تقارير الطاقة المتجددةرئيسيةطاقة متجددة

طاقة الرياح في ألمانيا.. ما قصة اغتيال "الجمال النائم" و12 ألف شجرة؟ (تقرير)

أسماء السعداوي

تحظى طاقة الرياح في ألمانيا باهتمام خاص من قِبل السلطات، ليس من أجل أهداف خفض الانبعاثات والحياد الكربوني فحسب، بل من أجل تحقيق أمن الطاقة وتعويض غياب الغاز الروسي الذي سبَّب أزمة حادة في 2022.

وأشارت بيانات رسمية، اطّلعت عليها منصة الطاقة المتخصصة، إلى أن ثلث الكهرباء (31%) يأتي من طاقة الرياح التي حلّت محلّ الفحم، كما تجاوزت مصادر الطاقة المتجددة جميعًا نظيرتها التقليدية للمرة الأولى.

ولإفساح المجال لبناء مزرعة رياح جديدة، بدأ مؤخرًا إزالة ما يصل إلى 12 ألف شجرة من غابة رينهاردزوالد التي يعود تاريخها لأكثر من ألف عام، وهي إحدى أكثر المناطق السياحية المعروفة بالتنوع البيئي والنباتات والأشجار والحيوانات النادرة.

وألهمت الغابة الأخوين غريم -اللذان ألفا قصصًا خيالية، منها سندريلا وبياض الثلج وذات القبعة الحمراء- إذ توجد على أعتابها قلعة ذات هندسة معمارية أسطورية هي موطن قصة الجمال النائم الشهيرة.

إزالة غابة من أجل مزرعة رياح

عبّر نشطاء بيئيون عن غضبهم من إزالة عشرات الآلاف من الأشجار من أجل إقامة أحدث مزارع الرياح في ألمانيا، والتي ستضم 18 توربينًا عملاقًا يصل طولها إلى 241 مترًا.

وبعد تعليق أعمال البناء استمر عدّة أشهر، قرر القضاء السماح للمعدّات الثقيلة بإزالة أجزاء من الغابة التي تمتد على مساحة 200 كيلومتر مربع، وتحتوي على أشجار يزيد عمرها عن 200 عام، وفق ما جاء في تقرير نشرته منصة "ديلي سكبتك" (DAILY SCEPTIC).

سياح في غابة رينهاردزوالد
سيّاح في غابة رينهاردزوالد-الصورة من "weserbergland-tourismus"

وتأتي الخطوة بموافقة حزب الخضر الذي برّرها بالحاجة إلى توفير مزيد من الكهرباء من مصادر الطاقة "الخضراء".

وبالإضافة للمخاوف بشأن التنوع البيئي جراء إزالة الأشجار، ثمة قلق محلّي بشأن نشوب حرائق وتلوث مياه الشرب والضوضاء، جراء عمليات قطع الأشجار الجاري حاليًا.

ومن جانبها، قالت وزيرة البيئة في ولاية هيسن حيث موقع المشروع، بريسكا هينز، إن طاقة الرياح تقدّم إسهامًا حاسمًا لتحول الطاقة و"الحفاظ على الطبيعة"، مضيفة أنها الطريقة الوحيدة للحفاظ على الغابات والأنظمة البيئية المهمة.

تعتيم إعلامي

ثمة اهتمام ضئيل من قبل الصحافة المحلية لتغطية آثار الدمار الذي ستُلحقه أحدث مزارع الرياح في ألمانيا بالبيئة، كما تتجنب وسائل الإعلام الرئيسة عمومًا تغطية ما يقول عنه حزب الخضر إنه يدعم قضية الحفاظ على الكوكب.

وكانت شبكة "بي بي سي" البريطانية قد تناولت القصة في عام 2013 عند الإعلان لأول مرة عن خطط التطوير الصناعي للغابة، لكن يبدو أن الشبكة المملوكة للدولة أقلّ اهتمامًا الآن.

كما التزمت صحيفة الغارديان الصمت إزاء مشروع الرياح الجديد والاعتراضات بشأنه، لكنها في عام 2020، نشرت قصة عن أثر بناء طريق سريع بطول 3 كيلومترات في غاية أخرى بولاية هيس، إذ تجمع الآلاف من نشطاء المناخ في الموقع الكائن شمال فرانكفورت.

وفي ذلك الوقت، قالت الغارديان، إن الطريق السريع بمثابة اختبار لحزب الخضر الذي كان يحكم ألمانيا ضمن الائتلاف الحاكم.

وبدوره، تناول مدير موقع "نو تريكس زون" العلمي، ومقرّه ألمانيا (No Tricks Zone) بيير غوسلين، غضب السكان المحليين من تدمير أجزاء من الغابة لصالح بناء توربينات الرياح.

واتهم الطاقة المتجددة بعدم الفعالية وارتفاع التكاليف، وقال، إنها ليست مجانية، بل مليئة بالفساد والسياسيين الذين لم يعودوا يهتمون بالديمقراطية، وهي بالتأكيد لا تجعل البيئة أفضل.

لقطة من فيلم بياض الثلج والأقزام السبعة
لقطة من فيلم بياض الثلج والأقزام السبعة تظهر فيها الغابة التاريخية

طاقة الرياح في ألمانيا 2023

ارتفعت مساهمة الرياح في ألمانيا خلال عام 2023 المنصرم بنسبة 13.8% على أساس سنوي، لتشكّل 31% من إجمالي الكهرباء، ما يجعلها المصدر الرئيس بالبلاد.

ووفق بيانات المكتب الاتحادي للإحصاء (STBA)، شكّلت مصادر الطاقة المتجددة 56% من إجمالي إنتاج الكهرباء، عند 449.8 مليارات كيلوواط/ساعة، بنسبة انخفاض 11.8% على أساس سنوي.

في المقابل، انخفضت حصة مصادر الطاقة التقليدية في توليد الكهرباء بنسبة 27.8%، لتشكّل 44% من مزيج الكهرباء.

وأرجع المكتب الانخفاض بصورة رئيسة إلى تراجع الطلب بسبب الانكماش الاقتصادي وزيادة الواردات، بحسب تقرير نشرته منصة "إي في ويند" (evwind).

وارتفع إسهام الطاقة الشمسية إلى 11.9% ارتفاعً من 10.6% في العام السابق (2022)، وفق الأرقام التي طالعتها منصة الطاقة المتخصصة.

وتستهدف الحكومة رفع حصة الطاقة المتجددة في مزيج الكهرباء بأكبر اقتصاد أوروبي إلى 80% بحلول نهاية العقد الجاري في عام (2030)، ارتفاعًا من 52% خلال عام (2023) المنصرم.

وسجلت منشآت الطاقة الشمسية والرياح في ألمانيا رقمًا قياسيًا خلال 2023، ورُكِّب أكثر من مليون نظام شمسي جديد من شأنه توليد 14 غيغاواط من الكهرباء بزيادة 85% على أساس سنوي، بفضل ازدهار الطلب السكني على الطاقة الشمسية.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق