سلايدر الرئيسيةالمقالاترئيسيةطاقة متجددةغازمقالات الطاقة المتجددةمقالات الغازمقالات النفطنفط

قطاع النفط والغاز في كندا بحاجة لاستلهام تجربة السعودية وقطر (مقال)

إريك نوتال – ترجمة: نوار صبح

اقرأ في هذا المقال

  • قَطَر نمّت ناتجها المحلي الإجمالي 10 أضعاف في غضون 20 عامًا فقط
  • غالبًا ما يتحدث المسؤولون الحكوميون الغربيون عن "التحولات العادلة" وسقوف الانبعاثات ونهاية النفط
  • يتحدث وزراء الشرق الأوسط عن تنويع الطاقة واقتصاديات الكربون الدائري
  • مثل كندا ترغب قطر والسعودية في تنمية اقتصاداتها وتحسين مستوىمعيشة مواطنيها
  • توجد توقعات إيجابية طويلة الأجل للطلب على النفط والغاز الطبيعي

لدى زيارتي إلى العاصمة القطرية الدوحة، تبادر إلى ذهني تساؤل بشأن دعم قطاع النفط والغاز في كندا أُسْوةً بالسعودية وقَطَر ودول الشرق الأوسط الأخرى.

وتستعد الحكومة، حاليًا، لنشر تفاصيل رؤيتها طويلة المدى لقطاع النفط والغاز في كندا، التي تؤثّر في 202 ألف عامل ومستثمر على حدّ سواء.

خلال جولة بالسيارة في شوارع مدينة الدوحة عاصمة دولة قطر، التي ستصبح قريبًا أكبر مصدّر للغاز الطبيعي المسال في العالم، خطرت ببالي عبارة مفادها "لم تكن هناك أبدًا حالة عمل قوية للغاز الطبيعي المسال".

بالنسبة لبلد كافحَ من أجل الصمود اقتصاديًا لمدة 60 عامًا بعد انهيار صناعة الغوص بحثًا عن اللؤلؤ في الأربعينيات، فإن التطورات الحاصلة اليوم في قطر لافتة للانتباه ورائعة.

وفي غضون 20 عامًا فقط، وبفضل احتياطياتها الهائلة من الغاز الطبيعي وقدرتها على تسويقها عن طريق التسييل، نَمَّت قطر ناتجها المحلي الإجمالي 10 أضعاف.

تجدر الإشارة إلى أن قَطَر جمعت صندوق ثروة سيادية يزيد عن 450 مليار دولار أميركي، واستعملت عائدات الغاز المسال لبناء علامتها التجارية وتشييد مدن جديدة ذات بنية تحتية يتمنى العالم، أو على الأقلّ معظم الدول الغربية، اقتناءها.

قطاع النفط والغاز في كندا بحاجة لاستلهام تجربة السعودية وقَطَر
إطلالة القمر على مدينة الدوحة عاصمة دولة قطر – الصورة من وكالة الصحافة الفرنسية

توظيف الموارد في التنمية

بدلًا من إلقاء اللوم على قطاعَي النفط والغاز، تقوم قطر والسعودية وبعض دول الشرق الأوسط بدعمهما وتعزيزهما، باستعمال ثرواتها من الموارد لتنمية اقتصاداتها، والتنويع ببطء للاستغناء عن الهيدروكربونات وتوسعة الاستثمار في الطاقة البديلة.

ثمّة سؤال جدير بالطرح هنا: هل يمكن أن تكون كندا والبيئة أفضل حالًا عند تبنّي إستراتيجية مماثلة شاملة لكل ما سبق بدلًا من نهجها الحالي الانتقائي.

لقد زرت الشرق الأوسط في منتصف شهر يناير/كانون الثاني للمرة الأولى، وأتيحت لي الفرصة للقاء العديد من الوزراء الحكوميين، بمن فيهم وزير الطاقة القطري المهندس سعد بن شريدة الكعبي ووزير الطاقة السعودي الأمير عبدالعزيز بن سلمان.

ووجدت أن طموح الرؤى طويلة المدى والبراغماتية المتعلقة بالطاقة التي طرحها الوزيران يتناقض بشكل كبير مع طموحات الدول الغربية.

غالبًا ما يتحدث المسؤولون الحكوميون الغربيون عن "التحولات العادلة"، وسقوف الانبعاثات ونهاية النفط، بينما يتحدث وزراء الشرق الأوسط عن تنويع مصادر الطاقة، واقتصادات الكربون الدائري والحاجة الأساسية لزيادة إنتاج النفط والغاز الطبيعي من أجل تلبية متطلبات تزايد عدد سكان العالم.

على ضوء ذلك، لا يمكنك إلّا أن تنجذب إلى حماسة الوزراء عندما تسمع كيف ستسمح عائدات النفط والغاز الطبيعي للاقتصادات بأكملها بالتحول بمرور الوقت.

على سبيل المثال، تقوم المملكة العربية السعودية ببناء مدينة يبلغ طولها 170 كيلومترًا، ويسكنها 9 ملايين شخص، تعمل بالكامل بالطاقة المتجددة في الصحراء القاحلة الآن، وتموَّل بالكامل من الإيرادات المتأتية من بيع النفط.

ويُعدّ هذا المشروع هو مجرد واحد من 15 مشروعًا عملاقًا نشطًا في ذلك البلد، وكلها ممولة من عائدات الهيدروكربونات.

وأتساءل، هنا، متى كانت آخر مرة سمعت فيها عن أحد مشروعات البنية التحتية الجريئة في كندا أو الولايات المتحدة أو أوروبا؟

شأنهما شان كندا، ترغب قطر والمملكة العربية السعودية في تنمية اقتصاداتهما، وتحسين مستوى معيشة مواطنيهما، وتنويع اقتصاداتهما في نهاية المطاف بالاستغناء بشكل كبير عن إنتاج الهيدروكربونات.

مصادر الطاقة البديلة

على الرغم من كونهما منتجتين رئيستين للمواد الهيدروكربونية، فإن المملكة العربية السعودية ودولة قطر تركّزان على الحاجة طويلة الأجل لبناء مزيج طاقة يحتوي على المزيد من الطاقة البديلة.

وتسعى المملكة العربية السعودية، ثاني أكبر منتج للنفط في العالم، إلى الحصول على 45 - 50% من مزيج الطاقة لديها من الطاقة المتجددة بحلول عام 2030، مع الإشارة إلى أن منهجية تحقيق هذه الأهداف تختلف اختلافًا جذريًا.

ربما يرجع إلى قرب الشرق الأوسط الجغرافي من الصين والهند، إذ يبلغ عدد سكان كل منهما 1.4 مليار نسمة، ما يمنحهما منظورًا عالميًا أفضل للنمو الهيكلي طويل الأجل المحتمل في الطلب على الهيدروكربونات.

وقد يكون عدم وجود دورات انتخابية مدتها 4 سنوات هي التي تسمح بشكل أفضل بالتخطيط الإستراتيجي طويل الأجل، وعدم الحاجة إلى استعمال قطاع النفط والغاز بصفته قضية انقسام سياسي.

قطاع النفط والغاز في كندا بحاجة لاستلهام تجربة السعودية وقَطَر
المركز الصناعي العائم "أوكساغون" بمدينة نيوم السعودية – الصورة من بي بي سي

حاجة كندا للواقعية السياسية

يمكن أن تستعمل رؤية حكومة أوتاوا طويلة المدى لقطاع النفط والغاز في كندا على الأقلّ بعض واقعية الطاقة في السعودية وقطر.

في ظل النمو السكاني لأكثر من مليار شخص طوال السنوات المقبلة في مناطق العالم، التي تسعى إلى تحقيق نمط الحياة المرتفع للغاية اعتمادًا على كثافة الهيدروكربونات، هناك توقعات إيجابية طويلة الأجل للطلب على النفط والغاز الطبيعي.

وسيكون النفط والغاز الطبيعي ضروريين لعقود عديدة مقبلة، حتى مع تحولات الطاقة العالمية.

في ظل التوجهات لتحويل جميع سيارات محرك الاحتراق الداخلي البالغ عددها 1.5 مليار سيارة إلى الكهرباء، وإزاحة 27% من إجمالي استهلاك النفط، فإن الحاجة ماسّة إلى التنقيب عن معادن الطاقة، مثل النحاس والغرافيت والنيكل والكوبالت، وهي عملية كثيفة الاستعمال للنفط.

ولتحقيق الأهداف الحكومية الطموحة لانتشار السيارات الكهربائية، يحتاج العالم إلى استخراج الكمية نفسها من النحاس على مدار الـ20 عامًا المقبلة، التي عُدِّنَت منذ فجر التاريخ.

علاوة على ذلك، وفقًا لعامل المناجم المتقاعد جون بيتيمور، فإن كل بطارية سيارة كهربائية بوزن ألف رطل (453.59 كيلوغرامًا) تعني تعدين 90 ألف رطل (40,82 طنًا) من الفلزات، ما يتطلب طاقة تعادل 100 برميل من النفط لبطارية تخزّن ما يعادل طاقة برميل واحد من النفط المكافئ، ويتضح من ذلك أن الطلب على النفط لن يبلغ ذروته في أيّ وقت قريب، حتى مع سعي الحكومات لإزالة الكربون.

جدير بالذكر أن أيّ حصة في السوق تتنازل عنها كندا طواعية سوف يفترضها الآخرون بسعادة أنها تندرج في إطار معايير بيئية أقلّ صرامة، وأن أيّ شخص اضطر طفله إلى الانتظار لمدة 9 ساعات في غرفة الطوارئ لرؤية الطبيب يعرف أنه يمكننا القيام بعمل أفضل بصفتنا دولة.

يمكننا أن نسأل عن سبب كون قطر، الدولة التي احتضنت صناعة الغاز المسال، لديها ما يقرب من 3 أضعاف عدد الأطباء لكل فرد في كندا!

ويمكننا أن نفعل كل شيء: زيادة إنتاج من النفط والغاز في كندا، وفقًا لأعلى المعايير البيئية بأيّ مكان في العالم، ما يسمح لنا بالمساعدة في تلبية احتياجات العالم مع الاستفادة من عائداته والسماح بالاستثمارات الإضافية المهمة في بنيتنا التحتية الوطنية.

وسيتيح ذلك لكندا زيادة المبادرات البيئية مثل احتجاز الكربون وتخزينه.

إن جولتي في مدينة الدوحة جعلتني أعتقد أن كندا قابلة للاستفادة من التجارب الرائدة والتطورات النوعية التي تشهدها قطر والسعودية.

* إريك نوتال - كاتب متخصص في إستراتيجيات الاستثمار.

ملحوظة: نُشر هذا المقال في صحيفة الفاينانشيال بوست، وأعادت الطاقة نشره بموافقة الكاتب.

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق