غازالتقاريرتقارير الغازتقارير دوريةرئيسيةوحدة أبحاث الطاقة

مشروع ريو غراندي للغاز المسال.. هل يكون وبالًا على توتال والمستهلكين الأميركيين؟

وحدة أبحاث الطاقة - رجب عز الدين

اقرأ في هذا المقال

  • مشروع ريو غراندي للغاز المسال قد يضرّ المستهلكين الأميركيين
  • تكلفة المشروع 15.7 مليار دولار، وقرار الاستثمار النهائي خلال أسابيع
  • ارتفاع الأسعار المحلية في أميركا أحد الآثار الجانبية المحتملة خلافًا للسائد
  • توتال إنرجي تشتري حصة أسهم، وتتعاقد على الشراء لمدة 20 عامًا
  • دخول المشروع إلى الإنتاج في عام 2027 يعرّضه لخطر تخمة المعروض
  • قرار دخول توتال إنرجي للمشروع مغامرة مالية وبيئية

يستعد مشروع ريو غراندي للغاز المسال في الولايات المتحدة للانطلاق، عقب تعثّر دام 8 سنوات، وذلك بعد تأمينه صفقات شراء طويلة الأجل مع عملاقة الطاقة الفرنسية "توتال إنرجي"، لكن توقعات الخبراء لمستقبل المشروع وآثاره ليست متفائلة.

وتقترب شركة "نيكست ديكيد" الأميركية من اتخاذ قرار الاستثمار النهائي لمشروع محطة ريو غراندي بعد دخول مستثمرين جدد إلى هيكل الملكية وتأمين صفقات بيع طويلة الأجل مع شركة توتال إنرجي، وفقًا لما رصدته وحدة أبحاث الطاقة.

وأعلنت نيكست ديكيد، في 14 يونيو/حزيران 2023، موافقة شركة غلوبال إنفراستراكشر بارتنرز -وهي شركة أسهم خاصة مقرّها نيويورك- على شراء حصة الأغلبية في مشروع ريو غراندي للغاز المسال.

كما وقّعت شركة توتال إنرجي اتفاقًا مع الشركتين للاستحواذ على حصة أقلية في المشروع، وشراء 5.4 مليون طن من الغاز الطبيعي المسال سنويًا لمدة 20 عامًا، يبدأ من دخول المحطة حيز التشغيل.

ومن المتوقع أن تسهم انطلاقة مشروع ريو غراندي للغاز المسال في زيادة المعروض العالمي، لكنها قد تنعكس على الأسعار المحلية بصورة سلبية، وتزيد من أعبائها على المواطنين، وفقًا لتقرير حديث صادر عن معهد اقتصادات الطاقة والتحليل المالي.

خطر زيادة الأسعار يلوح في الأفق

استقبلت الأسواق الدولية تطورات مشروع ريو غراندي للغاز المسال الأخيرة بالارتياح والتفاؤل، خاصة بعد أزمة الطاقة العالمية التي أحدثتها الحرب الروسية الأوكرانية خلال العام الماضي.

إلّا أن بعض مؤسسات التحليل العالمية ما زال متشككًا في جدواه الاقتصادية والبيئية بالنسبة لشركة توتال إنرجي، إلى جانب مخاوف من تأثيره السلبي في زيادة أسعار الغاز المحلية بالولايات المتحدة، على غير المتوقع من تحليلات زيادة القدرة الإنتاجية لأيّ بلد في العالم.

يوضح الرسم التالي -من إعداد وحدة أبحاث الطاقة- حجم صادرات الغاز المسال الأميركية خلال العامين الماضيين:

صادرات الغاز المسال الأميركية خلال 2022

وتعني زيادة مشروعات الغاز المسال الأميركية الجديدة احتمال تصدير كميات أكبر إلى الأسواق الدولية للاستفادة من أسعارها المربحة، ما سينعكس على المواطنين في صورة ارتفاع أسعار الغاز المحلية، وفق ما يُسمّى "استيراد الأسعار" في الأسواق الرأسمالية الحرة.

فالغالب أن هذه المشروعات تطوّرها شركات خاصة تسعى إلى تحقيق أكبر قدر ممكن الأرباح عبر التصدير للخارج، ما يعني أن الأسعار المحلية ستظل أسيرة لظاهرة "الأسعار المستوردة" المتصلة مباشرةً بحركة وأسعار الخارج صعودًا وهبوطًا، على عكس السائد في أذهان بعض المواطنين ممن يظنون أن زيادة القدرة الإنتاجية للغاز المسال في بلادهم تعني بالضرورة انخفاض الأسعار المحلية.

7 محطات ترفع قدرة التصدير بنسبة 80%

من المتوقع أن يؤدي ظهور مرافق تصدير جديدة للغاز المسال في الولايات المتحدة إلى زيادة احتمال تكرار ارتفاع الأسعار المحلية كما حدث خلال العام الماضي 2022، وفقًا لتقديرات معهد اقتصادات الطاقة والتحليل المالي.

وإذا تمكنت نيكست ديكيد من تأمين التمويل اللازم لمشروع ريو غراندي للغاز المسال، فسيكون المشروع السابع -تحت الإنشاء- لمحطات إسالة الغاز الطبيعي، منها محطتان للتسييل في المكسيك معتمدتان على الغاز الأميركي.

ومن المتوقع أن يسهم تشغيل المحطات الـ7 ودخولها إلى الخدمة في زيادة قدرة تصدير الغاز المسال الأميركي بنسبة 80%، ما قد يزيد من آلام المستهلكين الأميركيين بسبب الارتفاع المحتمل في أسعار الغاز المحلية، نتيجة للتوسع في التصدير.

ويمكن لقدرة التصدير الأميركية أن تصل إلى 22 مليار قدم مكعبة من الغاز يوميًا، ما يعادل أكثر من خمس إجمالي إنتاج الغاز الحالي في البلاد، مع تخمة من المشروعات الإضافية التي تترقب الحصول على الضوء الأخضر من الممولين لإطلاقها خلال السنوات المقبلة.

العلاقة بين ارتفاع الصادرات والأسعار المحلية

كشف تقرير تحليلي حديث صادر عن إدارة معلومات الطاقة الأميركية وجود علاقة ارتباطية بين زيادة القدرة التصديرية للغاز المسال وارتفاع أسعاره المحلية، وفقًا لما رصده معهد اقتصادات الطاقة والتحليل المالي.

واعتمد التقرير على عملية نمذجة طويلة الأمد لمحركات سوق الغاز، وخلص إلى أن صادرات الغاز المسال قد تسمح لأسعار الغاز العالمية بالتسرب إلى الداخل في الولايات المتحدة.

كما خلص التقرير إلى أن البناء السريع لمشروعات الغاز المسال الأميركية الجديدة قد يؤدي إلى ارتفاع أسعار الغاز المحلية على أصحاب المنازل والشركات، ويجعلهم أكثر انكشافًا أمام الأسعار العالمية.

على الرغم من ذلك، يبدو مشروع ريو غراندي للغاز المسال معرّضًا أكثر من غيره لتقلّبات الأسعار العالمية، إذ يُتوقع أن يبدأ إنتاجه في سوق تعاني من تخمة محتملة بالمعروض العالمي.

يأتي ذلك مع واقع كون الولايات المتحدة ليست الدولة الوحيدة التي تتوسع في بناء محطات جديدة لتصدير الغاز المسال، فهناك توسعات هائلة في قطر أكبر مصدّر عالمي بنهاية 2022، وصاحبة أرخص غاز مسال في العالم.

كما تمتلك كندا وروسيا وأستراليا مشروعات توسعية -تحت الإنشاء- في قطاع الغاز المسال، كما هو الحال في موزمبيق وإندونيسيا والسنغال ونيجيريا والغابون.

مخاطر توقيتات المشروع

رغم توقّع ظهور سعة تصدير جديدة قليلة نسبيًا في سوق الغاز العالمية خلال العام المقبل (2024)، فإن ذروة السعة العالمية المضافة للأسواق ستكون في عام 2026، وسيستمر زخمها حتى 2027، ما يرجّح ضعف حاجة العالم لقدرة مشروع ريو غراندي للغاز المسال، الذي سيدخل حيز الإنتاج التجاري بحلول 2027، وفقًا لمحلل أسواق الغاز العالمية بمعهد اقتصادات الطاقة، كلارك ويليامز.

ويعتقد ويليامز أن أسواق الغاز الطبيعي المسال العالمية لا يمكنها امتصاص هذا الكم الهائل من العرض الجديد بسرعة، ما يعني أن مشروع شركة نيكست ديكيد سيفتح أبوابه التجارية في منتصف تخمة عالمية قد تمتد لسنوات، وتؤثّر في ربحه وجدواه الاقتصادية.

كما تجدر الإشارة إلى أن ارتفاع أسعار الغاز خلال العام الماضي قد أدى إلى تباطؤ نمو الطلب العالمي، لا سيما في أوروبا بصورة كبيرة، إذ أدت الحرب الأوكرانية لتسريع تحول القارة بعيدًا عن الغاز إلى مصادر الطاقة المتجددة.

كما انخفض استهلاك الغاز الطبيعي المسال في اليابان، إضافة إلى الصين التي راهنت التوقعات على طلبها لتحريك نمو الطلب العالمي، لكن ذلك لم يحدث، وفقًا لما رصدته وحدة أبحاث الطاقة.

كارثة مالية وبيئية

يخشى المحلل ويليامز من اصطدام مشروع ريو غراندي للغاز المسال بتحدي تزامُن نمو المعروض مع ضعف الطلب، ما قد يعرّض شركة توتال إنرجي الفرنسية لكارثة مالية، إذا قررت الدفع بملايين الأطنان من الغاز المسال في سوق عالمية لا تحتاجها.

كما سيكون هذا المشروع كارثة للبيئة كذلك، خاصة بعد تعرُّضه لانتقادات شديدة من قبل جماعات السكان الأصليين بمنطقة وادي ريو غراندي ممن يدافعون عن حماية آخر المناطق غير الملوثة نسبيًا على ساحل ولاية تكساس.

كما يمكن لمضاعفة إنتاج مشروع ريو غراندي للغاز المسال أن يعرّض التزامات توتال إنرجي طويلة الأجل تجاه المناخ للخطر، خاصة أن إنتاج هذا المشروع سيأتي من حوض برميان المشهور بأنه نقطة ساخنة لتسريبات الميثان الهائلة في الولايات المتحدة، وهو أحد الغازات الرئيسة المسببة للاحتباس الحراري.

الرئيس التنفيذي لشركة توتال إنرجي
الرئيس التنفيذي لشركة توتال إنرجي باتريك بويانيه - الصورة من lepoint

لهذه الأسباب مجتمعة، يبدو دخول توتال إنرجي كونها متعاقدًا طويل الأجل على شراء كميات كبيرة من غاز المشروع الأميركي غير مفهوم بالنسبة لشركة تزعم أنها ملتزمة بالوصول إلى الحياد الكربوني بحلول عام 2050.

فما زالت توتال إنرجي توقّع صفقات ستجعلها مضطرة لشراء كميات غاز إشكالية ممتدة حتى 2047 و2048، إلى جانب تعاقدها على مشروع ريو غراندي للغاز المسال الذي سيبدأ الإنتاج في وقت غير مناسب لأسواق متخمة بالعرض، ما يعني أن شرح القرار الأخير للمساهمين سيكون صعبًا عليهم، سواء من ناحية الجدوى الاقتصادية، أو الالتزامات البيئية، وفقًا للمحلل كلارك ويليامز.

تفاصيل اتفاق توتال إنرجي

يتوقع المديرون التنفيذيون في نيكست ديكيد اتخاذ قرار الاستثمار النهائي للمشروع الذي تبلغ تكلفته 15.7 مليار دولار في غضون أسابيع مقبلة، وفقًا لما رصدته وحدة أبحاث الطاقة.

ورغم ارتياح نيسكت ديكيد وتحالف المشاركين في تطوير مشروع ريو غراندي للغاز المسال بصفقة توتال إنرجي، فإن المستهلكين المحليين في الولايات المتحدة سيظلون حذرين في متابعة التطورات، خشية أن توثّر في ارتفاع الأسعار، كما علّمتهم التجارب السابقة.

ووقّعت توتال إنرجي في 14 يونيو/جزيران 2023 اتفاقًا إطاريًا مع شركتي نيكست ديكيد وغلوبال إنفراستراكتشرز بارتنرز، لشراء حصة أقلّية في مشروع ريو غراندي للغاز المسال، وفقًا لبيان منشور بموقع الشركة الفرنسية.

وتضمَّن الاتفاق الإطاري احتفاظ توتال إنرجي بحصّة 16.7% في المرحلة الأولى للمشروع، والتي تشمل إنشاء 3 خطوط لنقل الغاز المسال بقدرة إجمالية تصل إلى 17.5 مليون طن سنويًا.

كما نصَّ الاتفاق على شراء توتال إنرجي 5.4 مليون طن سنويًا من إنتاج المرحلة للأولى من مشروع ريو غراندي للغاز المسال لمدة 20 عامًا، على أن يكون لها الحق في المشاركة بالمراحل التالية، إلى جانب المشاركة في مشروع متصل لاحتجاز الكربون وتخزينه.

ويتصل بالاتفاق شراء الشركة الفرنسية 17.5% من أسهم شركة نيكست ديكيد، على 3 مراحل، بقيمة إجمالية قدرها 219 مليون دولار، بدأت في 13 يونيو/حزيران 2023، بشراء 5.06% من الأسهم مقابل 40 مليون دولار.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق