غازتقارير الغازرئيسية

إيني تعمّق جراح الطاقة في باكستان وتوقف توريد شحنة غاز طبيعي مسال (تقرير)

بدعوى حالة قوة قاهرة لم تفصح عن تفاصيلها

عمرو عز الدين

وضعت شركة إيني الإيطالية، قطاع الطاقة في باكستان بمأزق شديد الحرج خلال شهر فبراير/شباط المقبل وما بعده، بعد إعلانها عدم القدرة على توريد شحنة غاز طبيعي مسال متفق عليها سابقًا.

وأخطرت شركة النفط والغاز الإيطالية نظيرتها الباكستانية، بعدم قدرتها على توريد الشحنة المتفق على تسليمها في فبراير/شباط/ 2023؛ بدعوى حالة القوة القاهرة، وفقَا لموقع أرغوس المتخصص في تحليل أسواق الطاقة.

وترتبط إيني الإيطالية باتفاق طويل الأجل مع شركة الغاز الباكستانية المملوكة للحكومة (موقع عام 2017)، لتوريد كمية تصل إلى 780 ألف طن سنويًا لمدة 15 عامًا.

ولم تقدم الشركة تفاصيل أكثر حول حدث القوة القاهرة الذي تدعيه حتى الآن، وفقُا لما رصدته منصة الطاقة المتخصصة.

ماذا تعني القوة القاهرة؟

إيني تعمّق جراح الطاقة في باكستان
شركة إيني - الصورة من رويترز

تعني حالة القوة القاهرة، حدوث ظروف خارجة عن إرادة طرفي التعاقد أو أحدهما، تمنعه من الوفاء بالالتزامات التعاقدية المنصوص عليها أو تجعل الوفاء بها مستحيلًا.

وغالبًا ما تنصرف أحداث القوة القاهرة إلى الحروب والكوارث الطبيعية وحوادث الفوضى والإرهاب وغيرها، ويخضع تقدير هذه الحوادث في النهاية للمحاكم المحلية أو الدولية في حالة النزاع، وفقًا لما رصدته منصة الطاقة المتخصصة.

وترتبط إيني بصفقات شراء ضخمة للغاز المسال في نيجيريا ومصر وقطر وإندونيسيا، وكانت تعوّل على إرسال الشحنات المتعاقد عليها مع باكستان من نيجيريا أو إندونيسيا، لكن ظروف الإنتاج في الدولتين تمر باضطرابات.

وتمتلك إيني صفقة طويلة الأجل لشراء الغاز من مجمع إسالة الغاز الطبيعي في جزيرة بوني النيجيرية، كما ترتبط بصفقة مماثلة مع محطة الإسالة المصرية في محافظة دمياط.

3 شحنات من إندونيسيا فقط

لدى الشركة الإيطالية اتفاق شبيه مع محطة إسالة رأس لفان في قطر، ومحطة تصدير بونتانع في إندونيسيا، إضافة إلى صفقات أخرى، وفقًا لما رصدته منصة الطاقة المتخصصة.

وكانت إيني تخطط لاستخدام إنتاجها في إندونيسيا، لتزويد باكستان بالشحنات المتفق عليها، لكن ذلك لم يحدث سوى 3 مرات منذ توقيع التعاقد في 2017.

وغيرت الشركة الإيطالية خطتها في وقت لاحق، عبر استخدام إنتاجها في قطر ونيجيريا لتزويد باكستان بأغلب الشحنات المتفق عليها.

وتعرّض إنتاج إيني في نيجيريا للاضطراب بسبب تفاقم ظاهرة السرقة خلال الأشهر الماضية؛ ما أدى إلى تراجع صادرات الغاز المسال من مشروع محطة جزيرة بوني، مقارنة بمعدلات التصدير خلال العام السابق.

وتواجه نيجيريا عمليات سرقة منظمة لخام النفط من إقليم دلتا النفطي؛ ما أدى إلى تراجع إنتاج النفط بصورة قياسية خلال 2022 لأدنى مستوياته خلال 32 عامًا، مع تكبدها خسارة بقيمة ملياري دولار، وفقًا لما رصدته منصة الطاقة المتخصصة.

الحالة القاهرة لم تُرفع في نيجيريا

تقول شركة نيجيريا للغاز الطبيعي المسال، إنها تتعرض لظروف قاهرة ممتدة منذ منتصف أكتوبر/تشرين الأول 2022، ولم تنتهِ حتى شهر يناير/كانون الثاني 2023، وفقًا لمنصة أرغوس.

واعتمدت باكستان خلال الأشهر الأخيرة على واردات الغاز الطبيعي المسال القادمة من قطر، بصورة أساسية في محاولة لتدبير بدائل نقص إنتاج الغاز المحلي.

وبلغ حجم ما استوردته باكستان خلال الأشهر الأخيرة، قرابة 6.4 مليون طن من الغاز المسال تمثل 90% من إجمالي وارداتها خلال عام 2022، وفقًا لما رصدته منصة الطاقة المتخصصة.

وبلغ حجم الإمدادات الواصلة من نيجيريا قرابة 250 ألف طن فقط، إضافة إلى شحنة واحدة قادمة من مصر خلال العام الماضي 2022.

أغلب الواردات من قطر

مازالت أغلب الواردات تأتي من قطر خلال شهر يناير/كانون الثاني 2023، إضافة إلى شحنة نادرة وصلت من إندونيسيا لأول مرة منذ عام 2020.

ومن المتوقع انخفاض صادرات الغاز المسال من نيجيريا هذا الشهر بصورة حادة، بعد رصد تحميل 790 ألف طن فقط خلال المدة من 1 إلى 26 يناير/كانون الثاني 2023، مقارنة بنحو 1.5 مليون طن خلال يناير 2022، وفقًا لتقديرات شركة فورتكسا المتخصصة.

كما يتوقع انخفاض صادرات غاز حقل رأس لفان القطري هذا الشهر -أيضَا-، بعد رصد تحميل 5.7 مليون طن فقط حتى 26 يناير/كانون الثاني 2023، مقارنة بنحو 7.2 مليون طن خلال الشهر نفسه من عام 2022.

في المقابل، ظلت الإمدادات من ميناء دمياط المصري نشطة في الأشهر الأخيرة، حيت تم تحميل 326 ألف طن حتى 26 يناير/كانون الثاني 2023، بزيادة كبيرة عن الرقم المسجل (200 ألف طن) في يناير/كانون الثاني 2022.

حجم العجز ضخم في باكستان

إيني تعمّق جراح الطاقة في باكستان
ناقلة غاز مسال متجه إلى باكستان - الصورة من times of islamabad

يبلغ الطلب المحلي على الغاز في باكستان قرابة 2.5 مليار قدم مكعبة يوميًا، بينما يبلغ المعروض قرابة 1.7 مليار قدم مكعبة يوميًا؛ ما يعني وجود عجز ضخم يصل إلى 800 مليون قدم مكعبة يوميًا.

وتذهب تقديرات أخرى إلى تجاوز العجز حاجز 1.35 مليار قدم مكعبة يوميًا في شتاء 2022-2023، وفقًا لموقع ذا نيوز المحلي (thenews).

وتعاني شركة غاز ليمتد الحكومية المختصة بإمداد المناطق الشمالية من عجز مزمن يصل حجمه إلى مليار قدم مكعبة يوميًا، بينما يبلغ العجز في الفرع الجنوبي للشركة قرابة 50 مليون قدم مكعبة يوميًا.

ويبلغ عدد سكان باكستان قرابة 232 مليون نسمة، وتحتلّ المركز الـ21 في استهلاك الغاز الطبيعي على مستوى العالم، وفقًا لما رصدته منصة الطاقة المتخصصة.

نقص العملة الأجنبية معضلة

تتزامن أزمة عجز الغاز مع تدهور الاحتياطي النقدي من العملات الأجنبية في باكستان بصورة حادة؛ ما يكبّل الحكومة عن استيراد كميات أكبر.

وانخفض الاحتياطي النقدي من العملات الأجنبية في باكستان إلى 7.5 مليار دولار فقط حتى 25 نوفمبر/تشرين الثاني 2022، وهو مبلغ لا يكفي شهر واحدًا في بلاد تشهد اضطرابات سياسية مزمنة منذ سنوات.

وتقدم الحكومة الباكستانية، الغاز الطبيعي لقطاعات توليد الكهرباء، والمنازل، والأسمدة، بأسعار مدعومة؛ ما يكبد البلاد فروقًا مالية ضخمة لا تقوى على تحملها في الظروف الحالية.

واضطرت وزارة الطاقة الباكستانية مؤخرًا، لإعلان خطة طوارئ، للتعامل مع نقص الغاز في الشتاء عبر قطع الإمدادات عن المنازل لمدة 16 ساعة وإتاحتها لمدة 8 ساعات فقط يوميًا.

ولدى باكستان مخزونات من الغاز الطبيعي لكنها تتعرض للنفاد بصورة متسارعة بسبب زيادة الاستهلاك، وإحجام الشركات العالمية عن التوسع في القطاع لاضطراب الأوضاع السياسية في البلاد.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق