تقارير النفطرئيسيةنفط

ناقلات النفط الروسي داخل قفص العقوبات.. "سوفكومفلوت" آخر الضحايا

أسماء السعداوي

في خطوة مفاجئة، توقفت كل مصافي التكرير الهندية عن شراء النفط الروسي المنقول على متن ناقلات شركة الشحن الروسية "سوفكومفلوت" (Sovcomflot)، خشية الوقوع تحت طائلة العقوبات.

كما أعلنت شركة "ريلاينس إندستريس" الهندية (Reliance Industries)، المالكة لأكبر مجمع تكرير في العالم، أنها لن تشتري النفط القادم من روسيا عبر شركة سوفكومفلوت.

وبحسب بيانات رصدتها منصة الطاقة المتخصصة، انخفض حجم الصادرات الروسية عبر أسطول الشركة التي تديرها الحكومة حتى قبل الخطوة الهندية، وخلال العام الماضي (2023)، نقلت الشركة نحو خُمس صادرات النفط الروسي.

ومنذ أكتوبر/تشرين الأول المنصرم، أدرجت الولايات المتحدة 40 ناقلة نفط روسية خاصة على قوائم العقوبات، ولم تتمكن سوى 4 منها من توصيل الخام الروسي، لكن لم تتمكن أي سفينة خاضعة للعقوبات من تسلم شحنة واحدة، وفق بيانات تتبع السفن.

ومن جانبها، اعترفت شركة سوفكومفلوت بأن العقوبات الأميركية تفرض ضغوطًا على عملياتها، لكن الهند كثفت مشترياتها من النفط الأميركي والسعودي لتعويض الغياب الروسي.

وفي 2021، شكّل النفط الأميركي 10% من واردات الهند، لكن تلك النسبة تراجعت إلى 4% خلال العامين الماضيين، بسبب روسيا التي أصبحت أكبر مصدر للنفط إلى الهند.

ناقلات النفط الروسي

خشية الوقوع تحت طائلة العقوبات، قررت مصافي التكرير في الهند -ثاني أكبر مشترٍ للنفط الروسي بعد الصين منذ غزو أوكرانيا- أنها لن تقبل النفط المنقول على متن ناقلات شركة سوفكومفلوت.

ومنذ مطلع أكتوبر/تشرين الأول، شددت الولايات المتحدة الخناق على أسطول ناقلات النفط الروسي، ما تسبب في أزمة كبيرة دفعت عشرات السفن إلى التوقف في عرض البحر بانتظار إشارة الدخول إلى المواني أو تغيير دفتها إلى وجهة أخرى.

ناقلة تحمل شعار شركة سوفكومفلوت الروسية
ناقلة تحمل شعار شركة سوفكومفلوت الروسية- الصورة من "bairdmaritime"

وحتى يوم 19 مارس/آذار الجاري، كانت ناقلتان تحملان خام الأورال الروسي متوقفتين قبالة السواحل الغربية للهند بانتظار إشارة للتفريغ، رغم مرور أسابيع على وصولهما.

وفي 21 ديسمبر/كانون الأول المنصرم، كانت ناقلات تحمل قرابة 5 ملايين برميل من خام سوكول الروسي تحوم على بعد أميال من مواني الهند، رغم أنه كان مقررًا وصولها قبل 4 أسابيع مضت.

يأتي تشديد العقوبات على ناقلات النفط الروسي ضمن سلسلة إجراءات بدأتها دول الغرب في أعقاب غزو روسيا للأراضي الأوكرانية في فبراير/شباط (2022)، بغية تجفيف منابع تمويل الحرب عبر إيرادات النفط الممول الرئيس لخزينة موسكو.

وبالإضافة إلى فرض سقف أسعار وحظر واردات النفط، يمكن لتلك الإجراءات تقليص إيرادات النفط الروسي تدريجيًا، وهو هدف سياسي رئيس للولايات المتحدة وحلفائها، لإحباط العدوان العسكري الذي يشنه الرئيس فلاديمير بوتين على أوكرانيا الحليفة.

ووجهت هذه البيئة التجارية الصارمة بازدياد "ضربة رمزية قوية" إلى الكرملين، بقرار الهند الأخير وقف التعامل مع ناقلات سوفكومفلوت، رغم أن نيودلهي كانت حليفًا تجاريًا قويًا لموسكو خلال الحرب، بحسب تقرير نشرته وكالة بلومبرغ.

يتزامن ذلك، مع استهداف الطائرات الأوكرانية لمصافي التكرير الروسية، وقال مسؤول أمني أوكراني إن الأجهزة تواصل تنفيذ إستراتيجيتها لتقويض القدرة الاقتصادية لروسيا التي تسمح لها بشنّ حرب على أوكرانيا.

تأثير العقوبات في سوق النفط

في عقوباتها على روسيا، رفضت مجموعة السبع الصناعية اتخاذ إجراء من شأنه أن يلحق أضرارًا باقتصاداتها الخاصة في صورة ارتفاع أسعار النفط.

وإلى ذلك، فرضت الولايات المتحدة سياسة السقف السعري لتخفيف وطأة العقوبات التي فرضتها بروكسل، ما سمح لروسيا بتصدير كميات ضخمة من النفط على مدار العامين الماضيين.

وحاليًا، لا توجد توقعات بشأن حدوث تخفيضات كبيرة في إنتاج النفط، لكن ثمة مخاوف من تأثير تشديد العقوبات في أسعار النفط في الوقت الذي تقترب فيه من 90 دولارًا للبرميل.

وبينما أعرب عن ترحيبه بخطوة وقف التعامل مع ناقلات سوفكومفلوت، قال متحدث باسم وزارة الخزانة الأميركية إن الإجراءات ينبغي ألا يكون لها تأثير في سوق النفط، لأن روسيا ما زالت تحتفظ بحافز لبيع نفطها.

لكن الرئيس الأميركي جو بايدن يقترب حاليًا من خوض انتخابات مرهقة مع منافسه المحتمل دونالد ترمب.

وعن ذلك، تقول كبيرة باحثي شؤون شرق أوروبا وأوراسيا في المعهد الألماني للشؤون للدولية والأمنية، جانيس كلوغ: "ما زالت الولايات المتحدة بيدها أدوات تُضر بصادرات النفط الروسية، لكنها تستعملها بحذر خوفًا من ارتفاع أسعار الغاز في عام الانتخابات".

رئيس الوزراء الهندي نارينرا مودي والرئيس الروسي فلاديمير بوتين
رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي والرئيس الروسي فلاديمير بوتين- الصورة من وكالة رويترز

أسطول الظل

يقول مدير شؤون الجيولوجيا السياسية في شركة الاستشارات "إنرجي أسبكتس" (Energy Aspects)، ريتشارد برونز، إن هناك ضغطًا متزايدًا على تدفقات الصادرات الروسية.

ومن جانبها، تقول كلوغ إن استهداف ناقلات سوفكومفلوت يمثل تشديدًا كبيرًا للعقوبات الأميركية على روسيا، مضيفة: "لن تحل مشكلة الالتفاف (على العقوبات)، غير أنه سيرفع تكاليف الشحن وسيقلص الحسومات على أسعار النفط الروسي.

لكن ما زال بإمكان روسيا الاعتماد على أسطول ناقلات الظل، وهي سفن عادةً ما تكون قديمة وغير مؤمن عليها، ولا تحمل أوراقًا ملكية واضحة، وجرى تجميعها بعد مدة قصيرة من غزو أوكرانيا في 2022.

وتشير تقديرات إلى أن هناك 600 ناقلة من هذا النوع قيد التشغيل، بالإضافة إلى الناقلات اليونانية التي تعمل تحت غطاء السقف السعري.

لكن تكاليف توصيل النفط الروسي ضخمة، وتصل إلى 14.50 دولارًا للبرميل لنقل شحنة من بحر البلطيق في روسيا إلى الصين، ويُعزى نحو نصف هذا المبلغ إلى العقوبات.

يقول برونز: "سواء أدى ذلك التحول إلى خسائر فعلية في الإمدادات، فسيعتمد الأمر على سرعة إيجاد بدائل لمشكلات الشحن وزيادة الحسومات على النفط الروسي".

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق