مزارع الرياح التجارية في أميركا تهدد أسعار المنازل القريبة (دراسة)

وجدت دراسة حديثة أن المنازل القريبة من مزارع الرياح التجارية في أميركا تخسر نِسبًا من قيمتها السوقية بسبب تراجع أسعارها، وترتفع تلك الخسائر كلما قصرت المسافة بين المزرعة والمنزل.

وقالت دراسة مختبر "لورانس بيركلي" الوطني التابع لوزارة الطاقة في الولايات المتحدة (Lawrence Berkeley National Lab)، التي اطّلعت عليها منصة الطاقة المتخصصة، إن المنازل القريبة من مزرعة رياح على بُعد ميل هبطت قيمتها السوقية بنسبة 11%، بعد إعلان تدشين المزرعة.

وأجرى المختبر الدراسة على العلاقة بين مزارع الرياح التجارية والقيمة السوقية للمنازل في أميركا، خلال 15 عامًا بين 2005 و2020، واستهدفت المقاطعات الحضرية التي لا يقلّ عدد سكانها عن 250 ألف نسمة، حسب الدراسة المنشورة على الموقع الإلكتروني للمختبر في ديسمبر/كانون الأول 2023.

وكانت طاقة الرياح واحدة من أسرع مصادر الطاقة نموًا خلال العقد الماضي، وكانت مصدرًا لنحو 32% من إجمالي السعة الكهربائية في أميركا عام 2021، وفق الدراسة.

ونمت قدرة مزارع الرياح التجارية في أميركا من 6 مليارات كيلوواط/ساعة عام 2000 إلى 350 مليار كيلوواط/ساعة في 2021، مع تركيب نحو 70 ألف توربين في أنحاء الولايات المتحدة، تمثّل 9.2% من قدرة توليد الكهرباء للمرافق بالبلاد.

وصاحبَ التوسع الكبير في مشروعات مزارع الرياح التجارية في أميركا، وانتشارها في أنحاء الولايات تقليص المسافات مع المنازل المجاورة.

معارضة السكان

بدأت مشروعات مزارع الرياح التجارية في أميركا تواجه معارضة من السكان الذين يقطنون في منازل قريبة منها؛ لعدّة مخاوف، وفق الدراسة الحديثة لمختبر "لورانس بيركلي" الوطني التابع لوزارة الطاقة في الولايات المتحدة.

وأحد المخاوف الرئيسة لدى السكان الموجودين على مسافات قريبة من توربينات الرياح التجارية، هو التأثير السلبي المحتمل على أسعار المنازل، بسبب الضوضاء والظل المرتبط بدوران التوربينات، إضافة إلى تغيير المناظر الطبيعية المحيطة.

ورغم إجراء دراسات عديدة على تأثير مزارع الرياح التجارية في أميركا بالقيمة السوقية للمنازل المحيطة، وتأكيدها ضآلة هذا التأثير، فإن العنصر المشترك هو النتيجة التي تفيد وجود تأثير.

ولم تكن الولايات المتحدة متفردة بإجراء مثل هذه الدراسات التي كشفت تأثيرًا ضئيلًا، فقد أجرت أوروبا أبحاثًا مشابهة، لكنها خلصت إلى أن توربينات الرياح القريبة من المنازل بمسافة كيلومتر تخفض قيمة المنزل السوقية بنسبة 5-10%.

لذلك أجرى المختبر هذه الدراسة بغرض تقديم أدلة جديدة على كيفية تأثير قرب مزارع الرياح التجارية في أميركا من المنازل السكنية على قيمتها السوقية.

وجمع المختبر البيانات بين عامي 2005 و2020، وتكونت العينة النهائية من 428 مشروعًا لطاقة الرياح تقع في أنحاء الولايات المتحدة، إضافة إلى تحليل نصف مليون معاملة بيع مساكن تقع على مسافة تقلّ عن 5 أميال.

المسافة 5 أميال

اعتمدت دراسة حديثة لمختبر "لورانس بيركلي" الوطني التابع لوزارة الطاقة في الولايات المتحدة الحديثة، عدّة نماذج لدراسة تأثير قرب مزارع الرياح في أميركا من المنازل من ناحية القيمة السوقية، منها المقارنة بين قيمة المنزل القريب بمسافة تبدأ من 0.1 ميل إلى 3 أميال قبل إقامة المشروع بـ4 سنوات، وبعد تدشينه في مدة تصل إلى 10 سنوات.

ووجدت الدراسة أن متوسط سعر المنزل الواقع على بعد ميل واحد من توربينات الرياح التجارية، شهد انخفاضًا بنسبة 11% تقريبًا، عقب إعلان مشروع تجاري جديد لطاقة الرياح، مقارنة بالمنازل التي تبعد 3 إلى 5 أميال عن المشروع.

وتكشف تقديرات دراسة الأحداث المحيطة -أيضًا- مراحل مهمة في تطور قيم المنازل، إذ تنخفض في البداية وبعد إعلان المشروع، ثم تتعافى القيمة السوقية ما بعد المشروع، وتصل إلى نسبة 2% فقط، بعد 9 سنوات أو أكثر من إعلان المشروع، وهي نسبة غير مهمة إحصائيًا، وفق الدراسة التي طالعتها منصة الطاقة المتخصصة.

وتحظى المنازل القريبة على بُعد ميل إلى ميلين بتأثير محدود، بينما لا تتأثر المنازل الواقعة على مسافة أبعد من ميلين، وفق الدراسة التي قالت، إنها وجدت -إضافة إلى ذلك- أن نتائجها مدفوعة بمشروعات طاقة الرياح وأسواق الإسكان الموجودة في المناطق المحيطة بمحطات (المترو) الحضرية المأهولة بالسكان، والتي يبلغ عدد سكانها 250 ألف نسمة أو أكثر.

مزارع الرياح التجارية في أميركا منذ 2005

منذ عام 2005، شهدت 123 مقاطعة أميركية وجود عدد من مزارع الرياح التجارية في أميركا، وتركزت في الجزء الجنوبي الشرقي من كاليفورنيا، والجنوب الغربي والغرب الأوسط.

وبحلول عام 2022، زاد عدد المقاطعات التي لديها مشروعات طاقة رياح بمقدار 6 أضعاف، خاصة في غرب وجنوب غرب ووسط الولايات المتحدة، وبدرجة أقلّ شمال شرق البلاد.

وأدى النمو السريع لمشروعات طاقة الرياح التجارية في أميركا إلى تقلّص المسافات مع المنازل السكنية، ففي عام 2005، كانت تصل إلى 148.6 ميلًا (238.6 كيلومترًا)، انخفضت إلى 54.1 ميلًا (86.9 كيلومترًا) في 2010، ثم إلى 37.1 ميلاً (59.7 كيلومترًا)، بحلول عام 2020.

وعلى الرغم من أن استطلاعات الرأي العام التي تُظهر أن غالبية سكان الولايات المتحدة تؤيد التوسع في مصادر الطاقة البديلة، مثل طاقة الرياح، فإن التوسع السريع في إقامة مزارع الرياح، أدى إلى إثارة الجدل ومخاوف بين السكان من تأثّر قيمة منازلهم.

وتعوّل أميركا على الطاقة المتجددة بصورة عامة لتحقيق تحول الطاقة، وأصدرت تشريعات عديدة لتعزيز ودعم هذه المصادر للطاقة، مثل قانون الحدّ من التضخم، العام الماضي (2022).

موضوعات متعلقة..

• طاقة الرياح البحرية في أميركا.. سوق ناشئة تنتظر طفرة قياسية (تقرير)

• 10 معلومات عن تطور طاقة الرياح في أميركا والعالم

• طاقة الرياح في أميركا تُشكل 22% من سعة الكهرباء الجديدة خلال 2022

اقرأ أيضًا..

• 7 خبراء: ابتعاد السفن عن قناة السويس يهدد سلاسل التوريد العالمية

• الجزائر تقود ارتفاع واردات أوروبا من الغاز المسال.. 57% في أسبوع

• توترات باب المندب تهدد صادرات نفط 4 دول.. ليبيا والجزائر أكبر المتضررين