غازتقارير الغازرئيسية

نقص الغاز في باكستان يهدد موسم التسوق في شهر رمضان (تقرير)

رجب عز الدين

ما زالت أزمة نقص الغاز في باكستان مستمرة في التفاقم، وسط توقعات باستمرارها خلال شهر رمضان المقبل، ما قد يعرّض المواطنين لمزيد من المشقة خلال شهر الصيام الذي يترقبه المسلمون كل عام.

وأثّر انخفاض واردات الغاز المسال في إمدادات الكهرباء والطاقة الحيوية لقطاع المنازل والصناعة في إسلام آباد، خلال العام الماضي بصورة كبيرة.

ودفعت أزمة نقص الغاز في باكستان، الحكومة، لقطع التيار الكهربائي بصورة متكررة وعلى نطاق واسع؛ ما ألحق الضرر بمراكز التسوق والمصنّعين المترقبين لذروة موسم التسوق خلال شهر رمضان المقبل، وفقًا لوكالة رويترز.

إغلاق المحلات 8 مساءً

تضغط هيئة صناعة التجزئة الباكستانية على المسؤولين لإعادة النظر في قرارات إجبار مراكز التسوق على الإغلاق بحدود الساعة 8 مساءً لتوفير الكهرباء، وفقًا لما رصدته منصة الطاقة المتخصصة.

وتأمل الهيئة مدّ ساعات فتح مراكز التسوق إلى أبعد من ذلك خلال شهر رمضان، الذي يشهد تزاحمًا على مراكز التسوق مساءً لمشقة التسوق خلال الصيام نهارًا.

وتنتظر مراكز التسوق الباكستانية شهر رمضان من كل عام بفارغ الصبر، إذ تنتعش مبيعات التجزئة السنوية بنسبة 40% خلال هذا الشهر وحده.

وتقول شركة "رويال تاج" الباكستانية للملابس الرجالية، إن قيود الإغلاق المبكر لمراكز التسوق تهدد بفقدان 3 إلى 4 ملايين شخص وظائفهم.

جاء ذلك في رسالة كتبها الرئيس التنفيذي للشركة طارق محبوب، إلى الحكومة الباكستانية، وفقًا لما رصدته منصة الطاقة المتخصصة.

عجز الغاز ضخم

تعاني باكستان من عجز مزمن تلبية الطلب المحلي على الغاز يصل إلى 800 مليون قدم مكعبة، إذ يبلغ ما تستطيع الحكومة توفيره قرابة 1.7 مليار قدم مكعبة يوميًا، بينما يصل الطلب إلى 2.5 مليار متر مكعبة يوميًا.

وتتفاقم أزمة نقص الغاز في باكستان في موسم الشتاء مع ارتفاع العجز إلى 1.35 مليار قدم مكعبة يوميًا، وفقًا لموقع ذا نيوز المحلي (thenews).

وتحتلّ باكستان المركز الـ21 عالميًا في استهلاك الغاز الطبيعي، بالنظر إلى عدد سكانها البالغ 232 مليون نسمة.

وتتزامن أزمة نقص الإمدادات مع تدهور احتياطيات البلاد من العملة الأجنبية وارتفاع معدلات التضخم.

كما تعاني البلاد من اضطرابات سياسية حادة منذ الإطاحة برئيس الوزراء الأسبق عمران خان في أبريل/نيسان 2022، ثم تَعرُّضه لمحاولة اغتيال في 3 نوفمبر/تشرين الثاني 2022.

وانخفض احتياطي العملات الأجنبية إلى أقل من 8 مليارات دولار خلال الأشهر الماضية، وهو ما لا يكفي لسداد فاتورة الواردات لمدة شهرين على الأكثر، وفقًا لما رصدته منصة الطاقة المتخصصة.

ويقيّد ضعف الاحتياطي من قدرة وزارة الطاقة الباكستانية على استيراد كميات أكبر من الغاز المسال في ظل ارتفاع أسعاره العالمية، وبيعه مدعومًا إلى قطاعات توليد الكهرباء والمنازل والأسمدة.

أدنى مستوى منذ 5 سنوات

نقص الغاز في باكستان
ناقلة غاز مسال متجهة إلى باكستان - الصورة من موقع energy intelligence

انخفضت واردات باكستان من الغاز المسال بنسبة 17% خلال عام 2022، بسبب اشتعال أسعاره، وهو أدنى مستوى للواردات منذ 5 سنوات، وفقًا لبيانات منصة كبلر المتخصصة.

وتسبَّب ضعف الواردات في انخفاض قدرات محطات الكهرباء العاملة بالغاز بنسبة 4.4% إلى 129 غيغاواط/ساعة خلال 11 شهرًا ممتدة حتى نوفمبر/تشرين الثاني 2022، وفقًا لبيانات مركز إمبر المتخصص في أبحاث الطاقة.

وتعتمد باكستان على الغاز في توليد الكهرباء بنسبة 35% على الأقل، بينما تعتمد على محطات أخرى عاملة بالديزل أو زيت الوقود في توليد الكهرباء.

ويشتكي وزير الطاقة الباكستاني خورام خان من تقادم المحطات العاملة بالمشتقات النفطية وارتفاع تكلفة تشغيلها مقارنة بالمحطات العاملة بالغاز.

وواجهت وزارة الطاقة موسم الشتاء الحالي- الذي يوشك على الانتهاء- بخطّة صارمة لقطع إمدادات الغاز عن المنازل لمدة 16 ساعة وإتاحتها لمدة 8 ساعات فقط يوميًا، في محاولة لتوفير كميات لتوليد الكهرباء.

وأدت خطة قطع الإمدادات إلى حالة تذمر واسعة بين فئة من المواطنين ينظرون إلى حكومة شهباز شريف بشيء من الريبة، لا سيما علاقته بالولايات المتحدة التي اتهمها سلفه عمران خان بالتآمر على عزله بالاتفاق مع أحزاب المعارضة التي يمثّلها شريف.

ولدى باكستان احتياطيات من الغاز الطبيعي، لكنها تتعرض للنفاد بمعدلات متسارعة منذ سنوات، في ظل فقدان الجانب التعويضي من الاكتشافات الجديدة بسبب ابتعاد الشركات عن التوسع في إسلام آباد لظروف الاضطرابات السياسية وكثرة تغير الحكومات.

إيني ترفض تسليم شحنة

تستورد باكستان كميات كبيرة من الغاز المسال من قطر وفق اتفاق طويل الأجل موقّع في عام 2016، ولمدة 16 عامًا، وفقًا لما رصدته منصة الطاقة المتخصصة.

كما تستورد كميات أخرى من شركة إيني الإيطالية، إحدى أكبر شركات النفط و الغاز العالمية، إلّا أن إجمالي ما تستورده ما زال عاجزًا عن تلبية الطلب المحلي المتزايد في البلاد.

ووضعت الشركة الإيطالية الحكومة الباكستانية في مأزق شديد الحرج خلال شهر فبراير/شباط 2023، بعد إعلانها عدم القدرة على توريد شحنة غاز مسال متفق على توريده هذا الشهر.

وادّعت الشركة مواجهة بعض مشروعاتها في نيجيريا لحالة قوة قاهرة تمنعها من توريد الشحنة المتفق عليها مع باكستان في الموعد المحدد، وفقَا لموقع أرغوس المتخصص في تحليل أسواق الطاقة.

وتلتزم إيني الإيطالية بتوريد كميات غاز إلى باكستان تعادل 780 ألف طن سنويًا لمدة 15 عامًا، وفقًا لاتفاق طويل الأجل موقّع مع شركة الغاز الباكستانية المملوكة للحكومة في عام 2017.

مفاوضات مع الغاز الروسي

دخلت الحكومة الباكستانية في مفاوضات مع شركات روسية خاصة منذ نوفمبر/تشرين الثاني 2022، لتوقيع عقود طويلة الأجل لشراء الغاز المسال، لكن نتائج هذه المفاوضات لم تظهر بعد.

وحصلت إسلام آباد على موافقة روسيا في 5 ديسمبر/كانون الأول (2022)، لتوريد كميات من النفط الروسي بسعر مخفض (لم يعلن بعد)، لمواجهة أزمة نقص المشتقات النفطية الموازية لأزمة نقص الغاز في البلاد، وفقًا لما رصدته منصة الطاقة المتخصصة.

وتستورد باكستان 70% من احتياجات البنزين و60% من الديزل من الخارج، كما تستورد كميات كبيرة من زيت الوقود في فصل الصيف تحديدًا لاستعماله في توليد الكهرباء.

بنغلاديش المجاورة تعاني

نقص الغاز في باكستان
سلطان بروناي يوقّع مذكرة تفاهم مع رئيسة وزراء بنغلاديش في أكتوبر 2022 - الصورة من موقع dhaka tribune

تمتد أزمة نقص الغاز وانقطاع التيار الكهربائي التي تواجه باكستان إلى الاقتصاد الآسيوي المجاور "بنغلاديش"، وسط تحذيرات من مسؤولي الصناعة بسبب الأضرار الفادحة المترتبة على استمرار ضعف الواردات.

وتتشابه الظروف بين البلدين لاعتمادهما على الغاز بصورة كبيرة في توليد الكهرباء، إلّا أن تأثّر الصناعة في بنغلاديش أكبر؛ لتميزها في تصدير الملابس الجاهزة على مستوى العالم.

واضطر البلَدان إلى خفض واردات الغاز المسال بصورة كبيرة خلال العام الماضي؛ بسبب اشتعال أسعاره عالميًا تأثرًا بتداعيات الحرب الروسية الأوكرانية، وتهافت الأوروبيين على ناقلات الغاز المسال المتجه لآسيا بعد انقطاع الغاز الروسي عنهم.

ورغم هدوء أسعار الغاز المسال خلال الشهرين الماضيين، فإن قدرة البلدين على الشراء ما زالت ضعيفة في ظل ضعف احتياطيات النقد الأجنبي؛ ما يرجّح استمرار تفاقم مشكلة انقطاع التيار خلال عام 2023، وفقًا لمحلل أسواق الطاقة في شركة "إف جي إي" بورنا راجيندران.

البديل زيت الوقود

تتجه بنغلاديش في المقابل لزيادة واردات زيت الوقود عالي الكبريت المستَعمَل في توليد الكهرباء، بصفته أحد البدائل عن الغاز المسال.

وتعتمد بنغلاديش على زيت الوقود في توليد 3 آلاف ميغاواط من الكهرباء، ما يعادل 35%من إنتاج الكهرباء المحلي البالغ 9.1 ألف ميغاواط، وفقًا لما رصدته منصة الطاقة المتخصصة.

ويبلغ عدد سكان بنغلاديش قرابة 165 مليون نسمة، وهي ثاني أكبر مصدّر للملابس الجاهزة في العالم؛ ما دفع رابطة مصنّعي الملابس إلى مطالبة الحكومة، الشهر الماضي، بوضع خطة عاجلة لضمان تدفّق إمدادات الكهرباء بصورة طبيعية وخفض أسعار الغاز للقطاع.

وتواجه بنغلاديش أزمة في احتياطات النقد الأجنبي اضطرّتها لوقف واردات الغاز المسال منذ منتصف العام الماضي، بسبب ارتفاع أسعاره عالميًا.

الصين تضغط على الأسعار

لا تتوقع شركة أبحاث الطاقة "ريستاد إنرجي" هدوء أسعار الغاز في آسيا خلال عام 2023، وسط تقديرات بانتعاش مشتريات الصين، ما سيؤدي إلى ارتفاع الأسعار على الدول المحيطة والمأزومة.

وتذهب تقديرات شركة الأبحاث النرويجية لمتوسط أسعار في آسيا يصل إلى 32 دولارًا لكل مليون وحدة حرارية بريطانية، وهو أعلى بنسبة 30% على الأقل من الرقم الذي يعدّه المسؤولون في بنغلاديش مقبولًا للشراء الفوري (20 دولارًا).

واشترت الشركة شحنتين هذا العام من شركة توتال إنرجي الفرنسية بسعر 19 دولارًا لكل مليون وحدة حرارية، كما تتفاوض مع شركات في بابوا غينيا الجديدة لتأمين صفقات جديدة.

ودحلت رئيسة وزراء بنغلاديش الشيخة حسينة واجد في مفاوضات مع سلطنة بروناي منذ 19 أكتوبر/تشرين الثاني (2022) للحصول على صفقة توريد للغاز المسال تبعدها عن السوق الفورية المكلفة.

ولم تسفر المفاوضات حتى الآن عن شيء سوى توقيع مذكرة تفاهم لم ترتقِ بعد إلى اتفاقات تنفيذية مع شركات الغاز في بروناي، وفقًا لما رصدته منصة الطاقة المتخصصة.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق