التغير المناخيتقارير التغير المناخيرئيسية

الإفصاحات المناخية تثير الجدل في أستراليا.. "غير مفيدة ولا تخفض الانبعاثات"

أسماء السعداوي

تعتزم أستراليا إزاحة الستار عن المسودة النهائية لقانون الإفصاحات المناخية خلال عام (2024) الجاري، الذي يُلزم الشركات الكبيرة بالإبلاغ عن الآثار البيئية والمخاطر والفرص.

وقبل تطبيق القانون الذي ما زال قيد التشاور، نال اتهامات بعدم الجدوى رغم أنه يستهدف زيادة الشفافية لتحديد المخاطر التي تتعرض لها الشركات بسبب تغير المناخ، والنظر في تأثيرات نشاطاتها في البيئة، وفق ما طالعته منصة الطاقة المتخصصة.

وقالت أستاذة التمويل البيئي في جامعة سيدني للتكنولوجيا، مارتينا لينينلويك، إن القانون المرتقب لن يساعد في خفض انبعاثات غازات الدفيئة، لأن أستراليا لا تفرض ضريبة الكربون، وهو ما يترك الكثير من الشركات دون حوافز مالية لخفض انبعاثاتها فعليًا.

وأكدت أن الإفصاحات البيئية وحدها لن تُحدث التغيير المنشود، مشيرة إلى أن "سيف غارد ميكانيزم" أو "آلية الحماية" تُطبق على نحو 220 من كبار مطلقي الانبعاثات في أستراليا، لكن يمكنهم شراء تعويضات الكربون.

و"آلية الحماية" هي إطار عمل يستهدف خفض الانبعاثات في الصناعات التي تطلق 100 ألف طن أو أكثر من مكافئ ثاني أكسيد الكربون سنويًا، لكنها نالت انتقادات -أيضًا- بسبب عدم فاعليتها، إذ عادة ما تتجاوز المرافق الحدود القصوى للانبعاثات.

كيف تُطبق الإفصاحات المناخية؟

في مساعيها لإلزام الشركات الضخمة بتقديم الإفصاحات البيئية، تحذو أستراليا حذو بلدان أخرى منها المملكة المتحدة التي بدأت في عام 2022 إلزام الشركات التي يزيد عدد موظفيها على 500، وإيراداتها على 970 ألف دولار أسترالي (640 ألف دولار أميركي)، بتقديم تقارير عن المخاطر والفرص المناخية المصاحبة لأعمالها.

وفور دخول التشريع حيز التنفيذ، سيتعيّن على الشركات الأسترالية الكبيرة ومالكي الأصول الإفصاح عن المخاطر المرتبطة بالمناخ وكذلك الفرص، بحسب المقال الذي نشرته مجلة "ذا كونفرسيشن" (The conversation).

وتنص مسودة القانون على أن تقيّم الشركات انبعاثات غازات الدفيئة المباشرة وغير المباشرة من مصادر تملكها أو تسيطر عليها أو من مصادر مثل الكهرباء التي تشتريها.

وابتداءً من شهر يوليو/تموز المقبل (2024)، سيطلب القانون تقديم الإفصاحات البيئية من الشركات التي تزيد على 50 موظفًا أو التي تمتلك أصولًا بقيمة مليار دولار أو إيرادات بقيمة نصف مليار دولار.

وفي مرحلة لاحقة تبدأ في يوليو/تموز 2027، ستطبق الشروط على الشركات التي يعمل بها 100 موظف، وتمتلك أصولًا بقيمة 25 مليون دولار، أو تدر عائدات بقيمة 50 مليون دولار.

أستاذة التمويل البيئي مارتينا لينينلويك
أستاذة التمويل البيئي مارتينا لينينلويك - الصورة من "naturepositivecrc"

استثناء وحيد

تقول الكاتبة مارتينا لينينلويك، إن الإفصاحات البيئية ستخضع لعمليات تدقيق، وسيكون مديرو الشركات الخاضعة للقانون مسؤولين بصفة شخصية أمام الدولة عن دقة البيانات.

لكنّ ثمة استثناء واحدًا يتعلق بانبعاثات النطاق 3، إذ إنه من الصعب للغاية بالنسبة للعديد من الشركات الأسترالية حساب انبعاثات غازات الدفيئة الصادرة عن عمليات المنبع والمصب، مثل تلك الصادرة عن حرق الغاز بعد تصديره.

وتقع تلك الانبعاثات خارج حدود سيطرة الشركات، وهي بمثابة مهمة معقدة تكلفها الوقت والمال، لكن بعض الشركات بدأت الإبلاغ عن انبعاثات النطاق 3، في خطوة استباقية للتغييرات التنظيمية المستقبلية.

وتعفي مسودة القانون الشركات من الإبلاغ عن انبعاثات القطاع 3 في العام الأول من تقديم الإفصاحات المناخية، وتقترح تحميلها مسؤولية محدودة لمدة 3 سنوات ثابتة.

يعني ذلك ببساطة أن الشركات يمكنها تقديم أفضل التقديرات لتلك الانبعاثات بدلًا من حجمها الفعلي الذي يمكن أن يشكّل ما يتراوح بين 65 و95% من انبعاثاتها الكلية.

وفي قطاعات منها صناعة النفط والغاز، قد تشكل انبعاثات النطاق 3 أكثر من 6 أضعاف انبعاثات النطاق 1 و2.

تحديات رئيسة

تستهدف الحكومة من وراء تقديم القوانين البيئية وآخرها الإفصاحات البيئية دفع الشركات قدمًا نحو تحقيق مستقبل أكثر استدامة، ومعرفة تأثير أعمالها في البيئة والمخاطر التي قد تتعرض لها، كما أنها مفيدة للمستثمرين.

لكن الحقيقة -بحسب الكاتبة مارتينا لينينلويك- هي أنها لن تؤدي إلى إزالة الكربون سريعًا من الغلاف الجوي، إذ إن الإبلاغ عن المخاطر وحدها لن يؤدي إلى التحول بعيدًا عن الأعمال التجارية كثيفة انبعاثات الكربون.

وربما تعطي الإفصاحات البيئية مظهر القيام بالفعل، لكنها ليست في حد ذاتها فعلًا حقيقيًا، وإذا لم تصاحبها سياسات أقوى، فلن تكون تلك الإفصاحات سوى نافذة على الأسواق المالية العالمية.

وعلى أرض الواقع، لا تتطلب السياسات الحالية إجراء تغييرات حقيقية فيما يتعلق بالانبعاثات الصادرة عنها، وإذا لم تتخلَ الشركات عن اعتمادها على الوقود الأحفوري وتزيل الكربون فعليًا من عملياتها، فلن يحدث أي تغيير.

وثمة نقص في المحترفين المتدربين على الإبلاغ والتدقيق، وهو ما يتطلب رفعًا كبيرًا وسريعًا للمهارات.

يُضاف إلى ذلك العبء التنظيمي وتكاليف الامتثال اللذين لن يكونا هينين على الشركات الأسترالية خاصة بالنسبة إلى تلك التي لم تقدم قبلًا تقارير بشأن الاستدامة والمناخ.

حرائق الغابات في أستراليا
حرائق الغابات في أستراليا - الصورة من "sciencenews"

ما الحل؟

بحسب كاتبة المقال، فتلك التحديات يجب ألا تعوق مساعي خفض الانبعاثات، وإنما تستدعي بالأحرى التفكر مليًا في دفع التغيير الفعلي مثل إلزام الشركات الكبيرة بخفض انبعاثاتها المباشرة بنسبة 10% سنويًا.

وثمة سبيل وحيد للاستفادة من تلك الإفصاحات، وهو استعمال البيانات لإعادة النظر في طريقة عمل الشركات واستثماراتها وتخضير سلاسل التوريد، عبر الاستثمار في تقنيات الطاقة النظيفة والتحول عن وسائل النقل الملوثة إلى المركبات الكهربائية، أو إعادة النظر في طريقة الإنتاج، وكل ذلك يتطلب سياسات حكومية داعمة.

وبفرض تمرير قانون الإفصاحات المناخية، ثمة تساؤلات بشأن توافر الوقت والاهتمام الكافيين لدى الشركات للتمحيص والكشف عن الأثر البيئي لأعمالها، وذلك ليس حلًا سريعًا لمكافحة تغير المناخ.

ولذلك، اقترحت الكاتبة ربط الإفصاحات المالية بسياسات واضحة هادفة إلى خفض الانبعاثات.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق