نفطتقارير النفطسلايدر الرئيسية

دولتان خليجيتان تساعدان في وصول صادرات النفط الإيرانية للأسواق

محمد عبد السند

تثير صادرات النفط الإيرانية جدلًا محمومًا -على ما يبدو- في أميركا، هذه الآونة، إذ تتهم الأخيرة الإمارات -ودولًا أخرى- بمساعدة طهران، في وصول تلك الشحنات إلى وجهاتها التصديرية الخارجية، رغم العقوبات الأميركية المفروضة على صناعة الخام في البلد الكائن غرب آسيا، حسبما ذكرت شبكة "بلومبرغ".

وصعدت صادرات النفط الإيرانية في الشهور الأخيرة، مدعومة بزيادة شحناتها إلى دول بعينها، مثل الصين، بحسب البيانات التي أفرجت عنها الشركات المتخصصة في تتبّع تدفقات النفط حول العالم، وفق ما أورده موقع "هلينك شبنغ نيوز"، المعني بالشؤون الاقتصادية.

وفي هذا السياق، قدّرت شركات "فورتيكسا" و"تانكر تراكرز" و"كبلر" الزيادة في صادرات النفط الإيرانية بنحو مليون برميل يوميًا، في المتوسط، خلال الأشهر الـ3 الماضية.

ويقلّ هذا الرقم كثيرًا عن حجم صادرات إيران المُسجل في أوائل عام 2018، والبالغ حينها أكثر من 2.4 مليون برميل يوميًا، قبل انسحاب إدارة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب من الاتفاق النووي الموقّع بين طهران والقوى الست الكبرى.

في المقابل، تزيد أرقام صادرات النفط الإيرانية، المسجلة خلال الأشهر الـ3 الماضية، كثيرًا عن نظيرتها إبان عام 2020، حينما هبطت تلك الصادرات لأقلّ من 500 ألف برميل يوميًا.

ويوضح الرسم البياني التالي -الذي أعدّته منصة الطاقة المتخصصة- توقعات أوبك لنمو الطلب على العالمي للنفط في عام 2023:

توقعات أوبك لنمو الطلب العالمي على النفط في 2023

تعمد أميركي

تجيء تلك الزيادة الأخيرة في صادرات النفط الإيرانية رغم العقوبات الأميركية، ما حدا ببعض محللي سوق الطاقة إلى التكهن بأن واشنطن لا تطبّق العقوبات على طهران بصرامة، رغبة منها بالحفاظ على بعض الاستقرار في أسعار الخام العالمية.

وفي هذا الصدد، قال محلل الطاقة في برلين توماس أودونيل: "ربما تكون أميركا قد غضّت طرفها -نوعًا ما- عن تلك المسألة، لرغبتها في زيادة تدفّق النفط إلى الأسواق، ما يساعد على تعويض نقص النفط الروسي".

وأوضح أودونيل أن الصين هي الوجهة الرئيسة المستقبلة للنفط الإيراني، عبر ماليزيا، إذ يلجأ الإيرانيون إلى إخفاء منشأ الخام الأصلي، ليبدو وكأنه قادم من ماليزيا، في مسعى من قبل طهران للتحايل على العقوبات الغربية.

وتابع: "الكثير من النفط الفنزويلي والإيراني يذهب إلى ماليزيا، ولا يكون للاستهلاك المحلي، ولكن بقصد إخفاء مَنْشَئه الأصلي".

ضلوع الإمارات

تؤدي الإمارات ودول أخرى- بشكل أو بأخر- دورًا في وصول صادرات النفط الإيرانية إلى وجهاتها الرئيسة، وفي مقدمتها الصين، رغم العقوبات الغربية المفروضة على صناعة الطاقة في إيران، على خلفية برنامجها النووي المثير للجدل.

وذكر بيان صادر عن إدارة معلومات الطاقة الأميركية: "وفقًا لمحللي الصناعة، فإن الكثير من النفط الذي يُشحن من إيران إلى الصين، يُعاد تسميته من بلدان مثل ماليزيا والإمارات، وعمان، بقصد التحايل على سلطات الجمارك".

وفي هذا السيناريو، قال الزميل الباحث في معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى هنري رومي، إن الولايات المتحدة الأميركية ستحتاج إلى التفكير "خارج الصندوق"، وتعديل أولوياتها مع دول مثل الصين والإمارات إذا ما أرادات واشنطن خفض صادرات النفط الإيرانية.

ويُظهر الرسم البياني أدناه-الذي أعدّته منصة الطاقة المتخصصة- إنتاج النفط الخام في روسيا:

إنتاج النفط الروسي

تحذير أميركي مُبطّن

أبلغت الولايات المتحدة الأميركية كلًا من الإمارات وتركيا بأن علاقتهما الاقتصادية والمالية مع روسيا، تعوق الجهود الرامية لإنهاء الغزو الروسي لأوكرانيا، حسبما ذكرت "بلومبرغ".

واجتمع وكيل وزارة الخزانة الأميركية لشؤون الإرهاب والاستخبارات المالية بريان نيلسون مع مسؤولين أتراك، الخميس 2 فبراير/شباط والجمعة 3 فبراير/شباط (2023)، مستعرضًا معهم قلق واشنطن إزاء تنامي تدفق الصادرات إلى روسيا، بحسب مصادر مطّلعة.

وتأتي زيارة نيلسون إلى أنقرة وأبوظبي في إطار جولة إقليمية شملت الإمارات أوائل الأسبوع الجاري، حسب معلومات طالعتها منصة الطاقة المتخصصة.

وطلب مسؤولون أميركيون من تركيا الحدّ من تدفق السلع إلى روسيا، محذّرين إياها من أن سلعًا تُقدَّر قيمتها بعشرات الملايين من الدولارات تصل إلى موسكو، بل ويمكن أن تُستعمَل في أغراض عسكرية، بغية إطالة أمد الحرب الأوكرانية التي اندلعت شرارتها في الـ24 فبراير/شباط (2022).

وخلال المدة بين مارس/أذار و أكتوبر/تشرين الأول (2022)، استقبلت روسيا صادرت تركية بقيمة نحو 800 مليون دولار، من بينها آلات ومعدّات بقيمة 300 مليون دولار، وأجهزة إلكترونية أخرى قيمتها 80 مليون دولار، حسب تصريحات المسؤولين الأميركيين الذي فضّلوا عدم الكشف عن هوياتهم، نظرًا لسرّية المباحثات.

يعدّ نيلسون ثالث أكبر مسؤول في وزارة الخزانة الأميركية يزور تركيا في عام، بهدف تكثيف الضغوط على أنقرة للامتثال للعقوبات الأميركية المفروضة على موسكو إثر الحرب الأوكرانية.

ومن المتوقع أن تشهد تركيا زيارات تالية لمسؤولين آخرين من الولايات المتحدة الأميركية والاتحاد الأوروبي، في الأسابيع المقبلة، بشأن الأمر ذاته، وفقًا للمصادر.

الإمارات وتركيا ملاذان لثروات روسيا

برزت الإمارات وتركيا ملاذًا آمنًا للأثرياء الروس خلال العام الفائت (2022)، ما يُعقِّد بالطبع جهود واشنطن في تأسيس جبهة موحدة ضد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.

وتحتفظ الإمارات بعلاقات جيدة مع كل من روسيا وأوكرانيا، في الوقت الذي أحدثت فيه الحرب الأوكرانية انقسامًا واضحًا بين القوى الكبرى.

وتقابلَ رئيس دولة الإمارات محمد بن زايد آل نهيان مع بوتين في روسيا خلال أكتوبر/تشرين الأول (2022)، وسط تسارع وتيرة الصراع الدائر على الأراضي الأوكرانية.

وخلال زيارته للإمارات، ناقش نيلسون الخطوات الواجب اتّباعها لتفويت الفرصة على موسكو في التهرب من العقوبات، وفق ما ذكرته مصادر مطّلعة على مجريات الأمور.

وأبلغت أميركا المسؤولين الإماراتيين بأن العلاقات المالية الوطيدة بين أبوظبي وموسكو تعوق جهود واشنطن في عزل روسيا.

تنسيق أميركي-إماراتي

ذكر بيان أميركي، صدر الخميس 2 فبراير/شباط (2023)، أن المباحثات الإماراتية ركّزت على "تنسيق الجهود في مواجهة التمويل غير المشروع، والقضايا الإقليمية الأخرى".

وتفهَّم المسؤولون الأميركيون -خلال زيارتهم لأبوظبي- الجهود التي تبذلها الدولة الخليجية لتعزيز سياساتها، وآليات التنفيذ لديها، في مكافحة الجرائم المالية، وتدفق الأموال غير المشروعة، حسبما جاء في بيان صادر عن وزارة الخارجية الإماراتية.

وعلى هامش الزيارة أيضًا، ناقش المسؤولون الأميركيون سُبل تكثيف التعاون مع نظرائهم الإماراتيين في مجال مكافحة غسيل الأموال، وتمويل الإرهاب، حسبما ورد في البيان.

صادرات النفط الإيرانية
بوتين وأردوغان خلال اجتماع سابق- الصورة من trtworld

صداع تركي

لطالما مثّلت تركيا صداعًا في رأس الأميركيين، بسبب مجموعة من القضايا، من بينها السفن الروسية التي تخضع لعقوبات غربية، أو حتى تلك التي تخضع لضوابط تتعلق بالصادرات، لكنها لا تجد معارضة تُذكر بالرسو في المواني التركية.

وعمّقت أنقرة علاقاتها الاقتصادية والتجارية مع موسكو، مستفيدةً من العلاقة الشخصية الوطيدة التي تجمع بين بوتين ونظيره التركي رجب طيب أردوغان.

ويسعى أردوغان، الذي يتطلع للفوز بمدة ولاية أخرى في الانتخابات المقرر إجراؤها في مايو/أيار (2023)، للحصول على الدعم المالي من روسيا، لمساعدته في إدارة ملف الاقتصاد الوطني المأزوم.

على الجانب الأخر، تجمع أردوغان علاقة طيبة مع كييف -أيضًا- ولطالما سعى لأن تؤدي أنقرة دور الوسيط في الحرب الأوكرانية، كما ساعد على إبرام اتفاقيات لاستئناف شحنات الصادرات من مواني البحر الأسود في أوكرانيا، إلى جانب تسهيل مبادلة السجناء.

يُشار هنا إلى أن بعض التحذيرات التي أطلقتها واشنطن لأنقرة في هذا الخصوص قد أتت ثمارها، وهو ما تجلّى -على سبيل المثال- في انسحاب 5 بنوك تركية من نظام المدفوعات الروسي "مير"، في أعقاب تحذيرات أميركية العام الماضي (2022).

ليس هذا فحسب، بل تعكف شركات الطيران التركية الآن -أيضًا- على إنهاء خدماتها المقدمة إلى شركات روسية، على وقع تحذيرات مماثلة.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق