غازالتقاريرتقارير الغازتقارير النفطتقارير دوريةرئيسيةنفطوحدة أبحاث الطاقة

شركات النفط والغاز الأميركية في مواجهة اللوائح البيئية المتشددة.. ولاية كولورادو نموذجًا (تقرير)

وحدة أبحاث الطاقة - رجب عز الدين

اقرأ في هذا المقال

  • كولورادو واحدة من أكبر 6 ولايات منتجة للنفط في الولايات المتحدة
  • غلبة المزاج الديمقراطي على سكّان وحكّام الولاية منذ 2007
  • كولورادو أكثر الولايات الأميركية تشددًا في لوائح النفط والغاز لاعتبارات البيئة
  • شيفرون تدخل الولاية المتشددة وتعد بتحسين أعمالها تلبية لرغبة السكان

ما زالت شركات النفط والغاز الأميركية تواجه تحديات تشديد اللوائح البيئية في أكثر من ولاية أميركية، خاصة الواقعة تحت سيطرة الديمقراطيين، رغم تراجع الرئيس جو بايدن عن توجّهه لتقييد الصناعة خلال العام الماضي (2022)، على خلفية الأزمة الروسية الأوكرانية، التي أثارت مخاوف بشأن أمن الطاقة، وتتجه ولاية كولورادو لتشديد لوائح البيئة والانبعاثات والصحة العامة، ما يمثّل تحديًا مستقبليًا كبيرًا لشركات النفط والغاز العاملة في الولاية الواقعة غرب البلاد، وفقًا لما رصدته وحدة أبحاث الطاقة.

وتعدّ ولاية كولورادو واحدة من أكبر 6 ولايات أميركية منتجة للنفط الخام، إلى جانب تصنيفها ضمن أكبر 10 ولايات منتجة للغاز الطبيعي، وفقًا لشركة الأبحاث وود ماكنزي.

وغالبًا ما تكون الولايات المنتجة للوقود الأحفوري أقلّ تشددًا مع شركات النفط والغاز الأميركية خلافًا لغيرها من الولايات ذات الأنشطة الإنتاجية المختلفة.

كما يغلب على الولايات المنتجة للنفط والغاز المزاج السياسي الجمهوري، إذ يصوّت أغلب سكانها دائمًا لمرشحي الحزب الجمهوري على مستوى الرئاسة أو البرلمان أو الولاية، مع استثناءات نادرة، منها كولورادو.

كولورادو ولاية ديمقراطية

يؤيد الحزب الجمهوري صناعة النفط والغاز بشدّة، كما يبدو أقلّ حماسة إلى قضايا التغير المناخي وخفض الانبعاثات، خلافًا للحزب الديمقراطي المتحمس بشدّة لهذه القضايا وتشريعاتها القانونية الداعمة.

وصوَّتت أغلبية ملحوظة من سكان ولاية كولورادو في الانتخابات الرئاسية الماضية عام 2020 لصالح الرئيس الديمقراطي جو بايدن بنسبة 55%.

كما يتولى زمام حكم الولاية محليًا ممثلون ينتمون للحزب الديمقراطي منذ عام 2007، الذي شهد خروج آخر حاكم جمهوري للولاية إلى غير رجعة حتى الآن، وفقًا لما رصدته وحدة أبحاث الطاقة.

وانعكس هذا المزاج الديمقراطي للولاية على مواقفها بشأن سياسة الطاقة ولوائح التعامل المتشددة مع شركات النفط والغاز الأميركية العاملة في إقليمها الممتد عبر 270 ألف كيلومتر مربع.

ولا يبدو أن الإطار التنظيمي المتشدد تجاه الشركات سيوقف نمو إنتاج النفط في الولاية خلال السنوات القليلة المقبلة، لكنه سيسهم في تشكيل هيكل مستقبلي ضاغط على صناعة النفط والغاز، وفقًا لتقديرات وود ماكنزي.

شيفرون تدخل إلى الولاية المتشددة

على الرغم من ضيق شركات النفط والغاز الأميركية بالاتجاه البيئي المتشدد في كولورادو، فإن شركة شيفرون الأميركية لا يبدو عليها هذا القلق، بل تتجه لتعزيز وجودها في الولاية خلال السنوات المقبلة.

وأعلنت شيفرون، في 22 مايو/أيار (2023)، عزمها الاستحواذ على شركة "بي دي سي إنرجي" في صفقة قُدِّرت بنحو 7.6 مليار دولار شاملة تحمل ديون الأخيرة، وفقًا لوكالة رويترز.

وتعدّ هذه الصفقة بمثابة تصويت بالثقة على مستقبل كولورادو بوصفها منتجًا للنفط والغاز، من قبل إحدى أكبر شركات النفط والغاز الأميركية، على حدّ تعبير محلل وود ماكنزي، إد كروكس.

ويرجع السبب في الاحتفاء بالصفقة إلى تركّز أغلب إنتاج شركة "بي دي سي إنرجي" في حوض دنفر-جولسبورغ بولاية كولورادو، إلى جانب امتلاكها موقع صغير في حوض برميان بولاية تكساس لا تتعدى مساحته الصافية 25 ألف فدان.

إحدى مشروعات شركة شيفرون
إحدى مشروعات شيفرون - الصورة من موقع الشركة

وتمثّل هذه الصفقة تنويعًا كبيرًا في محفظة مشروعات شركة شيفرون الأميركية المتركزة بنسبة 75% في 4 مناطق رئيسة متمثلة في حوض برميان وخليج المكسيك الأميركي وقازاخستان، إلى جانب الاستثمار في الغاز المسال الأسترالي.

ويضيف الاستحواذ على "بي دي سي إنرجي"، منطقة خامسة من الأصول في حوض دنفر-جولسبورغ، ما يمثّل تحولًا كبيرًا في اتجاه شيفرون، إلى جانب ثقتها في صناعة النفط والغاز بكولورادو، وفقًا لما رصدته وحدة أبحاث الطاقة.

حظر الحفر بالقرب من المنازل والمدارس

خشي محللون مراقبون للصفقة من التهديدات التنظيمية المتصاعدة في الولاية تجاه شركات النفط والغاز الأميركية، إلّا أن مسؤولي شيفرون كانوا أقلّ خوفًا وتحسبًا من هذه التداعيات.

أقرّت كولورادو في عام 2019، أكبر تشديد في لوائح النفط والغاز منذ عقود، ما أدى إلى تغيير أولويات المنظمين في الولاية، من تعزيز تنمية الصناعة إلى التركيز على معايير السلامة العامة والرفاهية والبيئة.

ومنحت هذه التعديلات سلطات أوسع لحكام المدن والمقاطعات التابعة للتحكم في تطوير مشروعات النفط والغاز الجديدة التي تقع في محيطهم الجغرافي والإداري.

وأضافت الولاية تعديلات أخرى خلال السنوات الأخيرة، شملت فرض حظر على عمليات حرق الغاز، إلى جانب حظر حفر أيّ آبار قريبة من محيط المنازل والمدارس في حدود 2000 قدم.

كما تضمنت القواعد تشديد معايير الالتزام بخفض انبعاثات غازات الاحتباس الحراري في القطاع، وسط مطالبات بوضع خطة تطوير شاملة للصناعة متناغمة مع الأهداف المناخية، وفقًا لما رصدته وحدة أبحاث الطاقة.

تشديد معايير جودة الهواء

اقترب المجلس التشريعي لولاية كولورادو من إدخال تعديلات جديدة أكثر تشددًا على قواعد جودة الهواء هذا العام، لكن صناعة النفط والغاز مارست ضغوطًا لتخفيفها قبل أن تُمرر بصورة نهائية.

وقال المدير التنفيذي لجمعية كولورادو للنفط والغاز دان هالي، إن القانون المعدل سيسمح للشركات بمواصلة إنتاج أنظف أنواع النفط والغاز الطبيعي على الكوكب.

ورغم تخفيف التعديلات الأخيرة، فإن بعضهم ما زال يرى أن المقترح الأصلي المتشدد للقانون يؤشّر لتوجّه متصاعد في الولاية لممارسة مزيد من الضغوط على شركات النفط والغاز الأميركية في المستقبل، وفق لشركة وود ماكنزي.

وبحسب ما نقله التقرير، يعتقد محللون أن حظر مشروعات النفط والغاز في كولورادو مسألة وقت لا أكثر، في حين ترى شيفرون أنه بإمكانها العمل مع السياسيين والمنظمين الحريصين على البيئة في الولاية دون مشاكسة أو صدام.

وكان تعليق الرئيس التنفيذي لشركة شيفرون مايك ويرث على صفقة الاستحواذ على "بي دي سي إنرجي" معبرًا عن هذه الروح التوافقية التي تستعد الشركة الأميركية لإظهارها تجاه حكّام كولورادو وسكانها.

وقال ويرث: "إن توقعات سكان كولورادو ستدفعنا لإعادة النظر في عمليات الشركة باتجاه تحسينها لأعلى مستوى، بدلًا من النظر إليها على أنها نوع من المواجهة بين طرفين متصارعين".

وتستعد شيفرون لإطلاق خططها الإنتاجية بالولاية في أقرب وقت ممكن، مستغلة نجاح شركة "بي دي سي إنرجي" في تأمين عدد كبير من الموافقات والتصاريح اللازمة لعمليات التنقيب والإنتاج خلال الأشهر الـ10 الماضية، إذ نجحت في الحصول على 1000 تصريح وموافقة.

وستمكّن هذه التصاريح شركة شيفرون الأميركية من مواصلة خطط التطوير بالمستويات الحالية حتى عام 2028، وفقًا لما رصدته وحدة أبحاث الطاقة.

توقعات إنتاج النفط في كولورادو حتى 2028

تُظهر توقعات وود ماكنزي أن البيئة التنظيمية الصارمة لن تمنع نمو إنتاج النفط الخام بولاية كولورادو بنسبة 18% خلال المدّة من 2022 إلى 2028، وهي نسبة تنخفض قليلًا عن نسب النمو البالغة 23% لـ48 ولاية أميركية أخرى.

وبلغ إنتاج النفط الخام في ولاية كولورادو الأميركية 432 ألف برميل يوميًا خلال العام الماضي، ارتفاعًا من 420 ألف برميل يوميًا في 2021، وفق بيانات إدارة معلومات الطاقة الأميركية.

كما تتوقع وود ماكنزي أن يظل إنتاج الغاز الطبيعي في الولاية بمستواه الحالي حتى 2028، مع تغيرات طفيفة محتملة ستؤخرها قليلًا عن ولايات تكساس ولويزيانا ونيو مكسيكو.

ويوضح الرسم التالي -من إعداد وحدة أبحاث الطاقة- تطور إنتاج النفط الأميركي من 2019 حتى 2023:

إنتاج النفط الأميركي

ورغم التأثير الضعيف للوائح المتشددة في الوقت الحالي، فإن آثارها الأوضح ربما تظهر بحلول 2030، إذ يُتوقع أن تزداد البيئة التنظيمية تعقيدًا للشركات الصغيرة والمتوسطة على وجه التحديد، وفقًا لمحلل وود ماكنزي راين دومان.

ويعتقد دومان أن تشديد البيئة التنظيمية في الولاية ربما يدفع الكيانات الصغيرة في القطاع إلى الاندماج مع الكيانات الأكبر، لصعوبة عمل الشركات الصغيرة في مثل هذه الظروف.

وانحصر مشهد المنافسة في ولاية كولورادو -بعد صفقة بي دي سي إنرجي- بين 3 شركات كبرى ذات نشاط فعال، وهي: أوكسيدنتال بتروليوم، وشيفرون، وسيفيتاس، إلى جانب عدد قليل من الشركات الصغيرة التي يُتوقع زيادة معاناتها من القواعد خلال السنوات المقبلة أكثر من غيرها.

ويحتاج العمل في بيئات تنظيمية متشددة إلى امتلاك بنية عمل قوية وفرق مؤهلة للصحة والسلامة، وهو ما لا يتوافر إلّا في الشركات الكبرى ذات القدرات المالية التي تمكّنها من تلبية هذه الشروط بسهولة خلافًا للشركات الصغيرة، التي لا تقوى على تحمّل هذه الأعباء.

سياسات بايدن

تخلّى الرئيس الأميركي جو بايدن -خلال العام الماضي- عن تحركاته في تقييد إنتاج النفط والغاز عبر الولايات المتحدة بدفع الأزمة الأوكرانية واختلال أمن الطاقة المحلي والعالمي.

واضطر بايدن لتشجيع زيادة الإنتاج المحلي خلال العام الماضي عبر قرارات تعبّر عن هذا التوجّه، مثل تمرير مشروع " ويلو" التابع لشركة كونوكو فيليبس في ولاية ألاسكا رغم الجدل الدائر حوله منذ سنوات.

ويوضح الإنفوغرافيك التالي، الذي أعدّته وحدة أبحاث الطاقة، أبرز المعلومات عن مشروع "ويلو" النفطي في الولايات المتحدة:

مشروع ويلو النفطي في أميركا

ورغم تراجع الرئيس الأميركي تحت ضغط الظروف الدولية، فإن الزخم الذي تقوده ولاية كولورادو في هذا الاتجاه، ربما تعقبه صحوة في ولايات أميركية أخرى، خاصة بعد قانون خفض التضخم الذي رسّخ لتوجُّه الطاقة المتجددة وخفض الانبعاثات في البلاد حتى 2030.

كما ما يزال الضغط على شركات النفط والغاز الأميركية هدفًا معلنًا من قبل أنصار المناخ وأصحاب المصلحة المحليين، إلى جانب الحكومة الفيدرالية التي لم تُسقط ذلك الهدف من حساباتها الإستراتيجية طويلة الأمد، وفقًا لتوقعات وود ماكنزي.

ويضاف إلى ذلك ما تضمَّنه قانون خفض التضخم المقر أغسطس/آب 2022، من تشديد الرسوم المفروضة على انبعاثات الميثان من أغلب منشآت النفط والغاز في البلاد، ما يعني أن الصناعة لم تفلت من صداع القيود التنظيمية المزمن، وإن حصلت على مسكّنات لآثاره في الوقت الراهن بضغوط من الأحداث الدولية.

لهذا السبب، تعتقد وود ماكنزي أن شركات النفط والغاز الأميركية ستدفع إلى مزيد من الاندماج في قواعد الأداء البيئي المحسّن -بصورة أو بأخرى- خلال الأشهر والسنوات المقبلة.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق