التقاريرتقارير الغازتقارير النفطتقارير دوريةتقارير منوعةسلايدر الرئيسيةغازمنوعاتنفطوحدة أبحاث الطاقة

نوى التمر يدعم صناعة النفط.. كيف أسهم اختراع أرامكو بتوفير ملايين الدولارات؟

وحدة أبحاث الطاقة - أحمد عمار

اقرأ في هذا المقال

  • عمليات حفر آبار النفط والغاز تمثّل عملًا شاقًا في الصناعة
  • تسرّب طين الحفر إلى مناطق مسامية يتسبّب في خسائر كبيرة
  • نوى التمر تُستعمل مادة سادَّة لمنع فقدان طين الحفر
  • نوى التمر تطبّق مفهوم الاقتصاد الدائري وتخفض الانبعاثات

تؤدي مخلفات نوى التمر دورًا مهمًا في معالجة إحدى مشكلات عمليات الحفر داخل آبار النفط والغاز، لتبرز بصفتها إحدى براءات اختراع عملاقة النفط السعودية أرامكو التي توصّل إليها أحد الباحثين.

وبحسب تقرير حديث -اطّلعت عليه وحدة أبحاث الطاقة- تستعمل شركة أرامكو نوى التمر لإنتاج مادة ليفية ذات كفاءة عالية وتكلفة أقل تسهم في منع فقد سوائل وطين الحفر خلال البحث والاستكشاف عن النفط والغاز.

وبذلك تسهم مخلّفات نوى التمر في تحقيق القيمة المضافة، وتوطين سلسلة التوريد بصناعة النفط والغاز السعودية، عبر استعمالها خلال الحفر بدلًا من المواد الأخرى المستوردة، بالتوازي تقليل المخلّفات والانبعاثات وتطبيق فكرة الاقتصاد الدائري.

أهمية استعمال سائل الحفر

تعود فكرة استعمال نوى التمر في الحفر إلى أحد الباحثين بمركز إكسبك للأبحاث المتقدمة التابع لأرامكو، لينجح في تحويلها من مجرد إلهام إلى الاستعمال التجاري في زيادة كفاءة حفر آبار النفط والغاز.

ورغم كونها عملية اعتيادية للصناعة، فإن عمليات حفر الآبار تمثّل عملًا شاقًا، وتعتمد كفاءتها في المحافظة على ضغط ثقب البئر، أي التجويف الذي يُحفَر، بالإضافة إلى إخراج الصخور من الثقب، ورفعها للسطح، مع استمرار دوران مثقب الحفر بصورة سلسة.

صناعة التمور
صناعة التمور - الصورة من موقع أرامكو

ولكي تسير عملية الحفر بنجاح ينبغي استعمال سائل الحفر الذي يُطلق عليه اسم "طين الحفر"، وضخّه عبر أنبوب الحفر؛ ليخرج من المثقب من خلال تدويره ليُرفع إلى السطح، ومعه أنقاض الحفر وشظايا الصخور.

ومع ذلك، قد يتسرب السائل أو طين الحفر إلى مناطق مسامية في الصخرة يُطلق عليها "مناطق فقدان السوائل"؛ الأمر الذي يقلل من دورة السائل، ومن ثم يتسبب في تباطؤ عملية الحفر، بل توقّفها بشكل كامل أحيانًا.

ويؤدي ذلك إلى زيادة التكلفة لتصل إلى حدّ الخسائر بملايين الدولارات الناتجة عن توقّف الإنتاج وساعات عمل مهدَرة، وهو ما يتطلب معه إضافة مواد ليفية سادّة إلى سائل الحفر؛ للعمل على سدّ المسامات وعمل عازل يمنع تسرب السائل للمناطق المسامية.

وتوضح أرامكو أن المواد الليفية السادّة تُصنع من مواد مختلفة، والأكثر شيوعًا كربونات الكالسيوم التي من أبرز مميزاتها أنها غير مكلفة، ورغم ذلك تتسبب كثرة استعمالها في تلف الصخور المحيطة، وفي مقابل ذلك، هناك نوع آخر، وهو المواد المصنّعة من البوليمرات، وتتميز بكونها أكثر فاعلية، إلّا أنها أغلى ثمنًا.

وقبل اكتشاف نوى التمر، استعملت أرامكو السعودية عبر تاريخها مواد ليفية مصنّعة من قشر الجوز المستورد من الولايات المتحدة، ويُطلق عليها اسم "سدادة قشور الجوز".

من الإلهام إلى التجربة

يعدّ محمد أمان الله أحد الباحثين في مركز إكسبك للأبحاث المتقدمة، صاحب اختراع استعمال نوى التمر، الذي اكتشفه في شهر سبتمبر/أيلول عام 2015.

وتحكي أرامكو أن محمد أمان الله، خلال قضاء إجازته في حديقته بالظهران، لفت انتباهه نخلة يعمل على إزالة التمر والزوائد الأخرى منها كل عام، ليتساءل الباحث في ذهنه عن مدى إمكان الاستفادة من النوى الذي يتبقى بعد أكل التمر، ليكون بديلًا عن قشور الجوز المستعملة في المواد الليفية السادّة لمنع فقدان طين الحفر.

وفي صباح اليوم التالي، اتجه الباحث إلى مختبره في مركز إكسبك، ليُجري تجربته الأولى ويتوصل إلى أنّ نوى التمر تحتوي على خصائص تجاوزت قشور الجوز المستوردة.

باحث في إكسبك يفحص جودة نوى التمر
باحث في إكسبك يفحص جودة نوى التمر - الصورة من أرامكو

وبعد ذلك، بحث محمد أمان الله عن مصادر محلية لتوسيع اختباراته الأولية، والعمل على جمع أنواع مختلفة من نوى النخيل والمناطق لتكرار مرحلة الاختبار وتوسيعها، وهو ما نفّذه بالتعاون مع معهد أبحاث النخيل والتمور في الأحساء.

وتوصّل الباحث مع فريق المعهد إلى عدم وجود اختلاف كبير بين جميع أنواع نوى التمر، التي تقع كلها في نطاق ضيق من الخواص الميكانيكية المناسبة لتصنيع منتج جديد، ليدفعه ذلك إلى التقدم بطلب لتسجيل براءة الاختراع لحماية الفكرة للتطوير المستقبلي ليكون منتجًا تجاريًا محتملًا.

ومن مميزات الفكرة أنها تعمل على حل مشكلتين في الوقت نفسه، إذ تسهم في حل مشكلة التخلص من نفايات صناعة النخيل، وكذلك الاعتماد على المنتجات المحلية من تلك المخلّفات في صناعة النفط والغاز، بدلًا من استيراد الجوز.

ويسهم ذلك في الربط بين صناعتين تتميز بهما السعودية في إنتاجهما واستهلاكهما وتصديرهما، وهما النفط الخام والتمور، بحسب ما رصدته وحدة أبحاث الطاقة.

البداية رسميًا

برهن الاختبار الأول لاستعمال نوى التمر على أداء ناجح في سدّ التكوينات الصخرية بآبار النفط والغاز بصورة فعالة خلال الحفر، لتكون بمثابة بداية تطوير التقنية الجديدة رسميًا.

ومع نجاح التجارب الأولى، طلبَ الفريق في عام 2015 تسجيل براءة اختراع لفكرة استعمال نوى التمر مادة ليفية سادّة لمنع فقدان طين الحفر.

وبعد ذلك، وتحديدًا في عام 2016، حدد الباحث مع فريقه 3 آبار محتملة للتجربة على أرض الواقع للقيام بسدّ المناطق المسامية المتسببة في فقدان سوائل الحفر.

أحد الباحثين يُجري اختبار التقنية القائمة على نوى التمر
أحد الباحثين يُجري اختبار التقنية القائمة على نوى التمر - الصورة من أرامكو

وخلال التجربة الميدانية للبئر الأولى، حفر الفريق حتى عمق بضعة آلاف الأقدام ليواجه خسائر جزئية في سوائل الحفر، فدمجَ بعدها التقنية الجديدة الخاصة بنوى التمر التي عُرفت باسم "سدادة آرك" في نظام سوائل الحفر النشط، لتنجح في الحدّ من مشكلة فقدان سوائل الحفر.

وتؤكد بيانات أرامكو أن التجارب أثبتت أن أداء المادة الليفية الجديدة المصنوعة من نوى التمر جاء بمستوى المادة المصنوعة من الجوز، بل أحيانًا أفضل؛ بسبب صلابتها التي تشبه صلابة كربونات الكالسيوم المستعملة بالفعل في القطاع، وخصائصها الميكانيكية المشابهة لخصائص قشور الجوز.

خفض الانبعاثات

تنتج السعودية آلاف الأطنان من نوى التمر سنويًا، ورغم استعماله في قطاعات أخرى كمستحضرات التجميل والقهوة، فإنه يتجه إلى التخلص من معظمه في مزارع التمور عبر الحرق؛ الأمر الذي ينتج عنه انبعاثات ملوثة للبيئة.

ومن طرق التخلص كذلك دفن "النوى"، ومع ذلك كانت تتسبب الطريقة في جذب الحشرات التي تعوق نمو النباتات، أو تؤثّر سلبًا في إنتاج الحبوب.

ومع ظهور التقنية الجديدة "سدادة آرك" المصنوعة من نوى التمر، أسهم ذلك في الحدّ من هذه المشكلات غير المرغوب فيها، وتطبيق مفهوم الاقتصاد الدائري.

وبالتوازي، أسهم الاعتماد على نوى التمر في الاستغناء عن استيراد منتج أجنبي، ليؤدي إلى تقليل فاتورة الاستيراد والانبعاثات الكربونية المرتبطة بالصناعة.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق