نفطتقارير النفطسلايدر الرئيسية

أسواق النفط تحبس أنفاسها بعد هجوم أصفهان.. هل تغلق إيران مضيق هرمز؟

محمد عبد السند

تترقب أسواق النفط العالمية تداعيات الهجوم الذي استهدف مجمعًا صناعيًا حربيًا في إيران -مؤخرًا- وسط تنامي مخاوف من أن تقود التوترات الجيوسياسية المحتدمة في الشرق الأوسط إلى هزة عنيفة في أسعار الخام.

ويتوجس المحللون خيفة من أن يقود الهجوم الأخير إلى ردود فعل انتقامية من قبل طهران التي طالما أكدت أن كل الخيارات متاحة أمامها حال تعرّض أمنها القومي للخطر.

وفي هذا الإطار، يتوقع محللون أن تشهد أسواق النفط العالمية هزة على خلفية احتدام التوترات التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط، في أعقاب الهجوم الذي شنته طائرات مسيرة إسرائيلية على مصنع للإنتاج الحربي في مدينة أصفهان وسط إيران، حسبما ذكر موقع "ماركيت ووتش" الأميركي.

وأعلنت السلطات الإيرانية، أمس الأول الأحد 29 يناير/كانون الثاني (2023)، أن طائرات مسيرة تحمل قذائف استهدفت مجمعًا صناعيًا عسكريًا، لتُحدث به تلفيات جسيمة، في حين تتنامى التوترات الإقليمية والعالمية ذات الصلة في البلد الواقع جنوب غرب آسيا بسبب برنامجه النووي المثير للجدل.

ويأتي الهجوم في الوقت الذي يناقش فيه مسؤولون أميركيون وإسرائيليون آليات جديدة لمكافحة ما يقولون إنها "عمليات تستهدف زعزعة الاستقرار" الإقليمي والعالمي من قبل طهران، من بينها تعاونها العسكري الوثيق مع روسيا.

ويوضح الرسم البياني أدناه -الذي أعدّته منصة الطاقة المتخصصة- إنتاج النفط الإيراني منذ عام 2019 حتى عام 2022:

إنتاج إيران من النفط الخام - يوليو 2022

أسعار النفط

جاءت استجابة أسواق النفط لهجوم أصفهان بأسرع من المتوقع، إذ هبطت أسعار العقود الآجلة للنفط في الولايات المتحدة الأميركية، في حين زادت أسعار العقود الآجلة العالمية، على وقع أنباء الهجوم، لكن هذا الصعود لم يدُم طويلًا.

فقد ارتفع سعر مزيج خام برنت القياسي العالمي (تسليم مارس/آذار) الذي ينتهي التداول عليه اليوم الثلاثاء 31 يناير/كانون الثاني (2023)، إلى 87.51 دولارًا للبرميل، في بورصة أوروبا للعقود الآجلة، خلال تعاملات مساء أمس الأول الأحد 29 يناير/كانون الثاني، وفق ما أظهرته أحدث الأرقام الصادرة عن مؤسسة "فاكت سيت" البحثية الأميركية.

لكن سرعان ما هبطت أسعار النفط منذ ذلك الحين -حتى الآن- إلى 85.78 دولارًا للبرميل، لتنخفض بواقع 88 سنتًا، أو ما يعادل نسبته 1%.

أسواق النفط .. ماذا بعد؟

قال محللو فريق الطاقة في "ستون إكس" -واحدة من الشركات العالمية الرائدة المتخصصة في إعداد الدراسات المسحية، أمس الإثنين الموافق الـ30 من يناير/كانون الثاني (2023)- إن الهجوم الأخير على المجمع الحربي في إيران يمكن أن يقود إلى ردود فعل انتقامية لا تُحمد عقباها في الشرق الأوسط.

واستحضر المحللون هجومًا مشابهًا وقع في عام 2019 -حينما تسبّب هجوم بطائرات مسيرة شنته جماعة الحوثي في اليمن على منشآت نفطية سعودية- في صعود أسعار النفط بنحو 20%.

وأضاف المحللون أن "المخاطر الجيوسياسية على أسواق النفط في منطقة الشرق الأوسط، تلوح -على ما يبدو- في الآفق".

مضيق هرمز "كارت" إيراني حاضر

بدوره، قال الشريك الإداري في مؤسسة "سي بي آي آسيت مانجمنت" ستيفن إنيز، إن تركيز مستثمري النفط مُنصب الآن على مخاطر تصعيد التوترات في المنطقة، وأيضًا على أي اضطرابات في مضيق هرمز، الذي يُعد بمثابة "نقطة رئيسة" في نقل النفط، إذ يتدفق من خلاله زهاء 20 مليون برميل نفط يوميًا.

ويربط مضيق هُرمز الخليج العربي بخليج عُمان وبحر العرب، كما تمر حاويات النفط الخام العملاقة الآتية من المواني في الخليج العربي، عبر هذا المضيق الحيوي.

ومؤخرًا، لم يستبعد البرلمان الإيراني إغلاق طهران مضيق هرمز، حال وضع الاتحاد الأوروبي قوات الحرس الثوري الإيراني، على قائمة المنظمات الراعية للإرهاب.

ويوضح الرسم البياني أدناه -الذي أعدّته منصة الطاقة المتخصصة- احتياطيات النفط المؤكدة في إيران:

احتياطيات النفط - إيران

وفي 23 يناير/كانون الثاني (2023)، أكد نائب رئيس مجلس الشؤون الداخلية في البرلمان الإيراني محمد حسن آصفري، أن إغلاق مضيق هرمز خيار مطروح على الطاولة.

وأوضح أنهم سيعدون -في ظل هذا السيناريو- خُطة من شأنها أن تقيّد حركة السفن الأوروبية في هذا الممر الملاحي بالغ الأهمية.

وواصل آصغري: "إذا لم يَعدل البرلمان الأوروبي عن قراره، فسنشرع من جانبنا في اتخاذ الإجراءات المناسبة".

يُذكر أن ثمة قوات أميركية تتمركز في المنطقة تتكفّل بمراقبة حركة الملاحة في مضيق هرمز المسؤول عن نحو خُمس النفط المنقول بحرًا في العالم.

هدوء حذر

حتى الآن، لم تشهد أسواق النفط العالمية سوى ردة فعل طفيفة على تزايد التوترات في الشرق الأوسط، على خلفية هجوم أصفهان، إذ يُجرى تداول أسعار العقود الآجلة على انخفاض.

وفي هذا السياق قال العضو المنتدب في مؤسسة "فيلانديرا إنرجي بارتنرز" مانيش راج: "مستثمرو النفط يشهدون الآن إرهاقا جيوسياسيًا، في أعقاب حصول توترات كثيرة جدًا فشلت كلها في عرقلة تدفق الخام"، وفق تصريحات أدلى بها لـ"ماركيت ووتش".

وأوضح راج: "نتعلم درسًا مهمًا من مرونة صادرات النفط الروسية- رغم التطورات الجيوسياسية، دائمًا ما يتدفق النفط إلى مقدمة السعر الأعلى".

وما تزال إيران قادرة على الالتفاف على العقوبات الدولية، رغم كونها لا تضاهي روسيا في ثقلها السياسي أو الاقتصادي.

وتابع راج: "وبناء عليه، فإنه ما لم تكن هجمات الطائرات المسيرة تستهدف منشآت نفطية، وتعرقل الإنتاج، فإنه لا يمكن للتوترات الجيوسياسية وحدها أن تقيد تدفقات الخام".

وواصل: "هذا كلام يحالفه الصواب بالنظر إلى أن العالم يحتاج إلى النفط الإيراني، في حين تحتاج طهران إلى الدولارات، ولذا فإن هذا الاعتماد المتبادل يضمن استمرار تجارة الخام الإيراني في أسواق النفط العالمية".

ويبين الرسم التالي -الذي أعدّته منصة الطاقة المتخصصة- الطلب على النفط وفقًا لمنظمة أوبك خلال المدة من 2019 إلى 2023 (أرقام 2023 عبارة عن توقعات):

الطلب على النفط وفقًا لأوبك

ذُعر أميركي

صرّحت الولايات المتحدة -مؤخرًا- بأنها ستبذل كل ما في وسعها لمنع الصين من شراء النفط الإيراني، في إطار الضغوطات التي تمارسها واشنطن لوضع حد لطموحات طهران النووية.

وقال المبعوث الأمريكي الخاص لإيران روبرت مالي: "إن الصين هي البلد الرئيس المستقبل للنفط الإيراني غير المشروع، وسنسعى جاهدين لإثناء بكين عن تلك المشتريات"، وفقًا لشبكة "بلومبرغ".

وتتزايد صادرات النفط الإيراني المتجهة في الوقت الراهن إلى الصين، إذ يعمد الإيرانيون إلى إخفاء وجهة الخام، ليبدو وكأنه قادم من ماليزيا، في مسعى من قبل طهران للتحايل على العقوبات الغربية.

وكانت الولايات المتحدة الأميركية قد غلظت العقوبات المفروضة على طهران، واشتمل ذلك على قطاع النفط الإيراني، منذ سحب الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب بلاده من الاتفاق النووي الإيراني عام 2018.

زيادة الصادرات الإيرانية

يشير المحللون إلى أن صادرات النفط الإيرانية تشهد زيادة في الوقت الراهن على ما يبدو.

وفي هذا السياق، بلغت صادرات إيران النفطية ذروتها في 4 سنوات، في ديسمبر/كانون الأول (2022)، حسب أرقام صادرة عن "فورتيكسا"، الشركة المتخصصة في تتبع شحنات النفط.

وخلال المدة المذكورة، سجّلت صادرات النفط الإيرانية زهاء 1.4 مليون برميل يوميًا، لتلامس أعلى مستوى على الإطلاق منذ عام 2019.

وفي ضوء هذا السيناريو، قال رئيس مؤسسة "إستراتيجيك إنرجي أند إيكونوميك ريسيرش" مايكل لينش، إن صادرات النفط الإيرانية قد قفزت بفضل استيرادها على أنها خام ماليزي من قبل المشترين الصينيين.

وفي عام 2021، لامس حجم صادرات النفط الإيرانية نحو 840 ألف برميل يوميًا من مننتجات نفطية، بزيادة من نحو 700 ألف برميل نفط يوميًا في العام السابق (2020)، وفق تقديرات صادرة عن إدارة معلومات الطاقة الأميركية، وطالعتها منصة الطاقة المتخصصة.

وشكّل غاز النفط المسال وزيت الوقود والبنزين نحو 74% من إجمالي صادرات المنتجات النفطية الإيرانية.

يُذكر أنه في العام قبل الماضي (2021)، احتلت إيران المرتبة الـ5 في قائمة أكبر 5 دول إنتاجًا للنفط الخام في منظمة أوبك، كما صُنفت ثالث أكبر منتج للغاز الطبيعي في العالم عام 2020، وفق أرقام إدارة معلومات الطاقة الأميركية.

وفي ختام 2021، مثّلت إيران -أيضًا- ما نسبته 24% من احتياطيات النفط في الشرق الأوسط و12% من احتياطيات النفط العالمية، وفق الأرقام ذاتها.

أسواق النفط
مضيق هرمز - الصورة من Getty Images

اجتماع أوبك+

أكد لينش أهمية ألا تؤثر الزيادة في صادرات النفط الإيرانية بأي حال من الأحوال على اجتماع اللجنة المقبلة لمنظمة الدول المصدرة للنفط "أوبك" وحلفائها في ما يُعرف بتحالف أوبك+.

ومن المقرر أن تجتمع اللجنة غدًا الأربعاء الأول من فبراير/شباط (2023)، لاستعراض آخر التطورات في أسواق النفط.

وتجتمع اللجنة كل شهرين، بيد أن بوسعها التوصية بعقد اجتماع لوزراء أوبك+ كافة، والذي قد يتمخض عنه تغييرات في السياسات الفعلية ذات الصلة.

يُشار هنا إلى أن الاجتماع الوزاري لتحالف أوبك+ سُيعقد في يونيو/حزيران المقبل.

وبينما أوضح أن تنامي حدة التوترات بين إيران وإسرائيل لن تكون محور النقاش الرئيس على أجندة "أوبك+"، بأي حال، أكد لينش أن تلك المسألة ستظل صداعًا في رأس الدول الخليجية.

ولفت إلى أنه لا يتوقع مطلقًا حصول أي تغييرات في حصص إنتاج دول "أوبك+"، بالنظر إلى أن "الأسعار تحوم في المستوى المناسب، على الأقل في النطاق الذي يروق للمملكة العربية السعودية".

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق