حصاد 2023التقاريرتقارير الطاقة المتجددةرئيسيةسلايدر الرئيسيةطاقة متجددة

الطاقة المتجددة في الجزائر خلال 2023.. مشروع ضخم يتعثر ومحاولات للإنجاز

الجزائر - عماد الدين شريف

شهد قطاع الطاقة المتجددة في الجزائر، خلال عام 2023، مجموعة من التحديات التي حاولت الدولة التغلب عليها، في حين تعثَّر مشروع ضخم، ولم يتقدم بالوتيرة المخطط لها سابقًا.

وتخطو الجزائر خطوات واسعة ورائدة في مجالات الهيدروجين والطاقة المتجددة، لا سيما الطاقة الشمسية، إذ عظّمت إمكانات البلاد -من حيث حجم الإشعاع- قدرتها على أن تصبح هدفًا للاستثمارات.

ونظرًا إلى هذه الإمكانات الضخمة التي صنّفتها تقارير حديثة للبنك الدولي -اطلعت عليها منصة الطاقة المتخصصة- باعتبارها ضمن قائمة أكبر 20 دولة حول العالم تمتلك إمكانات معتبرة في مجالات الهيدروجين والطاقة الشمسية.

ورغم امتلاك الجزائر أكبر إمكانات للطاقة الشمسية في منطقة حوض المتوسط، نظرًا إلى مدة سطوع الشمس التي تُقدر بنحو 10 ساعات يوميًا، مقترنة بالأراضي الصالحة لإقامة المحطات الكهروضوئية، فإنّ البرامج المعلنة في مجال الطاقة المتجددة تبقى بحاجة إلى دفعة قوية، وفق ما يطالب به الخبراء والمتخصصون.

3 آلاف ميغاواط في طريقها للتنفيذ

خلال 2023، تحسّنت أوضاع الطاقة المتجددة في الجزائر، مع بدء تنفيذ مراحل العملية الأولى لبرنامج الطاقات المتجددة، التي انقسمت إلى مشروعين، الأول بقدرة 2000 ميغاواط، والآخر بقدرة 1000 ميغاواط، وفق ما طالعته منصة الطاقة المتخصصة.

ويأتي المشروعان ضمن برنامج طموح لإنتاج 15 ألف ميغاواط من الطاقة الشمسية المعروف باسم "سولار 1000"، إذ إنه بإتمام الخطوات الإجرائية، من المقرر انطلاق الأعمال التنفيذية خلال الربع الأول من العام المقبل 2024.

وواجه مشروع سولار 1000 تعثرًا في 2023، إذ كان مقرر الانتهاء بدء التنفيذ بحد أقصى بداية الربع الأول من العام، لكنه واجه تأخيرات كثيرة، انتهت بحل شركة "شمس للطاقات المتجددة" التي تأسست خصيصًا لتنفيذ هذا المشروع.

وقبلت اللجنة المكلفة بفتح أظرف العروض المتعلقة بالمناقصة الوطنية والدولية -التي أطلقها مجمع "سونلغاز" لإنجاز مشروع إنتاج 2000 ميغاواط من الطاقة الشمسية الكهروضوئية- نحو 77 عرضًا تقنيًا من أصل 90 عرضًا تقدمت بها شركات جزائرية وأجنبية.

وكانت شركة سونلغاز الجزائرية قد عملت على فتح الأظرف الخاصة بالعروض المالية، وذلك في منتصف شهر ديسمبر/كانون الأول -إثر الخلاف الذي شهده مشروع "سولار 1000"، والذي أدى إلى تأخره- على أن تبدأ الشركات الفائزة تنفيذ المشروع بداية من مطلع عام 2024.

من جانبه، يرى عميد كلية العلوم بجامعة الشارقة الدكتور نوار ثابت، أنّ الطاقة الشمسية القادمة من السماء تساوى 8 آلاف ضعف ما يُنتج أو يُستخرج من الأرض، موضحًا أن المشكلة التي تصادف الاستثمار في الطاقة الشمسية هي التكلفة العالية مقارنة بالغاز.

ولفت إلى أن ارتفاع التكلفة أحد الأسباب التي أدت إلى تأخر البلاد في دخول عالم الاستثمارات الموجهة للطاقات المتجددة، وهو أمر قد تكون له فائدة عبر الانخراط مباشرة في الحلول التقنية والتكنولوجية الجديدة المتوصل إليها، وتجاوز مجموعة من المراحل السابقة.

البروفيسور نوار ثابت، عميد كلية العلوم بجامعة الشارقة

ويرى الدكتور نوار ثابت أن الجزائر تمتلك كفاءات بشرية في مختلف المعاهد والجامعات عبر العالم، وهناك ضرورة للاستفادة من هذه الخبرات لتنفيذ البرامج الوطنية للطاقات المتجددة، التي أعلنتها الحكومة، ممثلة في شركة سونلغاز قبل أسابيع، داعيًا في الوقت نفسه إلى تطوير البيئة البحثية، والاستعانة بالخبرات الوطنية الموجودة بالخارج.

مشروعات الطاقة المتجددة في الجزائر

قررت شركة سونلغاز، المشرفة على برامج الطاقة الشمسية، استعمال نموذج (إي بي سي) "EPC"، المتمثل في إنشاء مزرعة طاقة شمسية بنظام تسليم المفتاح، على أساس سعر الذروة للواط الواحد، دون ضمان سعر الكيلوواط، وفيه تكون مسؤولية الشركة المصنّعة تتراوح ما بين 2 و3 سنوات حدًا أقصى.

يأتي ذلك على عكس نموذج "آي بي بي" (IPP) الذي يقوم على مبدأ أن يكون المنتج مستقلًا للطاقة، بما في ذلك ضمان الحد الأقصى للسعر لكل كيلوواط، ويُفرض عليه دعم عمليات التشغيل والصيانة، بالإضافة إلى أداء مزرعة الطاقة الشمسية لمدة 25 عامًا على الأقل.

وبخصوص ذلك، دعا الدكتور نوار ثابث إلى ضرورة الجمع بين النموذجين لتحقيق الجوانب الإيجابية في كليهما، من جهة تفادي المخاطر والتكاليف المرتفعة، واكتساب الخبرة والتعلم من المشروعات الصغيرة، لضمان الانتقال السلس والاستمرارية في البرامج، باعتبارها حتمية لا بد منها على ضوء ما ينجز في العالم.

في السياق نفسه، يرى أستاذ الطاقة المستدامة والمتجددة في كلية الهندسة بجامعة الشارقة الإماراتية الدكتور شوقي غناي، أن التوجه للاستثمار في الطاقة المتجددة في الجزائر حاليًا، كما هو الشأن بالنسبة إلى الطاقة الشمسية والهيدروجين الأخضر، يفرض عليها وضع الأرضية المناسبة.

وأوضح -في تصريحات خاصة إلى منصة الطاقة المتخصصة- أن هناك ضرورة لتهيئة الشبكة الكهربائية لاستقبال كهرباء المحطات الكهروضوئية ونقلها، لضمان انتظام العملية من التعرض للتذبذب والاضطرابات، مؤكدًا أن الدولة تملك إمكانات كبيرة من الطاقات المتجددة.

الدكتور شوقي غناي، أستاذ الطاقة المستدامة والمتجددة في كلية الهندسة بجامعة الشارقة

وأضاف الدكتور شوقي غناي: "التعجيل بإقامة شراكات مع شركات متخصصة في المجال من شأنه الإسهام في التحكم بهذه التكنولوجيا، في مجال الإنتاج والتخزين على السواء، لا سيما أنّ أوروبا تُعد أحد المستفيدين من هذه البرامج، على خلفية كونها عميلًا للطاقة المنتجة من الجزائر".

التنوع وأمن الطاقة الوطني والعالمي

اتفق الخبير في مجال الطاقات المتجددة والانتقال الطاقوي، البروفيسور علي شقنان، مع هذا الرأي، مؤكدًا أهمية دور الشراكة في المرحلة الراهنة على المدى المتوسط، لتحقيق الانطلاقة المطلوبة، مع التفاوض مع الدول الرائدة بهذا المجال ووفقًا لقاعدة "رابح/رابح"، وتفعيل مرافقة الخبراء لتنفيذ المشروعات.

وقال -في تصريحات خاصة إلى منصة الطاقة المتخصصة-، إنّ التحديات الحالية تفرض ضرورة تنويع المزيج الطاقوي، بصفته خطوة نحو الانتقال الطاقوي المنشود، لكنه أكد في الوقت نفسه ضرورة المحافظة على الطاقات الأحفورية، من نفط وغاز، في الجزائر.

الدكتور علي شقنان، خبير في مجال الطاقات المتجددة والانتقال الطاقوي

وأشار البروفيسور علي شقنان، إلى أن الأمن والتنوع الطاقوي للجزائر يقوم على تبني السلطات مشروعات كبرى، مثل إنجاز برنامج 15 ألف ميغاواط بحلول عام 2035، الذي انطلق في شطره الأول ببرنامج 3 آلاف ميغاواط، على أنّ تبدأ مرحلة الإنجاز الفعلية بحلول سنة 2024.

ولفت إلى أن السطوع الشمسي في البلاد يفوق 5 مليارات غيغاواط/ساعة سنويًا، وبالتالي فإنّ صحراء الجزائر بإمكانها أن تغطي العالم بأسره بالكهرباء، وهذا يدل على أن هناك كمونًا شمسيًا يمكن أن يصل إلى 3 آلاف و900 ساعة سنويًا بالصحراء.

خطة تطوير الهيدروجين في الجزائر

يُعد الهيدروجين من المحاور الرئيسة التي تعتمد عليها الجزائر في انتقالها إلى النموذج الطاقوي البديل، إذ رسمت وزارة الطاقة والمناجم بالتنسيق مع محافظة الطاقات المتجددة والفاعلية الطاقوية في عام 2023 برنامجًا لتطويره.

وقال مدير الهيدروجين والطاقات البديلة في محافظة الطاقات المتجددة والفاعلية الطاقوية الجزائرية، الدكتور رابح سلامي، إنّ البرنامج الجزائري يتكيّف مع الحركة العالمية بهذا الاتجاه، مؤكدًا أن برنامج العمل يسير في الطريق الصحيح، انطلاقًا من دراسة مشروعات هيدروجين نموذجية في إطار الشراكة مع ألمانيا.

وأوضح -في تصريحات خاصة إلى منصة الطاقة المتخصصة-، أن الجزائر تتفاوض حاليًا مع مجموعة من الشركاء الآخرين، مشيرًا إلى أنّها تخصص أهمية للشراكة والتعاون في مجال إنتاج الهيدروجين الأخضر وتطويره.

وقال المسؤول، إنّ التقارير توضح أن احتياجات أوروبا من الهيدروجين الأخضر حتى 2030 تُقدر بـ20 مليون طن، وتُعدّ الجزائر أحد أهم المصادر لها، مشيرًا إلى أن مشروع "ساوث تو كوريدور" الموجود حاليًا قيد الدراسة، يشمل النمسا وإيطاليا وألمانيا، على مسافة تتجاوز 3 آلاف و300 كيلومتر، بطاقة نقل سنوية 4 ملايين طن من الهيدروجين.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق