مقالات الكهرباءالمقالاتسلايدر الرئيسيةكهرباءمقالات النفطنفط

حرق زيت الوقود يهدد إيران بالمخاطر (مقال)

أومود شوكري - ترجمة: نوار صبح

اقرأ في هذا المقال

  • • استمرار استعمال الوقود غير التقليدي في محطات الكهرباء يهدد حياة المواطنين الإيرانيين.
  • • آثار تلوث الهواء المباشرة تظهر بشكل أكبر عند الأطفال وكبار السن ومرضى القلب.
  • • 14 من أصل 16 محطة كهرباء في إيران تستعمل زيت الوقود.
  • • السبب الرئيس للتلوث في هواء طهران يُعزى إلى جسيمات أصغر من 2.5 ميكرونًا.

اعتُبِر قطع إمدادات الغاز عن محطات الكهرباء، وزيادة حرق زيت الوقود، من العوامل المساهمة في الموجة الحرجة لتلوث الهواء في إيران خلال الشتاء الماضي.

وقد فرضت البلاد قيودًا على استهلاك الغاز، بسبب إمداد المدن الباردة بهذا الوقود؛ ما أدى إلى استهلاك وحرق زيت الوقود في محطات توليد الكهرباء.

وأدى هذا الوضع، إلى جانب التحديات المتعلقة بالعقوبات في البلاد، إلى زيادة استهلاك وحرق زيت الوقود؛ حيث تعتمد عليه 14 من أصل 16 محطة للكهرباء الآن.

وأصدرت اللجنة المعنية بالمادة 90 التابعة لمجلس الشورى الإسلامي في إيران مؤخرًا تقريرًا تضمّن تحذيرًا من مخاطر استمرار استعمال الوقود غير التقليدي في محطات الكهرباء على حياة المواطنين الإيرانيين. وصدرت الدراسة في الأسبوع الأخير من شهر يونيو/حزيران.

تجدر الإشارة إلى أن زيت الوقود يُعَد نوعًا من زيوت الأفران ذات جودة منخفضة ولزوجة عالية.

ويُستعمَل في محطات الكهرباء الحرارية والتطبيقات المماثلة، وتبيع المصافي هذا المنتج للصناعات بسعر منخفض جدًا.

زيت الوقود وتلوث الهواء

يزيد استعمال الوقود الملوث مثل حرق زيت الوقود من تلوث الهواء في إيران، وتظهر آثاره المباشرة بشكل أكبر عند الأطفال وكبار السن ومرضى القلب. ويمكن أن يسبب أعراضًا تنفسية مثل التهاب الشعب الهوائية الحاد، لدى الأشخاص الأصحاء.

وأدت المستويات العالية من تلوث الهواء في إيران إلى تأثيرات قصيرة المدى مثل السعال والتهاب الحلق.

تلوث الهواء الناتج عن حرق زيت الوقود في إيران
تلوث الهواء الناتج عن حرق زيت الوقود في إيران

وفقًا لتقرير اللجنة المعنية بالمادة 90 التابعة لمجلس الشورى الإسلامي في إيران، لا تفتقر وزارة الطاقة الإيرانية إلى استعمال مصادر الطاقة المتجددة فحسب، بل يزداد اعتمادها على حرق زيت الوقود.

وسلّط المتحدث باسم اللجنة المعنية بالمادة 90، التي تشرف تحديدًا على أداء الحكومة والقضاء والبرلمان، الضوء على هذه المخاوف.

ردًا على ذلك، أكّدت اللجنة الضرورة الملحة لمعالجة تلوث الهواء في إيران بشكل كبير، وحثّت على إنفاذ التدابير التشريعية لمكافحة التلوث وآثاره السلبية.

قانون منع تلوث الهواء في إيران

كان تنفيذ قانون منع تلوث الهواء في إيران، الذي سُنّ في عام 1995، وقانون الهواء النظيف اللاحق لعام 2017 ناقصًا وغير فعال؛ ما أدى إلى انخفاض أيام الهواء النظيف في المدن الإيرانية الكبرى مثل طهران.

في وقت سابق، قدّمت اللجنة المعنية بالمادة 90 لدى مجلس الشورى الإسلامي الإيراني تقارير مفصلة عن تشريعات تلوث الهواء في إيران إلى البرلمان وقدمت توصيات لحل المشكلة.

ويركز تقرير حديث، قيد التحقيق حاليًا من جانب السلطات القانونية، على إيجاد حلول قصيرة الأجل ومتوسطة الأجل للتخفيف من آثار تلوث الهواء في إيران، خاصة المدن الكبرى، بهدف تخفيف الضرر الناجم عن التلوث مع مراعاة الظروف الحالية.

وسُنَّ قانون الهواء النظيف في إيران في عام 2017؛ ما يلزم الهيئات التنفيذية المختلفة مثل وزارة الداخلية ووزارة النفط ووزارة الطاقة باتخاذ تدابير للسيطرة على تلوث الهواء في إيران.

على صعيد آخر، كان من المفترض أن يكون قانون الهواء النظيف، الذي صدر في عام 2017 في عهد الرئيس الإيراني، آنذاك، حسن روحاني، بمثابة خطة تفصيلية لحل المشكلات البيئية في إيران. من بين أمور أخرى، استهدف القانون استعمال الديزل عن طريق خفض نِسَب الكبريت المسموح بها في زيت الوقود بشكل كبير.

وينتقد التقرير تقاعس هذه المؤسسات والوزارات عن معالجة قضية تلوث الهواء. وفقًا لتقرير اللجنة المعنية بالمادة 90، تعتمد 14 من أصل 16 محطة كهرباء في إيران على حرق زيت الوقود؛ ما يؤدي إلى زيادة تلوث الهواء.

ويحدد التقرير عدة عوامل؛ بما في ذلك فشل وزارة النفط في تطبيق معايير حرق زيت الوقود في محطات توليد الكهرباء وعدم امتثال الوقود المنتج محليًا للمعايير الوطنية.

إضافة إلى ذلك؛ فإن استعمال وزارة الطاقة المحدود لمصادر الطاقة المتجددة وإهمال وزارة الزراعة لإجراءات مثل إنشاء أحزمة خضراء يزيدان الوضع سوءًا. لم تصدر مؤسسة المعايير الوطنية إرشادات لمنع استيراد الوقود غير القياسي، منتهكة قانون الهواء النظيف.

ويسلط التقرير الضوء على التكلفة التقديرية للوفيات والأمراض الناتجة عن تلوث الهواء في إيران بالجسيمات، مؤكدًا الحاجة إلى اتخاذ إجراءات.

معالجة تلوث الكبريت

حثت اللجنة المعنية بالمادة 90 لدى مجلس الشورى الإسلامي الإيراني وزارة النفط على معالجة التلوث الكبريتي الناتج عن استهلاك وحرق زيت الوقود والبنزين والديزل، على الرغم من الظروف الاستثنائية في البلاد بسبب العقوبات.

ودَعَت اللجنة وزارة الصناعة والتعدين والتجارة الإيرانية إلى التخلص التدريجي من المركبات والدراجات النارية القديمة.

ولا يزال تلوث الهواء في إيران بشكل شديد، ولا سيما في مدن مثل طهران ومشهد وأصفهان، يمثل أزمة مستمرة. إزاء ذلك، تتذرع الحكومة الإيرانية بالعقوبات بصفتها عائقًا أمام الوفاء بالالتزامات الدولية والامتثال للقوانين المحلية، بما في ذلك قانون الهواء النظيف.

ويُعزى انخفاض عدد الأيام النظيفة في طهران إلى استعمال الوقود وحرق زيت الوقود غير القياسي في الصناعات ومحطات الكهرباء.

انبعاثات حرق زيت الوقود قاتلة

تُعَد الانبعاثات الناتجة عن حرق زيت الوقود سامة وقاتلة، ووصفت الأمم المتحدة حرقه في إيران بأنه انتهاك لحقوق الإنسان.

انبعاثات كربونية كثيفة ناتجة عن حرق زيت الوقود
انبعاثات كربونية كثيفة ناتجة عن حرق زيت الوقود

وأشارت إلى أن السلطات الأمنية الإيرانية كانت قلقة من تأثير نقص الغاز خلال فصل الشتاء في تأجيج السخط العام، والذي كان عاملًا في الاحتجاجات على مستوى البلاد.

ومن بين العوامل الرئيسة التي أسهمت في أزمة تلوث الهواء في إيران عدم كفاءة الحكومة، وانتشار الفساد، وعدم الرغبة في تبني تجارب الدول الأخرى في تحسين نوعية الهواء، والامتناع عن استيراد سيارات نظيفة.

وبحسب تقرير اللجنة المعنية بالمادة 90 لدى مجلس الشورى الإسلامي الإيراني، ازداد عدد الأيام غير الصحية لـ"المجموعات الحساسة" من 89 يومًا إلى 115 يومًا، منذ بداية السنة التقويمية الإيرانية 2018 حتى 2022.

ويسلّط التقرير الضوء على الزيادة في عدد الأيام غير الصحية والخطرة للغاية من 2020 إلى 2021، فضلًا عن تفاقم الظروف غير الصحية لجميع الفئات.

وأكد المتحدث باسم اللجنة الحاجةَ الملحّة لموازنة ضخمة لمكافحة تلوث الهواء في جميع أنحاء البلاد.

ولا تغطي متطلبات الموازنة هذه سوى الجزء الحكومي، بينما من المتوقع أن تسهم مصادر التمويل الإضافية في إجمالي المبلغ المطلوب.

وتسهم عوامل مثل تكاليف الرعاية الصحية في ظل العقوبات، وارتفاع التضخم، ونقص الأدوية، وانخفاض قيمة العملة في العبء المالي الكبير.

التكلفة الاقتصادية للوفيات

قدر تقرير حديث صادر عن وزارة الصحة والعلاج والتعليم الطبي الإيرانية، بالتعاون مع مركز أبحاث جودة الهواء وتغير المناخ، التكلفة الاقتصادية للوفيات الناتجة عن تلوث الجسيمات الدقيقة المعروفة باسم بي إم 2.5.

وتشير تكلفة هذه الملوثات إلى مادة جسيمية بقطر يساوي أو أقل من 2.5 ميكرومتر في إيران وقُدّرت بنحو 3.11 مليار دولار في عام 2021.

إضافة إلى ذلك، سلط التقرير الضوء على متوسط التكلفة الاقتصادية للوفيات الناجمة عن التعرض طويل الأمد لجسيمات بي إم 2.5 في طهران وحدها، لتصل إلى نحو 3.4 مليار دولار في العام نفسه.

وأكد التقرير مشكلة استعمال أنواع وقود منخفضة الجودة مثل وقود النفط وفشل منظمات التقييس في منع استيراد الوقود دون المعايير المناسبة.

وسلّط التقرير الضوء على إهمال المسؤوليات من جانب مؤسسات مثل وزارة الزراعة وعدم وجود برامج تثقيفية وتوعوية لدى هيئة الإذاعة الوطنية الإيرانية (آي آر آي بي) فيما يتعلق بتلوث الهواء. وأشار التقرير إلى الزيادة المقلقة في تكاليف الرعاية الصحية الناتجة عن تلوث الهواء.

قصور تنفيذ القوانين البيئية

على الرغم من هذه الأرقام المثيرة للقلق؛ فإن تنفيذ القوانين البيئية والالتزامات المتعلقة بالميزانية قاصر.

وقد نُفِّذ أقل من 10% من الأحكام القانونية الـ60 المنصوص عليها في قانون الهواء النظيف من جانب منظمة حماية البيئة.

بالإضافة إلى ذلك، فشلت هيئة التخطيط والموازنة في الوفاء بالتزاماتها حتى ديسمبر/كانون الأول 2021، وتركت الأموال المخصصة البالغة 320 مليار ريال إيراني (7,57 مليون دولار) دون استعمال.

ويُعزى السبب الرئيس للتلوث في هواء طهران إلى جسيمات أصغر من 2.5 ميكرون، ناشئة عن صناعات وأنظمة نقل عفا عليها الزمن.

ويكمن الأمر المثير للدهشة في أن وزارة الصحة لم تتخذ إجراءات كافية لمعالجة هذه القضية الملحّة.

وعلى الرغم من وجود اتجاه تنازلي في التركيز السنوي للجسيمات الأصغر من 2.5 ميكرونًا منذ عام 2009؛ فإن المستويات لا تزال تتجاوز الحدود المسموح بها.

مرافق للكهرباء في إيران
مرافق للكهرباء في إيران - الصورة من (Financial Tribune)

من ناحيتها، لم تفرض وزارة النفط المعايير اللازمة لاستعمال الوقود النفطي في محطات توليد الكهرباء، ولم يتم توفير الوقود المنتج في البلاد بما يتوافق مع المعايير الوطنية المعتمدة.

ولم تستعمل وزارة الطاقة مصادر الطاقة المتجددة بشكل فعّال؛ ما أدى إلى زيادة الاعتماد على الوقود النفطي بسبب العقوبات.

يُذكر أن مشكلة تلوث الهواء في إيران ستتفاقم في فصلي الخريف والشتاء المقبلين وتُشكّل خطرًا جَسيمًا على صحة السكان بسبب توقف المفاوضات النووية، ولم تُرفَع العقوبات بعد أو لأن إيران لا تزال تعاني نقص الغاز الطبيعي.

* الدكتور أومود شوكري، كبير مستشاري السياسة الخارجية والجغرافيا السياسية للطاقة، مؤلف كتاب "دبلوماسية الطاقة الأميركية في حوض بحر قزوين: الاتجاهات المتغيرة منذ عام 2001".

*هذا المقال يمثّل رأي الكاتب، ولا يعبّر بالضرورة عن رأي منصّة الطاقة.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق