المقالاتغازمقالات الغاز

زيادة الاستهلاك المحلي تعرّض إمدادات الغاز الإيراني للخطر (مقال)

أومود شوكري - ترجمة: نوار صبح

اقرأ في هذا المقال

  • • إيران ستواجه تحديًا خطيرًا لتوريد الغاز الطبيعي في المستقبل القريب وسط غياب الاستثمارات.
  • • إيران تنتج نحو 700 مليون متر مكعب من الغاز من حقل بارس الجنوبي.
  • • السلطات الإيرانية طرحت مرارًا مقايضة الغاز من الدول المجاورة مثل روسيا وتركمانستان.
  • • روسيا تعتزم تحويل تركيا إلى مركز لتجارة الطاقة في المنطقة.
  • • إيران استخدمت زيت الوقود في محطات الكهرباء لتعويض نقص الغاز الطبيعي في السنوات الماضية.
  • • تكنولوجيا الشركات الروسية لا يمكن أن تحل مشكلة انخفاض الضغط في حقل بارس الجنوبي.

نظرًا إلى الزيادة المستمرة في استهلاك الغاز الإيراني محليًا وبوادر انخفاض الضغط في حقل بارس الجنوبي، ستواجه طهران تحديًا خطيرًا لتوريد الغاز الطبيعي في المستقبل القريب جدًا؛ على الرغم من أن البلاد تُعَد ثالث أكبر منتجي الغاز الطبيعي عالميًا.

وتسببت العقوبات العديدة وزيادة الاستهلاك المحلي في عجْز إيران عن تلبية احتياجاتها داخل البلاد؛ لذلك طرحت السلطات الإيرانية مرارًا مقايضة الغاز من الدول المجاورة مثل روسيا وتركمانستان في الأشهر الأخيرة.

وبحسب وزير النفط الإيراني، جواد أوجي؛ فإن بلاده تنتج نحو 700 مليون متر مكعب من الغاز الإيراني من حقل بارس الجنوبي، ويُعَد هذا الرقم أقل من احتياجات السوق المحلية.

وأوضح أوجي أنه إذا لم يستمر الاستثمار في هذه الصناعة؛ فسوف نرى في المستقبل استيراد الغاز والمنتجات النفطية إلى البلاد.

التعاون مع روسيا

ناقش وزير النفط الإيراني جواد أوجي، ونائب رئيس الوزراء الروسي ألكسندر نوفاك، التعاون في العديد من مشروعات صناعة النفط والغاز.

في يوليو/تموز الماضي، وقّعت روسيا وإيران مذكرة تفاهم بقيمة 40 مليار دولار بشأن اتفاقية مبدئية لتطوير مشروعات النفط والغاز الإيراني المستقبلية.

الغاز الإيراني
من اليمين وزير النفط الإيراني جواد أوجي، ونائب رئيس الوزراء الروسي ألكسندر نوفاك

ووفقًا لمذكرة التفاهم بين شركة النفط الإيرانية وشركة غازبروم الروسية، يبدو أن شروط تبادل الغاز الروسي أُعِدَت لتناسب إيران.

من جانبها، نقلت وكالة أنباء إنترفاكس عن نائب رئيس الوزراء الروسي، ألكسندر نوفاك، قوله إنه بموجب اتفاقية المبادلة بدأت روسيا في إرسال النفط إلى إيران.

وستوفر شركة غازبروم، بموجب مذكرة التفاهم، 55 مليون متر مكعب من الغاز الطبيعي يوميًا لإيران على شكل مقايضة؛ ما يعني أن إيران ستستخدم الغاز الطبيعي الروسي للاستهلاك المحلي وستُسلمه للعملاء من الجنوب الإيراني.

ويُزعم أن تبادل الغاز الروسي مع إيران سيجعل إيران مركزًا للطاقة في المنطقة. وقال المتحدث باسم هيئة الطاقة في البرلمان الإيراني، مالك شريعتي، إن لدى إيران القدرة على تعزيز تجارة الغاز في المنطقة وأن تصبح القطب الرئيس لتجارة الغاز في المنطقة.

ومن المهم جدًا أن تستفيد طهران، إلى أقصى حد، من الوضع الحالي لتجارة الغاز الإيراني والحصول على العملات الأجنبية.

انعكاسات صفقة الغاز الإيرانية الروسية

بالنظر إلى محاولة روسيا تغيير وجهة شحنات الغاز الطبيعي من أوروبا إلى آسيا، يبدو أنه مع تبادل الغاز الطبيعي الروسي، ستواجه طهران ظروفًا صعبة لدى تصدير الغاز الإيراني إلى الدول المجاورة.

يُزعَم أن صفقة الغاز بين إيران وروسيا مهمة من الناحيتين الاقتصادية والسياسية، وإذا أجريت عمليات إعادة بناء صغيرة؛ فمن الممكن استيراد 20-30 مليار متر مكعب من الغاز الروسي على المدى القصير، ويمكن أن تتضاعف السعة.

علاوة على ذلك، اعتادت روسيا أن تكون منافسًا لإيران في السوق الغربية، وللمحافظة على احتكارها لسوق الغاز الأوروبية، حاولت منع إيران من اختراق هذه السوق.

الآن؛ نظرًا إلى كونها مقيدة في الغرب؛ فقد تحوّلت روسيا إلى الشرق، وقد تحدّ من فرص الغاز الإيراني المحتملة في آسيا.

يرى البعض في ذلك فرصة لدخول الغاز الإيراني سوق الغاز الأوروبية، لكنهم يتجاهلون الانتباه إلى عقبتين:

أولًا: ليس لدى إيران المزيد من الغاز لتصديره إلى أوروبا، وسيتناقص رصيد الغاز الطبيعي الإيراني بشكل متزايد عامًا بعد عام، وتتمثل العقبة الثانية في عرقلة روسيا والولايات المتحدة اللتين تعارضان تصدير الغاز الإيراني إلى أوروبا.

نقل الغاز الروسي إلى الصين

في الأسبوع الأول من شهر نوفمبر/تشرين الثاني، جرى الانتهاء من بناء المشروع الرئيس للخط الشرقي للغاز الطبيعي من روسيا إلى الصين.

ومن المفترض أن ينقل خط الأنابيب 38 مليار متر مكعب من الغاز الروسي إلى الصين بدءًا من عام 2024 بموجب عقد مدته 30 عامًا بقيمة 400 مليار دولار.

في الوقت الذي تزيد فيه روسيا من صادراتها من الغاز إلى الشرق؛ فإنها ترسل كميات أقل من النفط إلى الغرب عبر خط أنابيب في أوكرانيا وخط أنابيب ترك ستريم.

مزايا شراء إيران للغاز الروسي

من خلال شراء الغاز الروسي بسعر "معقول" واستخدامه في المحافظات الشمالية، يمكن لطهران تصدير الغاز الإيراني من الجنوب -حيث يجري إنتاجه- بسعر أعلى إلى جيرانها مثل باكستان وسلطنة عمان، بدلًا من إنفاق المال ونقله إلى الشمال.

الغاز الإيراني
محطة لمعالجة الغاز الطبيعي في إيران - الصورة من وكالة شانا الإيرانية

وبحسب إحصائيات بورصة الطاقة؛ فإنه حتى لو استُخدِم 15% من فائض الغاز الروسي في إمداد محطات الكهرباء الإيرانية ومنع حرق الوقود السائل؛ فمن خلال تصدير الديزل وزيت الوقود يمكن الحصول على دخل يعادل 6 مليارات دولار.

خلال تولّي الرئيس الإيراني الأسبق، أحمدي نجاد، مهامّ منصبه، كانت لدى طهران 5 منشآت للغاز المسال قيد الإنشاء، ونتيجة لفرض العقوبات، تركت جميع الشركات الأجنبية صناعة الغاز الطبيعي المسال الإيرانية.

بالطبع، بسبب الحظر المفروض على روسيا؛ فإن البلاد تواجه تحديًا خطيرًا في قطاع إنتاج الغاز الطبيعي المسال.

على صعيد آخر، ينتهي عقد تصدير الغاز الإيراني إلى تركيا في عام 2026، ولم يُمَدَّد هذا العقد بعد.

وبالنظر إلى العلاقات الجيدة بين موسكو وأنقرة، تعتزم روسيا تحويل تركيا إلى مركز لتجارة الطاقة في المنطقة، على الرغم من أن تركيا تواجه تحديات خطيرة في أن تصبح مركزًا للطاقة.

في السنوات الماضية، استخدمت إيران زيت الوقود في محطات الكهرباء لتعويض نقص الغاز الطبيعي. ويزيد استهلاك زيت الوقود من تلوث الهواء في المدن.

ويمكن لمبادلة الغاز الروسية أن تقلل من استهلاك زيت الوقود في محطات الكهرباء الإيرانية على المدى القصير.

وبالنظر إلى أهمية سوق الغاز الطبيعي الآسيوية بالنسبة لروسيا على المدى الطويل، إذا وُقِّعَت الاتفاقية النووية الجديدة ورُفِعت العقوبات عن إيران؛ يمكن لطهران زيادة سعة إنتاج الغاز الإيراني من خلال جذب الموارد المالية اللازمة، على الرغم من أنها ستفعل ذلك.

ويستغرق ذلك 5 سنوات على الأقل كي تتمكن طهران من تصدير الغاز الإيراني إلى الدول المجاورة.

تجدر الإشارة إلى أن اعتماد إيران على موارد الغاز الطبيعي الروسي واستثمار الشركات الروسية في صناعة النفط والغاز الإيرانية سيؤدي إلى زيادة نفوذ روسيا في صناعة الطاقة الإيرانية. وتستثمر الشركات الروسية في المجالات التي لا تهدد السوق المستهدفة للبلاد.

علاوة على ذلك، تحتاج إيران إلى عقدين على الأقل لتصبح مركزًا للطاقة، عدا عن أن البنية التحتية الضرورية ليست جاهزة، ولهذا، يجب تحرير سوق الغاز الطبيعي الإيرانية.

ويتعارض الادعاء بأن تبادل الغاز الروسي سيحول إيران إلى مركز للطاقة مع ديناميكيات سوق الطاقة العالمية.

وسيزداد نطاق أزمة الطاقة في إيران دون رفع العقوبات واستمرار الاتجاه الاستهلاكي الحالي وانخفاض الضغط في حقل بارس الجنوبي. ولا ينبغي أن ننسى أن تكنولوجيا الشركات الروسية لا يمكن أن تحل مشكلة انخفاض الضغط في حقل بارس الجنوبي.

* الدكتور أومود شوكري، كبير مستشاري السياسة الخارجية والجغرافيا السياسية للطاقة، مؤلف كتاب "دبلوماسية الطاقة الأميركية في حوض بحر قزوين: الاتجاهات المتغيرة منذ عام 2001".

*هذا المقال يمثّل رأي الكاتب، ولا يعبّر بالضرورة عن رأي منصّة الطاقة.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق