رئيسيةتقارير النفطسلايدر الرئيسيةعاجلنفط

بريطانيا تستورد النفط الروسي من الهند بعد تكريره.. و5 شركات عالمية متورطة

هبة مصطفى

يبدو أن الأطراف الفاعلة في ملف العقوبات المفروضة على النفط الروسي تدور في دائرة مفرغة؛ إذ تتلقى بريطانيا منتجاته المكررة على طبق من فضة؛ رغم أنها شاركت دول مجموعة الـ7 قرارها بفرض سقف سعري على تدفقاته المنقولة بحرًا.

وتؤدي الهند دور الوسيط في هذا الشأن؛ إذ تستقبل خامات موسكو لتغذي مصافي التكرير المحلية بها ثم تعيد تصدير المشتقات لدول أخرى لطالما أعلنت مرارًا التزامها بالعقوبات، فيما يدفع نحو طرح تساؤل "لماذا فُرضت العقوبات من الأساس؟".

وبحسب البيانات، كثّفت الهند وتيرة وارداتها النفطية من روسيا، وفي الوقت ذاته صدّرت نيودلهي منتجات مكررة بمعدلات كبيرة إلى بريطانيا؛ ما يفتح باب الجدل حول الثغرات القانونية لحزم العقوبات المفروضة على موسكو، وفق تقرير نشرته صحيفة التيليغراف البريطانية (The Telegraph).

ويتزامن ذلك مع صعوبة انضمام الهند إلى قرار سقف الأسعار المفروض على النفط الروسي؛ لتعارضه مع مصالحها الاقتصادية؛ إذ تحصل على خصومات كبيرة من موسكو، وتزداد وتيرة وارداتها منه، بحسب ما تابعته منصة الطاقة المتخصصة.

بيانات شراء النفط الروسي

عكفت دائرة واسعة من المشترين على تجنب شحنات النفط الروسي خوفًا من الوقوع تحت نطاق العقوبات، لكن تلك الشحنات لاقت قبولًا آسيويًا واسعًا، ولا سيما في الصين والهند.

النفط الروسي
مصفاة جامناغار الهندية - الصورة من The Hindu

وخلال العام الماضي (2022) استقبلت أكبر مصافي التكرير الهندية "مصفاة جامناغار" شحنات الخام وزيت الوقود من موسكو بكمية تصل إلى 215 شحنة؛ ما يعادل معدل الشراء، خلال العام السابق له (2021)، بنحو 4 أضعاف، بحسب بيانات كبلر.

وتقابل ذلك زيادة في واردات المملكة المتحدة من مصفاة "جامناغار"؛ إذ بلغت، منذ الغزو الروسي لأوكرانيا في فبراير/شباط الماضي، 29 شحنة من الديزل والمنتجات المكررة (بما يعادل 10 ملايين برميل).

ويأتي ذلك ارتفاعًا من استقبالها 7 شحنات (ما يعادل 4 ملايين برميل) خلال العام السابق له (2021).

شحنات ديسمبر

خلال الربع الرابع من العام الماضي (2022)، من أكتوبر/تشرين الأول حتى ديسمبر/كانون الأول، حافظت روسيا على تصدرها قائمة مصدري النفط الخام إلى الهند، بحسب بيانات نقلتها صحيفة ذي إيكونوميك تايمز الهندية (The Economic Times) عن فورتيكسا.

وعلى صعيد شهري، زاد معدل واردات الهند من النفط الروسي في ديسمبر/كانون الأول (2022) على مليون برميل يوميًا، في سابقة هي الأولى من نوعها؛ ما يعكس اتجاه موسكو لتحويل مسار الشحنات إلى منافذ آسيوية بديلة في أعقاب سريان الحظر.

واستقبلت المصافي الهندية، في الشهر ذاته، ما يصل إلى 1.19 مليون برميل يوميًا من خامات موسكو، مسجلةً رقمًا قياسيًا يرتفع عن ذروة يونيو/حزيران الماضي البالغة 942 ألفًا و694 برميلًا يوميًا.

ويحتل النفط الروسي، في الآونة الحالية، 25% من حصص واردات الخام إلى الهند، متخطيًا موردين مثل العراق والسعودية، وأثار شهية المصافي في نيودلهي؛ نظرًا إلى انخفاض سعره، بينما سعى الموردون العرب لتزويد المصافي الأوروبية بالتدفقات بوصفها بديلًا أكثر ربحًا.

الهند وسقف الأسعار

تدافع الهند بضراوة عن حقها في زيادة واردات الخام الروسي؛ إذ لا تنطبق عليها أي التزامات حيال العقوبات؛ لعدم انضمامها لقرار السقف السعري الذي سبق أن أقرته مجموعة الدول الـ7 وأستراليا ودخل موضع التنفيذ الشهر الماضي.

واستبعد المحلل الهندي في مؤسسة أوبزرفر البحثية، ناندان أونيكريشنان، إمكان انضمام بلاده إلى قرار السقف السعري؛ نظرًا إلى اعتماد مصالحها الاقتصادية بصورة كبيرة على موسكو.

ويوضح الرسم البياني أدناه -الذي أعدته وحدة أبحاث الطاقة- حجم صادرات الخام الروسي والمشتقات، خلال العام الماضي (2022)، بحسب بيانات الوكالة الدولية للطاقة:

صادرات روسيا من النفط

وأضاف المحلل الهندي، ناندان أونيكريشنان، أن المصلحة الاقتصادية تُشير إلى انعدام فرص انضمام نيودلهي إلى العقوبات المفروضة على موسكو، ولا سيما أن الخصومات التي يوفرها الخام الروسي لبلاده تدر لها مكاسب ضخمة، حسبما نقلت عنه وكالة الأنباء الروسية "تاس".

وأكد أونيكريشنان أن حزمة العقوبات الأخيرة "غير ملزمة" للهند؛ إذ إنها ليست عضوة بمجموعة الدول الـ7 أو الاتحاد الأوروبي.

وأوضح أن الهند غير معرّضة لأي عقوبات من قِبل الاتحاد الأوروبي، رغم أن حصتها الشرائية من الخام الروسي ارتفعت من 0.2%، بداية العام الماضي (2022)، إلى ما يزيد على 20% بحلول نهاية العام، بما يعادل مليون برميل يوميًا.

ثغرات العقوبات

بصورة عامة، تعتمد المصافي على مزج الخامات المستوردة ودمجها؛ ما يفتح الباب أمام احتمالات حول تزويد مصافي التكرير الهندية لبريطانيا بتدفقات الديزل المعتمد في الأساس على النفط الروسي.

وفي ظل كشف بيانات الشراء عن ارتفاع وتيرة استيراد المملكة المتحدة للمنتجات النفطية المكررة من الهند، يمكن الجزم بنتيجة مباشرة تقضي بأن الدول الملتزمة بالعقوبات تخلّت عن الاستيراد المباشر من موسكو، واستبدلت به واردات من مصافٍ تغذيها التدفقات النفطية من روسيا.

اللافت للنظر هنا أنه بصورة رسمية وقانونية لم تتخطَّ بريطانيا العقوبات وما زالت ملتزمة بها؛ إذ أنها لم تستورد النفط الروسي مباشرة من منبعه، لكنه كان ضمن مزيج معالجة في مصافٍ خارج حدود البلاد.

وكانت مصفاة "جامناغار" الهندية بمثابة "وعاء" لعملية التكرير وإعادة تدوير الخام الروسي، دون الإلقاء باللوم على بريطانيا.

وبدوره، أكد مستشار الرئيس الأوكراني "أوليغ أوستينكو" أن الشركات استفادت من نقاط الضعف والثغرات التي لم تلفت إليها حزم العقوبات المفروضة على الخام الروسي، ودعا المملكة المتحدة إلى "سد" تلك الثغرات وتحجيم انتشار ما أطلق عليه "الوقود الأحفوري الدموي".

بوابة خلفية

كانت شركات التكرير والمصافي الهندية موردًا للدول الأوروبية قبيل اندلاع الحرب الأوكرانية، لكن معدل التوريد زاد بصورة كبيرة مؤخرًا؛ لانخفاض أسعار الديزل المكرر في الهند مقارنة بالأسعار الأوروبية.

النفط الروسي
ناقلة لتحميل شحنات النفط الخام - الصورة من Daily Sabah

وقال خبير التكرير في "وود ماكينزي"، آلان غيلدر، إن النفط الروسي لم يكن جاذبًا لمصافي التكرير الهندية قبيل الحرب الأوكرانية، لكنه استدرك أنه في الآونة الحالية احتلت خامات موسكو معدل خُمس البراميل الخاضعة للمعالجة.

وينظر المحللون إلى الهند باعتبارها "بوابة خلفية" تتسرب من خلالها تدفقات الخام الروسي إلى القارة الأوروبية بغطاء شرعي وقانوني؛ إذ إنه رغم حظر بريطانيا واردات موسكو النفطية بدءًا من 5 ديسمبر/كانون الأول الماضي؛ فإن واردات الهند تعد بمثابة براميل خضعت للمعالجة لا يمكن تحديد مصدر خاماتها فعليًا.

ويقر معدل استيراد بريطانيا للديزل المكرر في الهند دون وقفة قانونية، بأن الخام الروسي الذي يخضع للمعالجة في مصافي خارج حدود موسكو يمكن أن يكتسب صبغة شرعية.

ومع استيراد المملكة المتحدة نحو 7 شحنات من مصفاة "جامناغار" الهندية منذ سريان الحظر في 5 ديسمبر/كانون الأول، وصف الناشط بمنظمة غلوبال ويتنس "لويس ويلسون" المشهد بأنه محاولة لاستغلال ثغرات العقوبات للحصول على الديزل من بوابات خلفية، في إشارة إلى الهند، متهمًا بريطانيا بخرق الحظر المفروض على الخام الروسي.

شركات متورطة

تجري عملية الشراء بين المصفاة الهندية وبريطانيا عبر شركات وسيطة؛ من ضمنها شل، وشركة النفط البريطانية بي بي، وشركة ترافيغورا ومقرها سنغافورة، وشركة بتروتشاينا الصينية، وشركة إيسار الهندية.

وفي حالة إدانة بريطانيا بخرق قواعد الحظر المفروضة على النفط الروسي؛ تصبح شركة (شل، وشركة النفط البريطانية بي بي) في موضع اتهام وتتعرض للمساءلة القانونية.

ويبدو أن بريطانيا تسعى لتبرئة نفسها وتحميل الشركات مسؤولية إثبات مصدر تدفقات الخام المعالج في الهند؛ إذ تمسّك متحدث باسم الحكومة بحرص بلاده على التخلي عن واردات الوقود الأحفوري من روسيا؛ بما يشمل الخام والمنتجات المكررة، وطالب الشركات والموردين بتقديم براهين حول المصدر الأصلي للشحنات.

ومن جانب آخر، شرعت الشركتان البريطانيتان في التأكيد على التزامهما بالعقوبات وقوانينها ولوائح العمل لدى الحكومات الأوروبية، ومن ضمنها المملكة المتحدة، بتجنب إمدادات الوقود الذي يتضمن خامات روسية.

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق