سياراتتقارير السياراترئيسية

احتكار بطاريات السيارات الكهربائية في الصين يدفع الاتحاد الأوروبي إلى تصنيعها محليًا (تقرير)

الاتحاد يتجه إلى الاكتفاء ذاتيًا بحلول 2030

محمد عبد السند

تلوح أمام دول الاتحاد الأوروبي فرصة ذهبية للتخلص من استيرادها بطاريات السيارات الكهربائية من الصين، إذا وحّد قادته كلمتهم بشأن ضخ مزيد من الاستثمارات في هذا القطاع عظيم الأهمية، وسط هيمنة صينية مخيفة على تلك الصناعة العالمية.

وتثير الصين مخاوف الولايات المتحدة الأميركية وأوروبا، بسبب احتكارها صناعة السيارات الكهربائية، ومستلزماتها، في مقدمتها بطاريات الليثيوم-أيون، وسط تصاعد التوترات الجيوسياسية العالمية، والتقارب الصيني-الروسي الذي لا يخفى على أحد.

وفي بارقة أمل للاتحاد الأوروبي في هذا السيناريو الباعث على القلق، توقع تقرير صادر عن جماعة "النقل والبيئة" المعنية بالدفاع عن الطاقة المتجددة إنهاء الاتحاد اعتماده على الصين في استيراد بطاريات السيارات الكهربائية بحلول نهاية العقد الجاري (2030)، في حال نجح في محاكاة الدعم الضخم الممنوح من الرئيس الأميركي جو بايدن للمركبات النظيفة، والبالغ قيمته 369 مليار دولار، حسبما ذكرت صحيفة "غارديان" البريطانية.

وذكرت جماعة "النقل والبيئة" أن الاتحاد الأوروبي يمضي على المسار الذي يقوده في النهاية إلى إنتاج خلايا بطاريات الليثيوم-أيون بحلول عام 2027، لتلبية الطلب المتنامي، وإقصاء الصين من سلاسل الإمدادات.

ويمكن إعادة شحن بطاريات "الليثيوم-أيون"، واستعمالها في الأجهزة الإلكترونية الاستهلاكية، وكذلك السيارات الكهربائية، وفق معلومات طالعتها منصة الطاقة المتخصصة.

توقعات حذرة

تتوقع الدراسة تراجع اعتماد أوروبا على الصين في عمليات تنقيح المعادن ومعالجتها المستعملة في البطاريات تراجعًا دراماتيكيًا، وأن يأتي ما يربو على 50% من الطلب في أوروبا على الليثيوم المُعالَج، من مشروعات أوروبية خالصة بحلول عام 2030.

وتخلو القارة العجوز الآن من مصافي الليثيوم، في حين تحتضن منطقة شرق آسيا نحو 90% من عمليات معالجة المعدن الحيوي عالميًا.

في غضون ذلك، يُعوّل على مشروعات المصافي الجاري تنفيذها في ألمانيا وفرنسا كثيرًا في تعزيز إمكانات أوروبا في هذا الخصوص.

كما يستهدف مشروع قانون أوروبي مُرتقب بشأن المواد الخام المهمة ضمان مطابقة تلك المواد مع معايير السلامة البيئية بصورة كاملة.

ويوضح التصميم أدناه -الذي أعدّته منصة الطاقة المتخصصة- وتيرة نمو مبيعات السيارات الكهربائية حول العالم:

السيارات الكهربائية حول العالم

مخاوف بريطانية

أفصح نواب في البرلمان البريطاني عن مخاوفهم إزاء اعتماد لندن الأساسي على الصين في سلسلة الإمدادات الخاصة بالسيارات الكهربائية، في حين يعدّه الخبراء نقطة ضعف أساسية وسط احتدام التوترات السياسية مع بكين والغرب.

وحظرت بريطانيا مبيعات سيارات الوقود الأحفوري الجديدة بدءًا من عام 2030، في حين يلتزم الاتحاد الأوروبي بالتخلص من محركات الاحتراق الداخلي بدءًا من عام 2023.

ومع ذلك، فقد جذب قانون خفض التضخم في الولايات المتحدة الأميركية الاستثمارات الخضراء إلى الاقتصاد الأكبر في العالم، في حين يزيد الضغوط على كل من بريطانيا والاتحاد الأوروبي، للاستجابة السريعة في وقت يفرض فيه صنّاع السياسة البريطانيون ضرائب على أرباح الشركات العاملة في مجال الطاقة المتجددة.

وأظهر تقرير جماعة "النقل والبيئة" أن ثلثي الطلب في أوروبا على الكاثودات -الأقطاب الكهربائية المستعملة في البطاريات، وتحوي مواد بالغة الأهمية- من الممكن أن يأتي من القارة بحلول عام 2027، بدعم من إسهامات مشروعات مثل تلك التي تنفذها شركة "أوميكور" البلجيكية للتعدين في بولندا و"نورثفولت" لتصنيع البطاريات في السويد.

ناقوس خطر أوروبي

مع ذلك، حذّر معدو التقرير من أنه ما يزال بمقدور الشركات نقل مشروعاتها من أوروبا إلى الولايات المتحدة الأميركية، مدعومة في ذلك بقانون خفض التضخم؛ بغية توطين سلاسل إمدادات البطاريات لدى واشنطن.

وقالت مديرة المركبات والنقل الإلكتروني في جماعة "النقل والبيئة" جوليا بوليسكانوفا: "الآن يُصنع نصف خلايا بطاريات الليثيوم-أيون المستعملة في الاتحاد الأوروبي بأميركا".

لكن قانون خفض التضخم غيّر قواعد اللعبة، وتحتاج أوروبا إلى ضخ مزيد من الاستثمارات، وإلا فستخاطر بفقدان مصانع إنتاج البطاريات المخطط إقامتها، وكذا الوظائف، لصالح الولايات المتحدة الأميركية.

وطالبت جماعة "النقل والبيئة" بتأسيس صندوق أوروبي، ودعمه بالأموال المُجمعة عبر إصدار ديون مشتركة، بغية المساعدة على تدفق الاستثمارات إلى قطاع السيارات الكهربائية، والبطاريات ومصادر الطاقة المتجددة.

والأسبوع الماضي انهارت شركة "بريتيش فولت" البريطانية الناشئة المتخصصة في تصنيع البطاريات، التي كانت قد أعربت عن أملها في بناء "مصنع ضخم" على مقربة من بليث بمقاطعة نورثمبرلاند شمال شرق إنجلترا.

ويوضح التصميم التالي -الذي أعدته منصة الطاقة المتخصصة- مبيعات سيارات الركاب الكهربائية حول العالم خلال المدة من 2015 إلى 2022:

مبيعات السيارات الكهربائية تسجل قفزات سنوية مع توجه العالمي إلى تقليل الانبعاثات

الاقتصاد الأخضر

كافحت "بريتيش فولت" في سبيل العثور على تمويل، ولم تمنحها الحكومة البريطانية الأموال التي سبق أن وعدتها بها في أعقاب فشل الشركة في تحقيق المستهدفات الحكومية.

وقاد انهيار "بريتيش فولت" إلى إطلاق دعوات إلى استحداث استراتيجية صناعية شاملة تخدم التوجه صوب الاقتصاد الأخضر في المملكة المتحدة، من بينها تحول صناعة السيارات إلى الطرازات الكهربائية.

ويوم الإثنين الموافق 23 يناير/كانون الثاني (2023)، قال المدير العام لاتحاد الصناعات البريطانية توني دانكر إن حكومة بلاده لم تستثمر في الاقتصاد الأخضر، وهي بذلك تتخلّف عن كل من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي في هذا الصدد.

وأوضح دانكر أن أميركا وأوروبا "تتفوقان علينا من حيث الإنفاق والذكاء أيضًا" في استراتيجيتهما الرامية إلى تشجيع الاستثمارات منخفضة الكربون.

وأضاف -خلال كلمته التي ألقاها في جامعة "كوليدج لندن"-: "بينما يتحرك منافسونا في كل من أوروبا وآسيا والولايات المتحدة الأميركية، بقوة في هذا المسار، ما نزال نحن نناقش الأمر سرًا مع أنفسنا، ونأمل في الأفضل".

طموح أميركا يصطدم بهيمنة الصين

تحركت الولايات المتحدة -مؤخرًا- لمواجهة الهيمنة الصينية على إنتاج بطاريات السيارات الكهربائية، في وقت تزداد فيه المخاوف إزاء النقص العالمي للمعادن الأساسية، وانتهاكات حقوق العمال في المناجم الأفريقية، حسبما أورد موقع إنرجي واير (ENERGY WIRE).

وفي مذكرة تفاهم كُشف عنها كاملة في الـ18 من يناير/كانون الثاني (2023)، تعهّدت وزارة الخارجية الأميركية بتقديم يد العون في بناء سلسلة إمدادات بطاريات السيارات الكهربائية إلى الكونغو وزامبيا.

وستقدم وزارة الخارجية الأميركية ووكالات أميركية أخرى المساعدات التقنية إلى البلدين المذكورين، جنبًا إلى جنب مع دراسات الجدوى المطلوبة، واستكشاف الفرص في قطاع بطاريات السيارات الكهربائية، بحسب ما ورد في مذكرة التفاهم.

وتهدف المساعي الأميركية إلى تحول الكونغو وزامبيا من كونهما موقعين للتنقيب عن المعادن فقط إلى معالجة بطاريات السيارات الكهربائية وتصنيعها وتجميعها.

وقال وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، خلال مراسم توقيع المذكرة في الـ13 من ديسمبر/كانون الأول (2022): "هذا هو المستقبل، وهذا ما يحدث في الكونغو وزامبيا".

بطاريات السيارات الكهربائية
عامل يحمل كميات من الكوبالت في منجم شينكولوبوي في الكونغو - الصورة من أسوشيتد برس

وتُعد الكونغو وزامبيا منطقتين يحظى فيهما قطاع التعدين بأهمية منقطعة النظير بالنسبة إلى بطاريات السيارات الكهربائية.

وتمثل الكونغو وزامبيا مصدرين عالميين رئيسين لمعدني الكوبالت والنيكل، المكونين الرئيسين في بطاريات الليثيوم-أيون.

وما إن يُستخرجا من باطن الأرض يُصدّر هذان المعدنان غالبًا إلى الصين، ليعالَجا هناك على الفور قبل استعمالهما في تصنيع بطاريات السيارات الكهربائية.

يُشار إلى أن الصين، البلد الأكثر تعدادًا للسكان في العالم، قد أنتجت 75% من إجمالي بطاريات الليثيوم-أيون المنتَجة في العالم خلال عام 2021، مقارنة بـ7% للولايات المتحدة الأميركية، بحسب التقديرات الصادرة عن وكالة الطاقة الدولية.

وجذبت تلك الهيمنة الصينية على صناعة بطاريات السيارات الكهربائية انتباه الكونغرس الأميركي، بالنظر إلى هدف إدارة الرئيس جو بايدن في تعزيز مبيعات السيارات الكهربائية.

وبحلول عام 2030، تستهدف إدارة بايدن كهربة نحو نصف السيارات الجديدة المبيعة في عموم الولايات المتحدة. في المقابل ينتقد الجمهوريون هذا المستهدف، على أساس أنه يخدم مصالح الصين وخصوم آخرين.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق