تقارير الغازالتقارير السنويةتقارير الكهرباءحصاد 2023رئيسيةغازكهرباءوحدة أبحاث الطاقة

قطاع الطاقة في مصر 2023.. ثلاثية تفرض الظلام وتعوق إنجازات ظُهر ومحطات الكهرباء

وحدة أبحاث الطاقة - أحمد عمار

واجه قطاع الطاقة في مصر خلال 2023، أزمات عديدة مثّلت منعطفًا جديدًا للقطاع، الذي نجح على مدار أكثر من 7 سنوات في تحقيق أرقام قياسية، سواء على صعيد الكهرباء أو الغاز.

وشهدت مصر، خلال عام 2022، أداءً قياسيًا على صعيد قطاع الطاقة، خصوصًا في صادرات الغاز، سواء عبر تحقيق إيرادات تاريخية أو إنتاج الكهرباء، ولكن مع بداية صيف 2023 تعرّضت البلاد لانقطاعات متكررة في الكهرباء، مع تراجع إنتاج الغاز، لتقرر الدولة وقفًا مؤقتًا لصادرات الغاز خلال الصيف.

وجاءت تلك المشكلات بعد أن نجح قطاع الطاقة في مصر منذ سبتمبر/أيلول 2018، في تحقيق الاكتفاء الذاتي من الغاز الطبيعي، بدعم من إنتاج حقل ظُهر الضخم، لتعود البلاد مرة أخرى إلى التصدير، بعد أن كانت من أكبر الدول المستوردة للغاز المسال خلال المدة من 2015 حتى 2017.

ولمواجهة مشكلة انقطاعات التيار، نفذت مصر إصلاحات في قطاع الكهرباء منذ عام 2014، أسهمت في تحقيق زيادة غير مسبوقة في إنتاجية الكهرباء، بدعم من محطات سيمنس، ومع ذلك عادت الأزمة نفسها بعد سنوات من التوقف.

وتمثّل أزمات قطاع الطاقة في مصر خلال 2023 تحديًا أمام حلم البلاد في التحول إلى مركز إقليمي لتجارة الغاز، مستفيدة من مراكز معالجة الغاز وموقعها الإستراتيجي، وفقًا لما رصدته وحدة أبحاث الطاقة.

الثلاثي المعقد.. ماذا حدث في صيف 2023؟

شهد قطاع الطاقة في مصر خلال صيف 2023 أزمة كبيرة في قطاع الكهرباء تفاقمت بصورة واضحة خلال المدة من شهر يوليو/تموز حتى أكتوبر/تشرين الأول مع ارتفاع درجات الحرارة إلى مستويات قياسية، لتستمر الأزمة حتى مع انتهاء الصيف، ولكن بحدة أقل.

واضطر قطاع الطاقة في مصر مع زيادة الطلب على الكهرباء إلى تطبيق سياسة تخفيف الأحمال، تخطت الساعات الـ6 يوميًا في بعض المناطق خلال فصل الصيف، وإعلان الحكومة جدولًا لقطع الكهرباء لكل منطقة داخل المحافظات.

وفي 31 يوليو/تموز 2023، أعلنت الحكومة رسميًا خطة لتخفيف أحمال الكهرباء في المحافظات، وبدأ العمل بها في أغسطس/آب، ولكنها لم تستمر على المنوال نفسه المعلن عنه مع تراجع حدة الأزمة.

وبدورها، أرجعت عودتها مرة أخرى إلى سياسة تخفيف الأحمال رغم ما شهده قطاع الطاقة في مصر من تطوير منذ 2014، إلى 3 أسباب شكّلت خيوطًا متصلة ببعض معقدة الحل في ظل الوضع الاقتصادي المحلي والظروف العالمية، التي أُضيفت إليها تداعيات الهجوم الإسرائيلي على غزة.

وقادت تلك الأزمة التغيرات المناخية، وما شهدته غالبية دول العالم وبينها مصر من ارتفاع درجات الحرارة بصورة ملحوظة، لتتخطى مثيلاتها من العام السابق، ما تسبب في زيادة استهلاك الكهرباء.

وجاء ارتفاع درجات الحرارة في الوقت الذي شهد فيه قطاع الطاقة في مصر انخفاض إنتاجية محطات الكهرباء المتجددة خلال صيف 2023، مقارنة بالمدة نفسها من العام السابق، ليُشكل السبب الثاني، ويؤدي إلى زيادة استهلاك قطاع الكهرباء من الغاز بكميات فاقت معدلات 2022.

وجاءت زيادة استهلاك قطاع الكهرباء من الغاز في الوقت الذي تراجع فيه إنتاج مصر من ذلك الوقود الأحفوري -بحسب بيانات رسمية وغير رسمية- لتظهر مشكلة ثالثة، وهي صعوبة توفير الغاز للكهرباء، ما اضطر مصر إلى وقف تصديره بصفة مؤقتة خلال فصل الصيف.

وبحلول أكتوبر/تشرين الأول 2023، تزامنت مشكلة تراجع إنتاج الغاز وزيادة الاستهلاك، مع العدوان الإسرائيلي على غزة وقطعها إمداداتها إلى مصر من الغاز والبالغة 800 مليون قدم مكعبة يوميًا، لتصل إلى "صفر" -بحسب مجلس الوزراء المصري-، قبل أن تعود إلى وضعها الطبيعي بعد ذلك.

ويرصد الإنفوغرافيك التالي، الذي أعدّته وحدة أبحاث الطاقة، أداء قطاع الغاز في مصر خلال العام المالي 2022-2023:

أداء قطاع الغاز في مصر

ورغم انخفاض درجات الحرارة وانتهاء فصل الصيف وعودة الغاز الإسرائيلي، ما يزال قطاع الطاقة في مصر يعاني مشكلة استمرار انقطاع التيار الكهربائي في العديد من المناطق، ولكنها أقل حدة.

وهو ما أرجعته مصادر في حديثها مع منصة الطاقة المتخصصة إلى قرار الحكومة بتصدير الغاز، بهدف الحصول على العملة الصعبة.

لماذا تستمر أزمة قطاع الطاقة في مصر؟

قالت مصادر حكومية، في أحدث تصريحاتها إلى منصة الطاقة المتخصصة، إن جدول أعمال تخفيف الأحمال ما يزال مستمرًا ولا توجد أي خطة راهنة لإنهائه، بسب غياب كميات الغاز والديزل اللازمة لمحطات الكهرباء لتشغيل التيار دون أي انقطاع.

وبحسب المصادر المطلعة في وزارة الكهرباء، فإن وزارة البترول والثروة المعدنية لا تستطيع استيراد كميات المازوت اللازمة لتكون بديلًا للغاز، بسبب نقص الدولار الأميركي، الذي يتزامن مع تصدير الحكومة كمية من الغاز لتوفير العملة الصعبة.

محطة كهرباء شمال القاهرة تعمل بالغاز والسولار
محطة كهرباء شمال القاهرة- الصورة من موقع الشركة

ومن جانبها، وصفت مصادر من وزارة البترول تواصلت معها منصة الطاقة المتخصصة، تصدير الغاز المسال بأنه أولوية في الوقت الراهن، لتعويض مدة وقف التصدير خلال صيف 2023، بهدف توفير العملة الصعبة.

وكانت البلاد حققت إيرادات تاريخية خلال 2022 من تصدير الغاز الطبيعي قفزت إلى 8.4 مليار دولار، مقابل 3.5 مليار دولار في عام 2021، ليستفيد قطاع الطاقة في مصر من الأسعار القياسية التي شهدتها السوق العالمية جراء الأزمة الروسية الأوكرانية.

ويأتي انقطاع التيار الكهربائي، رغم تنفيذ قطاع الطاقة في مصر خطة عاجلة منذ عام 2014، لتطوير القطاع الذي شهد أزمة مثيلة، أرجعت أسبابها -وقتها- إلى اختناقات في شبكة الكهرباء ناتجة عن تقادم 30% من وحدات إنتاج الكهرباء.

كما أرجعت الانقطاع إلى العجز في إمداد الوقود اللازم لتشغيل محطات توليد الكهرباء، إذ كانت مصر في ذلك الوقت مستوردة للغاز الطبيعي، ولم يُكتشف حقل ظهر الضخم بعد.

وبحسب بيانات حكومية -رصدتها وحدة أبحاث الطاقة في تقرير سابق- وصل ذروة تخفيف الأحمال الكهربائية التي طبقها قطاع الطاقة في مصر عام 2014 إلى أكثر من 6 آلاف ميغاواط في أحد أيام الصيف حينذاك.

وبالفعل، نجحت الحكومة المصرية في تنفيذ خطتها لتحقق زيادة غير مسبوقة في إنتاجية الكهرباء وصلت إلى 30 غيغاواط في 6 سنوات فقط، بحسب أحدث البيانات الصادرة في ديسمبر/كانون الأول 2022.

وضخت البلاد، خلال المدة الزمنية من 2014 حتى نهاية 2022، استثمارات وصلت إلى 355 مليار جنيه (11.5 مليار دولار) في مجال إنتاج الكهرباء، بالإضافة إلى استثمار 85 مليار جنيه (2.75 مليار دولار) لتدعيم منظومة نقل الكهرباء وتحديثها، لتكون قادرة على استيعاب القدرات المضافة ومنها الطاقة المتجددة.

ومن بين أضخم الخطط الحكومية التي شهدها قطاع الطاقة في مصر خلال ذلك الوقت، إنشاء 3 محطات تعمل بالدورة المركبة بقدرة 14.4 ألف ميغاواط، في غضون عامين ونصف العام، وافتتحت في يوليو/تموز 2018.

وبلغت استثمارات تلك المحطات التي نفذتها مصر، بالتعاون مع شركات سيمنس العالمية، وأوراسكوم، والسويدي إلكتريك، نحو 6 مليارات يورو (6.54 مليار دولار).

وتقع الأولى في العاصمة الإدارية الجديدة، والثانية كهرباء البرلس التي تقع شمال محافظة كفر الشيخ، والثالثة في بني سويف بقدرة تبلغ 4 آلاف و800 ميغاواط لكل منهما.

وبالتوازي، استطاعت البلاد تنفيذ العديد من مشروعات الطاقة المتجددة ويأتي في مقدمتها مجمع بنبان للطاقة الشمسية، ويُصنف بأنه من بين الأكبر في العالم بطاقة تصل إلى 1465 ميغاواط باستثمارات ملياري دولار، الذي بدأ التشغيل التجاري في نوفمبر/تشرين الثاني 2019.

ومن بين أبرز مميزات المجمع، أنه يضم 32 محطة شمسية بقدرة تصل إلى 1465 ميغاواط، أي ما يعادل 90% من الطاقة المنتجة ‏من السد العالي.

إنتاج الغاز.. أرقام تبرز التراجع

نتوصل مما سبق إلى أن مشكلة انقطاع الكهرباء انحصرت بصورة أساسية في تراجع إنتاج الغاز الطبيعي في مصر، لتتسبب درجات الحرارة المرتفعة في بروز المشكلة بصفة واضحة مع ارتفاع استهلاك الكهرباء.

ويعتمد قطاع الكهرباء المصري على الغاز الطبيعي بنسبة تصل إلى 60%، ورغم محاولات الحكومة رفع نسبة الطاقة المتجددة وتحقيقها إنجازًا خلال العام الماضي في الوصول بها إلى نسبة 20% -بحسب وزارة الكهرباء- فإنها كشفت عن تراجعها خلال 2023 دون توضيح السبب الرئيس وراء ذلك، ليزداد الضغط على الغاز.

وعلى أساس سنوي، هبط إنتاج مصر من الغاز الطبيعي خلال أكتوبر/تشرين الأول 2023 إلى 4.86 مليار متر مكعب، مقابل 5.6 مليار متر مكعب خلال الشهر نفسه من عام 2022، وفقًا لأحدث الإحصائيات الصادرة عن مبادرة بيانات المنظمات المشتركة (جودي)، التي يرصد الرسم التالي:

إنتاج مصر من الغاز الطبيعي

وبصورة عامة، هبط إجمالي إنتاج مصر إلى 50.04 مليار متر مكعب خلال المدة من يناير/كانون الثاني حتى نهاية أكتوبر/تشرين الأول 2023، مقابل 56.03 مليار متر مكعب خلال المدة المقارنة من عام 2022، أي أنه تراجع بمقدار 5.99 مليار متر مكعب، على أساس سنوي.

وفي مقابل ذلك، ارتفع إجمالي استهلاك مصر من الغاز الطبيعي إلى 29.65 مليار متر مكعب خلال المدة من يناير/كانون الثاني حتى نهاية أكتوبر/تشرين الأول من 2023، مقابل 29.52 مليار متر مكعب في المدة المقابلة من 2022.

وتوضح بيانات جودي، أن استهلاك مصر من الغاز الطبيعي في توليد الكهرباء والتدفئة انخفض خلال أكتوبر/تشرين الأول 2023 للشهر الثالث على التوالي إلى 2.96 مليار متر مكعب، لكنه يُعد مرتفعًا على أساس سنوي عند المقارنة بالشهر المقابل من العام الماضي الذي بلغ فيه 2.77 مليار متر مكعب.

وشهد عام 2023 إسراع الحكومة المصرية في تنفيذ خطط لزيادة إنتاج الحقول الحالية، أو العمل على تحقيق اكتشافات جديدة على يد الشركات العالمية العاملة في البلاد من خلال طرح أماكن جديدة للبحث والاستكشاف، وقد تناولته وحدة أبحاث الطاقة في تقرير منفصل بعنوان "تحركات لزيادة إنتاج الغاز في مصر.. وهذه تفاصيل 60 يومًا من النشاط المكثف".

وأظهرت بيانات رسمية تراجع إنتاج حقل ظهر من الغاز الطبيعي إلى 2.2 مليار قدم مكعبة يوميًا، ليدفع قطاع الطاقة في مصر إلى الإعلان في أغسطس/آب 2023 خطة لزيادة إنتاج الغاز من حقل ظهر، تتضمّن حفر 20 بئرًا وإكمالها، وكذلك 5 آبار أخرى بدءًا من العام المقبل (2024).

لقراءة المزيد من موضوعات حصاد وحدة أبحاث الطاقة لعام 2023:

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق