التقاريرتقارير الهيدروجينرئيسيةهيدروجين

هل يحقق الهيدروجين الحياد الكربوني في 2050؟ ورقة بحثية تصدم داعميه

الطاقة

بينما يراهن الكثيرون على الهيدروجين في تحقيق الحياد الكربوني بحلول منتصف القرن (2050)، بوصفه الوقود المستقبلي الذي سيخلص العالم من أزمة التلوث وتبعات التغير المناخي؛ ما زال البعض يرون أن إمكاناته لا تزال دون المستوى المأمول.

وكشفت ورقة بحثية حديثة، حصلت عليها منصة الطاقة المتخصصة، وأعدها محلل تكنولوجيا الطاقة في منتدى الدول المصدرة للغاز المهندس مصطفى عادل عامر، عن أن هذا الوقود الأخضر، أو منخفض الانبعاثات، الذي يراهن عليه الكثيرون، ما زال لا يلبي طموحات تحول الطاقة، سواء من ناحية الطلب أو التكلفة.

واستعرض الخبير في منتدى الدول المصدرة للغاز، خلال مشاركته في مؤتمر الطاقة العربي الثاني عشر في دولة قطر، والذي نظّمته منظمة الأقطار العربية المصدرة للبترول "أوابك"، دور الهيدروجين في مستقبل الطاقة العالمية.

زيادة الطلب على الطاقة عالميًا

أوضح المهندس مصطفى عادل عامر أن هناك تباينات إقليمية عديدة، ستحول دون وجود طريق واحد لتطور الطاقة على المدى البعيد؛ إذ إن العقدين الماضيين شهدا زيادة ملحوظة في الطلب على الطاقة بمعظم قارات العالم؛ ما أدى إلى زيادة انبعاثات ثاني أكسيد الكربون من النشاطات المتعلقة باستعمال الطاقة في مختلف القطاعات.

وقال إن هذه الزيادة جاءت بشكل خاص من المناطق ذات الدخل المنخفض والمتوسط، ولا سيما آسيا والمحيط الهادئ والشرق الأوسط وأفريقيا؛ إذ كانت الدول تعمل علي زيادة إمداد سكانها بالطاقة وبناء بنيتها التحتية للكهرباء والمواصلات والصناعات، وفق ما طالعته منصة الطاقة المتخصصة.

محلل تكنولوجيا الطاقة في منتدى الدول المصدرة للغاز المهندس مصطفى عادل عامر
محلل تكنولوجيا الطاقة في منتدى الدول المصدرة للغاز المهندس مصطفى عادل عامر، خلال مشاركته في مؤتمر الطاقة العربي الثاني عشر

وأضاف محلل تكنولوجيا الطاقة في منتدى الدول المصدرة للغاز أنه "على الرغم من التوقعات بأن تشهد أفريقيا ومنطقة آسيا والمحيط الهادئ أكبر نمو سكاني بحلول منتصف القرن؛ فإن استهلاك الطاقة وانبعاثاتها لكل فرد الأقل عالميًا، بينما أميركا الشمالية تتصدر قائمة القارات من حيث استعمال الفرد للطاقة والانبعاثات".

ولفت إلى أن هناك فريقين في العالم؛ الأول هو الدول التي تحاول أن تمد سكانها بالطاقة لتحقيق النمو الاقتصادي والحضاري والمجتمعي، وهذه ترتكز في سياساتها المتعلقة بالطاقة على تكلفة إنتاج الطاقة واستعمالها، والثاني هو الدول التي تسعى لإعادة هيكلة منظومة الطاقة لتعتمد بشكل ملحوظ على الطاقات قليلة الانبعاثات من منظور بيئي.

وتابع: "الفرق أن الدول الأولى تسعى لإيجاد الطاقة بسعر مناسب، والدول الثانية تعمل بشكل أساسي على هذا التحول من منطلق بيئي، وتدّعي قدرتها على التعامل مع الأعباء الاقتصادية المصاحبة لهذا التحول، ولكن لا يمكن لهذين الفريقين مواصلة السياسات نفسها المتعلقة بالطاقة؛ إذ إن اختلاف نقطة الانطلاق والقدرات المالية والأولويات لكل دولة، هي من تتحكم في مسار سياسات الطاقة".

هل يحقق الهيدروجين الحياد الكربوني؟

كشف الخبير في منتدى الدول المصدرة للغاز مصطفى عادل عامر، في ورقته البحثية التي استعرضها خلال مؤتمر الطاقة العربي الثاني عشر في قطر، عن أن استعمال الهيدروجين في مجال الطاقة، ما هو إلا إحدى أدوات التحول إلى الطاقة النظيفة، والذي يجب تقييم تكلفة إنتاجه واستدامته البيئية، وحالة البنية التحتية للاعتماد عليه بصفته وقودًا.

وأوضح أن تكلفة إنتاج الهيدروجين لكل مليون وحدة حرارية بريطانية مرتفعة؛ إذ إن دراسة أجراها مجلس الهيدروجين العالمي (Hydrogen Council) أشارت إلى أن أكثر من نصف إنتاج هذه الوقود منخفض الكربون سيكون بتكلفة تتراوح بين 20 و45 دولارًا أميركيًا.

ولفت إلى أن نسبة صغيرة من إنتاج الهيدروجين ستكون تكلفتها نحو 10 دولارات، وهذا على نطاق إنتاج 40 مليون طن من الهيدروجين قليل الانبعاثات في عام 2030، وفق الأرقام التي اطلعت عليها منصة الطاقة المتخصصة.

محلل تكنولوجيا الطاقة في منتدى الدول المصدرة للغاز المهندس مصطفى عادل عامر خلال مشاركته في مؤتمر الطاقة العربي الثاني عشر
محلل تكنولوجيا الطاقة في منتدى الدول المصدرة للغاز المهندس مصطفى عادل عامر، خلال مشاركته في مؤتمر الطاقة العربي الثاني عشر

وأضاف المهندس مصطفى عادل عامر: "من ناحية أخرى، إذا أجرينا مقارنة بين تكلفة إنتاج الهيدروجين وتكلفة إنتاج الغاز الطبيعي في عام 2030، سنرى فارقًا كبيرًا؛ إذ إن تكلفة إنتاج الغاز الطبيعي عالميًا ستتراوح بين 20 سنتًا و3.5 دولارًا أميركيًا، وهذه تكلفة إنتاج أكثر من 4 مليارات متر مكعب".

وعلى صعيد الاستدامة البيئية وخفض الانبعاثات، وفق الخبير؛ فإن حجم الطلب على الهيدروجين في سيناريوهات الطاقة، التي تحاكي عملية الوصول إلى الحياد الكربوني والتي اعتمدت عليها اللجنة الحكومية الدولية حول تغير المناخ (IPCC)، لا يزال محدودًا، ويشكل جزءًا صغيرًا من مزيج الطاقة.

وتابع: "من المتوقع في هذه السيناريوهات أن يكون حجم الطلب على الهيدروجين لاستعمالات الطاقة، من 180 إلى 400 مليون طن في عام 2050، وعلى الرغم من أن هذا يشكل 2 إلى 4 أضعاف حجم الإنتاج الحالي؛ فإن هذا لن يمثل سوى نسبة صغيرة من حجم الطلب العالمي على الطاقة بحلول منتصف القرن".

البنية التحتية لقطاع الهيدروجين

أشارت الورقة البحثية، التي أعدّها محلل تكنولوجيا الطاقة في منتدى الدول المصدرة للغاز، إلى أن البنية التحتية اللازمة لقطاع الهيدروجين تحتاج إلى نمو كبير في عدد من القطاعات الأخرى.

وأضاف: "من حيث تقييم البنية التحتية؛ فإن سرعة الانتقال المقترح نحو الطاقة منخفضة الكربون، تواجه العديد من القيود التي قد تعوق تطبيقها؛ إذ تتطلب نموًا قياسيًا في العديد من القطاعات لتتمكن هذه الطرق البديلة لإنتاج الطاقة؛ بما فيها الهيدروجين، من توفير الطلب العالمي المتزايد".

محلل تكنولوجيا الطاقة في منتدى الدول المصدرة للغاز المهندس مصطفى عادل عامر خلال مشاركته في مؤتمر الطاقة العربي الثاني عشر
محلل تكنولوجيا الطاقة في منتدى الدول المصدرة للغاز المهندس مصطفى عادل عامر، خلال مشاركته في مؤتمر الطاقة العربي الثاني عشر

ولفت المهندس مصطفى عادل عامر، في ورقته البحثية، إلى ضرورة حدوث نمو قياسي في إنتاج المعادن وتصنيع البطاريات وبناء مصادر الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، بالإضافة إلى تقاعد البنية التحتية القائمة ومحطات الطاقة الحرارية.

وتابع: "هنا أشير إلى دراسة أعدّتها شركة استشارات في عام 2023، أجرت مسحًا لأكبر 125 شركة في مجال الطاقة والموارد الطبيعية، وخلصت إلى أن تطوير أنظمة الطاقة والبنية التحتية الجديدة بالوتيرة المتوقعة لتحقيق تحول الطاقة عامليًا، إلى نظام منخفض أو صفري الانبعاثات، قد يدفع بقدرة سلاسل التوريد إلى ما وراء نقطة الكسر".

واختتم الخبير ورقته البحثية بالتأكيد على أنه بالنظر إلى الهيدروجين، لا بد من التوسع في إنتاج بعض العناصر المهمة، خاصة النحاس، الذي يواجه ضغوطًا من الطلب الكبير من تقنيات الطاقة العديدة، وكذلك البلاتين الذي يعد عنصرًا رئيسًا لإنتاجه، وهو أكثر ندرة بمقدار 30 مرة من الذهب.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق