المقالاتغازمقالات الغاز

استهلاك الغاز الإيراني منزليًا يهدد صناعة الطاقة في البلاد (مقال)

أومود شوكري - ترجمة: نوار صبح

اقرأ في هذا المقال

  • • الإنتاج اليومي من الغاز في إيران يبلغ نحو 850 مليون متر مكعب
  • • عدة محطات لتوليد كهرباء تحرق زيت الوقود هذا الشتاء؛ بسبب نقص الغاز الطبيعي
  • • لتعويض جزء من عجز الموازنة، رفعت حكومة إبراهيم رئيسي سعر الغاز
  • • في إيران يُخَصَّص نحو 40% من إجمالي استهلاك الطاقة لقطاع المباني
  • • العديد من ذوي الدخل المحدود لا يستطيعون تحمّل تكاليف فاتورة الغاز
  • • أزمة الطاقة في إيران، الأشهر الماضية، زادت من استياء الناس

في السنوات الماضية، برز نقص الغاز الإيراني بصفته أحد التحديات المهمة لصناعة الطاقة في البلاد.

وفي عام 2021، صرّح وزير النفط الإيراني جواد أوجي أن إيران تواجه مطالب بـ 250 مليون متر مكعب من الغاز الطبيعي يوميًا، وأن وزارة النفط مضطرة لتزويد الغاز الذي تستهلكه الصناعات الكبيرة، بما في ذلك الأسمنت والصلب والصناعات التحويلية والبتروكيماويات.

من ناحيتها، طرحت حكومة الرئيس إبراهيم رئيسي مشكلة نقص الغاز الإيراني على أنها خطأ غير مقصود في تقدير كمية الغاز واستهلاكه، الذي مثّل أحد الأبعاد المهمة لهذا التقرير، وهو ما أكده وزير النفط.

فقد صرّح وزير النفط بأن: "في هذا الشتاء سيكون لدينا نحو 200 مليون متر مكعب من الغاز الإيراني".

ويبلغ الإنتاج اليومي من الغاز في إيران نحو 850 مليون متر مكعب، وكان من المفترض أن يصل بحسب خطة التنمية السادسة (2016 - 2021) إلى أكثر من مليار متر مكعب، لكنها فشلت في تحقيق ذلك.

ومن المتوقع أن تحرق عدّة محطات لتوليد كهرباء زيت الوقود، هذا الشتاء، بسبب نقص الغاز الطبيعي، ما يعني زيادة في مؤشر ملوثات الهواء.

التعامل مع نقص الغاز الإيراني

في الأسابيع الماضية، أدى نقص الغاز الإيراني وزيادة استهلاك الطاقة بسبب برد الشتاء القارس وانخفاض درجات الحرارة إلى قيام سلطات الجمهورية الإسلامية بإغلاق المكاتب والمدارس والشركات الأخرى في بعض محافظات إيران، للتعامل مع هذا النقص.

وأدت الكفاءة المنخفضة لمحطات الكهرباء، والصناعات، والاستهلاك الاستثنائي للطاقة في الأجهزة المنزلية التي تعمل بالغاز، وغياب لوائح تنظيمية لمرافق التوليد، وعدم الامتثال للمادة 19 في تشييد المباني، إلى زيادة استهلاك الغاز في إيران 45 مرة أكثر من الدول الأخرى في العالم.

الغاز الإيراني
محطة لتوليد الكهرباء بالغاز في إيران – الصورة من صحيفة طهران تايمز

إزاء ذلك، رفعت حكومة الرئيس إبراهيم رئيسي، سعر الغاز الإيراني لتعويض جزء من عجز الموازنة.

ارتفاع فواتير الغاز الطبيعي

تُظهر الفواتير الأخيرة التي وصلت إلى المواطنين الإيرانيين زيادة كبيرة في استهلاك الغاز الإيراني بنسبة 5-6 مرات في بعض الحالات، مقارنة بالأشهر السابقة.

المثير للاهتمام أن سعر الغاز المستهلك في المدن والمحافظات النامية أعلى مما هو عليه في المناطق الوسطى من إيران، مثل طهران.

عند إصدار فواتير الغاز لمشتركي المنازل، يوم السبت 5 يناير/كانون الثاني، ذكر العديد من هؤلاء المشتركين في وسائل الإعلام الافتراضية أن رقم هذه الفواتير مرتفع للغاية.

في وقت سابق، حذّرت وزارة النفط وشركة الغاز الوطنية من وجود فواتير باهظة التكلفة لأقلّ من 2% من المشتركين في مستويي الاستهلاك الـ11 والـ12، الذين تكون نفقاتهم غير تقليدية إلى حدّ كبير.

وتزعم بعض وسائل الإعلام المقرّبة من الحكومة أن نحو 1.6% فقط من مشتركي الغاز المنزلي، ومعظمهم من الأثرياء، يسجلون ارتفاعًا في استهلاك الغاز الإيراني باستعمال مرافق غير مألوفة، مثل حمامات المياه الساخنة في الهواء الطلق، وحمامات البخار، وما إلى ذلك، يواجهون ارتفاع الأسعار.

ورغم ذلك، فإن الفواتير التي نشرها الناس على شبكات التواصل الاجتماعية تتعارض مع مزاعم وسائل الإعلام الأصولية.

النقطة المهمة هي أن الفواتير ارتفعت على الرغم من موافقة البرلمان على تطبيق تعرفة جديدة للغاز.

وقال ممثل مدينة ميانة بمحافظة أذربيجان الشرقية في المجلس الإسلامي، مرتضى حسيني، إن فاتورة مشتركي الغاز، وخصوصًا المشتركين في المناطق الريفية، تزداد فجأة من 200 إلى 300 ألف تومان (4 إلى 5 دولارات) إلى 2 إلى 6 ملايين تومان (من 50 إلى 143 دولارًا).

ولا بد من تأكيد أن هذا القانون أقرّه المجلس الإسلامي. وبصفته أصبح قانونًا، فإن الحكومة ملزَمة بتنفيذه.

على صعيد آخر، يُزعم أن بعض مشتركي الغاز في القرى يستعملون الغاز المنزلي للأغراض الزراعية أو لتربية الحيوانات، ما تسبَّب في زيادة فواتير الغاز. ويمتلك بعض سكان القرى مساكن فاخرة تستعمل الغاز لتدفئة المبنى أو أحواض السباحة والاستحمام بالماء الساخن.

أهمية تقليل استهلاك الطاقة

يُعدّ تقليل استهلاك الطاقة أحد أهم التحديات في العالم، وفي إيران، يُخَصَّص نحو 40% من إجمالي استهلاك الطاقة لقطاع المباني.

وتكشف تجربة الدول المتقدمة أهمية الالتزام باللوائح التنظيمية في مجالات تخزين الطاقة ومنع هدرها في قطاع المباني.

تمّ تجميع الجزء الـ19من لوائح البناء الوطنية لهذا الغرض، وتتضمن المادة 19 من لوائح البناء الوطنية عزل شبكة التمديدات والأنابيب، والجدران الخارجية للمبنى، وتركيب نوافذ زجاجية مزدوجة قياسية في المبنى، ما يتسبب في زيادة تكاليف البناء بنسبة أقلّ من 5%.

بحلول الأسابيع الأولى من الشتاء، صدم ارتفاع تكلفة فواتير الغاز المشتركين، اتصل العديد من المواطنين من مدن مختلفة في ولاية خراسان،وأرسلوا رسائل نصية حول فواتير الغاز لشهر يناير/كانون الثاني إلى بعض الصحف المحلية والوطنية، مطالبين بمراجعة فواتيرهم.

أعلن أحد المواطنين أن فاتورة الغاز تبلغ نحو 5 ملايين تومان (14 دولارًا)، صدرت هذه الفاتورة على أساس استهلاك نحو 1500 متر مكعب من الغاز. في غضون ذلك، تتعلق الفاتورة الحالية بسعر الغاز الإيراني للمدة التي سبقت بداية وقت التجمد، أي من 19 إلى نهاية يناير/كانون الثاني.

الغاز الإيراني
طابور انتظار لإعادة تعبئة أسطوانات الغاز في مقاطعة توربات جام شمال شرق إيران – الصورة من إيران إنترناشونال

في الأشهر القليلة الماضية، بدأت حكومة الرئيس إبراهيم رئيسي في التطرُّق لزيادة التعرفة على العملاء. وأخيًرا، صدرت الفواتير الجديدة ذات الأرقام صادمة للعملاء، وأثارت غضب عدد كبير من المستعمِلين، كما حذّر وزير النفط.

قبل ذلك، صرّح وزير النفط، جواد أوجي، بوضوح، من أن "هذا العام سيكون الطقس أكثر برودة من العام الماضي، ولدينا انخفاض حادّ في درجة الحرارة، لذلك اتُّخِذَت تدابير جيدة من قبل صناعة النفط والغاز الإيراني، ونحن ندير الاستهلاك" .

طريقة احتساب سعر الغاز

يُحسَب سعر الغاز لكل مستهلك في إيران على أساس دخل هذه العائلة على مستوى الفرد والمجموعة. وزيدَت تعرفة الغاز الإيراني للمشتركين الذين يستهلكون فوق النموذج.

وتم تحديد 12 مستوى لاستهلاك الغاز؛ ولم تشهد المستويات من الأول إلى الثالث زيادة في الأسعار، فهذه المستويات الـ3 تشمل نحو 60-70% من المستهلكين، لكن توجد زيادة في الأسعار من المستوى الرابع.

وسترتفع تعرفة المواطنين الذين يستهلكون أكثر بكثير من النموذج، وسيحصل هؤلاء المشتركون على فواتير باهظة الثمن، ولا يجوز لهم تقديم شكوى إلى إدارة رئيسي لأنه ليس من العدل لمن يتبع نموذج الاستهلاك أن يدفع ثمن أولئك الذين لديهم حمامات ساونا في المنزل.

في نوفمبر/تشرين الثاني 2021، صرّح مدير شؤون التوزيع لدى شركة الغاز الوطنية الإيرانية محمد رضا جولائي بأن حساب التعرفة للعملاء الذين يستهلكون الكثير من الغاز، أو يسيئون استعمال الغاز، سيعتمد على الزيادة في أسعار الغاز.

لذلك، يجب تطبيق فاتورة مشتركي الغاز الطبيعي، الذين لا يلتزمون بنمط الاستهلاك، وحساب سعر الغاز الإيراني لأولئك المشتركين الذين يمتثلون لسقف نمط الاستهلاك المعلَن من قبل شركة الغاز الوطنية الإيرانية بأسعار 2019.

بدوره، انتقد ممثل مقاطعة سراب بمحافظة شرق أذربيجان في البرلمان الإيراني، يوسف داوودي، ارتفاع أسعار الغاز، وقال: "أصحاب الدخل المحدود في مقاطعة سراب لا يستطيعون دفع فواتير الغاز".

وقال يوسف داوودي: "على الرغم من التضخم الشديد وارتفاع أسعار السلع والمواد الغذائية، والآن بعد أن واجهت البلاد بردًا غير مسبوق، زادت شركة الغاز الإيرانية من سعر استهلاك الغاز، ما يعني أن العديد من ذوي الدخل المحدود لا يستطيعون تحمّل تكاليف فاتورة الغاز".

في الأشهر الماضية، بعد مقتل مهسا أميني، واجهت إيران صراعات شديدة، وفاقمت أزمة الطاقة في إيران، الأشهر الماضية، وزيادة فاتورة الغاز الطبيعي في المناطق المحرومة، استياء الشعب الإيراني وتذمّره.

ويبدو أن حكومة الرئيس إبراهيم رئيسي ليس لديها خطة شاملة لحلّ أزمة الطاقة وتقليص فاتورة الغاز لأهالي المحافظات المحرومة.

ويمكن لأزمة الطاقة وزيادة تكلفة توفير الطاقة للشعب الإيراني، في الأشهر المقبلة، أن تصبح أحد تحديات الأمن السياسي للجمهورية الإسلامية الإيرانية.

* الدكتور أومود شوكري، كبير مستشاري السياسة الخارجية والجغرافيا السياسية للطاقة، مؤلف كتاب "دبلوماسية الطاقة الأميركية في حوض بحر قزوين: الاتجاهات المتغيرة منذ عام 2001".

*هذا المقال يمثّل رأي الكاتب، ولا يعبّر بالضرورة عن رأي منصّة الطاقة.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق