رئيسيةتقارير الغازتقارير الهيدروجينغازهيدروجين

مزج الهيدروجين في شبكات الغاز يتلقى ضربة.. تقرير يفنّد جدواه

دينا قدري

يبدو أن مزج الهيدروجين في شبكات الغاز يواجه أزمة جديدة، من شأنها أن تعوق انتشار هذه التقنية التي كان يعوّل الكثيرون عليها لخفض الانبعاثات.

ووفق النتائج، التي اطّلعت عليها منصة الطاقة المتخصصة، أثبتت اختبارات حديثة أن مزج ما يصل إلى 20% من الهيدروجين في شبكات الغاز الأحفوري ببريطانيا يُمكن أن يؤدي إلى زيادة كبيرة في عمليات التسرب من الأجهزة المنزلية العادية مثل المواقد والغلايات.

وبالتالي، يقوض هذا الأمر أي فائدة مناخية لاستعمال غاز الهيدروجين باهظ الثمن.

يُذكر أن الحكومة البريطانية قد تخلت إلى حدٍ كبير عن خططها لإدخال الهيدروجين في التدفئة المنزلية، وقال البرلمان البريطاني العام الماضي (2023)، إن مزج الهيدروجين لن يؤدي سوى دور محدود ومؤقت في التحول إلى الحياد الكربوني في البلاد.

مزج الهيدروجين في شبكات الغاز

أظهرت الاختبارات التي أجريت في مختبر معتمد من بريطانيا، نيابةً عن التحالف البيئي للمعايير (Ecos)، أن استعمال مزيج الهيدروجين بنسبة 20% مع الميثان يزيد بمقدار الضعف من عمليات التسرب من مواقد الغاز المنزلية مقارنةً باستعمال الغاز الأحفوري وحده.

وشهدت الغلايات، التي اختبرها علماء المملكة المتحدة في "إنرتيك إنترناشيونال" (Enertek International)، زيادة في الانبعاثات بنسبة 44% في المتوسط، وفق ما اطّلعت عليه منصة الطاقة المتخصصة، نقلًا عن منصة "هيدروجين إنسايت" (Hydrogen Insight).

ويظهر الاختبار أن التسريبات بنسبة 0.7% فقط من شأنها أن تسبب انبعاثات غازات دفيئة سنوية إضافية تعادل 574 ألفًا و538 طنًا من ثاني أكسيد الكربون في الاتحاد الأوروبي، و155 ألفًا و755 طنًا في المملكة المتحدة، أي ما يعادل الانبعاثات الصادرة عن 300 ألف و84 ألف سيارة تعمل بالوقود الأحفوري، على التوالي.

والأهم من ذلك، أن هذا يعني أن الفوائد المناخية المتمثلة في مزج 20% من الهيدروجين في الغاز -التي تُقدر بانخفاض الانبعاثات بنسبة 7%، بسبب انخفاض كثافة الطاقة الحجمية للهيدروجين مقارنةً بالغاز الأحفوري- ستُمحى فعليًا بسبب التسريبات.

أحد خطوط أنابيب الغاز
أحد خطوط أنابيب الغاز - الصورة من منصة Recharge News

مضاعفة التسرب مع مزج الهيدروجين

استُعملت أجهزة جديدة جرى شراؤها من كبار تجار التجزئة في المملكة المتحدة لإجراء التجارب، مع قياس عمليات التسرب من خلال فقدان الضغط.

وأُجريت الاختبارات على البارد (أي إيقاف تشغيل الأجهزة في درجة حرارة الغرفة)، والساخنة (أي يجري تسخين الأجهزة أولًا، ثم اختبارها في أثناء إيقاف تشغيلها)، لكن التحالف البيئي للمعايير لم ينشر سوى النتائج الأكثر تحفظًا من الاختبار البارد.

وفقدت النماذج الـ6 من المواقد ما متوسطه 2.7 ملي بار من الضغط في الساعة مع مزج الهيدروجين، مقارنةً بـ1.1 ملي بار في الساعة مع الميثان وحده، أي 2.4 مرة أسرع، وفق الأرقام التي رصدتها منصة الطاقة المتخصصة.

وشهدت الغلايات التي جرى اختبارها زيادة في تسرب مزيج الهيدروجين إلى متوسط 3.8 ملي بار في الساعة، مقارنةً بـ2.7 ملي بار في الساعة عند استعمال الغاز.

وقال مدير برنامج التحالف البيئي للمعايير، ماركو غريبا: "من المحتمل أن يساعدنا الهيدروجين المتجدد في إزالة الكربون من الصناعات الثقيلة، والشحن الدولي، والرحلات الجوية الطويلة، ولكن مع قائمته الطويلة من مشكلات الصحة والسلامة والبيئة والتكلفة، لا مكان له في منازلنا".

وتابع: "لماذا التركيز على هذا الحل غير العملي عندما يكون هناك فائز واضح؟ تُعد المضخات الحرارية التي تعمل بالكهرباء ومواقد الحث هي البديل الأنظف والأكثر صحة والأكثر أمانًا للغاز في البيئات المنزلية".

ويقول موزعو الغاز في كثير من الأحيان، إن شبكاتهم يمكنها التعامل مع ما يصل إلى 20% من الهيدروجين، دون أي مخاوف تتعلق بالسلامة، لكن جمعية الغاز الإسبانية "سيديغاز" (Sedigas) قالت العام الماضي إن مثل هذا المزج سيتطلب 703 ملايين يورو (750 مليون دولار) من تحديث البنية التحتية في إسبانيا وحدها.

نسبة مزج الهيدروجين في خطوط الغاز

كان خبير الصناعات الغازية لدى منظمة الأقطار العربية المصدّرة للبترول أوابك، المهندس وائل حامد عبدالمعطي، قد سلّط الضوء على استعمال شبكات نقل الغاز الطبيعي الحالية في نقل الهيدروجين، لتوفير التكلفة الرأسمالية الكبيرة المطلوبة لبناء شبكات جديدة للهيدروجين.

وأشار عبدالمعطي -في مقال نشرته منصة الطاقة المتخصصة- إلى أن صناعة الغاز الطبيعي تمتلك شبكات نقل وتوزيع واسعة النطاق تنتشر في العديد من دول العالم، يصل مجموع أطوالها إلى قرابة 3 ملايين كيلومتر.

وشدد على أن استعمال خطوط الغاز الطبيعي لنقل الهيدروجين ليس بالأمر الجديد، بل كان الغاز الطبيعي الغني بالهيدروجين يُستعمل مطلع القرن الـ20 غازًا للمدينة في عدّة دول، من بينها بريطانيا والولايات المتحدة.

وكانت نسبة الهيدروجين تصل في خليط الغاز إلى نحو 50%، لكن في الوقت نفسه كانت الأجهزة المستعملة آنذاك (الطهي والتدفئة) مصممة للعمل مع الغاز الغني بالهيدروجين، بحسب خبير أوابك.

وكتب عبدالمعطي: "بناءً على هذا الإرث القديم، بدأت بعض الدول دراسة الحدود القصوى المسموح بها لخلط الهيدروجين مع الغاز في شبكات نقل الغاز القائمة، دون أن يتسبب ذلك بضرر على المستعمِلين النهائيين، أو يتطلب تحويلات جوهرية في شبكات الغاز التي ستنقل الخليط الجديد (خليط الهيدروجين والغاز الطبيعي)".

عالميًا، تختص الشركات المشغلة لشبكات نقل الغاز الطبيعي وتوزيعه بوضع الحدود المسموح بها لنسبة الهيدروجين في الغاز الطبيعي، تلبيةً للمواصفات المطلوبة لبعض القطاعات.

وتختلف الدول فيما بينها حسب نسبة الهيدروجين المسموح بها محليًا في خليط الغاز، إذ تتراوح النسبة بين 2 و6%، وتصل إلى 10% في ألمانيا، ولكن في حالات محددة، منها المناطق التي لا توجد فيها محطات للغاز الطبيعي المضغوط متصلة بالشبكة.

ويوضح الرسم البياني التالي -الذي أعدّته منصة الطاقة المتخصصة- نسبة مزج الهيدروجين في شبكات الغاز ببعض الدول:

خطوط الغاز - نقل وتصدير الهيدروجين

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق