المقالاتغازمقالات الكهرباء

نقص الغاز يهدد إيران بـ8 أزمات كبرى (مقال)

أومود شوكري - ترجمة: نوار صبح

اقرأ في هذا المقال

  • • زيادة الطلب والقيود على الإنتاج تؤدي إلى اختلال موسمي في الغاز
  • • إيران تمتلك حاليًا 22 حقلًا للغاز بحجم يُقدَّر بنحو 34 تريليون متر مكعب
  • • إيران ستواجه مشكلات أكثر خطورة فيما يتعلق بإمدادات الغاز إذا استمرّ النمط الحالي
  • • ستبدأ إيران في استيراد الغاز الطبيعي من تركمانستان بدءًا من شهر يونيو/حزيران
  • • من المتوقع أن يخفّف استيراد الغاز التركماني الضغط على إنتاج الغاز المحلي في إيران
  • • حقل بارس الجنوبي يؤدي دورًا مهمًا في تلبية الطلب المحلي على الغاز في إيران

تعاني إيران اختلالًا موسميًا في كميات الغاز الطبيعي بسبب زيادة الطلب والقيود على الإنتاج، رغم امتلاك البلاد ثاني أكبر احتياطي تقليدي للغاز في العالم، إضافة إلى 22 حقلًا للغاز بحجم يُقدَّر بنحو 34 تريليون متر مكعب، ولا تُعدّ جميع هذه الاحتياطيات قابلة للاستغلال من الناحية التشغيلية.

في العقدين الماضيين، وبمتوسط زيادة سنوية قدرها 7% في إمدادات الغاز الطبيعي، خُصِّصَ 75% من سلة الطاقة في طهران للغاز الطبيعي.

ولم يُنفّذ التخطيط الكافي للحدّ من النمو غير المنضبط للطلب والاستهلاك للغاز الطبيعي في مختلف قطاعات الدولة.

بين الموسمين الدافئ والبارد، يبلغ متوسط التباين الشهري في استهلاك الغاز الطبيعي في إيران نحو 220 مليون متر مكعب يوميًا.

وستواجه البلاد مشكلات أكثر خطورة فيما يتعلق بإمدادات الغاز إذا استمر النمط الحالي، خصوصًا خلال الأشهر الباردة، إذ تتطلب معالجة مشكلة الاضطراب الموسمي مزيجًا من إدارة العرض والطلب ومراقبة الاستهلاك.

تخزين الغاز في إيران

يُعدّ تخزين الغاز الطبيعي أحد الحلول الرئيسة لمعالجة الاختلال الموسمي للغاز من جانب العرض.

ولا يساعد دور تخزين الغاز في حل مشكلة الاختلال الموسمي، بل يسهم باستقرار وأمن إمدادات الغاز وإدارة الشبكة.

محطة لمعالجة الغاز الطبيعي في إيران
محطة لمعالجة الغاز الطبيعي في إيران – الصورة من وكالة شانا الإيرانية

وتمثّل سعة تخزين الغاز، في المتوسط، 11% من إجمالي استهلاكه في جميع أنحاء العالم، وتبلغ هذه النسبة في المتوسط 23% في الدول الأوروبية، ولكنها لا تتعدى 1.4% في إيران.

وتشير التقارير التي نشرها مركز أبحاث مجلس الشورى الإسلامي الإيراني إلى أن الغاز الطبيعي سينفد من إيران بمقدار 616 مليون متر مكعب يوميًا خلال فصل الشتاء بحلول عام 2041، نظرًا للاعتماد المتزايد للعديد من الصناعات على الغاز الطبيعي.

وبغضّ النظر عن المخاوف الاقتصادية، فإن هذه المشكلة لا تطرح فقط مشكلات خطيرة لإمدادات الغاز في البلاد، ولكنها تعرّض أمن الطاقة للخطر.

وستسهم زيادة تخزين الغاز الطبيعي وحقن الغاز في هذه الخزانات خلال المواسم الدافئة بشكل كبير في إمداد الغاز المستدام خلال المواسم الباردة، لأن الطلب على الغاز يختلف بشكل كبير بين المواسم الباردة والدافئة.

في المقابل، يُعدّ القطاعان السكني والتجاري مسؤولَين أساسًا عن الفروق اليومية في استهلاك الغاز بنحو 220 مليون متر مكعب يوميًا بين الأشهر الأكثر دفئًا وبرودة، إذ يكون الاستهلاك في أكثر الشهور برودة أعلى بـ6.7 أضعاف مما هو عليه في الشهر الأكثر دفئًا.

ويُخَزَّن حاليًا 1.4% فقط من إجمالي استهلاك الغاز الطبيعي في خزانات الدولة التي تستوعب نحو 3.4 مليار متر مكعب.

وتشير دراسة الدول المنتجة والمستهلكة للغاز إلى أن تصحيح الاختلالات الموسمية وضمان الإمداد المستدام للغاز من بين أولوياتها القصوى، فكلما زادت سعة تخزين لدى الدولة، زاد اعتمادها على واردات الغاز.

إيران تستورد الغاز الطبيعي من تركمانستان

أعلن وزير النفط الإيراني جواد أوجي، الأسبوع الماضي، أنه بدءًا من شهر يونيو/حزيران، ستبدأ إيران في استيراد الغاز الطبيعي من تركمانستان، وفقًا لمقال إخباري نُشر بموقع وكالة شانا الإيرانية.

أحد حقول الغاز الطبيعي في تركمانستان
أحد حقول الغاز الطبيعي في تركمانستان – المصدر: بيزنس تركمانستان

يهدف هذا القرار إلى معالجة أزمة نقص الغاز الطبيعي في إيران، ومن المتوقع أن يخفف استيراد الغاز التركماني الضغط على إنتاج الغاز المحلي في إيران ويلبي الطلب المتزايد على الغاز في البلاد.

بِدَوْره، أكد الرئيس الإيراني، إبراهيم رئيسي، خلال زيارة رئيس مجلس الشعب للجمعية الوطنية لتركمانستان، قربان قولي بردي محمدوف، إلى طهران، إمكان تعزيز التعاون الثنائي بين إيران وتركمانستان.

وذكر رئيسي أن البلدين يتمتعان بقدرات كبيرة لتعزيز الروابط الاقتصادية، لا سيما في مجالات الطاقة والصناعة والنقل، مؤكدًا أهمية الاستفادة من هذه القدرات لتقوية الاقتصاد الإقليمي خدمة لمصالح الشعب.

وأعرب عن استعداده لتوسيع التعاون مع تركمانستان، وشدد على الحاجة إلى تنسيق أوثق وجهود مشتركة للاستفادة من الإمكانات والفرص غير المستغلة لتحقيق المنفعة المتبادلة.

وأكد رئيسي أهمية تعزيز الشراكات القوية والتعاون متبادل المنفعة بين إيران وتركمانستان في مختلف القطاعات لتحقيق النمو الاقتصادي والازدهار المشترك.

في ظِلّ للعقوبات المستمرة والمستقبل الغامض للاتفاق النووي الإيراني، يمكن لإيران فقط معالجة جزء من نقص الغاز الطبيعي عن طريق استيراد الغاز الطبيعي من تركمانستان أو روسيا.

وأكد جواد أوجي أن استيراد الغاز من تركمانستان سيؤدي إلى زيادة ضغط شبكة الغاز في الجزء الشمالي الشرقي من البلاد.

وقال: "اليوم، خلال مفاوضاتنا مع نظرائنا التركمان، أجرينا مناقشات مثمرة بشأن تطوير حقول النفط والغاز وتقديم الخدمات الفنية والهندسية"، "وستُوَقَّع الاتفاقات التي تمّ التوصل إليها بحضور الرئيسين في وقت لاحق اليوم".

وفي معرض إشارته إلى جهود وزارة النفط في معالجة الاختلال اليومي للغاز الذي يقارب 240 مليون متر مكعب في الدولة، أوضح أوجي توقيع عقود مثمرة لتطوير حقول غاز مستقلة ومشتركة لزيادة إنتاج الغاز.

ومن المتوقع أن يضاف 30 إلى 40 مليون متر مكعب من الغاز للإنتاج اليومي هذا العام، بالإضافة إلى ذلك، كان هناك تركيز كبير على الإسراع في تنفيذ مشروعات تخزين الغاز، وخصوصًا في المنطقة الشمالية الشرقية منذ بداية الحكومة الـ13.

أسهم نقص الاستثمار في مرافق التخزين في السنوات الأخيرة، لا سيّما في المناطق ذات الاستهلاك المرتفع خلال المواسم الباردة، بتفاقُم تحديات اختلال توازن الغاز.

مستقبل المرحلة 11 من حقل بارس الجنوبي

واجهت المرحلة 11 من حقل بارس الجنوبي للغاز في إيران -الواقع في الخليج العربي- تحديات كبيرة في تطويره، وتشمل هذه التحديات التأخيرات الناجمة عن العقوبات والمسائل التعاقدية.

وقد سعت إيران إلى التعاون مع الشركات الدولية لمعالجة هذه العقبات، لكن انسحاب شركة الطاقة الفرنسية توتال إنرجي، بسبب العقوبات، أبطأ المشروع.

حقل بارس الجنوبي في إيران
حقل بارس الجنوبي في إيران - الصورة من "شانا"

ردَّا على ذلك، تولّت الشركتان المحليتان الإيرانيتان -بتروبارس وشركة النفط الوطنية الإيرانية- مسؤولية تطوير المرحلة 11، وضمان تقدّمها، على الرغم من النكسات.

ويمثّل تطوير المرحلة 11 أمرًا حيويًا للاقتصاد الإيراني وقطاع الطاقة، إذ يُعدّ حقل جنوب فارس للغاز أحد أكبر الحقول في العالم، ويؤدي دورًا مهمًا في تلبية الطلب المحلي على الغاز في إيران، وتعزيز صادراتها من الغاز.

وعلى الرغم من مواجهة التحديات، من المتوقع أن يستمر تطوير المرحلة 11، وإن كان ذلك بوتيرة أبطأ. وتُعدّ إيران مصممة على الاستفادة من قدراتها المحلية وجذب المستثمرين الأجانب المحتملين لتعزيز تقدّم المشروع، ولا يمكن التقليل من أهمية حقل غاز بارس الجنوبي، لأنه يحمل أهمية كبيرة لقطاع الطاقة الإيراني والنمو الاقتصادي العام.

بعد تأخير دام عقدين من الزمن في التطوير، لم تصل المرحلة 11 من حقل بارس الجنوبي للغاز في إيران إلى مرحلة الإنتاج بعد.

وتأمل إدارة الرئيس الإيراني، إبراهيم رئيسي، أنه بحلول الصيف المقبل ستكون هذه المرحلة جاهزة للعمل بكامل سعتها، ومن ثم حلّ جزء كبير من أزمة نقص الغاز الطبيعي في إيران عبر إنتاج الغاز الطبيعي من هذا الحقل.

ويمكن لهذا التقدم في تطوير المرحلة 11 من حقل بارس الجنوبي، بالإضافة إلى تلبية احتياجات إيران المحلية، أن يسهم في زيادة صادرات الغاز الإيرانية إلى الأسواق العالمية.

ويُزعم أنه مع الانتهاء من هذه المرحلة، ستعزز إيران قوّتها ونفوذها بصفتها واحدة من منتجي الغاز الطبيعي الرائدين في السوق العالمية.

وتتضمن خطة التنمية السابعة في إيران مشروعًا في قطاع النفط والغاز بقيمة 160 مليار دولار، ويهدف المشروع إلى معالجة التحديات والعقبات بتطوير صناعة النفط والغاز في البلاد.

على صعيد آخر، تشمل الخطة جوانب مختلفة، مثل الاستكشاف والإنتاج والتكرير وتوزيع موارد النفط والغاز، وتركّز على زيادة الطاقة الإنتاجية المحلية، وتحسين الكفاءة، وتقليل الاعتماد على الواردات في قطاع الطاقة.

ومن المتوقع أن يعزز المشروع الاقتصاد الإيراني، ويخلق فرص عمل، مع تعزيز الاكتفاء الذاتي للبلاد في تلبية احتياجاتها من الطاقة.

في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، حذّر تقرير لجنة الطاقة في البرلمان الإيراني من أن نقص الغاز في البلاد قد يؤدي إلى 8 أزمات كبرى.

وتشمل هذه الأزمات ما لا يقلّ عن 70% تخفيض في إنتاج الكهرباء، وإغلاق الصناعات الثقيلة، مثل الصلب والألمنيوم والصناعات المعدنية الأخرى، فضلًا عن مصانع البتروكيماويات.

وستؤدي الأزمات إلى تعليق الخدمات العامة والحضرية، بما في ذلك المخابز ومراكز الخدمة الأخرى، واضطراب كبير في التدفئة في المناطق الحضرية والريفية، بحدّ أدنى 95%.

وستتسبّب في توقّف الإنتاج والخدمات بشبكات معالجة وتوزيع المياه والشبكات المالية والمصرفية والاتصالات وأنظمة الاتصالات والخدمات الطبية والاستشفائية، بسبب انقطاع التيار الكهربائي.

وستتأثر صادرات الغاز، ويتعطل قطاع المواصلات، وسيثير ذلك استياءً عامًا من التداعيات الأمنية والسياسية والاجتماعية.

* الدكتور أومود شوكري، كبير مستشاري السياسة الخارجية والجغرافيا السياسية للطاقة، مؤلف كتاب "دبلوماسية الطاقة الأميركية في حوض بحر قزوين: الاتجاهات المتغيرة منذ عام 2001".

*هذا المقال يمثّل رأي الكاتب، ولا يعبّر بالضرورة عن رأي منصة الطاقة.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق