تقارير الهيدروجينرئيسيةهيدروجين

الهيدروجين الأخضر في السعودية.. هل يكسر معادلة الاقتصاد النفطي للمملكة؟ (دراسة)

محمد عبد السند

اقرأ في هذا المقال

  • يعتمد الاقتصاد السعودي كلّيًا على مصادر الوقود الأحفوري
  • يُعدّ الهيدروجين مصدرًا واعدًا للطاقة النظيفة
  • هناك حالة عدم يقين تغلّف مستقبل الطاقة في المملكة العربية السعودية
  • تواجه السعودية مجموعة من التحديات في جهودها لإنتاج الهيدروجين
  • السعودية تتمتع بمركز حيوي لإنتاج الهيدروجين الأخضر

يبرز الهيدروجين الأخضر في السعودية رقمًا مهمًا في الإستراتيجية التي تتبنّاها المملكة لرسم طريق جديد نحو مستقبل أكثر نظافة واستدامة، في إطار مخططات رؤية السعودية 2030 التي صنّفت الطاقة النظيفة ضمن محاورها الرئيسة.

ويُعدّ الهيدروجين مصدرًا واعدًا للطاقة النظيفة التي لديها القدرة على الحدّ من انبعاثات غازات الدفيئة وتخفيف آثار تغير المناخ.

ورغم ما تتمتع به السعودية من احتياطات نفط وغاز وفيرة، ما يزال هناك عدم يقين بشأن مستقبل الطاقة في البلاد، لتتجه الأنظار إلى مصادر وقود بديلة تدعم خططها المستقبلية الطموحة، وفي مقدمتها الهيدروجين الأخضر.

غير أن المسار الذي تمضي فيه السعودية، وصولًا إلى هذا الهدف، ليس مفروشًا بالورود –على ما يبدو-، إذ تمثّل التكلفة المرتفعة لإنتاج الهيدروجين النظيف تحديًا يستلزم استثمارات ضخمة في البنية التحتية والتكنولوجيا والحوافز لتعزيز الطلب، وفق تقرير اطّلعت عليه منصة الطاقة المتخصصة.

ومع استمرار الرياض في تطوير قطاع الطاقة المتجددة وتشجيع استعمال الهيدروجين الأخضر، يُتوقع أن تهبط تكلفة الإنتاج؛ مما يجعل تلك السلعة الحيوية خيارًا أكثر قابلية للتطبيق لمختلف القطاعات.

استثمارات بـ900 مليون دولار

في مسعاها لكي تصبح مركزًا عالميًا لإنتاج الهيدروجين الأخضر، ضخّت السعودية استثمارات ضخمة في ذلك القطاع، لامست -حتى الآن- قرابة 900 مليون دولار، وفق ورقة بحثية نُشرت مؤخرًا في قاعدة بيانات ساينس دايركت (Science Direct) المعنية بنشر البحوث العلمية والتابعة لدار النشر الهولندية العريقة إلزيفير (Elsevier).

وينتمي الباحثون إلى جامعة ديالي، وجامعة الفراهيدي، وجامعة التراث في العراق، إضافة إلى جامعة إيه جي إتش (AGH) للعلوم والتكنولوجيا في بولندا، وجامعة قطر، وجامعة الملك فهد للبترول والمعادن في السعودية.

يقول الباحثون: "الاقتصاد السعودي يعتمد بقوة على قطاع النفط والغاز؛ ما يمثّل نحو 50% من ناتجها المحلي الإجمالي، و70% من إيرادات الحكومة، و90% من عائدات الصادرات"، في تصريحات تابعتها منصة الطاقة المتخصصة.

منطقة نيوم السعودية تشهد تنفيذ أكبر مصنع لإنتاج الهيدروجين الأخضر في العالم
منطقة نيوم السعودية تشهد تنفيذ أكبر مصنع لإنتاج الهيدروجين الأخضر في العالم - الصورة من الموقع الرسمي لمشروع نيوم

الإستراتيجية الوطنية للهيدروجين

أطلقت السعودية الإستراتيجية الوطنية للهيدروجين الأخضر في عام 2020، التي تستهدف المملكة من خلالها أن تصبح مُصدرًا رئيسًا لهذا الوقود منخفض الكربون.

كما تستهدف رؤية السعودية 2030 إنتاج 50% من إجمالي معدلات الكهرباء المولدة في البلاد من المصادر المتجددة بحلول نهاية العقد الحالي (2030).

وحلّل الباحثون الإمكانات التي تمتلكها السعودية في قطاع الهيدروجين، بجميع أنواعه، من بينها الأخضر والأزرق والرمادي والهيدروجين الفيروزي الناتج عن الانحلال الحراري للميثان.

ولاحظوا أن إستراتيجية الهيدروجين الحالية في المملكة تراهن على إنتاج الهيدروجين الأزرق من الغاز الطبيعي، مع استعمال تقنية التقاط الكربون وتخزينه، إضافة إلى الهيدروجين الأخضر المُنتَج من الكهرباء المولدة بمصدر طاقة متجددة، مثل الشمس والرياح.

وتستهدف الخطة إنتاج 1.2 مليون طن من الهيدروجين الأخضر، وتلبية 10% من الطلب العالمي على الهيدروجين، بحلول عام 2030.

كما يضخ صندوق الاستثمارات العامة السعودي استثمارات في مشروعات طاقة عالمية عديدة، من بينها مشروع مشترك مع شركتي أكوا باور (ACWA Power) و إير برودكتس (Air Products لتطوير مصنع بقيمة 5 مليار دولار لإنتاج الأمونيا القائمة على الهيدروجين الأخضر في مشروع نيوم شمال غرب البلاد.

وستصل سعة المصنع إلى 1.2 غيغاواط، وإنتاجية تلامس 650 طنًا من الهيدروجين النظيف سنويًا، حسب معلومات جمعتها منصة الطاقة المتخصصة.

ويوضح الإنفوغرافيك أدناه -من إعداد منصة الطاقة المتخصصة- معلومات عن أكبر مصنع لإنتاج الهيدروجين الأخضر في العالم:

معلومات عن أكبر مصنع لإنتاج الهيدروجين الأخضر في العالم

فرص وتحديات

لعلّ إحدى المزايا الرئيسة التي تتّسم بها السعودية في سباق الهيدروجين هي مستويات السطوع الشمسي العالية، والمقترنة بتوافر مساحات شاسعة من الأراضي؛ ما يمكن أن يضمن واحدًا من أقلّ -إن لم تكن الأقل فعليًا- تكاليف الكهرباء المولدة من الطاقة الشمسية في العالم.

وحدد العلماء سلسلة من التحديات الهيكلية والمحلية التي تتعين مواجهتها فورًا للمساعدة على وضع أساس لبناء اقتصاد الهيدروجين في البلد العربي.

وتشتمل قائمة التحديات التي تواجه الرياض في طريقها لتحقيق هذا المستهدف الطموح على ارتفاع التكاليف الرأسمالية، واقتصادات النطاق المحدودة، وتكاليف أجهزة التحليل الكهربائي العالية، وموارد المياه المحدودة، وغياب الحافز، وتراجع الطلب.

كما تضم القائمة الاعتماد الكلي على مصادر الوقود الأحفوري، وغياب القواعد التنظيمية، والبنية التحتية، والسوق المحلية المحدودة، وعدم الاستقرار السياسي.

وتحتاج الحكومة السعودية إلى إطار تنظيمي شامل لإنتاج وتوزيع الهيدروجين الأخضر، وضخ استثمارات طائلة في البنية التحتية الضرورية لدعم تلك الصناعة الحيوية.

وتفرض القيود ذات الصلة بالبنية التحتية لإنتاج الهيدروجين النظيف في السعودية، والمرتبطة بالنقل والتخزين والتوزيع، تحديات جسيمة ستتعين مواجهتها لتطوير ذلك القطاع الواعد.

خريطة طريق

ترتكز خريطة الطريق التي كشفها العلماء على قرابة 6 محاور رئيسة، ممثلة في وضع إطار سياسي مستقر، وبناء بنية تحتية، وإنشاء نظام متطور للبحوث والتطوير، وتعزيز الطلب وبناء سعة، ودعم التعاون بين كل اللاعبين الرؤساء في تلك الصناعة.

وإذا تحققت كل تلك المحاور على الأرض، سيكون بمقدور الدولة الخليجية أن تصبح مُصدّرة للهيدروجين خلال المدة بين عام 2030 و2035، كما ستكون قادرة على تعظيم قدراتها في مجال الهيدروجين الأخضر، خلال الأعوام الـ5 التالية.

وقال الباحثون: "ينبغي أن يتحول التركيز إلى زيادة صادرات البلاد من الهيدروجين الأخضر، لا سيما إلى آسيا وأوروبا"، مردفين: "ينبغي على الحكومة أن تؤسس شراكات مع البلدان الساعية إلى التحول لمصادر الطاقة المتجددة، لا سيما تلك التي تشهد طلبًا عاليًا على تلك السلعة الإستراتيجية".

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق