شركات النفط والغاز تقود سباق إزالة الكربون.. 5 مزايا تُقربها من الهدف
محمد عبد السند
- إكوينور تبني أكبر مزرعة رياح بحرية في العالم تزود حقول النفط والغاز بالكهرباء.
- شركات الطاقة الكبرى تُزيد أعداد مشروعات الطاقة النظيفة.
- تتألف أول مزرعة رياح في العالم تزود حقول النفط والغاز بالكهرباء من 11 توربينًا.
- شركات النفط والغاز تسرع جهود إزالة الكربون.
- الأحداث الجيوسياسية تنشر حالة من عدم اليقين في سوق الطاقة العالمية.
- نحو 34% من كبريات الشركات في العالم لديها أهداف الحياد الكربوني.
تمتلك شركات النفط والغاز الخبرة اللازمة للاضطلاع بأكبر مهامها نحو المجتمع، ممثلةً في مكافحة التغيرات المناخية؛ إذ توجه كامل إمكاناتها لإعادة بناء البنية التحتية للطاقة في العالم، مع المساعدة على خفض انبعاثات سلسلة القيمة.
وتنشر الأحداث الجيوسياسية الأخيرة حالة من عدم اليقين في سوق الطاقة العالمية، مؤكدة الدور المهم الذي يؤديه النفط والغاز في الاقتصاد العالمي؛ ما يفرض حتمية مواكبة ذلك القطاع الإستراتيجي الجهود المبذولة في مسار تحول الطاقة.
وتزدهر شركات النفط والغاز؛ إذ يدفع الجميع حول العالم الأموال لتغطية أسعار الطاقة المرتفعة جدًا، ليمكن إعادة توجيه أرباح تلك الشركات لتقليل بصماتها الكربونية، وهي الرؤية التي تتبناها وكالة الطاقة الدولية التي تقول إن عمليات الحفر والمعالجة وإتاحة الكهرباء تمثل ما نسبته 15% من انبعاثات الطاقة العالمية، وفق ما أوردته مجلة فوربس.
ومن علامات التوفيق أن شركات النفط والغاز تمتلك بالفعل المعرفة والتكنولوجيا اللازمتين لخفض الانبعاثات المصاحبة لتطوير تلك السلعتين الحيويتين، حسب معلومات جمعتها منصة الطاقة المتخصصة.
600 مليار دولار
يمكن أن تحدث إزالة الكربون على نقاط متعددة؛ فعلى سبيل المثال يمكن أن تستعمل تلك الشركات البطاريات والهيدروجين الأخضر في تشغيل منصاتها.
وقال المدير التنفيذي لوكالة الطاقة الدولية فاتح بيرول: "أحدث تقاريرنا التي تحمل عنوان (انبعاثات من عمليات النفط والغاز في التحولات حيادية الكربون)، تُظهر كيف يمكن أن تقلص صناعة النفط والغاز تلك الانبعاثات بنسبة 60% بحلول عام 2030".
وأضاف بيرول: "سيتطلب هذا إنفاقًا ضخمًا يبلغ نحو 600 مليار دولار؛ ما يقل كثيرًا عن تريليونات الدولارات التي كسبتها الصناعة في العام الماضي (2023)، بفضل أسعار الطاقة المرتفعة للغاية".
زيادة إنتاج الهيدروجين
يمكن لشركات النفط والغاز -أيضًا- تعزيز إنتاجية الهيدروجين، والاستثمار في تقنية احتجاز وتخزين الكربون، وهو ما سيعود بالنفع على قطاعات اقتصادية أخرى؛ فعلى سبيل المثال ستستفيد صناعات الصلب والأسمنت والأسمدة من استثماراتها في الهيدروجين منخفض الانبعاثات.
وستظل شركات النفط والغاز تستحوذ على ما نسبته 46% من حافظة الطاقة العالمية في عام 2040، وفق تقديرات وكالة الطاقة الدولية.
لا يعني الحياد الكربوني القضاء على الوقود الأحفوري، ولكن وضع حد للانبعاثات عبر إنشاء شبكات نقل حديثة تحمل مزيدًا من الإلكترونات الخضراء، وبناء خطوط أنابيب تحت سطح الأرض لنقل غاز ثاني أكسيد الكربون.
إكسون موبيل وشيفرون
تستثمر عملاقة الطاقة الأميركية إكسون موبيل 10 مليارات دولار في تقنيات خفض الانبعاثات الكربونية. ويشتمل هذا على كل شيء بدءًا من احتجاز الكربون، ومرورًا بتقنية البطاريات، وانتهاءً بالهيدروجين الأخضر.
وبالمثل تستثمر رائدة صناعة الطاقة الأميركية شيفرون ما قيمته 300 مليون دولار في صندوق التكنولوجيا منخفضة الكربون.
وفي هذا السياق قال بيرول: "الحقائق البسيطة واضحة: شركات النفط والغاز لديها بالفعل التقنيات والأموال والمعرفة لخفض الانبعاثات الكربونية بنسبة 60% بحلول عام 2030".
مُعضلة عالمية
يُتيح الوقود الأحفوري الآن ما نسبته 80% من إمدادات الكهرباء العالمية. وبناءً عليه يجب أن تصير العمليات الهادفة لإنتاج النفط والغاز والفحم أنظف وأكثر استدامة.
يُشار إلى أن نحو 34% من كبريات الشركات في العالم لديها أهداف الحياد الكربوني. غير أن 93% من تلك الشركات لن تُحقق أهدافها تلك بحلول عام 2030، ما لم تسرع وتيرة خفض انبعاثاتها الكربونية.
وأظهرت دراسة منفصلة أجرتها منظمة مشروع الكشف عن الكربون "سي دي بي" -منظمة مقرها في المملكة المتحدة تدعم الشركات والمدن للكشف عن التأثير البيئي للشركات الكبرى- أن من بين 4 آلاف شركة جرت مراجعتها، لم تمتلك سوى 81 منها فقط أهدافًا ذات صلة بالمناخ.
وتشكل الكهرباء -حاليًا- ما نسبته 20% من جميع معدلات استهلاك الكهرباء في صناعة النفط والغاز. ووفقًا لتقديرات؛ سترتفع تلك النسبة بواقع 60% بحلول عام 2050، مدفوعة بالمستخدمين الصناعيين الذي يميلون إلى كهربة عملياتهم.
وفيما يلي 5 طرق تستطيع بها شركات النفط والغاز أن تسرع من وتيرة سباق إزالة الكربون، وفق ما أورده موقع شركة "إي واي":
1-قوة رأس المال
سيتطلب تحول الطاقة ضخ استثمارات رأسمالية قدرها 5.8 تريليونات دولار أميركي سنويًا حتى أواسط القرن الجاري (2050). وتعني الخبرات العميقة التي تتمتع بها شركات النفط والغاز في جمع رؤوس الأموال، حتى في أكثر الأسواق تنافسية، أنها مؤهلة جيدًا لتمويل عمليات الطاقة الجديدة الخاصة بها.
2-استخبارات السوق
تستمر أسواق الطاقة المتجددة في التطور بوتيرة سريعة. ومع تطور التكنولوجيا، وتنامي خيارات الطاقة النظيفة، ستصبح مسألة اختيار أفضل مصدر وقود لكل مشروع أو مبادرة، أكثر تعقيدًا.
ولطالما نجحت شركات النفط والغاز في الاستفادة من استخبارات السوق في توجيه الطاقة الصحيحة إلى المكان الصحيح، وفي الوقت المناسب بالسعر المناسب.
ويوضح الإنفوغرافيك التالي -من إعداد منصة الطاقة المتخصصة- خطة مقترحة لإزالة الكربون نهائيًا من قطاع الكهرباء الأميركي:
3-تميز سلسلة الإمدادات
ترتفع قيمة قطاع النفط والغاز بواقع 4 تريليونات دولار سنويًا عبر سلاسل الإمدادات الخاصة به، ما يعادل نحو 4% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي.
وتشهد مشروعات الطاقة المتجددة نموًا متزايدًا عالميًا، ويتطلب نجاح تلك المشروعات تنسيق بيئات العمل المعقدة للموردين والشركاء والأصول.
وتُسهم الخبرات العميقة التي تتمتع بها شركات النفط والغاز في الإدارة، في تعقيد سلاسل الإمدادات العالمية، ومن ثم فإن تحسين جودة الأصول وتقديم الخدمات اللوجستية لعمليات التسليم سيكونان ذات قيمة في سوق الطاقة المتجددة الأكثر تعقيدًا واتصالًا.
4-تعزيز التكلفة عبر التكنولوجيا
يظل الكربون أولوية لصناعة الطاقة، لكن الظروف الاقتصادية الصعبة؛ من بينها التضخم المرتفع وتكاليف سلسلة الإمدادات المرتفعة تجعل من الصعب تسليم مشروعات الطاقة النظيفة واسعة النطاق.
ولدى شركات النفط والغاز سجل رائع في استعمال التكنولوجيا في خفض التكاليف -التكنولوجيا الرقمية حسنت إنتاجية النفط والغاز التقليديين.
وهذه القدرة على تطبيق الإبداع الرقمي باستمرار تساعد على تخفيف ضغوط الأرباح، والتي على الأرجح أن تشتد مع اشتعال المنافسة بين الوقود الأحفوري والطاقة المتجددة.
5-إدارة المخاطر
لدى شركات النفط والغاز مهارة كبيرة في تحديد وتخفيف المخاطر الكامنة في المشروعات الكبيرة، إضافة إلى تلك المخاطر الناجمة عن العمل في بيئات متعددة، وفي سوق تتسم بدرجة عالية من التقلبات.
هاويند تامبن.. مثال عملي
تبرز هاويند تامبن، أكبر مزرعة رياح بحرية في العالم، مثالًا عمليًا على الجهود المتواصلة التي تبذلها عمالقة الطاقة العالمية في مسار التحول الأخضر، عبر تنفيذ مشروعات الطاقة النظيفة من أجل إزالة الكربون من عملياتها التجارية.
طُورت المزرعة التي تعد الأولى عالميًا أيضًا في تزود حقول النفط والغاز بالكهرباء، من قِبل عملاقة الطاقة النرويجية إكوينور بالتعاون مع عدد من الشركات الكبرى الأخرى.
وتعوّل الشركات المطورة لتلك المزرعة على الأخيرة في تسريع التحول الأخضر عبر تبني مصادر الطاقة النظيفة؛ من بينها مشروعات مزارع الرياح والطاقة الشمسية والطاقة الكهرومائية، في إطار الأهداف المناخية لتلك المؤسسات.
وفي هذا السياق، نشرت شركة ماموت الهولندية الرائدة في خدمات النقل وتركيب هياكل الطاقة الضخة مقطع فيديو تفصيليًا يصف مشاركتها في بناء مزرعة "هاويند تامبن" التي تُعد كذلك أكبر مزرعة رياح بحرية عائمة حسبما أورد موقع أوفشور ويند بي آي زاد OffshoreWINDbiz المتخصص.
وتُصنف "هايويند تامبن" –أيضًا- أول مزرعة رياح بحرية في العالم تزود حقول النفط والغاز بالكهرباء، وفق معلومات جمعتها منصة الطاقة المتخصصة.
توصيل الكهرباء للمرة الأولى
في نوفمبر/تشرين الثاني (2022)، نجحت أكبر مزرعة رياح بحرية في العالم تزود حقول النفط والغاز بالكهرباء، في توليد الكهرباء للمرة الأولى، وتوصيلها إلى حقل "غلفاكس إيه" الواقع في بحر الشمال قبالة السواحل النرويجية.
ثم شرعت "هايويند تامبن" لاحقًا، وتحديدًا في مايو/أيار (2023) في توصيل الكهرباء إلى حقل سنور للنفط والغاز الكائن في بحر الشمال بالنرويج أيضًا.
تتألف أكبر مزرعة رياح في العالم تزود حقول النفط والغاز بالكهرباء من 11 توربينًا سعة كل منها 8.6 ميغاواط، تُغطي نحو 35% من الطلب السنوي على الكهرباء في المنصات الـ5: سنور إيه، وسنور بي، وغالفاكس إيه، وغالفاكس بي، وغالفاكس سي، حسبما ذكرت الشركة.
تشغيل التوربينات
من المقرر أن تعمل التوربينات الـ11 –كلها من طراز سيمنس جاميسا- بالكامل بحلول نهاية العام الجاري (2023).
ومن المتوقع أن تساعد الكهرباء المُتجددة في تقليص استعمال الكهرباء المولدة بتوربينات الغاز في حقلي سنور وغالفاكس.
كما ستسهم الكهرباء المتجددة المولَّدة كذلك في القضاء على انبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون التي تُقدر بـ200 ألف طن، إلى جانب 1000 طن من انبعاثات أكاسيد النيتروجين سنويًا، وفق بيان صادر عن عملاقة الطاقة النرويجية إكوينور.
إكوينور المطورة والمشغلة
تطور إكوينور وتشغل -أيضًا- أكبر مزرعة رياح بحرية في العالم تزود حقول النفط والغاز بالكهرباء نيابةً عن شراكات تضم إكوينور إنرجي، وبيتورو، وأو إم في، بالنسبة لحقل غولفاكس.
في المقابل يشتمل التحالف المسؤول عن تطوير وتشغيل حقل سنور على شركات إكوينور إنرجي، وبيتورو، وإيديميتسو بيتروليوم، وفينترسال ديا، وفار إنيرجي إيه إس.
يُشار إلى أن تكلفة أكبر مزرعة رياح بحرية في العالم تزود حقول النفط والغاز بالكهرباء تلامس 488 مليار يورو (أكثر من 513 مليون دولار أميركي).
كيف تُبنى "هايويند تامبن"؟
نجح المهندسون والمتخصصون في تجاوز التحديات العديدة التي واجهتهم في أثناء تركيب أكبر مزرعة رياح بحرية في العالم تزود حقول النفط والغاز بالكهرباء، والتي نتجت في معظمها عن عمق المياه، والطبيعة الجيولوجية الخاصة بالتربة؛ ما تعذر معها تركيب توربينات تقليدية مُثبتة في القاع.
ومن هذا المنطلق استقر هؤلاء المهندسون في تثبيت تلك التوربينات على هياكل خرسانية عائمة بواسطة نظام تثبيت مشترك.
وجرى تثبيت توربينات الرياح العائمة في قاع البحر باستعمال الحبال والمراسي، بالآلية نفسها التي يجرى من خلالها تثبيت منصة نفط عائمة، بحسب معلومات طالعتها منصة الطاقة المتخصصة.
لكن في حالة "هايويند تامبن"، استقر المهندسون على استعمال عوامات "سبار" طولها 107 أمتار كي تطفو عليها التوربينات؛ وتقع تلك التوربينات أساسًا تحت سطح الماء.
ومع ذلك فرضت عملية تثبيت التوربينات بتلك الكيفية تحديًا كبيرًا بسبب وزن الهياكل وارتفاعها، لكن في النهاية جرى تذليل كل تلك العقبات بفضل الخبرات الواسعة التي يتمتع بها مهندسو وفنيو شركة ماموت، لتمضي أعمال التركيب بسهولة ويسر.
واستعانت ماموت برافعاتها المميزة في تجميع التوربينات على مسافة 143 مترًا من الرصيف البحري.
وقد تقرر أن تشرع أكبر مزرعة رياح بحرية في العالم تزود حقول النفط والغاز بالكهرباء في توليد الكهرباء خلال الربع الثالث من العام الجاري (2023).
الفيديو أدناه يوضح تفاصيل مشاركة شركة ماموت في تركيب أول مزرعة رياح بحرية في العالم:
موضوعات متعلقة..
- شركات النفط والغاز الأميركية في مواجهة اللوائح البيئية المتشددة.. ولاية كولورادو نموذجًا (تقرير)
- إزالة الكربون في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.. الحلول التكنولوجية أكثر ملاءمة (تقرير)
- تطوير مزارع الرياح البحرية في فيتنام لتصدير الكهرباء إلى سنغافورة
اقرأ أيضًا..
- مشروع أنبوب الغاز المغربي النيجيري يضم 4 دول أفريقية جديدة (صور)
- صادرات النفط النيجيري إلى الولايات المتحدة تنتعش في 2023
- وزير الطاقة السعودي: أوبك تؤدي دورًا محوريًا في دعم استقرار أسواق النفط