تقارير منوعةرئيسيةمنوعات

اضطرابات سوق المعادن الحيوية تهدد تحول الطاقة (تقرير)

محمد عبد السند

اقرأ في هذا المقال

  • المعادن الحيوية تؤدي دورًا مهمًا في عملية تحول الطاقة
  • تدخل المعادن الحيوية في العديد من الصناعات المهمة مثل بطاريات السيارات الكهربائية
  • تنافس القوى الكبرى على المعادن الحيوية يهدد تحول الطاقة
  • تبرز مسألة إزالة الكربون من الاقتصاد العالمي أكثر صعوبة حال تعرض سوق المعادن الحيوية للتشرذم
  • سيحتاج النحاس إلى أن ينمو بنسبة 1.5%

دقت الاضطرابات الحاصلة في سوق المعادن الحيوية العالمية جرس إنذار لجهود تحول الطاقة العالمية، ما يهدد بتفاقم تداعيات التغيرات المناخية، وما يمثله من مخاطر كارثية على صحة الكائنات الحية والكوكب بوجه عام.

ويُقود تدافع القوى المتنافسة نحو تأمين المعادن الإستراتيجية إلى زيادة ضغوط الأسعار، ما يرفع معه بالتالي تكاليف التحول المناخي، وفق معلومات رصدتها منصة الطاقة المتخصصة.

وتضاعفت القيود التجارية الجديدة في أسواق السلع الأساسية على نطاق أوسع منذ الحرب الروسية الأوكرانية، التي اشتعل فتيلها في الرابع والعشرين من فبراير/شباط (2022)، مع فرض المنتجين قيودًا على الشحنات.

وفي هذا السياق توقع تقرير حديث صادر عن صندوق النقد الدولي أن تشهد أسعار المعادن الحيوية -مثل النيكل والكوبالت والليثيوم والنحاس، وغيرها من المعادن الأخرى المستعملة في تصنيع بطاريات السيارات الكهربائية- صعودًا حادًا في ظل تعطل سلاسل الإمدادات نتيجة الغزو الروسي لأوكرانيا.

معادن حيوية

قال التقرير المنشور على الموقع الرسمي لصندوق النقد، في 26 ديسمبر/كانون الأول (2023)، إن "معادن مثل النحاس والنيكل والكوبالت والليثيوم، كلها مدخلات إستراتيجية لتحول الطاقة".

وأوضح التقرير، أن تلك المعادن الحيوية "تُستعمَل في السيارات الكهربائية، والبطاريات والأسلاك وتقنيات الطاقة المتجددة مثل الألواح الشمسية، إلى جانب توربينات الرياح".

وأشار التقرير إلى أنه حتى دون تعقيد ضوابط الصادرات ذات الدوافع الجيوسياسية، فإن الدول ستحتاج إلى إمدادات غير مسبوقة من المعادن الحيوية، كي تتفادى آثار التغيرات المناخية، وتصل إلى أهداف الحياد الكربوني.

ووفق توقعات صادرة عن وكالة الطاقة الدولية ستكون هناك حاجة إلى أن ينمو النحاس بنسبة 1.5%، والكوبالت والنيكل بمعدل الضعف، كما ستبرز الحاجة إلى نمو الليثيوم بواقع 6 مرات بحلول نهاية العقد الحالي (2030).

منجم نيكل
منجم نيكل - الصورة من gocontractor

ارتفاع الأسعار

من شأن هذا الشُح في الإمدادات أن يرفع الأسعار، بل ومن الممكن أن يجعل تلك المعادن الحيوية في أهمية النفط الخام نفسها بالنسبة إلى الاقتصاد العالمي خلال العقدين التاليين.

وتحتاج حزمة بطارية سيارة كهربائية، على سبيل المثال، إلى قرابة 8 كيلوغرامات من الليثيوم، و35 كيلوغرامًا من النيكل، و14 كيلوغرامًا من الكوبالت، كما ستحتاج محطات شحن السيارات الكهربائية إلى كميات كبيرة من النحاس، حسب التقرير الذي اطلعت منصة الطاقة المتخصصة على نسخة منه.

وتبرز المعادن الحيوية عُرضة جدًا للمخاطر، حال حصول اضطرابات في التجارة، لأن الإنتاج العالمي من تلك السلع الثمينة مُركز جدًا في بلدان بعينها.

فعلى سبيل المثال، تستأثر جمهورية الكونغو الديمقراطية وحدها بثلثي إنتاج العالم من الكوبالت، في حين تستحوذ أكبر 3 دول مُنتجة للنيكل والليثيوم على أكثر من 60% من المعروض العالمي.

وتطرق تقرير صندوق النقد الدولي إلى التفاقم المحتمل لنقص الموارد نتيجة المخاطر الشديدة نسبة إلى المعروض من تلك المعادن التي تتركز رواسبها في عدد قليل من الدول في مناطق معينة.

ولاحظ الخبراء أن أنشطة تعدين النحاس تتركز بوجه عام في تشيلي وبيرو والصين، وتشترك إندونيسيا والفلبين وروسيا في إنتاج النيكل، في حين تتقاسم جمهورية الكونغو الديمقراطية والفلبين وأستراليا إنتاج الكوبالت عالميًا، أما الليثيوم فتتركز كميات كبيرة من إنتاجه في الصين وتشيلي وأستراليا.

إمدادت مركزة

لفت التقرير إلى أن الإمدادات المركزة جدًا من المعادن الحيوية والطلب المتنامي عليها قد أدى إلى تزايد معدلات تداولها، موضحًا أن العديد من البلدان يعوّل على الواردات الآتية من مجموعة بعينها من الموردين.

وما يزيد الطين بلة هو صعوبة إعادة توطين إنتاج المعادن الحيوية، إذ إنه حتى إذا توافرت رواسب تلك المعادن، تستغرق عملية استخراجها من باطن الأرض وقتًا طويلًا واستثمارات ضخمة.

إلى جانب ذلك تبرز هناك صعوبة، غالبًا، في استبدال عناصر أخرى بتلك، فعلى سبيل المثال، يُعد الليثيوم عنصرًا حيويًا في تصنيع بطاريات السيارات الكهربائية.

ويتباطأ الطلب على هذا المعدن وقت ارتفاع الأسعار نتيجة شُح المعروض.

تحول الطاقة في خطر

سلّط محللو صندوق النقد الضوء على اضطرابات سوق المعادن الحيوية عبر تقسيم الأسواق المتداولة للمعادن الحيوية الـ4 المذكورة إلى كتلتين افتراضيتين ترفض كل منهما تداول تلك السلع مع الأخرى.

وتُظهر النتائج أن عدم قدرة التكتل الصيني الروسي الافتراضي على استيراد النحاس والنيكل والليثيوم والكوبالت من الدول المنتجة مثل تشيلي والكونغو الديمقراطية، وإندونيسيا، سيؤدي في النهاية إلى ارتفاع إضافي للأسعار بنسبة 400% في المتوسط.

وبناءً عليه سيصير الحصول على تلك المعادن مكلفًا للغاية، ما سيؤدي إلى تراجع وتيرة الاستثمارات في الألواح الشمسية وتوربينات الرياح والسيارات الكهربائية.

في المقابل سيتسبب التكتل الأميركي الأوروبي الافتراضي الآخر، في ارتفاع المعروض لمعظم تلك المعادن.

المعادن الحيوية

ومع ذلك فإن استعمال هذا التكتل لتلك المعادن الحيوية سيكون مقيدًا بطول المدة التي يستغرقها لتطوير سعة التكرير.

ومن ثم فسيؤدي الاضطراب الحاصل إلى مكاسب ضئيلة فقط للتكتل الأميركي الأوروبي بحلول عام 2030، إذ سيُنتِج هذا التكتل مزيدًا من السيارات الكهربائية، لكن لن تكون هناك زيادة في سعة الطاقة المتجددة.

إزالة الكربون

تبرُز مسألة إزالة الكربون من الاقتصاد العالمي أكثر صعوبة حال تعرض سوق المعادن الحيوية للاضطرابات، وفق تقرير صندوق النقد الذي رصدته منصة الطاقة المتخصصة.

وفي هذا السياق يسلط الخبراء الضوء على الحاجة الماسة لتحقيق التوازن في الأسواق الحيوية في سياق التحول العالمي إلى تقنيات الطاقة النظيفة وتخفيف آثار تغير المناخ.

ولتحقيق هذا الهدف، فإن الحفاظ على التعاون العالمي وتوسيع نطاقه، ومشاركة البيانات، وتنفيذ أساليب ذكية أخرى في هذا الخصوص أمر بالغ الأهمية، وفقًا لإحصائيات صندوق النقد الدولي.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق