التقاريرتقارير الغازتقارير النفطدول النفط والغازغازموسوعة الطاقةنفطوحدة أبحاث الطاقة

مصر.. ماذا تعرف عن أقدم دولة عربية في صناعة النفط وأكثرها تنوعًا بمصادر الطاقة؟

حُدِّثَ هذا التقرير في 22 يوليو 2025

وحدة أبحاث الطاقة

اقرأ في هذا المقال

  • مصر تشغل الترتيب الرابع في قارة أفريقيا من حيث إنتاج النفط
  • مصر تؤدي دورًا محوريًا في تجارة النفط والغاز الطبيعي عالميًا
  • الإنتاج لا يغطي الاستهلاك رغم الاكتشاف المبكر للوقود الأحفوري
  • أعلى معدل إنتاج نفطي سجلته مصر بلغ 924 ألف برميل يوميًا

رغم أن النفط والغاز في مصر لا يكفي استهلاكها -فهي تُعدّ مستوردة بصورة أكبر- فإنها من أقدم الدول التي بحثت عن النفط والغاز واستكشافهما، إذ تعود علاقتها بتلك الصناعة إلى القرن الـ19.

ومع امتلاك مصر ممر قناة السويس، بالإضافة إلى خط سوميد الواقع على أراضيها، تؤدي البلاد دورًا مهمًا ومحوريًا في تجارة النفط والغاز الطبيعي عالميًا.

وعند النظر إلى إنتاج مصر على مستوى القارة الأفريقية، تأتي البلاد في المركز الخامس -بعد الجزائر ونيجيريا وليبيا وأنغولا- من حيث إنتاج النفط، وفي المرتبة الثانية -بعد الجزائر- في إنتاج الغاز الطبيعي، وفقًا لبيانات معهد الطاقة البريطاني عن عام 2024.

ونتيجة اعتماد البلاد على الاستيراد في توفير المنتجات النفطية للسوق المحلية، تتأثر مصر سلبًا بصورة كبيرة من تذبذب أسعار النفط عالميًا، ما يضغط على موازنتها كلما ارتفع السعر، وهو ما دفع البلاد إلى إلغاء دعم البنزين بأنواعه الـ3.

أحد أقدم منتجي النفط

بدأت صناعة النفط في مصر منذ القرن الـ19، إلا أن الإنتاج لا يكفي لتلبية متطلبات الاستهلاك المحلي وتضطر إلى استيراد جزء من احتياجاتها.

وتعود أول عملية مسح جيولوجي لاستكشاف النفط والغاز في مصر إلى عام 1835، قام بها ضابط بحري فرنسي، وبعد مرور وقت طويل نجحت البلاد في حفر أول بئر نفطية يوم 8 يناير/كانون الثاني عام 1886 بمنطقة "جمسة" الواقعة في خليج السويس بالبحر الأحمر، لكن إنتاج النفط تجاريًا من البئر بدأ عام 1910.

وفي عام 1961، كانت مصر شاهدة على اكتشاف أول حقل نفط بحري في الشرق الأوسط الذي عُرف باسم "بلاعيم بحري"، ثم توصلت البلاد إلى أكبر حقولها النفطية "المرجان" بمنطقة خليج السويس عام 1967.

الوقود الأحفوري في مصر
إنتاج النفط من أحد الحقول قديمًا - أرشيفية

إنتاج النفط في مصر

بدأ إنتاج النفط في مصر بضخ كميات ضئيلة، إذ بلغ إنتاج النفط والمكثفات وسوائل الغاز الطبيعي في البلاد قرابة 126 ألف برميل يوميًا عام 1965، قبل أن تتضاعف هذه الإمدادات تقريبًا في غضون عقد من الزمن.

وبحسب المراجعة الإحصائية السنوية لمعهد الطاقة البريطاني،؛ فإن إنتاج النفط في البلاد -النفط الخام والمكثفات والسوائل الغازية- بلغ 228 ألف برميل يوميًا عام 1975.

ومنذ ذلك الحين، اتبع إنتاج النفط في مصر اتجاهًا تصاعديًا، ليتجاوز 509 آلاف برميل يوميًا عام 1979، واستمر هذا الاتجاه حتى عام 1985 عندما بلغت الإمدادات 882 ألفًا.

وفي عام 1986، انخفض إنتاج النفط في مصر لأول مرة منذ منتصف سبعينيات القرن الـ19، ليتراجع إلى 806 آلاف برميل يوميًا مقابل 882 ألفًا في العام السابق له.

وفي العام التالي، أي عام 1987، قفز إنتاج النفط المصري إلى 907 آلاف برميل يوميًا، ثم تذبذب في هذا النطاق قليلًا حتى وصل إلى 924 ألف برميل يوميًا عام 1995، وهو أعلى معدل سجله إنتاج النفط في تاريخ البلاد.

ورغم الأداء المتباين في الأعوام التالية ما بين الارتفاع والانخفاض؛ فإن إنتاج مصر لم يصل منذ ذلك الحين إلى مستويات 900 ألف برميل يوميًا، بل ظل في نطاق 600 إلى 700 ألف برميل يوميًا.

وبنهاية عام جائحة كورونا (2020)، تراجع إنتاج النفط في مصر إلى أقلّ مستوى منذ 1981، عند 632 ألف برميل يوميًا، مقابل 653 ألف برميل يوميًا في عام 2019.

واستمر الهبوط إلى 608 آلاف برميل يوميًا في عام 2021، قبل أن يرتفع الإنتاج إلى 616 ألف برميل يوميًا خلال عام 2022، ثم عاود الانخفاض إلى 610 آلاف عام 2023.

وفي عام 2024، ارتفع إنتاج مصر من النفط الخام والمكثفات والسوائل الغازية إلى 637 ألف برميل يوميًا، كما يرصد الرسم البياني التالي، الذي أعدّته وحدة أبحاث الطاقة:

إنتاج النفط في مصر

وعلى صعيد متوسط إنتاج النفط الخام في مصر، فقد انخفض إلى 537 ألف برميل يوميًا خلال عام 2024، مقابل 564 ألف برميل يوميًا في العام السابق له، وفق أرقام مبادرة البيانات المشتركة (جودي).

وفي أول 5 أشهر من عام 2025، بلغ متوسط إنتاج مصر من الخام 509 آلاف برميل يوميًا، مع استقراره على معدل 507 آلاف برميل يوميًا خلال المدة من أبريل/نيسان حتى مايو/أيار.

ويرصد الرسم التالي -الذي أعدّته وحدة أبحاث الطاقة- إنتاج مصر من الخام شهريًا منذ بداية عام 2021 حتى مايو/أيار 2025:

إنتاج مصر من النفط الخام

استهلاك النفط في مصر

مع تزايُد استهلاك النفط في مصر مقابل تراجع الإنتاج، تضطر البلاد إلى الاعتماد على الاستيراد في توفير احتياجات السوق المحلية، وهو ما يعرّض البلاد لتقلّبات أسعار النفط، ويضغط على بند المصروفات في الموازنة.

وتوضّح أحدث بيانات معهد الطاقة البريطاني أن استهلاك مصر من النفط ارتفع خلال 2024، إلى 781.7 ألف برميل يوميًا، مقابل 740.5 ألف برميل يوميًا في عام 2023.

وتُظهِر البيانات أن أعلى معدل استهلاك للنفط سجّلته الدولة كان في عام 2016، عندما بلغ 843 ألف برميل يوميًا، ثم تراجع إلى 809 آلاف برميل يوميًا في 2017، وإلى 727 ألفًا عام 2018، وإلى 692 ألفًا في 2019.

ويشار إلى أنه منذ بدء الرصد الذي سجّله معهد الطاقة في عام 1965، تباين منحنى استهلاك مصر من النفط ما بين الصعود والانخفاض.

وبلغ استهلاك مصر للنفط عام 1965 نحو 131 ألف برميل يوميًا، قبل أن يرتفع إلى 140 ألف برميل يوميًا في عام 1966، لكنه تراجع إلى 116 ألف برميل يوميًا في عام 1967، ثم ارتفع مرة أخرى إلى 121 ألفًا في 1968.

وكان عام 1969 شاهدًا على أدنى مستوى لاستهلاك مصر من النفط تاريخيًا، إذ بلغ 92 ألف برميل يوميًا، وفي عام 1977 وصل إنتاج مصر إلى 201 ألف برميل يوميًا، ثم صعد إلى 336 ألف برميل يوميًا في عام 1982.

وفي عام 1985، ارتفع استهلاك مصر من النفط إلى 406 آلاف برميل يوميًا، قبل أن يسجل 518 ألف برميل يوميًا في عام 1997.

بينما بلغ استهلاك مصر من النفط 606 آلاف برميل يوميًا لأول مرة عام 2005، وصعد إلى 715 ألف برميل يوميًا في عام 2009، ثم قفز إلى 810 آلاف برميل يوميًا في عام 2015.

ويستعرض الرسم البياني التالي -الذي أعدّته وحدة أبحاث الطاقة- استهلاك النفط في مصر منذ عام 1965 حتى 2024، نقلًا عن بيانات معهد الطاقة:

استهلاك النفط في مصر

وعلى صعيد الصادرات والواردات، أوضحت أحدث البيانات الحكومية أن قيمة واردات مصر من النفط الخام والمشتقات بلغت 6.2 مليار دولار خلال المدة من يناير/كانون الثاني حتى أبريل/نيسان 2025.

وسجّل شهر مارس/آذار أعلى قيمة خلال أول 4 أشهر من عام 2025، بلغت 1.83 مليار دولار، في حين كان شهر فبراير/ِشباط الأقل بقيمة 1.4 مليار دولار.

وقفزت فاتورة واردات مصر النفطية خلال عام 2024 إلى 15.54 مليار دولار، بعد تراجُعها في عام 2023 بنسبة 6% على أساس سنوي، إثرَ انخفاض أسعار الوقود عالميًا.

أمّا الصادرات فقد بلغت في أول 4 أشهر من عام 2025 نحو 1.58 مليار دولار، مع تحقيق شهر أبريل/نيسان أعلى قيمة خلال المدة 538 مليون دولار ، في حين سجّل شهر يناير/كانون الثاني أقل قيمة بلغت 298 مليون دولار.

وتعمل مصر على استيراد وتصدير النفط في الوقت نفسه، إذ تصدّر الخام الأقلّ جودةً، وتستورد النفط الذي يتناسب مع المصافي الموجودة لديها، بحسب وزارة البترول المصرية.

وعلى صعيد الكمية، انخفض متوسط صادرات مصر من النفط الخام إلى 38 ألف برميل يوميًا خلال 2024، مقابل 75 ألف برميل يوميًا في العام السابق له.

وفي أول 5 أشهر من العام الجاري، بلغ متوسط الصادرات 33 ألف برميل يوميًا، وفق بيانات جودي، التي يوضّحها الرسم أدناه:

صادرات مصر من النفط الخام حتى مايو 2025

في المقابل، بلغ واردات مصر من النفط الخام 26 ألف برميل يوميًا خلال 2024، ونحو 40 ألف برميل يوميًا خلال الأشهر الـ5 الأولى من عام 2025، كما يوضح الرسم التالي:

واردات مصر من النفط الخام حتى مايو 2025

احتياطيات النفط في مصر

تُظهِر أحدث البيانات الصادرة عن منظمة أوبك، استقرار احتياطيات مصر من النفط بنهاية 2024، عند 3.3 مليار برميل، دون تغيير منذ عام 2021.

وتحتل مصر المركز السادس في القارة الأفريقية من حيث حجم الاحتياطيات، بعد كل من ليبيا ونيجيريا والجزائر وأنغولا وجنوب السودان.

وكان أعلى مستوى سجله احتياطي مصر من النفط عام 1972، إذ بلغ 5.2 مليار برميل، بحسب بيانات أوبك.

ومنذ الثمانينيات إلى الآن، تراوح احتياطي مصر من النفط بين 3 مليارات و4 مليارات برميل، وفق الأرقام التي حصلت عليها وحدة أبحاث الطاقة.

ويوجد في البلاد 3 أنواع رئيسة من النفط: الأول هو الخام الخفيف والحلو الموجود في الحقول البرية بالصحراء الغربية، في حين يُستخرج النوعان الآخران -وهو من الخام المتوسط والحامض- من حقول خليج السويس وبلاعيم البحرية ويُجرى تكريره محليًا.

ويوضّح الرسم البياني التالي -الذي أعدّته وحدة أبحاث الطاقة- احتياطيات النفط المؤكدة في مصر منذ عام 1960 حتى 2024:

احتياطيات النفط في مصر

إنتاج الغاز الطبيعي في مصر

تُصنّف مصر بأنها ثاني أكبر منتج للغاز في أفريقيا بعد الجزائر، وبدأت محاولات مصر للكشف عن الغاز الطبيعي في أراضيها عام 1963، وبعد 4 سنوات من البحث توصلت إلى أول حقل للغاز في عام 1967 بمنطقة الدلتا يسمى "أبوماضي".

وفي مياه البحر المتوسط الغنية بالغاز الطبيعي، حققت مصر أول كشف غاز في تلك المنطقة عام 1969، وهو حقل "أبوقير"، كما اكتشفت في العام نفسه حقل أبو الغراديق في الصحراء الغربية.

وفي السنوات الأخيرة، نفّذت 29 مشروعًا خلال المدة الزمنية من يوليو/تموز 2014 حتى يونيو/حزيران 2021، لتنمية حقول إنتاج الغاز الطبيعي.

وكان من أهم هذه الحقول: ظهر، ونورس، وأتول بشمال دمياط، وحقول شمال الإسكندرية وغرب دلتا النيل، وحقول غرب الدلتا بالمياه العميقة، وكذلك تنمية منطقة جنوب غرب بلطيم، وحقول منطقة دسوق المرحلة (ب).

ويُعدّ "ظهر" المكتشف عام 2015، أكبر تلك الحقول، وقدّرت احتياطياته في البداية بنحو 30 تريليون قدم مكعبة (0.85 تريليون متر مكعب)، قبل خفضها إلى 10 تريليونات قدم مكعبة، في حين تشير التقديرات الأخيرة إلى أن الاحتياطيات المتبقية تقترب من 5 تريليونات قدم مكعبة.

ويُذكر أن حقل ظهر أصبح جزءًا من خريطة الإنتاج في ديسمبر/كانون الأول 2017 -أي بعد عامين و4 أشهر من اكتشافه-.

ويتمثل أحدث اكتشافات الغاز البارزة في مصر، في حقل النرجس الواقع بمنطقة شرق البحر الأبيض المتوسط باحتياطيات تصل إلى 2.5 تريليون قدم مكعبة من الغاز، الذي أعلن عام 2022.

ومع هذه الاكتشافات، سجلت البلاد أعلى معدل إنتاج سنوي من الغاز الطبيعي عام 2019 عند 64.9 مليار متر مكعب مع دخول الحقول الجديدة المكتشفة خريطة الإنتاج، وعلى رأسها "ظهر"، ولكنه لم يلبث طويلًا حتى تراجع مرة أخرى إلى 58.5 مليار متر مكعب سنويًا في عام 2020، وفق بيانات معهد الطاقة البريطاني.

وبحلول عام 2021، عاد إنتاج مصر من الغاز الطبيعي إلى الارتفاع مرة أخرى ليحقق 67.8 مليار متر مكعب، ولكنه تراجع إلى 64.5 مليار متر مكعب خلال عام 2022.

بينما تشير تقديرات معهد الطاقة البريطاني لانخفاض حادّ في إنتاج الغاز المصري إلى 47.5 مليار متر مكعب خلال 2024، مقابل 57.1 مليار متر مكعب في عام 2023، وسط تراجع طبيعي في إنتاج الحقول.

ويرصد الرسم البياني التالي إنتاج مصر من الغاز الطبيعي بالمليار متر مكعب (أو 35.3 مليار قدم مكعبة) منذ عام 1970 حتى 2024:

إنتاج الغاز الطبيعي في مصر

وتكشف أحدث بيانات جودي تراجُع إنتاج مصر من الغاز خلال مايو/أيار الماضي بمقدار سنوي 740 مليون متر مكعب، ليبلغ 3.54 مليار متر مكعب، مقابل 4.28 مليار متر مكعب معدل إنتاج الشهر نفسه من 2024.

ورغم التباين ما بين الارتفاع والانخفاض على أساس شهري، لم يشهد إنتاج مصر من الغاز أيّ ارتفاع على أساس سنوي خلال أول 5 أشهر من العام الجاري، كما يرصد الرسم أدناه:

إنتاج مصر من الغاز

استهلاك الغاز الطبيعي في مصر

تراجع استهلاك مصر السنوي من الغاز الطبيعي، خلال 2024، إلى 59.8 مليار متر مكعب، مقابل 62.1 مليار متر مكعب في عام 2021، الذي شهد أعلى مستوى مُسجل منذ بدء رصد بيانات معهد الطاقة البريطاني.

وفي عام 2020، تراجع استهلاك مصر السنوي من الغاز الطبيعي إلى 58.3 مليار متر مكعب، مقابل 59 مليار متر مكعب في عام 2019.

ووفقًا لبيانات معهد الطاقة، ظل استهلاك البلاد من الغاز الطبيعي السنوي مستقرًا عند مستوى 0.1 مليار متر مكعب منذ عام 1966 حتى عام 1974، قبل أن يرتفع قليلّا عام 1976، ويقفز إلى 2.1 مليار متر مكعب في 1980.

واستمر استهلاك مصر من الغاز الطبيعي في الارتفاع ليسجل 10.9 مليار متر مكعب عام 1993، وظل يرتفع بصفة ملحوظة منذ ذلك العام حتى صل إلى 23.6 مليار متر مكعب سنويًا عام 2001، وكسر عتبة 50 مليار متر مكعب عام 2012.

واتجه استهلاك مصر من الغاز الطبيعي إلى التراجع خلال المدة من 2013 حتى عام 2015، ليتراجع من 49.5 مليار متر مكعب ويصل إلى 46 مليار متر مكعب، ثم عاود الارتفاع مرة أخرى في العام التالي، ووصل إلى 55.9 مليار متر مكعب في 2017، وصعد إلى 59.6 مليار متر مكعب في 2018.

ويوضّح الرسم البياني التالي -الذي أعدّته وحدة أبحاث الطاقة- استهلاك مصر من الغاز الطبيعي بالمليار متر مكعب (أو 35.3 مليار قدم مكعبة) خلال المدة من عام 1965 حتى 2024:

استهلاك الغاز الطبيعي في مصر

احتياطيات الغاز في مصر

تُظهِر أحدث البيانات الصادرة عن منظمة أوبك، استقرار احتياطيات مصر من الغاز الطبيعي عند مستوى 2.2 تريليون متر مكعب بنهاية 2024، وهو المستوى نفسه منذ 2019.

وعند رصد البيانات التاريخية، نجد أن احتياطيات مصر من الغاز تجاوزت تريليوني متر مكعب للمرة الأولى خلال عام 2007، ثم سجّلت نحو 2.1 تريليون متر مكعب خلال المدة الزمنية من 2008 حتى 2014، قبل أن تتراجع إلى مستوى تريليوني متر مكعب في العام التالي.

وعادت احتياطيات الغاز إلى الارتفاع مرة أخرى في عام 2016، لتظل مستقرة عند 2.2 تريليون متر مكعب دون تغيير تقريبًا حتى نهاية 2024.

ويُظهر الرسم البياني التالي -الذي أعدّته وحدة أبحاث الطاقة- احتياطيات مصر من الغاز الطبيعي بالتريليون متر مكعب (أو 35.3 تريليون قدم مكعبة) منذ عام 1960 حتى 2024:

احتياطيات الغاز المؤكدة في مصر

صادرات الغاز المصري ووارداته

بعد أن كانت لاعبًا مهمًا في سوق الغاز العالمية بصفتها مُصدّرًا، تحولت مصر إلى الاستيراد مرة أخرى، وتوقفت عن تصدير الغاز المسال منذ مايو/أيار 2024، بسبب التراجع الحادّ في إنتاج الغاز، وسط زيادة الطلب.

وكانت القاهرة قد نجحت في شهر سبتمبر/أيلول 2018 بتحقيق الاكتفاء الذاتي من الغاز الطبيعي والتوجّه إلى تصدير الفائض، بدعم من اكتشافات جديدة لحقول الغاز، أبرزها حقل ظهر الضخم المكتشَف في البحر المتوسط عام 2015.

ومع حلول عام 2024، تبدَّل الحال وعادت البلاد مجددًا إلى الاستيراد، فمثلما كان حقل ظهر داعمًا رئيسًا في التصدير، تَسبَّبَ تراجُع إنتاجه في تدهور إنتاج مصر من الغاز وعدم قدرته على تلبية الطلب المحلي المتزايد.

وبحسب بيانات وحدة أبحاث الطاقة، تراجعت صادرات مصر من الغاز المسال بصورة حادّة إلى 0.540 مليون طن خلال عام 2024 -اقتصرت على 4 شهور فقط-، مقابل 3.38 مليون طن في 2023.

وفي مقابل ذلك، سجلت واردات مصر من الغاز المسال في 2024 أعلى مستوى لها منذ 2017، ووصلت إلى 2.8 مليون طن.

وفي النصف الأول من 2025، قفزت واردات مصر من الغاز المسال إلى 2.41 مليون طن، بحسب تقرير "مستجدات أسواق الغاز المسال العربية والعالمية في النصف الأول من 2025" الصادر عن وحدة أبحاث الطاقة،

وفي الربع الثاني وحده، ارتفعت واردات القاهرة من الغاز المسال إلى 1.31 مليون طن، وفقًا للرسم البياني التالي:

واردات مصر من الغاز المسال

ويذكَر أن صادرات الغاز المسال المصرية سجلت بين عامي 2021 و2022 مستويات قياسية؛ واستفادت البلاد بشكل كبير من الارتفاع القياسي لأسعار الغاز في السوق العالمية على إيقاع الحرب الروسية الأوكرانية.

وتوضح بيانات وزارة البترول المصرية أن صادرات مصر من الغاز الطبيعي والمسال ارتفعت إلى 8 ملايين طن من الغاز خلال 2022، مقابل 7 ملايين طن في عام 2021.

ومع المستويات التاريخية للأسعار، قفزت إيرادات مصر من تصدير الغاز إلى 8.4 مليار دولار في عام 2022، مقابل 3.5 مليار دولار خلال 2021، لتسجل نموًا سنويًا بلغ 140%.

وكانت إعادة تشغيل مجمع الإسالة في دمياط خلال شهر فبراير/شباط 2021 -بعد توقفه لمدة 8 سنوات- تمثل دعمًا رئيسًا لنمو صادرات مصر من الغاز المسال، إذ تبلغ طاقته الإنتاجية نحو 5 ملايين طن سنويًا، بالإضافة إلى تشغيل مجمع إدكو الذي تبلغ طاقته الإنتاجية 7.2 مليون طن سنويًا.

ويؤكد تقرير منظمة أوابك -الذي أعده خبير الغاز المهندس وائل حامد عبدالمعطي- أن مصر نجحت في تشغيل كلا المجمعين خلال الربع الرابع من عام 2021 بكامل طاقتهما التصميمية التي وصلت إلى 1.6 مليار قدم مكعبة يوميًا (45 مليون متر مكعب يوميًا).

وتُجدر الإشارة إلى أن مجمع الإسالة بدمياط الواقع على ساحل البحر الأبيض المتوسط، والتابع لشركة الغاز الإسبانية المصرية، أغلق مؤقتًا في ديسمبر/كانون الأول 2012.

كما تعرّض مجمع إدكو للإغلاق المؤقت في عام 2015 نتيجة تراجع إنتاج حقول الغاز الطبيعي في مصر وعدم كفايتها لتشغيل المصنع.

وفي مقابل ذلك، استقبلت الأسواق العالمية شحنة غاز مسال مصرية بكمية 48 ألف طن خلال شهر أبريل/نيسان الماضي، هي الأولى منذ التوقُّف عن التصدير مايو/أيار 2024، لكنّها لصالح الشركات الأجنبية ضمن حوافز وفّرتها الحكومة لتشجيع الشركات على زيادة الإنتاج.

وعلى الجانب الآخر، تستورد مصر الغاز الطبيعي من إسرائيل وكان في بادئ الأمر بهدف إسالته ثم تصدير إلى أوروبا ولكن الآن يستهلك محليًا مع زيادة الطلب.

وفي 2024، ارتفعت واردات القاهرة من الغاز الإسرائيلي بمقدار 1.59 مليار متر مكعب لتصل إلى 10.16 مليار متر مكعب، مقابل 8.57 مليار متر مكعب في عام 2023.

وفي أول 5 أشهر من 2025، تراجعت واردات مصر من الغاز الإسرائيلي إلى 4.21 مليار متر مكعب، مقابل 4.38 مليار متر مكعب في المدة نفسها من 2024، كما يوضح الرسم التالي:

واردات مصر من الغاز الإسرائيلي حتى مايو 2025

ويُذكَر أن شهر يناير/كانون الثاني 2025 سجَّل أعلى مستوى على الإطلاق في واردات مصر من الغاز الإسرائيلي عند 939 مليون متر مكعب، ولكنّها شهدت تذبذبًا في بعض الأشهر التالية، نتيجة أعمال صيانة والحرب الإيرانية الإسرائيلية.

مصافي التكرير في مصر

تمتلك مصر 8 مصافٍ لتكرير النفط تساعدها على زيادة إنتاج المشتقات النفطية، وهي: معمل النصر، وطنطا، والسويس، ومسطرد، والعامرية، وميدور، وأنربك بالإسكندرية وأسيوط.

وفي هذا الشأن، تؤكد بيانات حكومية أن مصر أول دولة عربية عرفت صناعة تكرير النفط، إذ شهدت البلاد عام 1911 إنشاء أول معمل لتكرير النفط بمدينة السويس، والتابع لشركة آبار الزيوت الإنجليزية المصرية -النصر للبترول حاليًا-، وبدأ المعمل الإنتاج عام 1913.

مصفاة ميدور
وزير البترول المصري خلال تفقُّده مشروع توسعات مصفاة ميدور - الصورة من صفحة الوزارة في فيسبوك (15 مايو 2022)

كما شهد عام 1922 بدء إنشاء معمل آخر لتكرير النفط في السويس وبدأ العمل في عام 1923، ومن ثم تشغيل معمل القاهرة لتكرير النفط في عام 1969، وتلاه معمل العامرية لتكرير البترول في عام 197، ومعمل طنطا في 1973.

وتنفذ مصر خطة لتطوير معامل التكرير التي تمتلكها بهدف تقليل الاستيراد ومواكبة زيادة الاستهلاك المحلي للمنتجات النفطية، مع العمل على تحقيق هدفها بأن تصبح مركزًا إقليميًا لتجارة النفط والغاز وتداولهما.

وبنهاية عام 2024، بلغت طاقة تكرير النفط في مصر 825 ألف برميل يوميًا، لتكون ثاني أكبر دولة تمتلك قدرة تكريرية في قارة أفريقيا بعد نيجيريا.

تجارة نقل النفط

تؤدي مصر دورًا مهمًا ورئيسًا في تجارة نقل النفط الخام والغاز الطبيعي عالميًا، وذلك بفضل طريق قناة السويس الذي يختصر الوقت، وخط أنابيب سوميد.

فعلي سبيل المثال، إذا أُغلق طريق قناة السويس وخط أنابيب سوميد، سيؤدي ذلك إلى زيادة تكاليف الشحن على ناقلات النفط، إذ يتسبب ذلك في إضافة ما بين 8 و15 يومًا من العبور إلى الولايات المتحدة وأوروبا.

وتربط قناة السويس وخط أنابيب سوميد في مصر -بسعة تصل إلى 2.5 مليون برميل يوميًا- بين البحرين الأحمر والمتوسط.

وتتحكم قناة السويس في مرور 8% من شحنات الغاز الطبيعي المسال عالميًا، و10% من تجارة النفط العالمية المنقولة بحرًا، إلا أن الاضطرابات في البحر الأحمر ومضيق باب المندب خلال العام الماضي أثارت مخاوف واسعة بشأن تدفقات التجارة.

ويوجد في مصر -أيضًا- خطان متوازيان لنقل النفط تمتلكهما الشركة العربية لأنابيب البترول "سوميد"، إذ يربطان بقطر 42 بوصة وبطول 320 كيلومترًا، بين العين السخنة الواقعة على خليج السويس ومنطقة سيدي كرير بالبحر المتوسط.

و"سوميد" هي شركة مساهمة مصرية تأسست عام 1974، ويبلغ رأس مالها 400 مليون دولار، وتتوزع ما بين الهيئة العامة للبترول المصرية بنسبة 50%، وشركة أرامكو السعودية وهيئة الاستثمار الكويتية وشركة مبادلة للاستثمار بنسبة 15% لكل منهما، و5% تمتلكها شركة قطر للطاقة.

ولدى سوميد محطة تخزين تقع في العين السخنة بالبحر الأحمر بطاقة تصل إلى 20 مليون برميل، ومحطة أخرى تقع في سيدي كرير على البحر المتوسط بطاقة 20 مليون برميل.

انبعاثات الكربون

مع تصدُّر إنتاج النفط والغاز في مصر موقعًا متقدمًا على مستوى القارة السمراء، جاءت البلاد في المركز الثاني على مستوى القارة بعد جنوب أفريقيا خلال 2024، بقائمة أكثر دول القارة التي تصدر انبعاثات ثاني أكسيد الكربون من قطاع الطاقة.

وبحسب رصد معهد الطاقة البريطاني، بلغت انبعاثات قطاع الطاقة المصري من ثاني أكسيد الكربون، خلال 2024، نحو 226.2 مليون طن، وهو أعلى مستوى سجلته البلاد منذ بدء رصد البيانات.

وفي عام 1969، سجلت قطاع الطاقة المصري أدنى مستوى في انبعاثات ثاني أكسيد الكربون، لتبلغ 15.9 مليون طن، مقابل 22.9 مليون طن عام 1965 -وهو تاريخ بداية رصد بيانات معهد الطاقة للانبعاثات-.

وفي عام 1997، تخطّت انبعاثات ثاني أكسيد الكربون في مصر خانة الأرقام الـ3 لأول مرة لتبلغ 103.7 مليون طن.

وظلت تلك الانبعاثات تتجه نحو الارتفاع حتى وصلت إلى 201.3 مليون طن في عام 2013، لتواصل التباين ما بين الارتفاع والانخفاض منذ ذلك العام حتى تسجيلها أعلى مستوى تاريخي في عام 2024.

وتسعى الحكومة إلى وضع خطة وطنية لخفض انبعاثات الوقود الأحفوري في مصر، خاصة في قطاعي توليد الكهرباء وإنتاج النفط والغاز، من أجل مواجهة الآثار السلبية للتغيرات المناخية.

ويُظهِر الرسم البياني التالي -الذي أعدّته وحدة أبحاث الطاقة- انبعاثات ثاني أكسيد الكربون في مصر بالمليون طن خلال المدة من عام 1965 حتى 2024:

انبعاثات الكربون من قطاع الطاقة في مصر

الطاقة المتجددة والهيدروجين الأخضر

تأتي مصر على رأس أكبر الدول العربية في مستهدفات الطاقة المتجددة بمزيج الكهرباء، مع سعيها رفع نسبتها إلى 42% بحلول 2030.

وتتوقّع الحكومة المصرية ارتفاع إجمالي قدرة الطاقة المتجددة من 6.1 غيغاواط حاليًا إلى 10 غيغاواط بحلول نهاية 2025؛ منها نحو 7 غيغاواط من الشمس والرياح.

وتمتلك مصر أحد أكبر مشروعات الطاقة الشمسية في العالم من حيث السعة المركبة، وهو مجمع بنبان بقدرة تشغيلية 1.6 غيغاواط، ويوجد في قرية بنبان بمحافظة أسوان؛ حيث إمكانات الطاقة الشمسية الهائلة، التي تبلغ 6.3 كيلوواط/ساعة لكل متر مربع يوميًا.

ومع تشغيل مصر خلال العام الماضي محطة لطاقة الرياح في خليج السويس، وأخرى للطاقة الشمسية في محافظة أسوان، قفزت سعة توليد الكهرباء من الطاقة المتجددة إلى 7.75 غيغاواط في عام 2024، مقابل 6.7 غيغاواط خلال 2023، كما يوضح الرسم البياني التالي:

سعة توليد الكهرباء من الطاقة المتجددة في مصر

ورغم ذلك، ما تزال حصة الطاقة المتجددة ضئيلة ضمن مزيج توليد الكهرباء حتى عام 2024، في حين يحتفظ الغاز بمكانته أكبرَ مصدر للتوليد بحصّة تقترب من 82%.

ويؤدي اعتماد مصر على الغاز فقط إلى أزمات تتعلق بانقطاع الكهرباء، مع نقص إمداداته، غير أن مصر لجأت خلال 2025 إلى تعزيز وارداتها من الديزل والمازوت لمستويات قياسية، لتعويض تراجع إنتاج الغاز ووارداته.

ويستعرض الرسم البياني التالي -الذي أعدّته وحدة أبحاث الطاقة- مزيج توليد الكهرباء في مصر:

مزيج توليد الكهرباء في مصر خلال 2024

كما تُعَد مصر من الدول الرائدة في المنطقة العربية بمشروعات الهيدروجين الأخضر؛ إذ تستهدف من خلالها تحقيق مكاسب اقتصادية تتراوح بين 10 مليارات و18 مليار دولار، عبر التصدير إلى السوق العالمية.

ونجحت البلاد، في عام 2023، في تصدير أول شحنة أمونيا عالمية من الطاقة المتجددة عبر مصنع للهيدروجين الأخضر، الذي يقع في المنطقة الاقتصادية لقناة السويس.

وتستهدف مصر التحول إلى مركز إقليمي للهيدروجين الأخضر بحلول عام 2026، ثم إلى مركز عالمي بحلول 2030، عبر إنتاج 3.2 مليون طن سنويًا، تصعد إلى 9.2 مليون طن في عام 2040، مع إقرار حوافز كبيرة تُشجع الشركات العالمية على الاستثمار.

وفي عام 2023، اعتمد المجلس الأعلى للطاقة الإستراتيجية الوطنية للهيدروجين مُنخفض الكربون، التي تستهدف من خلالها البلاد الوصول إلى حصة تتراوح بين 5 و8% من السوق العالمية للهيدروجين.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق