غازتقارير الغازسلايدر الرئيسيةعاجل

تقرير إيطالي: الغاز الجزائري خلاص أوروبا من هيمنة روسيا

وأميركا قد تقدم دورًا محوريًا

مي مجدي

اقرأ في هذا المقال

  • النفط والغاز يمثلان الركيزة الأساسية للاقتصاد الجزائري
  • الغاز الجزائري يشكل 10% من إجمالي واردات الاتحاد الأوروبي خلال عامي 2020 و2021
  • التنسيق بين الدول الأوروبية يضمن تحويل المزيد من الإمدادات الجزائرية للقارة
  • أوروبا تعد طرفًا في تقاعس مشروعات الطاقة المتجددة
  • أميركا قد تؤدي دورًا بفضل خبرتها في الطاقة المتجددة والغاز الصخري

بات الغاز الجزائري في دائرة الضوء بعد التغيرات الجيوسياسية العالمية الناجمة عن الحرب في أوكرانيا وتفاقم أزمة الطاقة في أوروبا.

فقد هيمن النفط والغاز على اقتصاد البلاد منذ ما يقرب من 70 عامًا مع اكتشاف أول حقول النفط في الجزائر باحتياطيات مجدية تجاريًا في عام 1956.

ومنذ ذلك الوقت، أصبحت الهيدروكربونات الركيزة الأساسية للاقتصاد الجزائري، إذ تمثّل قرابة 20% من الناتج المحلي الإجمالي، و40% من الموازنة الوطنية.

ومع تصاعد حدة التوتر بين روسيا وأوروبا توافد العديد من كبار المسؤولين والسياسيين إلى الجزائر مؤخرًا لتعزيز العلاقات، خاصة في قطاع الطاقة.

وفي ضوء ذلك، نشر معهد الدراسات السياسية الدولية في إيطاليا (آي إس بي آي) تقريرًا -اطلعت عليه منصة الطاقة المتخصصة- يبرز أهمية الغاز الجزائري ومصادر الطاقة الأخرى للقارة الأوروبية، خاصة أنها تُعد أكبر منتج ومصدر للغاز الطبيعي في أفريقيا، وأدت الأزمات الأخيرة في القارة الأوروبية إلى تسليط الضوء على البلاد بصفتها شريكة موثوقة للطاقة.

الغاز الجزائري إلى أوروبا

شكّل الغاز الجزائري نحو 10% من إجمالي وارادت الاتحاد الأوروبي من الغاز خلال المدة من 2020 إلى 2021.

وتذهب 80% من صادرات الغاز الجزائري إلى أوروبا، وما يزال هناك مجال لزيادتها، لكن يعتمد ذلك على خفض الطلب في البلاد وارتفاع المعروض.

ويتمثّل أحد التدابير الرئيسة لخفض الطلب على الغاز في تركيب محطات كهرباء تعمل بنظام الدورة المركبة للغاز، لتحل محل المحطات القديمة الأكثر استهلاكًا للوقود.

بالإضافة إلى ذلك، تحتاج الجزائر إلى زيادة إمدادات الغاز من خلال تحقيق أقصى استفادة من خطوط الأنابيب ومحطات الإسالة، والتخطيط لقدرات تصديرية جديدة، إلى جانب تطوير أنشطة المنبع (التنقيب والإنتاج)، بهدف اكتشاف المزيد من الغاز داخل الأراضي الجزائرية، بحسب معلومات منصة الطاقة المتخصصة.

يُشار إلى أن شركة النفط والغاز الحكومية سوناطراك قد أعلنت في يونيو/حزيران (2022) اكتشافًا ضخمًا بحقل حاسي الرمل، الذي يُعرف بـ"إل دي 2" أو "لياس الكربوناتي"، والذي يُعد أكبر الاكتشافات في البلاد خلال العقدين الماضيين، وكشفت التقييمات الأولية عن وجود قرابة 100 إلى 340 مليار متر مكعب من الغاز المكثف.

كما يمكن توسيع نطاق أنشطة المنبع، لا سيما أن ثلثي الأراضي الجزائرية -حاليًا- غير مكتشفة، ويضمن استعمال أفضل التقنيات الجديدة لحقول الغاز الحالية زيادة الإمدادات.

أما موارد الغاز الصخري الجزائرية غير المستغلة فهي تعد فرصة إستراتيجية ضخمة، لا سيما أن البلاد تمتلك ثالث أكبر احتياطيات منه في العالم.

ويوضح الرسم التالي -الذي أعدّته منصة الطاقة المتخصصة- احتياطيات الغاز الطبيعي في الجزائر:

احتياطيات الغاز الجزائري

الغاز الجزائري إلى إيطاليا وإسبانيا

كانت إيطاليا في طليعة الدول الأوروبية لتعزيز التعاون مع دول جنوب البحر المتوسط في قطاع الطاقة، وأعطت الأولوية إلى الجزائر.

ويرجع ذلك إلى العديد من العوامل، من بينها القرب الجغرافي من الأسواق الأوروبية، والبنية التحتية الحالية، مثل خط أنابيب نقل الغاز أنريكو ماتيي "ترانسميد" بسعة 34 مليار متر مكعب، والاحتياطيات الضخمة من الغاز البالغة 4.5 تريليون متر مكعب عام 2021، أي ما يعادل 2.3% من احتياطيات الغاز المؤكدة في العالم.

وساهمت زيارة رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني الأخيرة إلى الجزائر في تعزيز التعاون بين البلدين.

ووقع البلدان 5 مذكرات تفاهم جديدة في قطاع الطاقة، تتضمن تعزيز التعاون الطاقي ودراسة أفضل الطرق لزيادة صادرات الطاقة من الجزائر إلى إيطاليا، عن طريق تعزيز قدرات نقل الغاز الحالية، وإنشاء خط أنابيب جديد لنقل الهيدروجين من الجزائر إلى روما،

بالإضافة إلى ذلك، ستتعاون البلدان لمد خط كهربائي بحري للربط بين البلدين، وزيادة القدرة على إنتاج الغاز المسال، إلى جانب التعاون التكنولوجي لخفض حرق الغاز وخفض الانبعاثات، وتطوير مشروعات مشتركة لخفض انبعاثات الكربون في منشآت إنتاج الهيدروكربونات بالجزائر.

ومن المتوقع أن تبلغ إمدادات الغاز الجزائري إلى روما 28 مليار متر مكعب بحلول 2024، وفقًا لتصريحات الرئيس التنفيذي لشركة إيني الإيطالية كلاوديو ديسكالزي.

وجاءت الاتفاقيات الأخيرة لتؤكد على مسيرة التعاون بين البلدين التي بدأت منذ وقت طويل.

ففي أبريل/نيسان (2022)، وقّعت شركتا إيني الإيطالية وسوناطراك الجزائرية اتفاقية لزيادة صادرات الغاز عبر خط أنابيب ترانسميد.

وبموجب الاتفاق، ستستغل الجزائر سعة خط أنابيب ترانسميد الاحتياطية لزيادة حجم إمدادات الغاز تدريجيًا، بدءًا من عام 2022، وصولًا إلى 9 مليارات متر مكعب سنويًا بحلول عامي 2023 و2024، لتصبح بذلك أول مورد للغاز إلى إيطاليا.

وعلى الجانب الآخر، تدهورت العلاقات الثنائية بين إسبانيا والجزائر بسبب تغير الموقف الإسباني ودعمه للموقف المغربي والصحراء الغربية.

وفي أواخر عام 2021، أوقفت الجزائر صادرات الغاز عبر خط أنابيب الغاز المغربي الأوروبي، الذي يربط الجزائر في إسبانيا عبر المغرب، فور انتهاء العقد بين الجزائر والمغرب، وفشل البلدان في تجديده بسبب الخلافات السياسية.

وما تزال إسبانيا تستورد الغاز الجزائري عبر خط أنابيب ميدغاز، إلى جانب إمدادات الغاز المسال.

إيطاليا جسرًا لباقي الدول الأوروبية

يمكن للدول الأوروبية التنسيق فيما بينها لتحويل بعض الغاز الجزائري المتجه إلى إسبانيا عبر خط الأنابيب إلى إيطاليا باستعمال السعة غير المستغلة لخط أنابيب ترانسميد، خاصة أن إسبانيا لا تعتمد على الغاز الروسي، لكن لديها قدرة على استقبال المزيد من إمدادات الغاز المسال.

وبذلك، تتيح الفرصة لإيطاليا لتحقيق استفادة من الغاز الجزائري المنقول عبر خطوط الأنابيب، ومن ثم يمكنها تقليل اعتمادها على الغاز الروسي، بحسب معلومات منصة الطاقة المتخصصة.

وسيساعد التنسيق بين الدول لتصبح إيطاليا جسرًا لبقية الدول، لا سيما مع الافتقار إلى البنية التحتية التي تربط إسبانيا بفرنسا، لكن إيطاليا متصلة بشمال ووسط أوروبا من خلال خط أنابيب ترانزيت غاز عبر سويسرا، وخط أنابيب ترانس أوستريا غاز عبر النمسا.

بالإضافة إلى ذلك، يمكن للجزائر زيادة الصادرات إلى الأسواق الأوروبية من خلال محطتي الغاز المسال سكيكدة وأرزيو، اللتين تبلغ طاقتهما الإجمالية 34 مليار متر مكعب سنويًا.

ومع ذلك تواجه الجزائر معضلة في قدرتها على إنتاج الغاز في ظل تزايد الطلب المحلي، وباتت بحاجة ماسة إلى جذب الاستثمارات.

ووقّعت شركة سوناطراك -مؤخرًا- عقدًا جديدًا مع إيني الإيطالية وأوكسيدنتال الأميركية وتوتال إنرجي الفرنسية بقيمة 4 مليارات دولار لاستغلال حقول النفط والغاز في منطقة بيركين.

ويوضح الرسم التالي -الذي أعدّته منصة الطاقة المتخصصة- أطول خطوط أنابيب الغاز في أفريقيا:

أطول شبكة خطوط أنابيب غاز

أوروبا سبب في تقاعس مشروعات الطاقة المتجددة

بينما تحظى المبادرات الهيدروكربونية بدعم واسع في الجزائر، إلا أن ارتفاع أسعار النفط والغاز يشكل تهديدًا لنشر الطاقة المتجددة في البلاد.

ويرى التقرير أن أوروبا طرف في تقاعس الجزائر عن تسريع خطط الطاقة الخضراء، بصفتها مستوردًا لأكثر من 80% من الغاز الجزائري.

فبالإضافة إلى الجهود التي تبذلها الحكومات الأوروبية لتوفير إمدادات جديدة من الغاز الجزائري، يجب على القيادات دعم المبادرات التي تشجع الجزائر على تحقيق أقصى استفادة من إمكانات الموارد المتجددة الهائلة.

ويجب أن تُقابل الاتفاقيات البارزة في قطاع الهيدروكربونات، مثل صفقة الغاز البالغة 4 مليارات دولار بين إيني الإيطالية وسوناطراك الجزائرية، بقدر مماثل من الجهود أو أكثر في الطاقة المتجددة.

ورغم أن الولايات المتحدة لا تؤدي دورًا مباشرًا في مستقبل الطاقة بالجزائر مثل أوروبا، لكن من الضروري التعاون مع الحكومة لدفع مبادرات التحول في قطاع الطاقة.

فالولايات المتحدة تحتل المرتبة الثانية من حيث القدرة المركبة للطاقة المتجددة على مستوى العالم، بالإضافة إلى خبرتها الواسعة في تطوير موارد الغاز الصخري.

وتمثّل آفاق التطوير الواسعة بالجزائر في مجال الطاقة المتجددة والغاز الصخري فرصة للشركات الأميركية التي تسعى إلى إضفاء طابع دولي على عملياتها.

ويمكن أن تقترن هذه الجهود بدعم من حكومة الولايات المتحدة في شكل ديون منخفضة التكلفة، واستثمارات في الأسهم، وتأمين ضد المخاطر، فضلًا عن التدريب على القدرات المتعلقة بالأطر التنظيمية والتجارية لمصادر الطاقة المتجددة والغاز الصخري.

التعاون الأميركي والأوروبي

مع إدراك كل من الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة المخاطر المرتبطة بروسيا بصفتها موردًا رئيسًا للغاز، والصين كونها مصنعة أساسية لإمدادات الطاقة النظيفة، باتت إعادة تقييم سلاسل توريد الغاز والطاقة النظيفة وتنظيمها أولوية قصوى، ويمكن أن تؤدي الجزائر دورًا مهمًا في هذا التحول.

ومن الممكن أن يشمل التعاون الأوروبي الجزائري والتعاون الأميركي الجزائري العديد من المبادرات، أهمها:

  1. التعاون لنشر قدرات جديدة للطاقة المتجددة، من خلال مشروع سولار 1000 للطاقة الشمسية، ومشروعات طاقة الرياح، وغيرها من التقنيات المتجددة.
  2. مقترح مشترك لتطوير خطوط بحرية لتصدير الطاقة المتجددة المنتجة في الجزائر مباشرة إلى أوروبا.
  3. تطوير مجموعة من المشروعات في الطاقة المتجددة والغاز الصخري، بما في ذلك التعدين والتصنيع والتقاط الكربون والهيدروجين.
  4. خلق شراكات لالتقاط الغاز المشتعل واستعماله، الذي تلجأ بعض الدول إلى حرقه -حاليًا- نتيجة الافتقار إلى البنية التحتية اللازمة لتجميع الغاز ونقله.
  5. تقديم الدعم الفني والاستثمارات لزيادة نشر تقنيات الغاز الطبيعي الفعالة، من خلال تجديد المحطات القديمة أو الاستعاضة عنها بأخرى جديدة.
  6. الاستثمار لزيادة سعة خطوط الأنابيب الحالية من الجزائر إلى أوروبا، وبناء محطات جديدة لتصدير الغاز المسال على الأراضي الجزائرية أو زيادة قدرة المحطتين الحاليتين.
  7. تعزيز فرص الاستثمار في قطاع الهيدروكربونات بالجزائر، للمشاركة في أنشطة التنقيب والإنتاج الجديدة، واستغلال إمكانات الصخري في البلاد، ولضمان زيادة الإنتاج من حقول الغاز الحالية.

ويوضح الرسم التالي -الذي أعدّته منصة الطاقة المتخصصة- أكبر منتجي الغاز في أفريقيا:

تعرف على أكبر منتجي الغاز في أفريقيا

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق