نفطتقارير النفطرئيسية

تراجع الطلب على الديزل يكشف عن مؤشرات للركود الاقتصادي (تقرير)

في أميركا والصين وأوروبا

حياة حسين

يكشف تراجع الطلب على الديزل في عدد من الدول الكبرى اقتصاديًا عن إشارات واضحة حول قدوم الركود بصورة لا لبس فيها، كونه الوقود الرئيس للمركبات التي تخدم النشاط الإنتاجي، وفق عدد من المحللين والاقتصاديين.

وتتنوع مظاهر هذا الطلب بين انخفاض عدد الشاحنات على الطرق السريعة في الصين، وهبوطه في أوروبا وأميركا، وجميعها صاحبات أكبر اقتصادات عالميًا، فالأولى تأتي في الصدارة تليها واشنطن، وتحتلّ عددًا من بلدان القارة العجوز المراتب التالية.

وتشهد الطرق السريعة في الصين انخفاضًا ملحوظًا لحركة الشاحنات، خلال الأسابيع الأخيرة، وهبطت علاوة العقود الآجلة للديزل في أوروبا -مؤخرًا- لأدنى مستوى في عام.

كما تراجع الطلب على عقود الشاحنات في الولايات المتحدة بنسبة 2% في 2023، "وإذا استثنينا عام 2020، وهو عام الجائحة، فإن هذه النسبة من التراجع تعني أنها الأكبر منذ 2016"، وفق "إس آند بي غلوبال"، حسبما ذكرت وكالة بلومبرغ، اليوم الأحد 16 أبريل/نيسان 2023.

وكان تحالف أوبك+ قد استبق تلك الإشارات بخفض كبير في إنتاج النفط بلغ مليوني برميل منذ العام الماضي (2022)، أضاف لها نحو 1.65 مليون برميل بدءًا من شهر مايو/أيار المقبل، في محاولة للحفاظ على سعر متوازن للنفط، وفق ما رصدته منصة الطاقة المتخصصة.

أسوأ مناخ اقتصادي

قال رئيس قسم الوقود ومصافي التكرير في (إس آند بي بلاتس) في أميركا، دبنيل تشودهاري: "نحن نختبر أسوأ مناخ اقتصادي يمكن أن نكون رأيناه خارج الأزمتين المالية العالمية في 2008، والجائحة في 2020".

ويدلل على ذلك بتراجع الطلب على الديزل، وهو وقود النشاط الاقتصادي الثقيل اللازم لكل القطاعات بدءًا من أساطيل الشحن التجاري إلى معدّات أعمال البناء، ما يعكس ضعف الإنتاج وإنفاق المستهلكين.

وقال رئيس الاقتصاديين في ( ناشنوايد إيكونوميكس) بن آيرز: "الطلب على الديزل مؤشر قوي على تضاؤل إنفاق المستهلكين".

وكان سعر الديزل قد ارتفع بنسبة ملحوظة، عقب غزو روسيا أوكرانيا، واضطراب أسواق الطاقة العالمية قبل عام.

واتفق محللون و خبراء الاقتصاد على أن احتمالات تعرُّض الولايات المتحدة للركود تبلغ 65%، وأوروبا 49%، وتقلّ عنهما في الصين، التي ما يزال اقتصادها في حاجة إلى تأكيد تعافيه من قيود كوفيد-19 وبسرعة، وفق وكالة بلومبرغ.

وتستهلك شاحنات النقل 60% من الديزل في الصين، وتزيد إلى أكثر من 70% في أميركا. وذكرت بيانات وزارة النقل في بكين أن عدد الشاحنات على الطرق السريعة انخفض بنسبة 8% في الأسبوع المنتهي يوم 9 أبريل/نيسان الجاري.

وأرجع مسح خاص هذا الهبوط في الصين إلى انخفاض غير متوقع في النشاط الصناعي خلال شهر مارس/آذار الماضي.

الاقتصادات الأصغر

الطلب على الديزل
محطة وقود - الصورة من "نيكاي آسيا"

لا يبدو أن الطلب على الديزل يتناقص مؤخرًا في الدول الأكبر اقتصاديًا فقط، فقد انبعثت إشارات على ذلك من البلدان الأصغر اقتصاديًا في آسيا.

فدول ناشئة مثل إندونيسيا -التي بدأت حكومتها في تقليص دعم الوقود- تشهد تباطؤًا اقتصاديًا، وفق ما قاله كبير المحللين في وود ماكينزي دافن هو.

وقال كبير محللي المنتجات النفطية في (إنرجي أسبكتس) كوين ويسلس: "جاء الطلب الأوروبي على الوقود ضعيفًا في الشتاء بسبب دفء الطقس، وكانت الرياح معاكسة للطلب الكلي".

وأضاف كبير الاقتصاديين في مجموعة (صناعة الشاحنات الأميركية) بوب كوستلو أن الطلب على الديزل المرتبط بالشاحنات في الولايات المتحدة تضرَّر من انخفاض الإنتاج الصناعي، وبناء المنازل، إضافة لتراجع نشاط تجارة التجزئة.

وترى مجموعة من المحللين أن انخفاض الطلب على الديزل في أميركا يرجع إلى عدّة أسباب، أهمها ارتفاع معدلات التضخم، الذي يدفع المستهلكين عادة إلى الاستغناء عن بعض السلع الأقلّ سعرًا مثل المشروبات الغازية، ومن ثم يتراجع نقلها، وينعكس ذلك على الاقتصاد الكلي.

وتوقّع محللو (إس آند بي بلاتس) انخفاض الطلب على الديزل في الساحل الغربي بالولايات المتحدة بنسبة 5% خلال 2023، وهو يعادل ضعف المعدل العالمي، بسبب عمليات تسريح العمالة الواسعة في قطاع التكنولوجيا، والأزمة المصرفية المتفاقمة.

ويعني الوضع العالمي -خاصة في الدول الغربية- أن الصين ستحتاج الاعتماد على الطلب المحلي في نمو اقتصادها، وفق رئيسة خدمات النفط الصينية في شركة (إف جي إي) للاستشارات الصناعية ميا جينغ.

ليس سوداويًا بالكامل

رغم انخفاض الطلب على الديزل الحالي والمتوقع، وما يعنيه من اقتراب الركود الاقتصادي، فإن بعض المحللين والاقتصاديين يعتقدون أن الوضع ليس سوداويًا بصورة كاملة.

وتوقّع كبير المحللين في ريستاد إنرجي، جانيف شاه، زيادة الطلب على الديزل منخفض الكبريت في أوروبا بنسبة 9% في المدة بين شهري مارس/آذار الماضي، ويوليو/تموز المقبل.

ويرى أن حكومة فرنسا ستلجأ إلى ملء الاحتياطيات الإستراتيجية مجددًا، بعد توزيع ملايين البراميل من الوقود خلال الإضرابات العمالية واسعة النطاق، ما يعني بعض النشاط.

وفي الولايات المتحدة، قد يدفع انخفاض سعر الوقود إلى عودة السائقين لاستهلاك البنزين، إلّا أنه من المستبعد أن يحدث ذلك للديزل.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق