غازتقارير الغازتقارير النفطرئيسيةنفط

مساعٍ لإنهاء استعمال الوقود الأحفوري في أوروبا قبل عام 2050 (دراسة)

استعمال الغاز في أوروبا قد ينخفض إلى النصف بحلول 2030

نوار صبح

اقرأ في هذا المقال

  • يمكن للاتحاد الأوروبي تسريع التخلص التدريجي الهيكلي من الغاز الأحفوري.
  • الاتحاد الأوروبي يسعى إلى إنهاء اعتماده على واردات الوقود الأحفوري الروسي قبل عام 2030.
  • استعمال الغاز في أوروبا يمكن أن ينخفض إلى النصف بحلول عام 2030.
  • قطاع الكهرباء هو الأسرع في تقليل استهلاكه من الغاز الأحفوري.

في ضوء أزمة المناخ المتسارعة، باتت هناك مساعٍ ضخمة للتخلص من الاعتماد على الوقود الأحفوري في أوروبا، ضمن جهود مضنية لتحقيق أهداف الحياد الكربوني الطموحة.

وحدد الاتحاد الأوروبي لنفسه هدفًا ملزمًا قانونًا لإنهاء جميع أنواع الوقود الأحفوري لتحقيق هدف الحياد الكربوني بحلول عام 2050 على أبعد تقدير.

ويأتي التزام الدول الأعضاء بهذا الهدف بموجب قانون المناخ للاتحاد الأوروبي الصادر في يونيو/حزيران 2021؛ ما يعني أن جميع استعمالات الوقود الأحفوري في أوروبا يجب أن تنتهي بحلول هذا التاريخ، وفق ما اطلعت عليه منصة الطاقة المتخصصة.

وفي مايو/أيار 2022، وضع الاتحاد الأوروبي هدفًا يتمثل في إنهاء اعتماده على واردات الوقود الأحفوري الروسي قبل عام 2030، بموجب خطة "ريباور إي يو".

وترمي هذه الخطة إلى إنهاء إمدادات الغاز رخيصة الثمن عبر خطوط الأنابيب من روسيا وعدم عدّ الغاز "وقودًا انتقاليًا" والتحول من استعمال الفحم الملوِّث إلى مصادر الطاقة المتجددة النظيفة.

ورغم الاهتمام بالآثار المترتبة على هدف الحياد المناخي للاتحاد الأوروبي لعام 2050 بالنسبة لطموح الاتحاد بشأن المناخ لعام 2030 ومستقبل استعمال الفحم؛ فقد كان هناك اهتمام أقل بالاستغناء الكامل عن أنواع الوقود الأحفوري الأخرى (النفط والغاز الأحفوريين).

جاء ذلك في دراسة بعنوان "الاستغناء عن الغاز الأحفوري طريق جديد لتحقيق الحياد الكربوني في أوروبا" أصدرها مركز أبحاث الطاقة الألماني "أغورا إنرجي ويندي" (agora-energiewende) مطلع مايو/أيار الجاري.

الاستغناء عن الوقود الأحفوري في أوروبا

استعرضت الدراسة دور الغاز الأحفوري والغازات غير الأحفورية في انتقال الاتحاد الأوروبي إلى الحياد الكربوني.

وانطلقت الدراسة من الالتزام السياسي بخطة الاتحاد الأوروبي "ريباور إي يو"، في مايو/أيار 2022، لإنهاء اعتماد أوروبا على الغاز الروسي بسرعة، بعد أن صعّدت موسكو حربها العدوانية غير المشروعة ضد كييف.

وأشارت الدراسة إلى أنه لم يُدعم هذا الالتزام السياسي المهم حتى الآن بتحليل مناسب من جانب مفوضية الاتحاد الأوروبي بشأن تحقيقه بطريقة فعّالة من حيث التكلفة تتفق مع الأهداف المناخية في أوروبا لعام 2030.

أهداف الدراسة:

تهدف الدراسة، التي أصدرها مركز أبحاث الطاقة الألماني "أغورا إنرجي ويندي"، إلى:

  • تحديد مسار انتقالي هيكلي للاستغناء عن استعمال الغاز الأحفوري بحلول عام 2050؛ بناءً على نموذج قطاعي مفصّل لقطاعات الطاقة والمباني والصناعة.
  • تقييم ما يعنيه هذا المسار خلال المناقشات المقبلة بشأن هدف الاتحاد الأوروبي لخفض غازات الاحتباس الحراري لعام 2040، وانعكاساته على واردات الطاقة وأمن الإمدادات، بالإضافة إلى احتياجات تمويل الاتحاد الأوروبي.
  • تقييم نقدي للأهداف السياسية العاجلة المحددة في خطة "ريباور إي يو" بشأن الهيدروجين المتجدد والميثان الحيوي، بناءً على الجدوى والتكاليف ومساهمتها في أمن الطاقة في أوروبا.
  • التداعيات السياسية لالتزام أوروبا بالتخلص التدريجي المتسارع من الغاز الأحفوري للعديد من مبادرات السياسة التي تجري مناقشتها -حاليًا- على صعيد الاتحاد الأوروبي والمستوى الوطني.

وتوصّلت الدراسة إلى أنه يمكن التخلص من الوقود الأحفوري في أوروبا، وخاصة الغاز، وتلبية الأهداف المناخية لعام 2030 وتحقيق الحياد المناخي بحلول عام 2050، وفق المعلومات التي رصدتها منصة الطاقة المتخصصة.

ويوضح الرسم التالي -الذي أعدّته منصة الطاقة المتخصصة- واردات أوروبا من الغاز عبر خطوط الأنابيب:

واردات أوروبا من الغاز عبر خطوط الأنابيب

وتعاقد مركز أبحاث الطاقة الألماني "أغورا إنرجي ويندي" مع تحالف من شركات الأبحاث: "آرتليس" و"توكسون إلكتريك باور إنرجي" ومعهد فوبرتال للطاقة والمناخ والبيئة الألماني، لتصميم مسارات انتقال مفصّلة للاستغناء عن استعمال الغاز الأحفوري في دول الاتحاد الأوروبي الـ27.

وتركّزت الدراسة بشكل خاص على التغييرات في قطاعات الطاقة والمباني والصناعة.

وناقشت الدراسة النتائج الناشئة مع مراكز الأبحاث الشريكة في 9 دول بوسط أوروبا وجنوب شرقها تعتمد بشكل كبير تاريخيًا على واردات الغاز الروسي: (بلغاريا، وجمهورية التشيك، واليونان، وهنغاريا، وكرواتيا، وإيطاليا، وبولندا، ورومانيا، وسلوفينيا).

وحددت الدراسة مسارًا مفصّلًا لاستغناء الاتحاد الأوروبي الكامل عن الغاز الأحفوري في العقود المقبلة بناءً على تدابير خفض الطلب الهيكلي.

وسلّطت الدراسة الضوء على المعالم الرئيسة لنشر التكنولوجيا في أعوام 2030 و2040 و2050، مع التركيز بشكل خاص على الطاقة والمباني والصناعة بوصفها القطاعات الرئيسة المستهلكة للغاز الأحفوري.

استعمال الغاز في أوروبا

تُظهر دراسة مركز أبحاث الطاقة الألماني "أغورا إنرجي ويندي" أن استعمال الغاز الأحفوري في أوروبا يمكن أن ينخفض إلى النصف بحلول عام 2030.

وأشارت الدراسة إلى إمكان التخلص التدريجي من الغاز لدى نظام الطاقة في الاتحاد الأوروبي بحلول عام 2050 دون تغييرات سلوكية في المنازل أو إنهاء الطلب على المدى القصير في قطاع الصناعة، مع ضمان أمن الإمدادات بشكل كامل.

ووجدت الدراسة أن قطاع المباني هو أول قطاع يزيل الكربون بالكامل في مسار الاستغناء عن الغاز في الاتحاد الأوروبي.

وانخفض الطلب على الغاز الأحفوري في المباني بنسبة تزيد قليلًا على الثلث (سالب 37%) من عام 2018 إلى 2030، قبل أن يتسارع بشكل كبير ليصل إلى 45 تيراواط/ساعة فقط من الطلب المتبقي في عام 2040 (سالب 97% من مستويات 2018).

في المقابل، تعمل كفاءة الطاقة والمضخات الحرارية وتدفئة المناطق المحايدة كربونيًا بمثابة رافعات رئيسة لتحقيق هدف الاستغناء عن الغاز الأحفوري في قطاع المباني بحلول عام 2040.

ويُعَدّ قطاع الطاقة، ولا سيما الكهرباء، هو الأسرع في تقليل استهلاكه من الوقود الأحفوري في أوروبا، وخاصة الغاز، حسب تقرير اطلعت عليه منصة الطاقة المتخصصة.

وينخفض استهلاك الغاز الأحفوري بسرعة خلال المدة من 2018 إلى 2030 (سالب 933 تيراواط/ساعة)، بقيادة قطاع الكهرباء في الغالب، قبل أن ينخفض بشكل أكثر اعتدالًا في العقد من 2030 إلى 2040 (سالب 376 تيراواط/ساعة) و2040 إلى 2050 (سالب 259 تيراواط/ساعة).

وتُعَد معظم الإزاحة المبكرة للغاز الأحفوري مدفوعة بالتوسع الهائل في توليد الكهرباء من الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، بينما يحل الهيدروجين المتجدد ومشتقاته محل استهلاك الوقود الأحفوري في أوروبا، ولا سيما استهلاك الغاز الحالي في المصافي، وإنتاج الهيدروجين في العقد التالي لعام 2030.

محطة لتوليد الكهرباء تعمل بالفحم
محطة لتوليد الكهرباء تعمل بالفحم - الصورة من وكالة فرانس برس

بدورها، تؤدي المضخات الحرارية على نطاق واسع والطاقة الحرارية الأرضية دورًا حاسمًا في الاستغناء عن الغاز بشبكات التدفئة الإقليمية؛ ما يوفّر ربع إنتاج الحرارة في المناطق بحلول عام 2030 والنصف بحلول عام 2040.

وفي قطاع الصناعة؛ فإن الاستغناء الهيكلي عن الغاز الأحفوري يسير بخطى مختلفة عبر القطاعات الفرعية، بحسب مركز أبحاث الطاقة الألماني "أغورا إنرجي ويندي" (agora-energiewende).

وتظهر أكبر التخفيضات في استهلاك الغاز الأحفوري حتى عام 2040 في المواد الكيميائية (سالب 336 تيراواط/ساعة، سالب 100%)، والأغذية والمشروبات والتبغ (سالب 128 تيراواط/ساعة، سالب 90%)، والآلات ومعدات النقل (سالب 88 تيراواط/ساعة، سالب 100%)، والحديد والصلب (سالب 67 تيراواط ساعة، سالب 100%)، وعجينة الورق والورق (سالب 60 تيراواط/ساعة، سالب 87%)، مع العديد من القطاعات الفرعية التي ستصبح خالية من الغاز الأحفوري بحلول ذلك الوقت.

وتوصلت الدراسة إلى أن ما يقرب من نصف استهلاك الغاز الأحفوري المتبقي في عام 2040 في القطاعات الفرعية للزجاج والمعادن الأخرى.

وتُعَد تخفيضات الطلب على الغاز الأحفوري في الصناعة مدفوعة في الغالب بالكهربة المباشرة والزيادات في الكفاءة، التي ستُستَكمل لاحقًا بوساطة الهيدروجين المتجدد والطاقة الحيوية مع احتجاز الكربون وتخزينه.

ودعت الدراسة إلى تحديد هدف الاتحاد الأوروبي للحد من غازات الاحتباس الحراري لعام 2040 عند تخفيضات بنسبة 90% تقريبًا، مقارنة بمستويات عام 1990.

ويُلزم قانون المناخ الأوروبي الدول الأعضاء بالحد بشكل جماعي من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري (بما في ذلك أحواض التصريف الأرضية) بنسبة 55% على الأقل بحلول عام 2030، مقارنة بمستويات عام 1990، وتحقيق الحياد المناخي بحلول عام 2050.

ويُلزم هذا القانون -أيضًا- المفوضية الأوروبية باقتراح هدف لخفض غازات الاحتباس الحراري لعام 2040 على أبعد تقدير في غضون 6 أشهر من التقييم العالمي الأول بموجب اتفاقية باريس خلال قمة المناخ كوب 28، التي ستقام في دبي، من 30 نوفمبر/تشرين الثاني إلى 12 ديسمبر/كانون الأول 2023.

وهذا يعني أنه سيكون في وقت قريب عندما ينتخب مواطنو الاتحاد الأوروبي برلمانًا أوروبيًا جديدًا في مايو/أيار 2024.

وذكرت الدراسة أنه عند تقديم اقتراحها للأهداف المناخية لعام 2040، يجب على المفوضية الأوروبية نشر موازنة الاتحاد الأوروبي الإرشادية بشأن غازات الدفيئة للمدة 2030-2050.

مسار الاستغناء عن الغاز في الاتحاد الأوروبي

تشير نماذج مسار الاستغناء عن الغاز في الاتحاد الأوروبي إلى أن الدول الأعضاء يمكنها تحقيق تخفيضات أكبر في انبعاثات غازات الاحتباس الحراري بحلول عام 2040 مما هو مقترح في نماذج الانبعاثات الحالية.

على وجه التحديد، يحقق مسار الاستغناء عن الغاز في الاتحاد الأوروبي تخفيضات صافية لانبعاثات غازات الاحتباس الحراري في الاتحاد الأوروبي بنسبة 60% بحلول عام 2030، و77% بحلول عام 2035، و89% بحلول عام 2040، و96% بحلول عام 2045، و101% بحلول عام 2050 (مقارنة بمستويات عام 1990).

أما موازنة الاتحاد الأوروبي لغازات الاحتباس الحراري الناتجة للمدة 2030-2050 فتبلغ 14.3 غيغاطن.

وتقارَن هذه النتائج مع انخفاض بنسبة 86.4% بحلول عام 2040، و17.6 غيغاطن من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري التراكمية للمدة 2030-2050 في خطة الأهداف المناخية للجنة لعام 2020، وهي النماذج التي تدعم الحزمة التشريعية "فيت فور 55".

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق