التغير المناخيالمقالاتمقالات التغير المناخيمقالات النفطنفط

حرق المازوت في إيران ينذر بأزمة مناخية خلال الشتاء (مقال)

أومود شوكري - ترجمة: نوار صبح

اقرأ في هذا المقال

  • • المازوت يؤدي إلى تفاقم تلوث الهواء والمشكلات الصحية الناجمة عنه
  • • زيادة كفاءة استعمال الطاقة في محطات الكهرباء الإيرانية أمر محفوف بالصعوبات
  • • محطات توليد الكهرباء في إيران ليست على قدر كبير من الكفاءة
  • • حرق المازوت في إيران يمثّل عقبة خطيرة أمام المحاولات الدولية لمكافحة تغير المناخ

أصدرت وزارة الطاقة في ظهران بيانات مثيرة للقلق تشير إلى وجود مخزون كبير يبلغ 2 مليار لتر من المازوت في إيران، (وهو نوع رديء من زيت الوقود الثقيل) شديد التلويث، ما يثير المخاوف بشأن تفاقم تلوث الهواء في فصل الشتاء.

ويرتبط استعمال المازوت بزيادة انبعاث الغازات والجسيمات الضارة، ما يؤدي إلى تفاقم تلوث الهواء والمشكلات الصحية الناجمة عنه.

وبالنظر إلى نقص الغاز الطبيعي، أصبح المازوت في إيران أكثر استعمالًا داخل محطات توليد الكهرباء، ما أدى إلى زيادة تكاليف صيانة وحدات إنتاج الكهرباء بنسبة 24% والأضرار الميكانيكية، وقد أثار هذا مخاوف جدّية بشأن جدوى السكن في المناطق المتضررة.

ويُبرِز استعمال هذ الوقود، المساهم في انبعاثات غازات الدفيئة، مدى إلحاح حل هذه القضايا.

ارتفاع مستويات تلوث الهواء

يؤدي استعمال المازوت في إيران، وغيره من أنواع الوقود الضارة، إلى ارتفاع مستويات تلوث الهواء بشكل خطير في المدن، ما يؤثّر سلبًا في الصحة العامة ويسبّب الوفيات المبكرة.

ويزيد الضباب الشتوي من تلوث الهواء، خصوصًا في ظل غياب لوائح الانبعاثات، ويؤدي نقص الغاز الطبيعي إلى تفاقم المشكلة من خلال زيادة استعمال الوقود القذر، مثل المازوت، لتوليد الكهرباء.

ونظرًا لأن مستويات تلوث الهواء مرتفعة للغاية، فإن الزيادة الهائلة في استعمال المازوت في إيران تسبّب مخاطر صحية كبيرة، لا سيما في العاصمة طهران.

ولحماية الصحة العامة والحفاظ على سلامة المدن المتضررة في المدى الطويل، تؤكد الأرقام الصادرة عن وزارة الطاقة الإيرانية الحاجة الملحّة لاتخاذ إجراءات لمعالجة مشكلة تلوث الهواء، وخصوصًا الانتقال بعيدًا عن المازوت وغيره من أنواع الوقود شديدة التلويث نحو مصادر طاقة أنظف ومستدامة.

ويرى عضو لجنة الصحة البرلمانية، مرتضى خاتمي، أن استعمال المازوت في إيران، وهو وقود منخفض الجودة، في محطات الكهرباء وسط ندرة البنزين، يرتبط بمشكلات صحية عامة خطيرة، بما في ذلك الوفيات. ويرتبط المازوت بحالات الإحالة إلى المستشفيات والأمراض والوفيات الناجمة عن التلوث.

وعلى الرغم من أن مصادر التلوث الصناعية هي المسؤولة عن تلوث الهواء في طهران، فإن حرق المازوت في إيران، خصوصًا في المناطق الصناعية، يؤدي دورًا رئيسًا في ذلك.

وتؤكد الملاحظات المتناقضة، مثل تلك التي أدلى بها رئيس المركز الوطني للهواء وتغير المناخ، داريوش جولالي زاده، ضرورة وجود إستراتيجية شاملة.

مصفاة أصفهان لتكرير النفط وإنتاج البتروكيماويات في إيران
مصفاة أصفهان لتكرير النفط وإنتاج البتروكيماويات في إيران – الصورة من وكالة شانا الإيرانية

على صعيد آخر، يتفاقم وضع تلوث الهواء في إيران بسبب ندرة البنزين واستعمال أنواع الوقود غير القياسية، ما يؤدي إلى اتخاذ تدابير مثل إغلاق المدارس.

ويؤكد قلق طهران بشأن نوعية الهواء ومكانة إيران بصفتها سادس أكبر مساهم في العالم في انبعاثات غازات الدفيئة، الحاجة الملحّة إلى اتخاذ إجراءات شاملة لمعالجة أزمة تلوث الهواء.

كفاءة الطاقة في محطات الكهرباء

كانت زيادة كفاءة الطاقة في محطات الكهرباء الإيرانية موضوعًا للعديد من الدراسات والمبادرات، التي بحثت في كفاءة الأنواع الأخرى من المحطات الكهروحرارية، بما في ذلك محطات الدورة المركبة والبخارية والغازية.

وتتمثل أهداف هذه الدراسة في تقييم تقنيات زيادة الكفاءة وتقليل فقد الكهرباء في قطاع الطاقة الحرارية وتقييم أداء محطات الطاقة في إيران، وقد تعمل المحطات الكهروحرارية في البلاد على زيادة الكفاءة وتقليل خسائر الكهرباء من خلال وضع اللوائح والتخطيط الحكومي موضع التنفيذ.

محطة للطاقة الكهروحرارية في إيران
محطة للطاقة الكهروحرارية في إيران - الصورة من موقع إنرجي فويس

وشهدت محطات الكهرباء الإيرانية تحسنًا في الكفاءة من 30.5% إلى 37.6% بين عامي 1997 و2019، ما يشير إلى أن قدرة البلاد على توليد الكهرباء آخذة في الارتفاع.

وقد بحثت الدراسات في إمكانات إيران بما يتعلق بكفاءة الطاقة وتوفيرها، مع التركيز على قدرة البلاد في زيادة كفاءة استعمال الطاقة.

وبهدف تحقيق ما لا يقلّ عن 5% من مزيج الطاقة في البلاد، يشجع الإطار القانوني في إيران على إنشاء نسبة أكبر من محطات الطاقة النظيفة والمصادر المتجددة.

بدورها، تعمل اللوائح الحكومية على تعزيز استعمال مصادر الطاقة المتجددة وتحسين كفاءة الطاقة في العديد من الصناعات، بما في ذلك توليد الكهرباء.

تجدر الإشارة إلى أن زيادة كفاءة استعمال الطاقة في محطات الكهرباء الإيرانية أمر محفوف بالصعوبات.

وتكافح البلاد مع الاستعمال المفرط للطاقة، والإدارة غير الفعالة للموارد، ونظام الدعم الذي يمنع اعتماد ممارسات توفير الطاقة.

ويتسبب عدم قدرة المؤسسات على جذب الاستثمار الأجنبي في تحول إلى الطاقة المتجددة أكثر صعوبة، ويعوق محاولات زيادة كفاءة محطات توليد الكهرباء.

ولا تُعدّ محطات توليد الكهرباء في إيران على قدر كبير من الكفاءة، كما أن النمو يصطدم بإحجام البلاد عن زيادة القدرة الإنتاجية، وخصوصًا في مجال الطاقة المتجددة.

ويوجد عائق رئيس آخر يتمثل في عدم كفاية التمويل اللازم لبناء محطات ضخمة لتوليد الكهرباء، حتى لو كانت قادرة على تلبية احتياجات إيران من الطاقة.

وتسلّط هذه القضايا المعقّدة الضوء على مدى صعوبة زيادة كفاءة الطاقة في محطات الكهرباء الإيرانية، ومدى الحاجة الملحّة إلى خطط مفصلة والتزامات مالية لتجاوز هذه العقبات.

كوب 28 وحرق المازوت في إيران

يمثّل حرق المازوت في إيران عقبة خطيرة أمام المحاولات الدولية لمكافحة تغير المناخ وخفض انبعاثات غازات الدفيئة.

وعلى الرغم من التعهدات العالمية بزيادة استعمال الطاقة المتجددة، فإن ممارسات حرق المازوت في إيران ما تزال تتعارض مع أهداف مؤتمرات المناخ الدولية، مثل قمة المناخ كوب 28.

قمة المناخ كوب 28

ويُعدّ الاستعمال المتزايد لوقود المازوت في إيران مؤشرًا قويًا على عدم وجود خطة واضحة لخفض استهلاكه، ووضع خطة زمنية للحدّ من انبعاثات غازات الدفيئة.

وبالإضافة إلى كونه يتعارض مع أهداف قمة المناخ كوب 28، فإن هذا السيناريو يفرض مخاطر مترابطة على الصحة العامة والبنية التحتية والاقتصاد والبيئة، ويؤكد ضرورة القيام باستثمارات إستراتيجية في البنية التحتية للطاقة المستدامة والتغييرات الاقتصادية، لتسهيل انتقال أكثر سلاسة.

ويرجع الاعتماد على المازوت في إيران -غالبًا- إلى قيود البنية التحتية والمشكلات الاقتصادية، ما يسلّط الضوء على مدى صعوبة التحول إلى مصادر الطاقة المستدامة.

ويؤدي حرق المازوت إلى تفاقم القضايا الصحية والبيئية، ومن ثم فإن حل هذه القضايا يتطلب إنفاقًا مدروسًا على البنية التحتية وإعادة الهيكلة الاقتصادية.

من جهة ثانية، تتعارض أهداف قمة المناخ كوب 28 بشكل مباشر مع الاتجاه المتزايد لحرق المازوت في إيران، وهذا يسلّط الضوء على التحدي المتمثل في مواءمة الممارسات الوطنية مع أهداف المناخ العالمية والحاجة الملحّة لتطوير سياسة مناخية عالمية متناسقة وفعالة.

تبحث كل دولة بنشاط عن مصادر طاقة متنوعة وغير مكلفة ونظيفة واقتصادية، ومن المتوقع أن ترتفع نسبة الطاقة المتجددة في مزيج الطاقة العالمي بعد قمة المناخ كوب 28.

ويتسبب ذلك في معضلة، إذ لن تتمكن أيّ دولة من الحصول على طاقة نظيفة وغير مكلفة وبأسعار معقولة في وقت واحد.

وتنجم هذه المعضلة عن المقايضات والصعوبات التي تصاحب اتخاذ القرارات المتعلقة بالطاقة.

وعلى الرغم من أن مصادر الطاقة المتجددة أكثر ملاءمة للبيئة من الخيارات الأخرى، فإن إعدادها في البداية قد يكون مكلفًا.

حلول ميسورة للوقود الأحفوري

على العكس من ذلك، يمكن لمصادر الطاقة التقليدية مثل الوقود الأحفوري أن تقدّم حلولًا ميسورة التكلفة في البداية، ولكن لها تأثير سلبي في البيئة، ولا يمكن أن تكون مستدامة على المدى الطويل.

وتواجه إيران، على سبيل المثال، مشكلة خاصة، بسبب اعتمادها المتزايد على المازوت، وهو وقود كثيف وملوّث للغاية، ويمثّل هذا تحديًا صعبًا يمتد إلى ما هو أبعد من المخاوف المالية والبيئية والصحية في المنطقة.

وتتعارض الأهداف التي حددتها قمة المناخ كوب 28، التي تؤكد الحاجة العالمية للحدّ من انبعاثات غازات الدفيئة والانتقال إلى مصادر طاقة أكثر ملاءمة للبيئة، بشكل مباشر، مع استعمال المازوت في إيران بشكل متزايد.

ويكشف المأزق الحالي الذي تعيشه إيران خللًا خطيرًا في خطّتها الفورية لخفض الانبعاثات، الأمر الذي يستلزم إعادة النظر بشكل عاجل في إستراتيجيات الطاقة التي تنتهجها.

إضافة إلى ذلك، فإن تحقيق الهدف الثلاثي المتمثل في الحصول على طاقة رخيصة الثمن ونظيفة، ويمكن الوصول إليها في الوقت نفسه، يمثّل عقبة هائلة، ما يستلزم إجراء موازنة دقيقة بين أسعار الإنتاج وشبكات لتوزيع وإمكان وصول السكان إلى قطاع الطاقة.

وفي السياق المحدد لإيران، تواجه البلاد أزمة طاقة وشيكة، ما يضيف طبقة أخرى من التعقيد إلى تحديات ما بعد قمة المناخ كوب 28.

وتسهم ندرة البنزين المستمرة، بالإضافة إلى استعمال الوقود غير القياسي، بشكل كبير في أزمة تلوث الهواء في البلاد، ما يؤثّر بالصحة العامة، ويؤدي إلى اتخاذ تدابير مثل إغلاق المدارس والتحذيرات الصحية.

وتؤكد أزمة الطاقة هذه ضرورة معالجة إيران تحديات الطاقة بشكل شامل.

وبالنظر إلى أن إيران تواجه تعقيدات الموازنة بين فعالية التكلفة والمخاوف البيئية، سيكون من الضروري بالنسبة للبلاد إعطاء الأولوية للممارسات المستدامة، والاستثمار في أحدث التقنيات، والتعاون مع المجتمع الدولي للتغلب على أزمة الطاقة الوشيكة، والعمل من أجل مستقبل طاقة أنظف وبأسعار معقولة.

* الدكتور أومود شوكري، الخبير الإستراتيجي في مجال الطاقة، الزميل الزائر الأول في جامعة جورج ميسون الأميركية، مؤلف كتاب "دبلوماسية الطاقة الأميركية في حوض بحر قزوين: الاتجاهات المتغيرة منذ عام 2001".

* هذا المقال يمثّل رأي الكاتب، ولا يعبّر بالضرورة عن رأي منصة الطاقة.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق