التقاريرتقارير النفطتقارير دوريةتقارير منوعةرئيسيةمنوعاتنفطوحدة أبحاث الطاقة

هل تمثّل إعادة تدوير البلاستيك فرصة أمام صناعة النفط والغاز العالمية؟ (تقرير)

وحدة أبحاث الطاقة - رجب عز الدين

اقرأ في هذا المقال

  • صناعة البلاستيك تستهلك 12 مليون برميل نفط يوميًا في 2022
  • انبعاثات إنتاج المواد الأولية للبلاستيك تصل إلى 250 مليون طن من الكربون
  • 60 دولة تقيد أو تحظر إنتاج المواد البلاستيكية واستهلاكها ذات الاستعمال الواحد
  • طرق إعادة التدوير الميكانيكية لا تستطيع معالجة النفايات المختلطة
  • تقنيات إعادة التدوير الحراري الجديدة تمثّل فرصة أمام صناعة النفط والغاز

تمثّل إعادة تدوير البلاستيك مشكلة عالمية ما زالت تبحث عن حلول لخفض انبعاثات الصناعة وتجنّب التأثيرات البيئية الضارة للنفايات المختلطة التي يصعب تدويرها بالطرق التقليدية.

ورغم أهمية البلاستيك ودخوله في صناعة المنتجات اليومية كافّة فإن إنتاجه يحتوي على مستويات كبيرة من الانبعاثات الكربونية المباشرة وغير المباشرة، ما يجعله أحد المصادر الرئيسة لتلوث المناخ.

وبلغ حجم الانبعاثات المباشرة الصادرة من عمليات إنتاج المواد الكيميائية الأولية المستعملة في صناعة البلاستيك قرابة 250 مليون طن من الكربون عام 2022، بحسب تقرير حديث حصلت وحدة أبحاث الطاقة على نسخة منه.

وزاد الطلب على المواد البلاستيكية بسرعة كبيرة خلال السنوات الأخيرة، ما أدى إلى زيادة استهلاك الصناعة، ليصل إلى 12 مليون برميل نفط يوميًا عام 2022، بحسب التقرير الصادر عن وكالة الطاقة الدولية.

ولا تقتصر الانبعاثات على عمليات الإنتاج فحسب، وإنما تمتد إلى إعادة تدوير البلاستيك بوصفها مشكلة عالمية كبيرة ما زالت التقنيات الحديثة عاجزة عن معالجتها بالكامل.

مبادرات حظر المواد ذات الاستعمال الواحد

يتزايد زخم السياسات التي تهدف إلى تقليل استعمال البلاستيك وزيادة معدلات إعادة التدوير، لخفض استهلاك النفط في إنتاج المواد الكيميائية الأولية اللازمة للصناعة.

واتخذت أكثر من 60 دولة قرارات بتقييد أو حظر إنتاج واستهلاك المواد البلاستيكية ذات الاستعمال الواحد، مثل زجاجات المياه وعبوات التغليف الغذائية وغيرها.

وحدّد الاتحاد الأوروبي هدف إعادة تدوير العبوات البلاستيكية عند 50% بحلول عام 2025، يزيد بعد ذلك إلى 55% بحلول عام 2030، بحسب ما رصدته وحدة أبحاث الطاقة.

إعادة تدوير البلاستيك في أوروبا
إعادة تدوير البلاستيك في أوروبا - الصورة من plastics europe

وتعتمد عمليات إعادة تدوير البلاستيك -حاليًا- على الطرق الميكانيكية، وهي طرق منخفضة التكلفة والانبعاثات، لكنها لا تصلح لمعالجة النفايات المختلطة والمعقدة التي تشكّل 20% إلى 50% من المواد المجمعة حاليًا.

كما تؤدي إعادة تدوير البلاستيك بالطرق الميكانيكية إلى انخفاض الجودة، وغالبًا ما يمنع استعمال البلاستيك الثانوي المنتج من إعادة التدوير في التطبيقات عالية الجودة مثل تغليف المواد الغذائية لأسباب صحية.

ويمكن للطرق البديلة لإعادة التدوير مثل إعادة التدوير الكيميائي أن تساعد في معالجة النفايات المعقدة، عبر استعمال المذيبات القادرة على تحليل النفايات إلى مركبات تصلح لإعادة التدوير بجودة مماثلة للبلاستيك الأصلي.

كما يمكن لتقنيات الانحلال الحراري ووحدات التغويز المعتمدة على درجات الحرارية العالية، أن تتمكن من تكسير المواد البلاستيكية التي يصعب تكسيرها بالطرق التقليدية الميكانيكية، وتحويلها إلى مشتقات وقود ومواد أولية للعمليات الصناعية، بما في ذلك صناعة البلاستيك.

مبادرات شركات النفط الكبرى

تمثّل طرق الانحلال الحراري أو استعمال المذيبات في إعادة تدوير البلاستيك فرصة محتملة أمام صناعة النفط والغاز، لتنويع أنشطتها ومحافظها الاستثمارية خلال العقود المقبلة.

ويمكن لشركات النفط والغاز ذات المرافق المتصلة لإنتاج البتروكيماويات أن تُدمج طرق الانحلال الحراري الجديدة أو وحدات التغويز مع المرافق، ما يمكنها من المعالجة النهائية للمنتجات والنفايات وإعادة إنتاج البلاستيك والمواد الأولية دون استعمال مزيد من النفط مستقبلًا.

ويتمتع العاملون في صناعة النفط والغاز والبتروكيماويات بخبرات واسعة تمكّنهم من إدارة مشروعات إعادة تدوير البلاستيك على نطاق واسع بالأدوات والعمليات نفسها التي اعتادوا عليها في قطاعهم على مدار عقود.

وبدأ عدد من مصانع إعادة التدوير الكيميائي التشغيل بالفعل، وهناك سلسلة من المشروعات المستقبلية في هذا المجال تقودها شركات نفط وغاز عالمية، أعلن بعضها أهدافًا محددة للمحتوى المعاد تدويره في إنتاج البلاستيك.

على سبيل المثال، أعلنت شركة توتال إنرجي زيادة المحتوى المعاد تدويره والمتجدد في المواد البلاستيكية المصنعة في مشروعاتها إلى 30% بحلول عام 2030.

كما تخطط شركة شل متعددة الجنسيات لوصول المحتوى المعاد تدويره إلى 30% من مواد التعبئة والتغليف بحلول عام 2030، وكذلك تطمح شركة إكسون موبيل للوصول إلى 0.5 مليون طن من قدرة إعادة التدوير المتقدمة بحلول نهاية 2026.

سيناريوهات إنتاج البلاستيك 2050

يتوقع سيناريو التعهدات المناخية المعلنة ارتفاع حصة البلاستيك المعاد تدويره من إجمالي إنتاجه العالمي من 8% حاليًا إلى 25% بحلول عام 2050.

وسيساعد هذا على الحد من بعض الزيادة المتوقعة في استهلاك النفط في الإنتاج الأولي للبلاستيك، لكن استعمال الخام سيظل مرتفعًا داخل هذا السيناريو حتى عام 2050.

ويتشابه اتجاه سيناريو الحياد الكربوني مع سيناريو التعهدات المناخية المعلنة حتى عام 2030، لكن معدل جمع البلاستيك سيرتفع بصورة أسرع بعد ذلك، ما سيؤدي إلى انخفاض استعمال النفط بوتيرة سريعة بعد وصوله إلى الذروة.

واستنادًا إلى هذا السيناريو، سيظل استهلاك النفط في صناعة البلاستيك عند مستويات عام 2022 بحلول عام 2050، أو سيزيد هامشيًا، ما يعني أنه سيظل في حدود 12 مليون برميل يوميًا.

ويتوقع هذا السيناريو، أن يمثّل البلاستيك المعاد تدويره 35% من إجمالي الإنتاج العالمي بحلول منتصف القرن، ما قد يجنّب استعمال 5 ملايين برميل نفط يوميًا، مع زيادة إنتاج المواد الأولية البديلة من عمليات إعادة تدوير البلاستيك.

ويستبعد هذا السيناريو تحويل النفايات البلاستيكية إلى وقود للنقل، لاحتواء البلاستيك نفسه على كربون من أصل أحفوري، خلافًا لسيناريو التعهدات المناخية المعلنة الذي لا يستبعد إنتاج الوقود من النفايات بصفته أحد البدائل المتاحة.

معدل انبعاثات طرق إعادة التدوير

هناك اختلافات كبيرة في الانبعاثات المرتبطة بإنتاج المواد البلاستيكية وطرق إعادة التدوير الحالية، إذ تتراوح الانبعاثات الصادرة من إنتاج طن بلاستيك أولي بين 2 و6 أطنان من مكافئ ثاني أكسيد الكربون، حسب النوع والمنطقة والانبعاثات المباشرة وغير المباشرة الصادر من عمليات الإنتاج والتحويل.

وتقل كثافة انبعاثات إنتاج البلاستيك الثانوي بطرق إعادة التدوير الميكانيكية بنسبة 75% إلى 90% عن انبعاثات الإنتاج الأولي للبلاستيك، ويعتمد ذلك بصورة أساسية على انخفاض كثافة انبعاثات الكهرباء المستعملة في إعادة التدوير.

وتعني تخفيضات الانبعاثات الناتجة عن استخراج النفط ومعالجته في أثناء عمليات تصنيع البلاستيك، أنه بحلول عام 2050 لن ينتج طن البلاستيك الأولي أكثر من 0.1 طنًا من مكافئ ثاني أكسيد الكربون في جميع سلسلة القيمة، بحسب سيناريو الحياد الكربوني.

مصانع إعادة تدوير البلاستيك في ألمانيا
مصانع إعادة تدوير البلاستيك في ألمانيا - الصورة من recycling inside

وتساعد زيادة معدلات إعادة التدوير الميكانيكية على تقليل انبعاثات ثاني أكسيد الكربون الناتجة عن استعمال البلاستيك في سيناريو الحياد الكربوني خاصة خلال العقد أو العقدين المقبلين.

أما على المدى الطويل فمن المتوقع أن تؤدي طرق التدوير الكيميائي دورًا كبيرًا في معالجة النفايات البلاستيكية المختلطة التي يصعب تدويرها على المدى الطويل في كل من سيناريو التعهدات المناخية المعلنة والحياد الكربوني.

وتبلغ انبعاثات دورة حياة كل طن بلاستيك منتج من إعادة التدوير بالمذيبات نحو 1.6 طنًا من مكافئ ثاني أكسيد الكربون، وتختلف على حسب نوع البلاستيك، في حين تبلغ من طرق الانحلال الحراري نحو 3 أطنان من الكربون.

ويمكن للمعرفة والخبرة المتراكمة لدى صناعة النفط والغاز أن تؤدي دورًا حاسمًا في تقليل انبعاثات صناعة البلاستيك وتوسعة إعادة التدوير، بحسب تقديرات وكالة الطاقة الدولية.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق