تقارير النفطرئيسيةنفط

بايدن يعادي النفط جهرًا ويرفع إنتاجه إلى مستوى تاريخي (تقرير)

أسماء السعداوي

في سبتمبر/أيلول (2023) أمام الأمم المتحدة، دعا رئيس الولايات المتحدة جو بايدن العالم إلى تقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري، في توقيت ارتفع فيه إنتاج النفط الأميركي إلى مستويات تاريخية.

وكان هدف الرئيس الأميركي، وفق حديثه، حماية الأرض وسكانها من تغير المناخ، وفق ما طالعته منصة الطاقة المتخصصة.

وفي ديسمبر/كانون الأول الجاري -أيضًا-، وخلال قمة المناخ كوب 28، أكد المسؤولون بالإدارة الأميركية أن بلادهم ستقود العالم بعيدًا عن الوقود الأحفوري، في الوقت الذي كان إنتاج النفط الأميركي في عهد بايدن يقترب من تحطيم الأرقام القياسية.

وكشف تقرير حديث النقاب عن أن الولايات المتحدة في طريقها لإنتاج كميات أكبر من النفط أيّ دولة في التاريخ.

والتزم بايدن الصمت تجاه هذا الأمر، بعدما انتقد سابقًا شركات النفط لتحقيقها أرباحًا قياسية "فاحشة" خلال أزمة الطاقة العالمية، داعيًا إلى فرض زيادة ضريبية كبيرة عليهم.

إنتاج النفط الأميركي

ومع اقتراب الانتخابات الرئاسية في 2024، ربما يتولد لدى الناخب الأميركي شعور بأن بايدن يقف على الجهة المقابلة من سابقه ومنافسه المحتمل دونالد ترامب، إلّا أن زيادة إنتاج النفط في عهد بايدن تتفق تمامًا مع تصريح ترمب مؤخرًا بشأن رغبته الأكيدة في مواصلة الحفر بحثًا عن النفط في حالة انتخابه ثانيةً.

يوم الأربعاء 20 ديسمبر/كانون الأول، قالت إدارة معلومات الطاقة، إن إنتاج النفط الأميركي ارتفع بمقدار 200 ألف برميل يوميًا، إلى 13.3 مليون برميل يوميًا خلال الأسبوع السابق.

يفوق ذلك حجم الإنتاج خلال مدة حكم ترمب، والذي بلغ 13 مليون برميل يوميًا في نوفمبر/تشرين الثاني 2019.

أحد مواقع إنتاج النفط في حوض برميان الأميركي
أحد مواقع إنتاج النفط في حوض برميان الأميركي- الصورة من منصة "electrek"

ومحليًا، استفاد بايدن من دور النفط في دعم ركائز حكمه فقد أدى دورًا كبيرًا في إبقاء أسعار البنزين منخفضة، وحدّ من السلطة الجيوسياسية التي تنعم بها منظمة البلدان المصدّرة للنفط (أوبك)، كما خفض مستوى التضخم، بحسب ما جاء في تقرير نشرته صحيفة "واشنطن بوست" (Washington post).

وانخفض سعر غالون البنزين العادي إلى نحو 3 دولارات في المتوسط، ويرجّح محللون أن يبقى عند هذا المستوى لحين إجراء الانتخابات الرئاسية المقبلة (2024)؛ إذ سيهدّئ المخاوف الاقتصادية لدى الناخبين بالولايات المتأرجحة.

لكن على الضفة الأخرى، لا يُجاهر بايدن بهذا الشيء أو يتباهى به؛ لأن السياسات المرتبطة بالنفط "شائكة" بالنسبة للحزب الديمقراطي المنتمي له بايدن، والمتعلقة فرص فوزه بالانتخابات على أصوات الشباب والمدافعين عن البيئة.

تعليقًا على ذلك، يقول المدير العام لشركة الأبحاث "كلير فيو إنرجي بارتنرز" (ClearView Energy Partners)، كيفن بوك: "إذا لم تنظر بحرص على ما تفعله هذه الإدارة حقًا، فمن السهل أن يصلك انطباع خاطئ".

وأضاف: "ثمة الكثير من الأشياء التي تحدث في الوقت نفسه، إنها إدارة تركّز على تحوّل الطاقة، ولكنها تنتهج طريقًا عمليًا بشأن الوقود الأحفوري".

بايدن وترامب

تغيير جذري

يقول التقرير، إن الطفرة الهائلة في إنتاج النفط الأميركي فاقت توقعات المحللين، وخفضت الأسعار في كل العالم، رغم أن السياسة الأميركية ليست بالعامل الرئيس.

وبعدما ارتفعت الأسعار في أعقاب غزو روسيا أوكرانيا، ساعد بايدن في إرساء نهج أكثر توازنًا، وكانت رسالته إلى صناعة النفط واضحة: "ضخّوا المزيد".

يقول بوك، إنه عندما يطلب الرئيس من الصناعة إنتاج المزيد من النفط، فهذا أمر يعكس تغيرًا جذريًا، وبالتأكيد نهاية خطاب مقيد للغاية.

يتفق مع بوك الزميل في معهد بيكر للأبحاث التابعة لجامعة رايس، مارك فينلي، بقوله، إن شركات النفط أصبحت أكثر كفاءة في الحفر بصورة أسرع، مضيفًا: "إنهم يحفرون آبارًا أطول، ويحصلون على إنتاج أكبر من كل بئر".

وأشار إلى أن المحللين لم يتوقعوا هذا النمو القوي لأن المستثمرين كانوا يضغطون على شركات النفط لخفض الإنفاق على البنية الأساسية بسبب التوقعات بأن يؤدي تحول الطاقة إلى تقليص دور سوق الوقود الأحفوري.

يحمل الوضع الراهن ميزة ذات وجهين لبايدن، فهو من ناحية قد أمن اتهامات الجمهوريين بتعريض أمن الطاقة الأميركي للخطر بسبب سياساته المناخية، وفي الوقت نفسه يحتفظ بأسعار الوقود منخفضة لمساعدته في عبور عتبة الانتخابات.

يقول فينلي: "في الوقت الذي تضغط فيه الإدارة من أجل دفع تحول الطاقة قدمًا، يعلمون أن أسعار البنزين مهمة للاقتصاد وجيوب المستهلكين وفرص إعادة انتخابهم".

هل ثمة تناقض؟

يقول مدير برنامج المناح والطاقة في مركز الأبحاث "ثيرد واي" (Third Way)، جوش فريد، إن الطفرة في إنتاج النفط الأميركي وما تلاها من تراجع أسعار البنزين يحمل مكاسب طوية الأجل للمدافعين عن البيئة، لأنه يساعدهم في منع ترمب وغيره من ناكري تغير المناخ إلى سدة الحكم.

كان ترمب قد انتقد مرارًا سياسات التغير المناخي، وقال في 2019، إن ثروة بلاده تعتمد على الطاقة، وأنه لن يخاطر بذلك من أجل "أحلام وطواحين هواء".

ومشيدًا بنهج بايدن، قال فريد، إن أسرع الطرق لإنهاء العمل المناخي في أميركا هو حدوث ارتفاع كبير لأسعار النفط وانتخاب الجمهوريين.

لكن مدافعي البيئة محبطون من التساهل الذي أصاب بايدن تجاه الوقود الأحفوري، بعدما وافقت إدارته على مشروع ويلو المثير للجدل لإنتاج النفط في ألاسكا.

يوضح الإنفوغرافيك أدناه -أعدّته منصة الطاقة المتخصصة- أبرز المعلومات عن مشروع ويلو:مشروع ويلو النفطي في أميركا

وعن ذلك، يقول مؤسس منظمة "فوسيل فري ميديا" غير الربحية الداعية لإنهاء استعمال النفط والغاز، جامي هين: "لا يمكنك حل أزمة المناح دون إبقاء الوقود الأحفوري في باطن الأرض".

وأكد: "الإنتاج القياسي للنفط يعترض طريق تحول الطاقة.. إنها سياسة سيئة".

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق