 مليون برميل من الاحتياطيات النفطية، ومن ثم يجب أن يكون التقييم بناءً على شروط دقيقة، فلا يمكن إلّا حساب 200 مليون برميل، حتى إن كانت تمتلك 500 مليون بالفعل.
وتابع: "من ضمن هذه الشروط، أنك إذا كنت في منطقة ما توجد فيها احتياطيات، وتريد أن تحفر في هذه المنطقة بعد 10 سنوات، فمن الممنوع حساب النفط الاحتياطي في هذه المنطقة، ولا يمكن حسابه إلّا إذا حدث الحفر بالفعل، وتأكد وجوده".
ويفسّر ذلك، بحسب الحجي، سبب شراء شركة لشركة أخرى بثمن أعلى من سعر السهم، لأن الجميع يعرفون أن هذا النفط موجود بالفعل، ولكن لا يمكن قانونًا إضافته إلى الاحتياطيات، وهذا أمر مرتبط بالقوانين، التي تمنع الشركات من تقييم أصولها إلّا بناءً على القيمة السوقية.
وأردف: "تاريخيًا لم يكن الأمر كذلك، ولكن لأسباب معينة تغيرت هذه القوانين قبل 17 أو 18 عامًا مضت، بحيث يجري التقييم حسب الأسعار السوقية، وطبعا هناك معادلة معينة تؤخّذ فيها المتوسطات الربعية لحساب هذه المعادلة".
وفسّر أهمية هذه الخطوة، بأنه إذا انخفضت الأسعار إلى 20 دولارًا، بناءً على هذه المعادلة التي فرضتها الهيئة المنظمة لأسواق الأسهم، فإن قيمة السهم تنخفض لتعبّر عن سعر 20 دولارًا، ومن ثم كل الاحتياطيات التي لا يمكن إنتاجها تُقيّم على السعر نفسه، ويجب حذفها إذا كانت الاحتياطيات 500 مليون برميل.
وأشار إلى أنه يجب هنا تقييم ما يمكن إنتاجه فقط على سعر 20 دولارًا، "فإذا افترضنا إنتاج 100 مليون فقط، ومن ثم يجب تخفيض الاحتياطيات وإعلان احتياطيات جديدة أقلّ بكثير من ذي قبل، بسبب انخفاض أسعار النفط، رغم أن هذا نفط غير منتَج، ولكن قيمة الشركة تنخفض بشكل كبير".
والعكس صحيح، فإذا ارتفعت أسعار النفط إلى 150 دولارًا، وبقيت على هذا السعر لمدة طويلة، فإن قيمة الشركات ترتفع بشكل كبير دون سبب، رغم أن الاحتياطيات نفسها وعدد الموظفين نفسه، والتكاليف نفسها، ولكن القانون يسمح بتقييم الشركة حسب السعر الجديد، ومن ثم تؤثّر الأسعار في الاحتياطيات.
أثر ملء المخزون الإستراتيجي الأميركي
يرى الدكتور أنس الحجي، أن ملء المخزون النفطي الإستراتيجي الأميركي لن يؤثّر في أسعار النفط، إذ إن قرار إدارة بايدن مؤخرًا بشراء 3 ملايين برميل من النفط المتوسط الحامض، ووضعها عروضًا لشراء 9 ملايين برميل أخرى، أحدث تخبّطًا كبيرًا في الأسواق.
وأوضح أن ملء المخزون الأميركي إذا ترك تأثيرًا فإنه سيكون ضعيفًا جدًا، وذلك لعدّة أسباب، أولها أن الكميات التي ستشتريها الولايات المتحدة قليلة، فهي قد سحبت خلال عام 2022 نحو 211 مليون برميل من المخزون الإستراتيجي، وهناك قرار من الكونغرس ببيع كميات كل عام، أوقِفَ بعضها الآن لتمويل إدارة المخزون.
يقول الدكتور أنس الحجي: "الإشكال هنا أنهم لا يريدون إعادة المخزون لما كان عليه وقت جورج بوش الابن، أو في بداية عهد ترمب، فأيّ ملء للمخزون يكون بحدود 60 إلى 90 مليون برميل فقط، وهذه كميات قليلة، وأثرها في السوق قليل، ولكن يصبح أقلّ لو عرفنا أنه لا يمكنهم شراء هذه الكميات فجأة، ويضمونها للمخزون، لأن كمية الضخ يحكمها وجود 4 أماكن أو 4 محطات للمخزون الإستراتيجي.
وأضاف أن أقصى ما يمكن ضخّه في كل محطة نحو 100 ألف برميل يوميًا فقط، فإذا كانت هناك مشكلة تقنية لا يمكن شراء كميات كبيرة، ويجب أن تُشترَى على مدى طويل من الزمن، ويُضَخّ فقط 100 ألف برميل في كل واحدة، أي يمكنهم ضخّ 400 إلى 450 ألف برميل يوميًا فقط، وليس أكثر من ذلك، وهذا بفرض أن كل الأمور تسير على ما يرام.
ولكن، وفق الحجي، إذا كانت هناك محطتان مملوءتان، لا يمكنهم ضخ أكثر من 200 ألف برميل يوميًا، ومن ثم فإن شراء 60 أو 90 مليون يعني أنهم يحتاجون أشهرًا طويلة، ومن ثم يتوزع الأثر على مدة طويلة من الزمن، ويتلاشى أثر هذه الكميات في أسعار النفط.
ولفت إلى مواصلة الصين ملء مخزونها المرتفع بشكل كبير، إذ إنها تستعمله في حالة ارتفاع الأسعار، مضيفًا: "سبق أن أشرنا إلى أن السعودية بتخفيضها الطوعي تحدد أرضية أسعار النفط، بينما الصين بسحبها من المخزون الإستراتيجي هي من يحدد سقف الأسعار".
ومن ثم، فإن أسعار النفط ستكون في نطاق معين، وهذا النطاق في النصف الثاني من العام الجاري 2023 سيكون أعلى من الأسعار الحالية، فهو وضع أفضل، ولكن الذين يعوّلون على أسعار عالية تتراوح بين 120 و130 دولارًا، لن يتحقق مبتغاهم، لأن الصين ستستعمل مخزونها الإستراتيجي لمنع ذلك.
موضوعات متعلقة..
- وزير النفط الهندي: تخفيضات أوبك+ لم ترفع أسعار النفط لعدة أسباب
- مضاربون يراهنون على تراجع أسعار النفط مجددًا رغم "الخفض الطوعي"
- تقرير يتوقع ارتفاع أسعار النفط وانخفاض المعروض 2 مليون برميل يوميًا
اقرأ أيضًا..
- مصادر لـ"الطاقة": السعودية تمدد خفض إنتاج النفط مليون برميل يوميًا
- الطاقة الشمسية في بنغلاديش بديلًا للديزل في أنظمة الري.. لأول مرة
- "الكاميرا الخلفية" تدفع هوندا لاستدعاء 1.3 مليون سيارة.. غالبيتها في أميركا
النفط الى افول وبالتحديد سعره ، الامل فقط بالقطاع الصناعي الصيني الى حين تطور فكرة الهيدروجين وبعدها على الوقود الاحفوري السلام ، اما قطاع النقل والكهرباء السكنية فيحدث تحول خطير لمن يريد ان يرى