هل إمكانات الهيدروجين في نيجيريا قادرة على سحب البساط من مصادر الطاقة التقليدية؟
قدرات كبيرة وتحديات تحتاج لحلول
أحمد أيوب
- نيجيريا قادرة على إنتاج الهيدروجين من الغاز الطبيعي أو الطاقة المتجددة
- تطوير البنية التحتية على رأس التحديات التي تواجه سوق الهيدروجين في نيجيريا
- عبء كبير ملقىً على عاتق الإدارة الجديدة لتطوير سوق الهيدروجين
تبرز مسألة إنتاج الهيدروجين في نيجيريا واحدًا من الموضوعات المهمة المتعلقة بانتقال الطاقة في البلد الأفريقي، لا سيما مع كونها سوقًا واعدة يتوافر بها احتياطيات كبيرة من الغاز الطبيعي، وهو ما يثير مناقشات حول إمكان استغلال هذا المخزون من الغاز في إنتاج الهيدروجين وتصديره للأسواق الدولية، بالإضافة إلى ذلك، تحاول أبوجا تذليل العقبات التي تواجه عمليات تطوير البنية التحتية والأطر التنظيمية، فضلًا عن جذب المستثمرين لهذا النوع من المشروعات.
والربط بين الهيدروجين والغاز هنا يأتي بسبب إمكانات إنتاج الهيدروجين من الغاز، أو الاستفادة من البنية التحتية المتوفرة للغاز الطبيعي في عملية نقل الهيدروجين.
يأتي هذا في وقت تسعى فيه الحكومة النيجيرية إلى التعاون مع كل من المغرب والجزائر لمدّ خطوط أنابيب لنقل الغاز الطبيعي إلى البلدين عبر عدد من دول غرب أفريقيا، وهو ما قد يفيد -أيضًا- في تصدير الهيدروجين بوساطة هذه الخطوط، وفق ما اطّلعت عليه منصة الطاقة المتخصصة.
وهنا يبرز سؤال مهم حول مدى استعداد هذا البلد الأفريقي المهم لاستغلال احتياطياته من الغاز لأغراض إنتاج الهيدروجين، وهل تتوافر له الإمكانات ليكون سوقًا منتجة لهذا الوقود النظيف -سواء من الغاز أو من مصادر متجددة-، ومن ثم تصديره، في ضوء خطط انتقال الطاقة التي يتبنّاها العالم للتخلص من غازات الاحتباس الحراري؟
وينظر خبراء بتفاؤل لإمكانات أبوجا وقدراتها الكبيرة على أن تكون سوقًا واعدة لإنتاج الهيدروجين وتصديره، لكن هناك عدد من الإجراءات الاستباقية يجب البدء أولًا في اتخاذها لبلوغ هذا الهدف، وفق ما قاله نائب رئيس مجلس الطاقة الأفريقي، شينان ديكوال، في مقابلة أجراها معه موقع نايراماتركس (Nairametrics)المحلي مؤخرًا.
فرص إنتاج الهيدروجين في نيجيريا وتصديره
يمكن إنتاج الهيدروجين في نيجيريا من مصادر الطاقة المتجددة أو عن طريق الغاز الطبيعي.
وفي حالة إنتاج الهيدروجين من الغاز، يمكن ضغط ثاني أكسيد الكربون الناتج من هذه العملية وبيعه في الخارج أو استعماله للأغراض الصناعية في نيجيريا.
وتستطيع نيجيريا تحويل الهيدروجين المُنتج إلى الأمونيا، التي تعدّ مُنتجًا أكثر كثافة وأسهل في عملية النقل مقارنة بغاز الهيدروجين النقي.
وبعد تسييل الهيدروجين في نيجيريا أو تحويله إلى أمونيا، يمكن نقله بحرًا إلى الأسواق الدولية، وهذا لن يكون صعبًا على نيجيريا لما لها من خبرة كبيرة في نقل الغاز الطبيعي إلى الخارج بالطريقة نفسها.
كما أن لنيجيريا تجارب مهمة في تجارة السلع وعلاقات تجارية دولية تمكّنها من بيع الهيدروجين لهذه الأسواق.
وعلى الرغم من أنه يمكن إنتاج الهيدروجين في نيجيريا من مصادر متجددة، فإن فرص إنتاجه من الغاز أكبر، إذ تتمتع بميزة تنافسية في احتياطيات الغاز على حساب وفرة مصادر الطاقة المتجددة.
فحوض دلتا النيجر -على سبيل المثال- غني بالغاز، وفي حالة استغلال هذا الغاز وتحويله إلى هيدروجين بكفاءة، فإنه يُتوقع توفير فرص هائلة للتصدير إلى الأسواق الدولية.
لِمَ التباطؤ إذًا؟
قال نائب رئيس مجلس الطاقة الأفريقي، شينان ديكوال: "قبل التطرّق إلى مسألة إنتاج الهيدروجين في نيجيريا، ينبغي التفكير في أمور معينة بالشكل الصحيح، فيجب أولًا إنشاء إطار تنظيمي لهذه السوق، ويمكن تنفيذ هذا بسهولة".
ويتمثل التحدي الرئيس في إقامة سوق للهيدروجين بالبلد الأفريقي في تطوير البنية التحتية اللازمة للإنتاج والنقل، فما دامت نيجيريا ترغب في اقتحام سوق الهيدروجين، هناك حاجة مُلحّة لتطوير شبكة محلية لنقل الهيدروجين.
على سبيل المثال، إذا كانت الخطة هي إنتاج الهيدروجين في مدينة "بورت هاركورت" من خلال الغاز الطبيعي، فيجب أن تتوافر إمكانات لنقله إلى ولايتي كانو أو كادونا.
ولتحقيق ذلك، يجب بناء خطوط أنابيب لنقل الهيدروجين في نيجيريا من -وإلى- هذه المواقع، كما أن هناك حاجة إلى إقامة بنية تحتية لأغراض ضغط وضخّ الهيدروجين، فضلًا عن وجود تحديات فنية وتمويلية كبيرة يجب التغلب عليها.
وتعدّ عملية تصدير الهيدروجين من نيجيريا عملية سهلة، مقارنة مع إنتاجه ونقله وتوزيعه محليًا، بحسب نائب رئيس مجلس الطاقة الأفريقي.
دور الحكومة
مع تولّي إدارة جديدة مقاليد الأمور في البلاد، هناك حاجة ملحّة لتبنّي نهج مختلف عما كان متّبعًا خلال الإدارات السابقة، فيما يتعلق بإنتاج الهيدروجين في نيجيريا.
تعتمد أبوجا بدرجة كبيرة على عائدات وصادرات النفط، وهي سوق متقلبة، لذا يحتاج الاقتصاد النيجيري إلى تنوع حقيقي.
وقال شينان ديكوال، إن الإدارة الجديدة لن تبدأ من الصفر، إذ يمكنها البناء على ما بدأه السابقون.
وأضاف: "تركّز خطة انتقال الطاقة في نيجيريا على ضخ استثمارات بقطاع الغاز والطاقة الشمسية والهيدروجين، وتشمل الخطة -أيضًا- إنشاء محطات كهرباء مستقلة وغيرها، وهو ما وصفه بأنه خطة شاملة لخلق نموذج لدولة مستقرة مزدهرة صناعيًا".
وتابع: "الإدارة الجديدة يجب أن تعترف بأن سوق النفط الدولية تتغير بسرعة، وأن أوروبا تتحرك بقوة نحو حظر السيارات العاملة بالبنزين والديزل خلال السنوات القليلة المقبلة، والمملكة المتحدة تتبع مسارًا مشابهًا".
وهذا يعني أن منتجي النفط ذوي التكلفة المرتفعة، مثل نيجيريا وفنزويلا وغينيا الاستوائية وأنغولا، مع ارتفاع تكاليف الإنتاج، يفقدون في نهاية المطاف حصتهم في السوق.
وتعدّ تكلفة إنتاج برميل النفط في نيجيريا أعلى بكثير مقارنة بدول مثل المملكة العربية السعودية، التي تتمتع بتكاليف إنتاج أقلّ.
وقال: "لحماية حصتها في السوق، تحتاج الإدارة الجديدة إلى فهم وضعنا التنافسي وتطوير سياسات مواتية في قطاع النفط والغاز، وعلاوة على ذلك، هي بحاجة إلى إدراك أهمية تعزيز سوق الهيدروجين في نيجيريا بوصفه سلعة دولية ينظر لها العالم بعين الاعتبار".
نيجيريا والاستثمار في الهيدروجين
رغم كل ما سبق عرضه من تحديات، فإن الاستثمار بالهيدروجين في نيجيريا يعدّ مجالًا واعدًا، فأهم مستثمري الهيدروجين اليوم هم كبريات شركات النفط والغاز مثل شل، وتوتال إنرجي، وريبسول، وشركة النفط البريطانية بي بي.
وتدرك شركات النفط والغاز الكبرى أن إنتاج النفط والغاز التقليدي غير مستدام على المدى الطويل، بسبب الضرائب الباهظة المفروضة في ظل خطط تقليص الانبعاثات الكربونية، على حدّ قوله.
وتضخ هذه الشركات النفطية العملاقة استثمارات ضخمة في الهيدروجين، فعلى سبيل المثال، تطوّر أرامكو السعودية مشروع نيوم، وهو أكبر مشروع هيدروجين في العالم.
وقال نائب رئيس مجلس الطاقة الأفريقي في مقابلته مع موقع نيراماتركس المحلي: "لا يوجد سبب يمنع مؤسسة النفط الوطنية النيجيرية المحدودة من التركيز على تطوير الهيدروجين، فكما أن نيجيريا عضو في أوبك وتعتمد بصورة كبيرة على النفط ، فإن أعضاء أوبك الآخرين يستثمرون بقوة في الهيدروجين."
وأشار إلى أن دولًا مثل المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة وسلطنة عمان والكويت، على الرغم من امتلاكها احتياطيات نفطية أكبر من نيجيريا، فإنها تستثمر في الهيدروجين.
ويوضح الرسم البياني التالي -الذي أعدّته منصة الطاقة المتخصصة- مشروعات الهيدروجين العربية حتى العام الماضي 2022:
وتطرَّق إلى الصعوبات التي قد يراها بعضهم، والمعوقات أمام الاستثمارات عمومًا في نيجيريا، لكنه أكد أن البلاد تشهد تحسنًا في مناخ الأعمال، مستشهدًا بضخّ استثمارات تزيد على 19 مليار دولار في مصفاة دانغوتي الوطنية.
ووصف هذه الاستثمارات بأنها مؤشر إيجابي على تحسّن مستويات ثقة المستثمرين في السوق النيجيرية.
موضوعات متعلقة..
- نيجيريا تكتفي بمشاهدة السباق العالمي نحو الهيدروجين
- اقتصاد الهيدروجين في أفريقيا.. هل تنجح التجربة؟ (تقرير)
- خريطة مشروع أنبوب الغاز النيجيري المغربي عبر 13 دولة.. وخطوة جديدة نحو التنفيذ (تحديث)
اقرأ أيضًا..
- أكبر 6 ناقلات غاز مسال في العالم.. قطر تستحوذ على النصف (صور)
- مصادر تكشف خطة أسعار الوقود في مصر قبل اجتماع رسمي (خاص)
- قطاع الهيدروجين الأخضر الأسترالي يتلقى أكبر استثمار في تاريخ البلاد