غازأخبار الغازرئيسية

باكستان تخطط لقطع إمدادات الغاز الطبيعي عن المنازل 16 ساعة يوميًا

في ظل عدم قدرتها المالية على الاستيراد من الخارج

عمرو عز الدين

في إشارة إلى تفاقم أزمة نقص الغاز الطبيعي في باكستان، تتجه حكومة إسلام آباد إلى اعتماد خطة حازمة تتضمّن قطع الإمدادات عن المنازل لمدة 16 ساعة يوميًا خلال فصل الشتاء المقبل.

وقالت وزارة الطاقة الباكستانية، إنه لا يوجد خيار أمامها سوى ترشيد الاستهلاك في الشتاء المقبل بسبب النقص المتزايد كل عام.

وأضافت الوزارة -في مناقشة أمام لجنة الطاقة بمجلس الأمة في باكستان-، أنها ستبذل أقصى جهد لضمان توفير الإمدادات للمستهلكين المحليين لمدة 3 ساعات في الصباح، وساعتين بعد الظهر، و3 ساعات في المساء، وفقًا لموقع داون المحلي المتخصص (dawn).

وتعني هذه الخطة صعوبة إتاحة الغاز الطبيعي لـ"قطاع المنازل" في باكستان على مدار الساعة كما هو معهود، بل سيُجرى تخفيف أحمال الشبكة لمدة 16 ساعة يوميًا، مع إتاحة 8 ساعات متقطعة بسبب النقص المتزايد في الإنتاج المحلي وارتفاع تكلفة الواردات من الخارج، وفقًا لما رصدته منصة الطاقة المتخصصة.

ويقول قسم البترول في وزارة الطاقة الباكستانية، إن الشتاء المقبل سيكون صعبًا للغاية من حيث توافر الغاز الطبيعي، ما اضطرها إلى اقتراح خطة ترشيد إلزامية تقتضي توفير الغاز للمنازل 3 مرات متقطعة يوميًا لإنجاز أعمال الطهي وخلافه، لحين انتهاء فصل الشتاء الذي يتزايد فيه الاستهلاك بصورة موسمية اعتيادية.

نفاد الغاز المحلي

الغاز الطبيعي في باكستان
محطة وقود باكستانية

تعاني باكستان انخفاض إنتاج الغاز المحلي بمعدل 10% سنويًا، وسط تحذيرات من نفاد الإمدادات المحلية، إذا استمر هذا الوضع المتدهور دون معالجة خلال السنوات الـ10 المقبلة.

وقال وزير البترول الباكستاني مصدق مسعود مالك، إن بلاده لا تستطيع شراء الغاز الطبيعي المسال في الوقت الحالي، لارتفاع أسعاره أضعافَا مضاعفة، بسبب تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية التي أربكت العالم وأشعلت أسعار الوقود عالميًا.

واعتمدت باكستان حتى العام الماضي على تعويض النقص في الإمدادات المحلية، عبر استيراد شحنات من الغاز الطبيعي المسال وضخها إلى المنازل بعد إجراء عمليات التحويل الفنية اللازمة لذلك.

"لا نستطيع الاستيراد"

يقول الوزير الباكستاني، إن ظروف بلاده المالية لا تسمح بأن تشتري الغاز الطبيعي المسال بأسعار باهظة وبيعه في الداخل بأسعار أرخص.

كما تعاني البلاد توقف تراخيص التنقيب والاكتشافات الجديدة عن الغاز رغم وجود مناطق تحتوي على رواسب غازية، بسبب المخاطر الأمنية وعدم الاستقرار السياسي الذي تعيشه باكستان منذ سنوات طويلة.

وفي الوقت نفسه يشتكي الوزير عدم استعداد شركات النفط والغاز العالمية للاستثمار في باكستان، وتفضيلها التوجه إلى دول أخرى منخفضة المخاطر.

وتخشى شركات النفط ظاهرة التغيير السريع للحكومات في باكستان، إذ لا تلبث حكومة أن تتولى مقعدها حتى تجد نفسها مضطرة إلى المغادرة بعد عام أو عامين على الأكثر في أغلب الأحوال.

ويُرجع المراقبون أسباب هذه الظاهرة إلى حالة الاستقطاب السياسي الحاد بين مكونات النخبة السياسية والحزبية والأمنية والدفاعية في البلاد، بالإضافة إلى عوامل الاختراق الخارجي من كبرى دول العالم لا سيما الولايات المتحدة، وصولًا إلى الهند المجاورة من الغرب والمتصارعة على إقليم كشمير منذ عقود، والصين المطلة على البلاد من الشمال الشرقي.

الغاز الطبيعي-باكستان
رئيس الوزراء الباكستاني السابق عمران خان

وكان رئيس الوزراء الباكستاني السابق عمران خان قد نجا من محاولة اغتيال في 3 نوفمبر/تشرين الثاني (2022)، لكنه وجّه أصابع الاتهام إلى رئيس الوزراء الحالي شهباز شريف ووزير الداخلية ورئيس الاستخبارات؛ ما قد يدفع بالبلاد إلى مزيد من الفوضى والاضطراب مع استمرار الاحتجاجات المناوئة لحكومة ينظر إليها بشيء من الريبة منذ توليها السلطة.

يُذكر أن حكومة شهباز شريف تولّت السلطة في أبريل/نيسان (2022)، بعد عملية إطاحة برلمانية مريبة برئيس الوزراء السابق عمران خان الذي اتهم الولايات المتحدة الأميركية صراحة بإسقاطه بالتواطؤ مع أحزاب المعارضة، الأمر الذي فتح على الحكومة الجديدة نيران النقد والاحتجاج منذ اليوم الأول لإعلان تشكيلها.

غاز إيران وروسيا محظور

تواجه باكستان صعوبات كبيرة في الحصول على الغاز الطبيعي من إيران وروسيا في ظل العقوبات الدولية المفروضة على البلدين في الوقت الحالي.

كما تواجه مشكلة النفوذ السياسي لدول كبرى على بعض الدول الصغرى التي حاولت باكستان اللجوء إليها لتأمين مصادر بديلة للغاز.

وعبّر وزير البترول الباكستاني عن هذا المعنى قائلًا: "كل الدول التي تحدثت إليها السلطات بشأن إمدادا الغاز كانت تحت تأثير بعض الدول الأخرى".

وتخطط باكستان في الوقت الحالي لتطوير البنية التحتية لمصادر الطاقة لا سيما الغاز، وسط تقديرات بأنها ستضطر إلى الاعتماد على الغاز المستورد بصورة أكبر خلال السنوات الـ4 المقبلة على الأقل، وفقًا لما رصدته منصة الطاقة المتخصصة.

وتتوقع باكستان عودة أسعار الغاز العالمية للانخفاض خلال السنوات المقبلة، لكن تطورات الصراعين الروسي الأوكراني، والصيني التايواني، قد تعصف بتوقعاتها وتضعها في مأزق مالي شديد التعقد.

من جهتها، تتوقع شركة "سوي ساوزرن غاز" الباكستانية حدوث عجز في الشبكة في حدود 200 إلى 300 مليون قدم مكعبة من الغاز خلال الشتاء المقبل، ما قد يؤدي إلى مشكلات في إمدادات الغاز ببعض المناطق في العاصمة كراتشي، مثل منطقتي لياري وكيماري وغيرهما.

وتقول الشركة، إن خطة تخفيف الأحمال تعتمد في أولوياتها قطاع المنازل، أما المصانع فقد لا يُسمح لها بسحب الغاز من مضخات الضغط.

أصحاب الصناعات يحذّرون

الغاز الطبيعي-باكستان
رئيس الوزراء الباكستاني شهباز شريف

حذّر أصحاب الصناعات الحكومة الباكستانية الحالية من حدوث أزمة غاز في الشتاء المقبل، إذا لم تكن مستعدة بتأمين إمدادات كافية في ظل نقص الإنتاج المحلي.

جاء ذلك في خطاب وجّهه رئيس غرفة تجارة وصناعة كراتشي "كيه سي سي آي"، محمد إدريس، إلى رئيس الوزراء، شهباز شريف، قال فيه إن الشتاء القارس المتوقع يتطلّب إجراءات لتجنّب شح إمدادات الغاز، وفقًا لما ذكرته صحيفة "ذا إكسبريس تريبيون" في 5 أكتوبر/تشرين الأول (2022).

وتعاني باكستان أزمة غاز ووقود متفاقمة منذ سنوات، وكانت سببًا أساسيًا في إطاحة البرلمان برئيس الوزراء السابق عمران خان في 9 أبريل/نيسان (2022).

وتخطط الحكومة الحالية برئاسة شهباز شريف لزيادة أسعار الغاز في موازنة العام الجديد (2022-2023) بنسبة 300%، ما يمثّل كارثة لقطاعات الصناعة فضلًا عن المنازل، وفقًا لما اطلعت عليه منصة الطاقة المتخصصة.

مصانع قد تغلق بالكامل

اتّهم رئيس غرفة تجارة وصناعة كراتشي -أكبر مدن باكستان- حكومة البلاد بعدم وضع معايير حتى الآن تسمح باتخاذ إجراءات ملائمة لتجنّب أزمة غاز متوقعة في الشتاء المقبل.

وقال رئيس الغرفة -في خطاب موجّه إلى رئيس الوزراء أيضًا-، إن المصنعين سيضطرون إلى إغلاق مصانعهم بالكامل والانتقال إلى أماكن أخرى، أو خفض الإنتاج وفق الإمدادات، إذا لم تستعد الحكومة لتجنّب أزمة غاز متوقعة، وفقًا لما رصدته منصة الطاقة المتخصصة.

وأضاف رئيس الغرفة، أن هذا الوضع سينعكس سلبًا على الاقتصاد الكلي للبلاد، وعلى الصادرات، وسيؤدي إلى هروب رؤوس الأموال خارج البلاد.

ويشتكي التجار والمصنعون عدم العدالة في توزيع أعباء شح إمدادات الغاز في البلاد، إذ يرون العبء الأكبر ملقى عليهم.
وقال رئيس قطاع البحوث في شركة تاروس للسمسرة، مصطفى مستنصر: "إنه رغم انخفاض سعر النفط نسبيًا؛ فإن سعر الغاز ما يزال مرتفعًا، ومن المتوقع أن يظل عند هذه المستويات في الشتاء، ما يضعف قدرة باكستان على استيراد كميات مناسبة تمكّنها من البعد عن أزمة الغاز المتوقعة".

مطالبات بالاعتماد على قطر

طالب رئيس البحوث في شركة "عارف حبيب ليمتد"، طاهر عباس، حكومة باكستان بتأمين تعاقدات طويلة الأجل لشراء شحنات الغاز المسال من دولة قطر.

وكانت حكومة إسلام آباد قد أعلنت في سبتمبر/أيلول (2022) خطة لبناء محطة غاز مسال ثالثة، تضم أول منشأة لتخزين الغاز المسال، على أن يستغرق بناؤها 4 سنوات.

وتمتلك باكستان -حاليًا- محطتين عائمتين لاستيراد الغاز المسال، وكلتاهما بالقرب من كراتشي، كما أعلنت قطر وشركة ميتسوبيشي خططًا للاستثمار بمحطات الغاز في باكستان.

وقد واجهت البلاد خلال شهر أكتوبر/تشرين الأول (2022) أسوأ موجة فيضانات أدت إلى موت آلاف الأشخاص وتدمير البنية التحتية والمنازل في أغلب أنحاء البلاد.

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق